سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"لا سكوت بعد اليوم : مواجهة الصور المزيفة عن الإسلام في أميركا" لبول فندلي 12 . زعيم إسلامي رشح لعضوية اللجنة الفرعية لمكافحة الإرهاب لكن اللوبي الصهيوني حال دونه والمنصب قسم ثاني
كان صعود آغا سعيد إلى الشهرة صعوداً سريعاً. فعندما قابلته للمرة الأولى عام 1985، كان يحمل شهادة جامعية وملتزماً بمساعدة المهاجرين على اكتساب قوة سياسية. وبعد ست سنوات اتصل بي هاتفيّاً، ليطلعني على خطّته لجعل المسلمين ينخرطون في الحياة الحزبية الأميركية. وفي شباط فبراير 2000، حين كنا في غرفة في أحد فنادق لوس أنجليس، شرح لي استراتيجية "اتحاد المسلمين الأميركيين"، فقال: "إن هدفنا الرئيسي جَعْل المسلمين جماعة منظمة على صعيد الشأن العام، والتخاطب المدني، والنشاط السياسي الحزبي في مجمل الولايات الخمسين. ذلك أننا نعتقد أن القوة السياسية لا تعتمد على العدد وحده، بل هي نتاج للمبادرة والإبداع والعزم. إننا، في سبيل تقوية أنفسنا، محتاجون إلى تحويل إحباطنا المكبوت وغضبنا ووجعنا إلى خطوات خلاَّقة هادفة"11. وكشف بحثه عن وجود 521000 وظيفة تُشغل بالانتخاب في الولايات المتحدة، "في حين ان حفنة فقط من هذه الوظائف يُشغلها مسلمون في الوقت الحاضر. يجب أن يعوا حجم ما يملكونه من طاقة كامنة في النظام السياسي الأميركي". وقدّر سعيد أن عدد المسلمين في كاليفورنيا وتكساس ونيوجرسي وميتشغان وفلوريدا وإيلينوي ونيويورك، يكفي ليجعل منهم قوة مهمة في الانتخابات الرئاسية، وفي ترجيح كفة مرشحين، في معارك انتخابية ضمن هذه الولايات يكون التنافس فيها على أشده12. تعتبر ناشفيل في تينيسي مركزاً رئيسيّاً تنطلق منه مبادرات المسلمين من أجل التفاهم بين أتباع الديانات المختلفة. فخلال حرب الخليج، رعت الكنائس المحلية محاضرات عامة في أنحاء المدينة لدعم المسلمين ومساندتهم. وتبرز في هذا المجال زينب البري التي قالت عنها آنذاك صحيفة "ناشفيل تينيسيان" إنها "سفارة في شخص واحد"، ويبرز زوجها الاقتصادي نور نصيري" وقد عرفا بمبادراتهما الرامية إلى توسيع فهم الإسلام. بدأت البري عملها عام 1985 حين ترأست احتفال "روابط السلام" برعاية الأممالمتحدة. وهي غالباً ما تكتب، إلى رؤساء التحرير، مقالات ورسائل نُشرت إحداها في صحيفة "يو إس توداي". و نظمت خلال حرب الخليج "حوار نساء شرق أوسطيات"، وهو برنامج تلتقي فيه بانتظام ست أميركيات عربيات الأصل مع عدد مماثل من اليهوديات الأميركيات. من جهة أخرى، يرعى محمد وسيدة يوسف برنامجاً إذاعيّاً في ناشفيل، هو "الإسلام في الضوء" Islam in Focus، الذي يدعو المستمعين إلى الاتصال وطرح الأسئلة. ويتولى علي الموسوي، وهو مهاجر من العراق، تمثيل حكومة ناشفيل في توطين اللاجئين الآتين من بلدان إسلامية. وينشط أبو بكر باه، من خلال عضويته في لجنة تينيسي لحقوق الإنسان. كما نذكر، في هذا