«الاستثمار العالمي»: المستثمرون الدوليون تضاعفوا 10 مرات    قيود الامتياز التجاري تقفز 866 % خلال 3 سنوات    رئيسة (WAIPA): رؤية 2030 نموذج يحتذى لتحقيق التنمية    سعود بن مشعل يشهد حفل "المساحة الجيولوجية" بمناسبة مرور 25 عامًا    السد والهلال.. «تحدي الكبار»    ظهور « تاريخي» لسعود عبدالحميد في الدوري الإيطالي    أمطار على مكة وجدة.. «الأرصاد» ل«عكاظ»: تعليق الدراسة من اختصاص «التعليم»    «التعليم»: حظر استخدام الهواتف المحمولة بمدارس التعليم العام    إسماعيل رشيد: صوت أصيل يودّع الحياة    من أجل خير البشرية    وفد من مقاطعة شينجيانغ الصينية للتواصل الثقافي يزور «الرياض»    محمد بن راشد الخثلان ورسالته الأخيرة    مملكتنا نحو بيئة أكثر استدامة    نيوم يختبر قدراته أمام الباطن.. والعدالة يلاقي الجندل    في الشباك    بايرن وسان جيرمان في مهمة لا تقبل القسمة على اثنين    النصر يتغلب على الغرافة بثلاثية في نخبة آسيا    قمة مرتقبة تجمع الأهلي والهلال .. في الجولة السادسة من ممتاز الطائرة    وزير الخارجية يشارك في الاجتماع الرباعي بشأن السودان    الكرامة الوطنية.. استراتيجيات الرد على الإساءات    نائب أمير الشرقية يكرم الفائزين من القطاع الصحي الخاص بجائزة أميز    ألوان الطيف    ضاحية بيروت.. دمار شامل    «بنان».. جسر بين الماضي والمستقبل    حكايات تُروى لإرث يبقى    جائزة القلم الذهبي تحقق رقماً قياسياً عالمياً بمشاركات من 49 دولة    نقاط شائكة تعصف بهدنة إسرائيل وحزب الله    أهمية قواعد البيانات في البحث الأكاديمي والمعلومات المالية    الأمير محمد بن سلمان يعزّي ولي عهد الكويت في وفاة الشيخ محمد عبدالعزيز الصباح    تطوير الموظفين.. دور من ؟    السجن والغرامة ل 6 مواطنين ارتكبوا جريمة احتيالٍ مالي    قصر بعظام الإبل في حوراء أملج    كلنا يا سيادة الرئيس!    القتال على عدة جبهات    معارك أم درمان تفضح صراع الجنرالات    الدكتور ضاري    التظاهر بإمتلاك العادات    مجرد تجارب.. شخصية..!!    كن مرناً تكسب أكثر    نوافذ للحياة    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    الرئيس العام ل"هيئة الأمر بالمعروف" يستقبل المستشار برئاسة أمن الدولة    صورة العام 2024!    ما قلته وما لم أقله لضيفنا    5 حقائق من الضروري أن يعرفها الجميع عن التدخين    «مانشينيل».. أخطر شجرة في العالم    التوصل لعلاج فيروسي للسرطان    محافظ صبيا يرأس اجتماع المجلس المحلي في دورته الثانية للعام ١٤٤٦ه    وزير الخارجية يطالب المجتمع الدولي بالتحرك لوقف النار في غزة ولبنان    استعراض السيرة النبوية أمام ضيوف الملك    أمير الشرقية يستقبل منتسبي «إبصر» ورئيس «ترميم»    الوداد لرعاية الأيتام توقع مذكرة تعاون مع الهيئة العامة للإحصاء    أمير الرياض ونائبه يؤديان صلاة الميت على الأمير ناصر بن سعود بن ناصر وسارة آل الشيخ    أمير منطقة تبوك يستقبل القنصل الكوري    البريد السعودي يصدر طابعاً بريدياً بمناسبة اليوم العالمي للطفل    الدفاع المدني يحذر من الاقتراب من تجمعات السيول وعبور الأودية    الأهل والأقارب أولاً    الإنجاز الأهم وزهو التكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الوسط" تسأل شخصيات قيادية سودانية معارضة ومقيمة في القاهرة . ماذا تفعل المعارضة السودانية في مصر لاسقاط نظام البشير وتولي الحكم ؟
نشر في الحياة يوم 15 - 03 - 1993

تعتبر مصر ساحة رئيسية لنشاطات احزاب وقوى وتنظيمات المعارضة السودانية لنظام الرئيس عمر حسن البشير. وتؤكد مصادر سودانية مطلعة في القاهرة ان عدد السودانيين المقيمين في مصر يبلغ حالياً نحو 3 ملايين سوداني بينهم الف "شخصية قيادية" من الاحزاب السودانية المعارضة وممثلي النقابات.
