هكذا، اذاً، وبكل بساطة، يعترف الدكتور حسن الترابي بأنه دبّر انقلاب 1989، والأدهى انه يبرر الانقلاب بإنقاذ الشعب السوداني وانه لم يستهدف الديموقراطية، لأن اميركا، على حد قوله، أعطت بطاقة حمراء لاجهاض الديموقراطية. على مَن يضحك الترابي؟ وفي نهاية القرن العشرين؟ هل يعتقد بأن السودانيين لا يزالون يعيشون في بداية القرن او في القرون الوسطى؟ ومَن جعله وصياً عليهم ليقرر بالنيابة عنهم ان انقاذهم يكون بانقلاب عسكري يطيح المؤسسات والمسؤولين الذين انتخبوهم بملء حريتهم وفوضوهم حلّ أمورهم؟ لكن الدكتور الترابي لا يستطيع تقديم اي مبرر آخر مقنع حول الانقلاب، فالمبرر هو نفسه منذ ان ابتليت هذه الأمة بمرض الانقلابات العسكرية اعتباراً من خمسينات هذا القرن. الثورة لإنقاذ الشعب. ثم ثورة اخرى على الثورة ودائماً لانقاذ الشعب. وهكذا من انقلاب عسكري الى انقلاب عسكري آخر فيما شعوب البلدان العربية المكتوية بنار الانقلابات تبحث عن استقرارها ولقمة عيشها ومستقبل ابنائها. ان اسلوب القاء التهم على الغير لتبرير الاخطاء لا يصح في حالة الترابي، فهو يرد كل مصائب السودان الى الشمال، اي الى مصر، وأي سوداني يعرف حق المعرفة ان مصائب السودان ليس سببها مصر، بل الجنوب الذي ينزف منذ عشرات السنين. وكلمة أخيرة للدكتور الترابي من سوداني غير متحزب: كفى معاملة السودانيين وكأنهم لم يبلغوا سن الرشد... ولن يبلغوه! اسماعيل شريف طه روما - ايطاليا