السياق، الدكتورة آرشي ناصح التي تتولى، منذ ربع قرن، دوراً قياديّاً في الأنشطة الهادفة إلى إرساء التفاهم بين الديانات. وقد سُمّيت "امرأة العام" في ناشفيل عام 1980، وهي معروفة شعبياً في أنحاء المدينة، باسم "الأم آرشي" بسبب من عملها في مجال الرعاية وأعمال الخير. إضافة إلى من تقدم ذكرهم، نجد مايكل وولف من سان فرانسيسكو، وهو منتج للأفلام الوثائقية، يعمل لحسابه، وينشط مع ألكس كرونيمر من واشنطن، لتعزيز التفاهم بين أتباع الديانات المختلفة. وأنتج فيلماً وثائقياً نال استحساناً واسعاً، عن شعائر الحج إلى مكةوالمدينة. وبُثَّ على امتداد البلاد، عبر قنوات التلفزة العامة. وفي 1994، أنشئت منظمة نشيطة وناجحة، تساعد المسلمين على شق طريقهم إلى السياسة. حين قام ثلاثة مسلمين هم نهاد عوض 37 عاماً وعمر أحمد 38 عاماً وإبراهيم هوبر 43 عاماً بتأسيس "مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية" CAIR. وُلِدَ كل من عوض وأحمد في مخيم للاجئين الفلسطينيين في الأردن. ولم يلتقيا إلا خلال دراستهما في مينيابوليس، حيث تعرّفا إلى إبراهيم هوبر الذي اعتنق الإسلام، وهو مواطن كندي نال إجازة ماجستير في الاتصالات، وكان يعمل في محطة إذاعة محلية. يعمل أحمد الآن موظّفاً في مصنع للتقنيات المتطوّرة في مدينة سانتا كلارا في كاليفورنيا. وموّل انطلاقة مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية، ويرأس مجلس إدارته. أما عوض وهوبر، فهما موظّفان متفرّغان في قيادة المجلس، حيث يتولّى عوض المسائل التنظيمية، ويتولى هوبر موضوع الاتصالات" وتركز هذه المنظمة، ومقرها واشنطن، على الدفاع عن حقوق المسلمين المدنية، وعن الإسلام، ضد الصور النمطية الشائعة عنه، بالإضافة إلى تولّيها تدريب المسلمين في مجال العلاقات الإعلامية. وسرعان ما نالت المنظمة الجديدة المديح، ومدَّ إليها يد التعاون "مجلس المسلمين الأميركيين" الذي يقول مؤسسه ومديره التنفيذي عبدالرحمن العمودي: "لقد ابتهجنا ببرنامج مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية الخاص بالحقوق المدنية والدفاع القانوني. وقرّرنا، على الفور، توقيف أنشطتنا في هذا المجال. فتقسيم المسؤولية مكّن منظمتنا من تخصيص المزيد من الاهتمام والموارد لبرامجها الحيوية الأخرى. إنه بمنزلة زواج سعيد بيننا وبينهم". وبعد خمس سنوات، أُجريت مقابلة مع عوض فرأيت موازنة المجلس ارتفعت إلى ما يقارب مليوني دولار. ومع أن عدد موظفي المجلس المتفرغين كان ارتفع من ثلاثة إلى ستة عشر، فإنهم كانوا ما زالوا يعملون بضغط أكبر من المعاملات. فالفاكس والبريد الالكتروني يعملان بلا انقطاع لتلبية طلبات المساعدة والتزوّد بالمعلومات. وقدّر أحد الموظفين، المولجين بالتعامل مع سيل الطلبات، ما لديهم من معاملات غير منجزة، بما يقارب الألف طلب. وكان المجلس أنشأ مكاتب إقليمية، تعمل ساعات دوام كاملة، في