والسؤال الذي يطرح باستمرار هو: ماذا تفعل المعارضة السودانية في مصر؟ وهل هي قادرة، فعلاً، على اسقاط نظام البشير وتسلم السلطة مكانه؟ ولماذا لم تتمكن من اسقاطه منذ قيامه في الثلاثين من حزيران يونيو 1989؟ التحقيق الآتي يجيب عن هذه التساؤلات.
يقول الدكتور أحمد حسن، قطب الحزب الاتحادي المعارض "ان احزاب المعارضة السودانية تمتلك بالفعل أدوات التغيير، من خلال الوجود المكثف في الشارع السوداني عبر مئات وآلاف كوادر المعارضة المنتشرين في جميع القطاعات وهم يمارسون المعارضة في الداخل من خلال الانتفاضات والهبات والتظاهرات الشعبية. وخلال الفترة من 30 حزيران يونيو 1989 حتى 31 كانون الثاني يناير 1993 وقعت 7 محاولات انقلابية في صفوف القوات المسلحة. وهناك ما لا يقل عن 220 ضابطاً وصف ضابط تعرضوا لمحاكمات عسكرية استثنائية بتهمة محاولة الانقلاب على النظام، وقد اندلعت تظاهرات في كردفان ودارفور والخرطوم وام درمان شاركت فيها ربات البيوت احتجاجاً على تدهور الاحوال المعيشية، وارتفاع الاسعار، وانخفاض القيمة الشرائية للجنيه السوداني، كما شهدت الجامعات والمدارس السودانية اعتصامات واضرابات، والذين يعرفون السودان جيداً يدركون ان الهبات الشعبية كانت الوسيلة الأكثر تأثيراً في تغيير قمة النظام لمصلحة نظام أكثر ديموقراطية".
هل هناك احتمالات لانقلاب عسكري من داخل القوات المسلحة السودانية لتغيير النظام الحاكم؟
"الوسط" طرحت السؤال على الفريق عبدالرحمن سعيد عبدالرحمن نائب القائد العام للقوات المسلحة السودانية حتى تموز يوليو 1989. وقال عبدالرحمن: "لم يعتد قائد على طرح خططه على الرأي العام، لكنني اشير فقط الى ان كلمة "انا السودان" هي الإسم الحركي لعملية التغيير المقبلة التي وعدت القيادة الشرعية للقوات المسلحة السودانية بإنجازها، وهي خطة سرية يشارك فيها العسكريون، كما تحتاج الى دعم الاحزاب والنقابات المهنية لايجاد تأييد شعبي فور خلع النظام الحاكم". ويعتبر الفريق عبدالرحمن نائب رئيس "القيادة الشرعية" للقوات المسلحة السودانية في الخارج. وسألناه: هل هناك اتصالات بين هذه "القيادة الشرعية" وقيادات عسكرية داخل السودان، فأجاب الفريق عبدالرحمن: "للقيادة الشرعية انصار مؤيدون في جميع افرع القوات المسلحة السودانية، وهذا واضح تماماً من خلال قرارات الابعاد المستمرة التي يتخذها النظام الحاكم بحق الضباط وضباط الصف غير الموالين له، وقد وصل عدد الذين استبعدوا من القوات المسلحة الى 2900 ضابط وضابط صف في غضون الاعوام الثلاثة الماضية، ونحن على اتصال مع ضباطنا وجنودنا من خلال رسائل متبادلة، وشبكة اتصال، ولا استطيع ان أشرح أكثر من ذلك.
