يسود أوساط العرب الأميركيين في الولاياتالمتحدة شعور بالقلق من التحامل الأميركي المتزايد على المسلمين بشكل عام والعرب، بمن فيهم المسيحيون، بشكل خاص. ونظراً الى ان العرب والمسلمين يعتبرون أقليات فان الاحصاءات السنوية الرسمية لا تدرجهم على أساس انهم أقليات ما يعني انه لا تتوافر أرقام دقيقة عن أعدادهم. الا ان المنظمات العرقية تعتقد ان هناك حوالي 5.2 مليون عربي يشكل اللبنانيون منهم حوالي ثلاثة أخماس، اضافة الى وجود حوالي مليون مسلم من غير العرب. وبرزت قضية التحامل المستفحل على العرب عقب انتاج الفيلم السينمائي "كذب صحيح" الذي كلف 100 مليون دولار ويقوم فيه الممثل المعروف آرنولد شوارزنيغر بدور البطولة. ومع ان موهبته الرئيسية لا تتجاوز عرض عضلاته فانه يستخدم "دهاءه" في احباط مؤامرة دبرتها مجموعة من "الارهابيين العرب المتعصبين" لنسف الولاياتالمتحدة بالأسلحة النووية. ومنذ ان بدأت دور السينما عرض الفيلم والمنظمات العربية - الأميركية ترابط أمامها للاحتجاج على عرضه لما يتضمنه من اهانة للعرب وتحامل عليهم. وكانت أفلام مماثلة اثارت موجات من الاحتجاج في السابق مثل "عشتار" و"الصيغة" و"قوة دلتا". لكن جميع تلك الافلام اثبتت فشلها الذريع. ونجحت اللجنة العربية - الأميركية لمحاربة التمييز العنصري في رفع عددمن الدعاوى القضائية وانتزعت التزام عدد من الشركات بعدم تكرار الاساءة الى العرب والمسلمين، كما حصلت على تعهدات بعرض صورة "ايجابية" للشخصيات العربية في برامجها. وكما كان الحال في السابق مع المنظمات اليهودية حين يواجه اليهود مشكلة في الولاياتالمتحدة، وكما هو الحال مع منظمات السود هذه الأيام، فقد وافقت 3 استوديوهات في هوليوود على استشارة احدى المنظمات العربية الرئيسية قبل انتاج أي فيلم أو برنامج يتناول قضايا الشرق الأوسط. ولا تقتصر المشكلة على السينما والتلفزيون. اذ ان احتجاج المنظمات العربية - الأميركية أجبر الكثير من شركات الاعلان والدعاية على سحب اعلاناته التي تصور العرب، بملابسهم التقليدية، على انهم اغبياء أو غير أمناء، كما اجبرها على دفع تعويضات مالية. وكان السيناتور السابق جيمس أبو رزق رئيس اللجنة العربية - الأميركية لمكافحة التمييز العنصري هو الذي قاد مختلف تلك الحملات ضد الشركات الأميركية المسيئة. لكن الحملة التي شنتها اللجنة لاقناع الكونغرس بوصف العرب أو تعريفهم على أساس انهم "أقلية عرقية" مثل السود الذين يشكلون 10 في المئة من السكان وأبناء أميركا اللاتينية الذين يؤلفون نسبة 17 في المئة وما ينطوي عليه هذا التعريف من محاباة وتفضيل في التوظيف، أدت الى اغضاب الكثيرين من الأميركيين العرب الناجحين في مجالات عملهم. اذ انهم ينادون بوجوب الانضمام الى التيار الأميركي العام ويشيرون الى ان العرب الأميركيين يصنفون الآن للاغراض الاتحادية على أساس انهم "بيض"، أي مثل الأميركيين الأوروبيين. الا ان طلبات الحصول على رخصة قيادة لسيارة مثلاً تشتمل على عبارات: "من أصل أسود، أبيض، هندي، شرق أقصى، عربي أميركي". ويشعر الكثيرون ممن يطالبون بتعريف العرب الأميركيين رسمياً بأنهم "أقلية" بقلق من التحامل والتحيز والعداء الذي يتعرض له أطفالهم في المدارس. ولا تقتصر المشاكل على المدارس. ففي الآونة الأخيرة حصل جواد كرم وهو حارس في أحد سجون كاليفورنيا على تعويض مقداره 100 ألف دولار من ادارة السجون بعد ان رفع قضية عليها أثبت فيها انها حرمته من الترقية لمجرد انه من أصل عربي. وعلى رغم ذلك لا يزال الكثيرون من العرب الأميركيين الناجحين يشعرون بالقلق من اثارة مثل هذه القضايا لأنها في رأيهم تعكس مشاكل "الجيل الأول". وهم يشيرون الى ان التحامل الذي كان يتعرض له الايطاليون والايرلنديون في بداية القرن الحالي اختفى الآن. وتشبه اعتراضاتهم اعتراضات أبناء آسيا الشرقية الناجحين الذين يقولون ان التحامل عليهم ناجم في واقع الأمر عن الغيرة، وبشكل خاص بين السود، من نجاحهم. ولعل ما يثير الاهتمام ان منظمة أميركية آسيوية رفعت قضية على جامعة ستانفورد في كاليفورنيا لتحديدها عدد الطلاب الآسيويين بنسبة 34 في المئة مع انهم يستحقون نسبة 40 في المئة من المقاعد في الجامعة.