سانتا كلارا ولوس أنجليس وكولومبس ودالاس، إضافة إلى فروع محلية في زهاء خمس وثلاثين مدينة. وفي أيار مايو من عام 2000، انتقل مقر مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية المركزي العام إلى مبنى ضخم، اشتراه المجلس في جادة نيوجرسي 453 في واشنطن، بالقرب من مبنى الكونغرس، مما سيساعد على توسيع نطاق أنشطة التدريب وغيرها من الأنشطة الخدماتية لعامة الناس. ومنذ بداية نشاطه، استغلّ المجلس الاتصالات الإلكترونية، لاستنهاض المسلمين وحضهم على التحرك. فجهاز الفاكس الخاص بي يتلقّى الرسائل يوميّاً تقريباً، ما يذكّرني بحيوية هذا المجلس الذي يُصدر تقارير إخبارية ومناشدات، يرسلها إلى أربعين ألف عنوان لأجهزة فاكس وانترنت. وكانت الحملة، التي نظّمها المجلس لمساعدة البوسنة، عاملاً مهمّاً في تحقيق استقلالها عن صربيا عام 1992. وممَّن تصل إليهم رسائل المجلس، شخصيات قيادية لأكثر من 1500 مسجد ومركز إسلامي. ويشير عوض إلى أهمية ذلك، فيقول: "إنهم يخطبون في مئات الألوف من المسلمين الذين يؤدّون صلاة الجمعة، وغيرها من الفرائض الإسلامية. وغالباً ما تشكّل نشراتنا قوام خطب الجمعة. وإذا كنا لا نعلم، بالضبط، عدد المسلمين الذين يحضرون هذه الصلاة، فإننا نعلم أن هذا العدد قد يتجاوز المليون. ونجد أن معظم الناشطين في المجلس هم أبناء الأجيال الثانية من المسلمين الأميركيين" مما يعني أنهم متقنون للّغة الإنكليزية، وعلى إلفة بالثقافة الغربية. إننا نأمل أن يصبح لدينا، في القريب العاجل، معلومات مخزّنة في الحواسيب عن نصف مليون ناشط". ويرى عوض أهمية وجود نفوذ للمسلمين في المهن، ذات العلاقة بالسياسة العامة فيقول: "كلّما توجّهتُ بالخطاب إلى مجموعات من المسلمين، أحثّ الطلاب على التخصص في الصحافة، أو القانون، أو العلوم السياسية. ولأن الصحافة، بالذات، حقل مهم، فإننا نحثّ الراشدين من المسلمين على تقديم منح تخصّص جامعية في هذا الحقل، ونقول للمسلمين إن عليهم أن ينشطوا في الوظائف حيث تكتب التقارير الإخبارية والعناوين"17. ويزوّد مجلس العلاقات المربّين وأرباب العمل بالأدلّة، ويقدّم الإرشادات للمسلمين الذين يواجهون التمييز، أو يودون كسب تعاون وسائل الإعلام، ويصدر نشرة فصلية توزّع على عموم المنتسبين، إضافة إلى نشرات تصدر عن المكاتب الإقليمية، تركّز على مواضيع تحظى بالاهتمام المحلّي. ويصدر المكتب العام المركزي تقريراً سنوياً عن حالة حقوق المسلمين المدنية. وقدّم تقرير سنة 2000 موجزاً عن 350 حادثاً محقّقاً من حوادث التمييز، ورَفْضِ تأمين التسهيلات التي تتيح التزام الفرائض الدينية، والمضايقات والتمييز غير المشروع، بزيادة بلغت 25 في المئة إذا قورنت عام 1999. وقد علّق المنسّق في المجلس س. إيريك شاكر على هذا الأمر، فقال: "أفضل حل لهذه المشكلات هو نشر معلومات دقيقة عن الإسلام، تعزّزها زيادة النشاط الاجتماعي والسياسي