شكك قياديون في الحركة الشعبية لتحرير السودان في جدية احزاب المعارضة في العمل لاسقاط النظام، فما هو ردكم؟
- للحركة الشعبية اسلوبها في العمل، ونحن لنا اسلوبنا في القيادة الشرعية ولاحزاب المعارضة اساليب اخرى، والمهم هو تكامل الادوات، وتنسيق الادوار، واعتقد ان هناك اتفاقاً على هذا المنهج.
هل تعتقد ان استمرار القتال في الجنوب يعتبر احد عوامل الضغط على النظام بهدف اضعافه، أم أنه - اي القتال - تحول الى عامل لوحدة وتماسك النظام؟
- النظام في السودان غير متماسك، والخلافات بين قادة الانقلاب العسكري وبين الجبهة القومية الاسلامية بزعامة الدكتور حسن الترابي يتسع يوماً بعد يوم، وهناك مؤشرات عديدة على ان النظام يتآكل من الداخل مما يتيح فرصة واسعة أمام الأحزاب الشعبية والحركات الأخرى لاطاحته، ومن الواضح ان الخسائر العسكرية والمادية الفادحة التي لحقت بالنظام نتيجة دفعه بالجيش وقوات الدفاع الشعبي الموالية للترابي في حرب الجنوب ادت الى تذمر الضباط المحترفين، والى ثورة اهالي القتلى، خصوصاً اهالي الشباب الذين دفعوا الى المعارك من دون ان تكون لديهم اية خبرة قتالية من قبل.
اسقاط النظام من الداخل
وكشف قيادي سوداني مقيم في القاهرة لپ"الوسط" عن حدوث سلسلة من اعمال المقاومة العسكرية والشعبية ضد النظام السوداني، مشيراً الى عملية تخريب احد الكباري في أم درمان، والتي كانت تستخدمها قوات الدفاع الشعبي الموالية للترابي لايصال المعدات العسكرية الى الجنوب ويعترف: بأن "المعارضة السودانية وحدها ليست قادرة على تغيير النظام، اذ ان سياسات النظام على الصعيد الاقتصادي، واستمرار حملات انتهاك حقوق الانسان في "بيوت الاشباح" و"البدروم" هي اسباب تدفع الى انتفاضات شعبية على النحو الذي جرى خلال العام الماضي واجبر السلطات السودانية على فرض حظر التجوال في العاصمة وضواحيها". واشار الى ان بعض الجماعات الاسلامية في السودان اتخذت موقفاً متشدداً من الجبهة الاسلامية، لجهة التفسيرات التي طرحها الترابي الى حد ان احداها وصفته بپ"الشيخ الافرنجي". وقال ان صدامات وقعت بين انصار هذه الجماعات وبين اتباع الجبهة القومية الاسلامية في درافور، وأم درمان وعطبرة.
وعن قوة المعارضة السودانية ومدى قدرتها على اسقاط النظام في الخرطوم قال صديق بولاد حزب الامة ان "اسقاط النظام يتم - عموماً - من الداخل، والمعارضة الخارجية تهيىء المناخ اللازم لذلك والذي يعجل بسقوطه"، مشيراً الى ارتباط الخارج بالداخل" واضاف: انه يتلقى تقارير يومية من انصار حزب الامة داخل السودان عن الأوضاع الداخلية بما يمكن مكاتب الحزب المنتشرة في انحاء متفرقة من القيام بعملها مدعومة بتطورات الاحداث الداخلية.
