في متحف باربيه مولر مجموعة قديمة نادرة من الحلي الافريقية والأوقيانية والآسيوية يعرضها اليوم متحف الفنون التزيينية في باريس. أساور، عقود وخلاخيل قدم من الذهب والفضة والعاج والاصداف نُسّقت بشكل فطري لا تعقيد فيه، وسحرت جوزف مولر الذي راح يجمعها في بداية القرن العشرين من محترفات فنانين باريسيين. ورافق المعرض صدور كتاب ضخم عنوانه "حلي" حقّقه متحف باربيه مولر والمطبعة الوطنية الباريسية. لم يكن الهدف فقط إطلاع الجمهور على حلي قديمة رائعة، بل التأكيد على فرادة هذه المجموعة ذات الاشكال الدقيقة والتقنية المتنوعة. صُفّت المجوهرات على أقمشة محلية ترمز الى الاثواب التقليدية الغنية التي ارتدتها النساء في مناسبات معينة، والتي ارتبطت بالطبقة الاجتماعية التي انتمين اليها. أسّس جان بول باربيه، صهر جوزف مولر، المتحف في جنيف في 1977 ليضع فيه الحلي البدائية التي جمعها الثاني. وسعى مع زوجته مونيك الى إكمال المجموعة طوال ثلاثين عاماً، وأضاف اليها الأقنعة والمنحوتات والأقمشة. يقول في الكتاب: "على عتبة هذا العالم المشع بالمعدن والحجارة، وحيث تسطع مجوهرات بأشكال وأبعاد فريدة، لنتذكر ما كان يقوله الشاعر المبهور ببريقها على بشرة سمراء: انها اشياء يختلط فيها النغم بالنور". وتنظر الى المعروضات وتسمع خشخشة السلاسل ورنين الاجراس الصغيرة اليمنية والتركمانية والجزائرية والمغربية، وتلفتك أصداف الفيليبين وفضة سوماطرة وعاجيات غينيا الجديدة. لكن هذه الحلي للأسف لم تحافظ كلها على شكلها الاصلي. جوزف مولر جمعها في علب الاحذية ووضعها في سقيفة بيته قرب مئة لوحة قديمة للرسام رولت. وبقيت هناك الى ان امتدت اليها الأيدي وعبثت ببعضها، وكان يجب تصوير كل قطعة للحفاظ على أصالتها. مع ذلك تبقى شاهدة على زمن عبر، لكنها تحتفظ بجاذبيتها ودلالاتها على حضارات حاضرة وماضية. ولا شك في ان قيمتها ليست تاريخية فحسب، فها هي محلات كبار الصاغة في ساحة الفاندوم تلمع بمثل هذه الحلي التي تجذب الشاريات والمقلّدين على السواء. من الجزائر عرض عقد ريفي جميل يتألف من سلاسل فضية منفصلة تتدلى منها خزفيات مختلفة، وكانت المرأة تصنع عقدها بنفسها وتنسّق حبّاته وفق ذوقها وإمكاناتها المادية. ولا يقلّ العقد المراكشي من جنوب المغرب جمالاً عن مثيله الجزائري بحبّات الكهرمان والفضة وان اختلف عنه في انه اكثر دلالة على القبيلة التي تنتمي اليها صاحبته وان حبّاته ضخمة وتستعمل فيه قطع النقود.