للمسلمين الأميركيين"18. غالباً ما تأتي طلبات المساعدة من مسلمين يواجهون شروط عمل تمنعهم من إطلاق اللحى، أو مسلمات يُمنعن من ارتداء الحجاب في مراكز العمل. وكثير من المسلمين يعتبرون اللحى والحجاب فروضاً دينيّة. وقد حقق المجلس سلسلة انتصارات متتالية، حينما كانت هذه الممارسات تهدد بفقدان الوظائف. بَيْدَ أن أشهر انتصاراته هي تلك التي حقّقها على عمالقة صناعة السينما وكبار ناشري المجلات والصناعيين. ففي العام 1998، أدت حملة الاحتجاج، التي كان المجلس يقف وراءها، إلى إجبار شركة "نايك" المعروفة، الرائدة في صناعة المعدات الرياضية، بإعادة تصنيع طراز من الأحذية الرياضية التي أنتجتها، والتي كانت تحمل كلمة "الله" واضحة على كعوبها. واعتذرت "نايك"، وسحبت مجمل ما أنتجته من هذه الأحذية، ثم أزالت عنها الكلمة التي شكّلت إهانة لمشاعر المسلمين، كما قامت، في بادرة حسن نية، بتمويل بناء ملاعب في عدة مدارس للمسلمين، وقدّمت هِبات إلى عدد من المؤسسات الخيرية الإسلامية. وحاز المجلس احترام القيمين على صناعة السينما، حين ساهم في إقناع شركة "دريم ووركس إس. ك. جي" بإجراء تغييرات في سيناريو فيلم "أمير مصر" قُبيل عرضه الأول في كانون الأول ديسمبر عام 1998. وفي نشرته لربيع 1999، ذكر المجلس أنه خلال السنوات الأربع التي استغرقها إنتاج الفيلم، عمل الاستوديو، عن كثب، مع مجموعات من المسلمين واليهود والمسيحيين للتثبّت من صحة الوقائع التاريخية، ولإزالة كل ما يتّصل بالأفكار المنمطة" وعمل الدكتور ماهر حتحوت، أحد قادة "مجلس المسلمين للعلاقات العامة" مستشاراً رئيسيّاً للاستديو. وحين رفضت استوديوهات شركة "فوكس" إزالة المشاهد والعبارات النمطية من فيلم "الحصار"، حوّل المجلس اهتمامه عن هوليوود، وانصرف إلى تنظيم حملة احتجاج، في طول البلاد وعرضها، شملت نشر الإعلانات في الصحف وغيرها من وسائل الدعاية التي ركزت على مشاهد الفيلم غير المنصفة للمسلمين. وغطَّتِ الجدل القائم حول الفيلم عدّة صحف ومحطات تلفزة رئيسية، فنشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تعليقاً للمجلس نُشر إلى جانب تعليق آخر لمنتج الفيلم. وفي عشرات المدن الأخرى، نظّم المجلس برنامجاً فريداً من نوعه لمشاهدي الفيلم بعد العرض. وشرح لنا عوض ما حصل، فقال: "كان المشاهدون وهم يغادرون صالة السينما يفاجأون بمسلمين يبتسمون لهم ويدعونهم إلى مسجد قريب، للقيام بجولة فيه، وتناول المرطّبات، والحصول على معلومات عن الإسلام. وبلغ العدد الإجمالي لمن استجابوا للبادرة سبعة آلاف متفرّج في مناطق مختلفة". كانت المشاركة واسعة، ولا سيما في مساجد كاليفورنيا الجنوبية، وفي منطقة العاصمة واشنطن. ولبّى أكثر من 400 من غير المسلمين هذه الدعوة العامة في مسجد في آن آربور بمتشيغان، ولبّى 150 آخرون دعوة مماثلة في ناشفيل، وكان حدثاً غطّته صحيفة "ناشفيل تينيسيان" ومحطات التلفزة