وأشار الى أن نجاح المعارضة في تهيئة المناخ العالمي ادى الى فرض حصار على نظام البشير "يرجع الى دقة المعلومات الواردة" فضلاً عن ان تصنيف النظام السوداني على قائمة الانظمة التي تنتهك حقوق الانسان "يرجع في المقام الاول الى البلاغات الموثقة التي تتلقاها المعارضة السودانية".
واوضح ان مكاتب احزاب المعارضة ورموزها في الخارج تقوم ايضاً بالاتفاق مع الداخل بإخراج التظاهرات التي عمت السودان اخيراً، واحيانا يكون لها دور تمويلي لاتباعهم في الداخل لمساعدتهم على القيام بدورهم.
وكشف بولاد عن ان مصادر التمويل تتم داخلياً من المقتدرين في الحزب.
اما علي أبو سن المتحدث الرسمي باسم الحزب الاتحادي، فيرى ان هناك امكانية حالية لاسقاط النظام من الداخل، الا انه سيجر السودان الى حرب اهلية، على غرار ما حدث في الصومال عندما اطيح الرئيس سياد بري.
وذكر ان "الحزب الاتحادي يمكن ان يصدر قراره لتنظيماته في السودان لاسقاط الجبهة الاسلامية، الا ان الثمن سيكون حمامات دماء الشعب السوداني". واشار الى ان احزاب المعارضة السودانية "اتفقت على الابقاء على النظام الحالي حتى يسقط تلقائياً من ذاته ونتيجة عمل تقوم به الجبهة القومية الاسلامية نفسها".
وكشف أبو سن عن وجود انقسامات وخلافات داخل الجبهة الاسلامية ووجود انقسامات داخل الجيش السوداني "وان هناك الكثير من قادة الجيش يرغبون في التخلص من البشير بسبب ممارساته التي نالت القوات المسلحة جزءاً منها وشهدت اعدام عدد من القادة السودانيين".
واتفق بولاد وأبو سن على القول ان مصر توفر لحزبيهما القدرة على العمل لقربها من السودان وان مكاتبهما تعمل في القاهرة بحرية تامة من دون اي تدخل من المسؤولين المصريين.
وهاجم بولاد نظام البشير وقال ان هذا النظام "حول السودان الى سجن كبير". وكشف عن وجود اتصالات لحزب الامة في داخل السودان وان توهم الجبهة الاسلامية بنجاحها في حل الاحزاب لا يعكس الحقيقة التي تسفر عنها الانتخابات المقبلة. وقال "ان البشير يعيش الوهم نفسه الذي سبق ان عاش فيه الرئيس الاسبق جعفر نميري" وان الاحزاب السودانية متواجدة بشكل كامل في الداخل والخارج وتمارس نشاطها وقاربت على النجاح في هدفها الرئيسي وهو تخليص السودان من النظام الحالي.
وحدد بولاد مآخذ حزب الأمة على نظام البشير في النقاط الآتية:
1 - ان حكومة البشير غير شرعية انقلبت على النظام الديموقراطي التعددي الذي ارتضاه الشعب السوداني.
2 - ان البشير تمرد على الدستور والشرعية السودانية فمن حق الشعب ان يختار من يمثله وان يحاكمهم بعد ذلك في الانتخابات المقبلة.
3 - فشل النظام الحالي الحاكم في معالجة جميع الامور الاقتصادية والسياسية وانه حالياً في "سكرات الموت" بسبب العزلة الخارجية والحصار الاقتصادي.