الثلاث الرئيسية. يعتقد عوض أن الحملة ولّدت، لدى رواد السينما، شعوراً ودّيّاً تجاه المسلمين كان له دور في جعل الفيلم يخسر 20 مليون دولار، وقال: "ربما تعلّمت صناعة السينما درساً بقيمة 20 مليون دولار"! كان للمجلس حالات أخرى من النجاح: لقد استطاع، نتيجةً لاعتراضاته على تعليقات تتحامل على الإسلام، ولا تراعي مشاعر المسلمين، أن يحصل على اعتذارات من شخصيات ومؤسسات بارزة، من بينها مقدم البرامج في N.B.C. جاي لينو، والمعلّق الإذاعي بول هارفي، والنائب الجمهوري الأميركي عن ولاية نيوجيرسي، جيم ساكستون، ومكتب محاماة ماير، وبراون وبلات في شيكاغو، والإذاعة الرسمية الوطنية. كما ساعد المجلس على تنظيم "يوم تسجيل الناخبين المسلمين الأميركيين"، وذلك يوم الجمعة 15 أيلول سبتمبر عام 2000. إلا أن أعظم انتصارات المجلس كان انتصاره على الناشر مورتون زوكيرمان ناشر مجلة "يو. إس. نيوز أند وورلد ريبورت"، لما نشر اعتذاره عن تهمة وجَّهها إلى النبي محمد ص، بأنه خرق معاهدة بينه وبين اليهود. لقد غضب عوض غضباً شديداً، فقال: "كانت تلك كذبة خرقاء، وهجوماً على النبي ص الذي لم يخرق معاهدة قط". ولما أخبرتُ زوكيرمان أنه سيواجه احتجاج المسلمين إذا لم ينشر، على الفور، اعتذاراً واضحاً، رفض التحذير قائلاً: "فلْيفعلوا"! وهكذا، فقد أرسل المجلس، من طريق الأنترنت والفاكس، إشعاراً بالتحرُّك، جعل زوكيرمان بعد ثلاثة أيام يتوسل على الهاتف وقف الاحتجاجات" واتصلت سكرتيرته بالمجلس قائلة: "إن مكاتبنا مشلولة ولا نستطيع إنجاز أي شيء". أما زوكيرمان نفسه فتوسَّل، قائلاً: "أرجوكم ضعوا حدَّاً لما يجري"، فأجبته بأننا "لا نستطيع وقف الاحتجاج، لكنّ الأمر بيدك"، فرد بالقول: "إنني أعتذر منك الآن على الهاتف"، فقلت "إن هذا لا يكفي. عليك أن تنشر اعتذارك في الصفحة نفسها التي نشرت فيها كذبتك عن الرسول". قال: إنه سيفعل، ولكنه لم ينشر في عدد المجلة إلا تعليقاً غامضاً، لم يكن هو الاعتذار المطلوب. وهكذا دعا المجلس فوراً إلى مؤتمر صحافي، عقده خارج مكاتب المجلة في واشنطن، انضمّت إليه قيادات إسلامية أخرى شاركت المجلس في إعلان العزم على حثّ المسلمين أن يشدّدوا الضغط على مجلة زوكيرمان، وهذا ما حصل. وسرعان ما رضخ روكيرمان لمطالب المسلمين، فنشر اعتذاراً شخصياً في المكان نفسه الذي تُنشر فيه افتتاحياته. واعتبر عوض ذلك نصراً مهمّاً، "لأن المسلمين صمدوا ولم يَلينوا. لقد أجبروا ناشراً ذا نفوذ، للمرة الأولى، على أن يُقدِّم، إلى المسلمين، اعتذاراً واضحاً لا لبس فيه. لقد استطعنا كسر حاجز نفسي، فلم يعد المسلمون يشعرون بأنهم جماعة لا حول لها ولا قوة، في مواجهة التمييز المؤذي. باتت لديهم ثقة جديدة بأنفسهم، وبات لديهم شعور بأنهم قادرون على حماية كرامتهم الإنسانية. لقد أدركوا أنهم بالعمل المتضامن، من أجل قضية مشتركة، قادرون أن يحدثوا فَرْقاً"19. قام