وكشف مسؤول حزب الامة عن وجود اتصالات مكثفة مع المسؤولين المصريين وقال "ان الحكومة المصرية لا يمكن ان تغفل ثقل حزب الامة الذي يمثل 42 في المئة من الشعب السوداني وفقاً للانتخابات الماضية". واضاف ان جميع احزاب المعارضة حالياً في خندق واحد وليس هناك اي خلاف في ما بينها، الا ان برامج كل حزب تختلف عن الآخر، وبعد نجاحها في تحرير السودان ستخوض الانتخابات وتتنافس في ما بينها.
وقال "ان هناك اتفاقاً بين القوى السياسية السودانية على ان السودان لا يمكن ان يحكمه حزب واحد، والاتفاق على ان يكون منهج السودان قومياً يقوم على اساس التعددية والديموقراطية ويساوي في حقوق السودانيين انفسهم واحترام حقوق الانسان، ومن حق اي حزب ان يطرح ما يريده".
واضاف ان انقلاب البشير الذي تم في 30 حزيران يونيو 1989"افسد محاولات السلام" التي كانت جارية آنذاك واسفرت عن تحديد 4 تموز يوليو موعداً لاجتماع الشماليين مع الجنوبيين لبحث امكانية السلام "واعطى الانقلاب الحرب الاهلية وقوداً جديداً، وان ذلك كان الهدف الاساسي للجبهة الاسلامية".
علاقات السودان وايران
ووصف المعارض السوداني علاقات السودان بايران بأنها "علاقات مشبوهة"، وقال ان "ايران جندت السودان لخدمة تصدير الثورة الايرانية لان ايران تهدف الى الامتداد الى منطقة القرن الافريقي" وحذر من ان استمرار الدور الايراني في السودان سيقسم السودان على غرار ما شهده الصومال.
واضاف ان من بين الاهداف الايرانية في السودان "الضغط على مصر" وقال ان مواقف البشير من قضية احتلال الكويت وحرب تحريرها "جعلت من ايران المخرج الوحيد".
وكشف بولاد عن افتتاح 20 مركزاً ثقافياً ايرانياً جديداً في السودان، وقال ان تأميم السودان للمدارس المصرية وابداء عدم رغبته في استقبال مشايخ الازهر المصريين تم بطلب ايراني.
وذكر علي أبو سن ان ابناء المعارضة والشعب السوداني وضعوا ثقتهم واملهم في محمد عثمان الميرغني رئيس الحزب الاتحادي في تخليص السودان من البشير. واشار الى ان الحزب الاتحادي - وهو من احزاب المعارضة الرئيسية - يجري حالياً "اتصالات مع الدول الغربية والعربية للضغط على السودان لاسقاط النظام من الداخل". وان هذه الاتصالات تمت ايضاً "على مستوى الامم المتحدة، وشرحنا خلالها موقفنا من ازمة الخليج".
واضاف "ان الأمر المستغرب هو الحلف القائم بين نظام البشير واسياس افورقي رئيس الحكومة الموقتة في اريتريا الذي فضل العلاج في اسرائيل ويتباهى بأنه ليس عربياً".
واشار الى "ان السودان يحكمه حسن الترابي بواجهة البشير" واكد "ان تغلغل الترابي وانصاره وسيطرتهم على قطاعات هامة من الاقتصاد السوداني يرجع الى الصلاحيات التي تمتع بها خلال حكم الرئيس الاسبق نميري".
وكشف وجود تنظيم ميليشيات مسلح يخضع للترابي تم تدريبه في ايران وافغانستان وهي الميليشيات نفسها التي ساعدت البشير في الوصول الى السلطة. ونفى ان يكون الجيش السوداني هو الذي أوصل البشير الى الحكم.
واضاف ان الخلاف الحدودي مع مصر حول مثلث حلايب دأبت الحكومات السودانية الضعيفة على اثارته، واكد "ان النظام اراد جر مصر الى حرب حول الحدود في محاولة لزيادة شعبيته في الداخل، الا ان مصر فوتت عليه الفرصة، كما ان السودانيين ايضاً يعلمون حقيقة الموقف والازمة". واكد ان الاتفاقية الوحيدة لترسيم الحدود بين البلدين هي اتفاقية عام 1899 والتعديل الذي ادرج عليها عام 1902، وهناك ترتيبات ادارية خاصة بالقبائل المشتركة يمكن الاتفاق عليها، وان الحديث عن مشكلة حلايب "يعد تزويراً للتاريخ".