المسلمون، المنخرطون في أنشطة تنظيمية وأنشطة ذات صلة بالسياسة العامة، بخطًى واسعة، مؤثّرة في مجال التفاهم بين الديانات المختلفة. بَيْدَ أنهم ليسوا سوى جزء صغير من الجماعة الإسلامية في أميركا. وإذا اعتمدنا لوائح العضوية والحضور في المؤتمرات السنوية التي تعقدها أكبر منظمتين إسلاميتين، "الجمعية الإسلامية لأميركا الشمالية" ISNA و"الحلقة الإسلامية لأميركا الشمالية" ICNA، نستطيع أن نقدر عدد المسلمين المنخرطين في النشاط المنظّم. ولكن أفضل التقديرات المبنية عليها تعطي رقماً لمجموع هؤلاء، لا يتجاوز مِائتي ألف ناشط. أما بقية المسلمين، وهم أكثر من ستة ملايين نسمة، فإنهم أكثرية صامتة تقف على الهامش، ولا تقدّم أي دعم، حتى انها تُحجم عن المساعدة بالمال. هوامش 1 Interview, 3-1-2000. 2 Chicago Tribune, 10-13-2000, p. 8, sect. 2. 3 Siddiqi, Interview, 10-29-2000. 4 Pakistan Link, 9-1-2000, p. 1. 5 Washington Times 7, 17-2-2000, _Weekly_, p. 23. 7 MPAC e-mail release, 4-19-2000. 8 CAIR, 6-22-00; MPAC statements, 6-24-2000 and 6-27-2000; and phone interview with Finnegan, 6-28-2000. 9 MPACUSA notes, 7-17-2000. 10 American Muslim Caucus Yearbook, 1996-1997. 11 Interview with Saeed, 2-22-2000. 12 Interview with Saeed, 10-3-1998. 17 Interview with Nihad Awad, 2-3-2000. 18 CAIR e-mail release, 4-18-2000. 19 Interview, 5-22-1999. الإرهاب والدين حاول بول فندلي في كلمة ألقاها الأحد الماضي، أي بعد خمسة أيام على التفجيرات التي استهدفت الولايات المتحدة، التمييز بين الارهاب والأديان. وأمام جمع من الأميركيين التقوا في كنيسة جاكسونفيل سعى الى تظهير صورة العرب والمسلمين التي شوهتها بعض وسائل الإعلام على حساب الألم والحزن اللذين ألما بالشعب الأميركي اثر احداث الأسبوع الماضي المأسوية. انطلق فندلي من مشهدين تناقلتهما وسائل الإعلام، الأول لرئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات يتبرع بدمه لمساعدة ضحايا التفجيرات في أميركا، والثاني لمجموعة من الرجال والنساء الفلسطينيين يعربون عن ابتهاجهم بها، ومع اقراره بأن المشهد الثاني لن يُنسى بسهولة، إلا أنه تخوف من مبادلة الإرهاب بإرهاب يطاول المسلمين، مشيراً الى أعمال العنف التي استهدفت بعضهم في ضاحية واشنطن وفي شيكاغو وتكساس: تمزيق حجاب سيدة مسلمة وتهديد مسجد واطلاق نار على مركز اسلامي، ما يدفع بالمسلمين الى الاختباء. ورأى ان اميركيين كثيرين يربطون بين الإسلام والإرهاب من دون ان يعلموا ان الإسلام يعتبر الانتحار وقتل الأبرياء نوعاً من أنواع الجريمة. وإذا كان خاطفو الطائرات مسلمين فهذا يعني انهم خرقوا مبادئ دينهم. وعاد فندلي بذاكرته الى مشاهد الإرهاب التي مورست ضد المسلمين، فتوقف عند "القصف الذي استهدف العراق قبل عقد من الزمن والعقوبات الاقتصادية