اتفاق داخل السجن
واكد السيد عبدالله عبيد امين عام "اللجنة المصرية - السودانية للتضامن" ان المعارضة السودانية تحرص - على رغم الاختلافات بينها - على العمل تحت راية واحدة في ظل "التجمع الوطني الديموقراطي" الذي تم التوقيع على تأسيسه في تشرين الاول اكتوبر 1989 داخل سجن "كوبر" في السودان، وقال: "ان قادة مختلف الاحزاب والنقابات المهنية والعمالية التي كان البشير القى بهم في السجن وقعوا جميعاً على "الميثاق الوطني" ولم يستثن من التوقيع سوى الجبهة الاسلامية الحاكمة، وكان من ابرز الموقعين الحزب الاتحادي الديموقراطي وحزب الامة والحزب الشيوعي السوداني والحزب القومي السوداني وتجمع الاحزاب الجنوبية والقيادة الشرعية العسكرية والتجمع النقابي الذي يضم مختلف النقابات المهنية والعمالية".
واضاف: "الميثاق يؤكد ضرورة النضال من اجل عودة الديموقراطية والليبرالية والتعددية الحزبية والسعي الى عقد المؤتمر القومي الدستوري الذي يضم كل السودانيين لوضع مشروع الدستور الديموقراطي الدائم للسودان والذي كان نظام البشير حال دون انعقاده على رغم الاجماع على ضرورة عقده، وقد وقع على الميثاق نفسه ممثلون عن الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان في حزيران يونيو عام 1990 في القاهرة".
وحول ظروف وجود المعارضين في مصر قال السيد طه ابراهيم رئيس التجمع النقابي السوداني: "عندما وقع انقلاب البشير كان عدد من قيادات المعارضة خارج السودان، وحضر هؤلاء الى القاهرة ولحق بهم معارضون آخرون بعد الافراج عنهم من السجون السودانية. ومصر هي البلد الوحيد الذي يستقبل المواطن السوداني من دون تأشيرة دخول، وكان امراً طبيعياً ان ينشأ فرع "للتجمع الوطني الديموقراطي" في مصر الذي يعتبرها السودانيون وطنهم الثاني وملاذ المضطهدين من ابناء السودان".
واكد السيد طه ابراهيم على ان التجمع السوداني "ملتزم بأعراف الضيافة ولا يمارس اي عمل ضد النظام الحاكم في السودان من القاهرة، وانما يقوم بإيصال صوت الشعب السوداني الى العالم، من خلال البيانات والنشرات واللقاءات التي تعقد مع المنظمات المعنية بحقوق الانسان وتبصيرهم اولاً بأول بما يتعرض له الشعب السوداني في ظل نظامه الراهن".
ويتناول الدكتور أمين مكي مدني رئيس المنظمة السودانية لحقوق الانسان قائمة الاتهامات التي توجه الى الحكومة السودانية بانتهاك حقوق الانسان ويقول: "القائمة تشمل الغاء الدستور وحل جميع الاحزاب السياسية والتنظيمات النقابية والمهنية ومنع الطوائف الدينية والمؤسسات السياسية من ممارسة نشاطها ومصادرة الصحف واموال وممتلكات السياسيين وتشريد وفصل 60 في المئة من ضباط القوات المسلحة والشرطة والسجون وفصل 80 في المئة من اعضاء السلك الديبلوماسي السوداني و60 في المئة من موظفي الخدمة الوطنية الدائمة. فمنذ ان تولى النظام السوداني الحكم وحتى الآن دخل وخرج من المعتقلات اكثر من 14 الف سوداني، ومات نتيجة التعذيب اكثر من 30 مواطناً وقتل في محاكمات سرية لم تعلن نتائجها 28 ضابطاً، كما اعدم الآلاف من اسرى الحرب من الجنوبيين في منطقة كواليب، وابيدت قرى كاملة جنوب النوبة، وحبس الشعب السوداني كله بموجب قرارات حظر التجول".