المفروضة عليه ويعتقد انها تسببت بموت نصف مليون طفل عربي معظمهم مسلمون". وأضاف: "ان الأميركيين بالكاد يعرفون هذه الوقائع"، وتابع: "وقبل بضع سنوات وبواسطة دبابات ومدافع أميركية مقدمة هبة، قُصف جنوب لبنان، ما دفع أهله الى النزوح في حال هلع الى قانا حيث مركز قوات الطوارئ الدولية الذي يفترض انه مكان آمن، إلا ان القذائف والصواريخ أي الهبة الأميركية لاحقتهم وقتلت حوالى 200 امرأة وطفل وعجوز، وكانت هناك صرخات ألم وطبعاً لم تصل الى مسامع الأميركيين. لقد تحولت قانا الى بحر من الأجساد الممزقة والدماء، غير ان العالم الخارجي بالكاد لاحظ ذلك. ولم ترسل أي بعثة انقاذية من أميركا مع ان القذائف والرصاص كانت هبة أميركية. وفي العام 1982 حول مقاتلون من أميركا وقذائف وصواريخ أميركية بيروت وضواحيها الى انقاض ممزوجة بأشلاء أجساد الناس، وكما كتب الصحافي روبرت فيسك في صحيفة "اندبندنت" البريطانية، الذي أقام في بيروت لفترة طويلة، ان حوالى 17500 مدني بريء هلكوا في هذا الهجوم. وقال بعضهم: انهم مجرد عرب. وحتى يومنا هذا فإن غالبية الأميركيين لا يعرفون شيئاً عن الدور الأميركي في الارهاب الذي مورس في حق المدنيين في بيروت ولم تجُل كاميرا أي تلفزيون بين الانقاض ولم ينقل أي لاقط صوت صرخات الألم الى العالم الخارجي فيما كان الأقارب يحتضنون أحباءهم بين ذراعيهم". وتابع: "ان الأميركيين لم يضغطوا على الزناد ولم يطلقوا الصواريخ، إلا انهم وعبر حكومتهم في واشنطن موّلوا ابتكارات الموت ولم يلتفتوا كثيراً الى وجهة استخدامها. وفي خطوة تشير الى اللامبالاة الأميركية، فإن الكونغرس وقبل ان تدفن بيروت الضحايا قدم هبة جديدة بملايين الدولارات تسمح للمحاربين بإعادة التخزين. أنا كنت في حينه عضواً في الكونغرس". وانتقل الى الحديث عما يجري في الضفة الغربية وغزة وشرق القدس قائلاً: "ان الدبابات والأسلحة والطوافات والذخيرة والقنابل والجرافات كلها هبة أميركية تستخدم منذ ثلاثين عاماً لإحلال الموت والجروح والدمار والاهانة بالفلسطينيين، وفيما أنا أتكلم فإن الجرافات الأميركية تنتزع الفلسطينيين من منازلهم وتحولها الى أنقاض، وتعمل الطوافات والذخيرة الأميركية أيضاً لاغتيال الفلسطينيين بتهمة انهم يقاومون محتليهم. أما مبادئ القانون والأديان فلا مكان لها هنا. ومن النادر ان تبلغ وسائل الإعلام الأميركيين بأن هبات بلادهم تستخدم للقتل. ولسبب ما يبقى الأميركيون في الظلام. وربما كان بعضهم لا يريد ان يعلم. ومن السخرية ان شعوباً في دول أخرى تعرف أكثر مما يعرفه الأميركيون عن دور بلدهم في الشرق الأوسط، وكل هذا يدفعنا الى عدم حصر الارهاب بما حصل في نيويورك والبنتاغون. وبالتالي لا توجد مآسٍ تبرر الجرائم الوحشية ضد الانسانية، لكن ربما ما حصل يمكن ان يساعد في تكوين فهم للمآسي التي تدفع الشعوب المضطهدة المحرومة من الأمل الى مواصلة افعالها السيئة".