وعن العلاقة بين النظام السوداني والبلدان العربية الاخرى، ومن بينها مصر، اكد السيد فاروق ابو عيسى الامين العام لاتحاد المحامين العرب ان هذا النظام "صار معزولاً داخل وطنه ومعزولاً عن الدول العربية الأخرى".
وحذر ابو عيسى من "خطورة التحالف" بين النظام في الخرطوم وبين ايران و"محاولتهما معاً تصدير فكرهما الى البلدان العربية الاخرى، خصوصاً ما قام به النظامان من تدريب بعض الكوادر من بلدان عربية على القيام بأعمال ارهابية لزعزعة الامن والاستقرار في دول عربية عدة".
وحول خصوصية العلاقة بين النظام الحاكم في كل من ايران والسودان كشف الدكتور محمد السيد حمد نائب رئيس الحزب الاتحادي الديموقراطي ان العلاقة بين الجبهة الاسلامية في السودان والنظام الايراني بدأت بعلاقات خاصة بين حسن الترابي والخميني عندما كان الخميني لاجئاً سياسياً في باريس، وتوطدت هذه العلاقات بعد ان عاد الخميني الى ايران، واستمرت بعد ذلك علاقة الترابي بالنظام الايراني وتجسدت في شكل تنظيمي خطير اسمه المؤتمر الشعبي العربي الاسلامي وامينه العام حسن الترابي وتموله ايران".
ماذا طلب البشير من القاهرة؟
وحول ابرز نتائج جهود المعارضة السودانية في مصر قال السيد عبدالله عبيد امين اللجنة المصرية - السودانية للتضامن ان المعارضة نجحت "في كشف ممارسات النظام الحاكم في السودان ومعاداته للحرية والديموقراطية امام الرأي العام العربي والعالمي". وقد تجسد ذلك في قرار صدر عن الجمعية العامة للامم المتحدة في كانون الاول ديسمبر الماضي يدين انتهاكات حقوق الانسان في السودان.
ومن جهته قال الناطق الرسمي في الخارجية المصرية السيد ناجي الغطريفي: "ان صدر مصر مفتوح للقاء جميع السودانيين على اختلاف توجهاتهم ومواقفهم لتحقيق رفاهية وازدهار شعب السودان". واكد "ان مسألة تغيير القيادة السودانية أمر يخص السودانيين وحدهم، وان مصر لا تتدخل في الشؤون الداخلية لاية دولة، ولا تسمح لاحد ان يتدخل في شؤونها الداخلية".
والامر الاكيد ان نشاط المعارضة السودانية في مصر اثار قلق الرسميين السودانيين. فقد ذكرت مصادر ديبلوماسية مصرية مطلعة لپ"الوسط" ان السودان ابدى اكثر من مرة رغبته بوقف نشاط المعارضة في مصر في مقابل تحسين العلاقات بين البلدين، الا ان المسؤولين الرسميين المصريين اكدوا ان ذلك من الامور الداخلية لمصر ورفضوا الاستجابة لطلب الرسميين السودانيين. واضافت المصادر ان لقاءات عمرو موسى وزير الخارجية المصري مع بعض زعماء المعارضة السودانية، ومنهم محمد عثمان الميرغني رئيس الحزب الاتحادي تهدف الى تبادل وجهات النظر حول القضايا السودانية والعلاقات بين البلدين خصوصاً ان المسؤولين المصريين يعرفون حجم المعارضة السودانية في الداخل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.