عندما حاصرت قوات المعارضة الابخازية في أواخر شهر آب اغسطس الماضي مدينة سوخومي قال رئيس جورجيا ادوارد شيفاردنادزه: "اذا استولى الابخازيون على سوخومي فسأنتحر". وها قد سقطت سوخومي يوم 27 ايلول سبتمبر الماضي ورفع علم جمهورية ابخازيا على دار الحكومة التي استمر الهجوم عليها 40 دقيقة فقط. وأثناء احتدام المعارك على سوخومي بين القوات الجورجية والانفصاليين الابخاز في 17 الشهر الماضي، عرض وزير الدفاع الروسي الجنرال بافيل غراتشوف على شيفاردنادزه ادخال كتيبة روسية من قوات الانزال والهجوم وفوج من قوات المظليين الى منطقة المواجهة، لكن البرلمان الروسي اتخذ قراراً بعدم تدخل الجيش الروسي في النزاع الجورجي - الابخازي، والتزم الرئيس يلتسين الصمت حيال كل دعوات شيفاردنادزه الى المعونة. أما رئيس البرلمان روسلان حسبولاتوف فقد وعد ب "تقصي الحقائق" وظل صامتاً فيما مصيره الشخصي معلق على شعرة. بعد سقوط سوخومي قال شيفاردنادزه: "ان جورجيا خسرت الحرب". وبقي مع المدافعين عن المدينة حتى آخر واحد منهم، ثم رفض مغادرة سوخومي ما لم يجلَ منها السكان المدنيون. وفي أثناء عمليات الانقاذ أخذت البواخر الحربية الروسية من اطلال المدينة المحترقة حوالي 11 ألف شخص من الأطفال والشيوخ والمعوقين. ورفض شيفاردنادزه استعمال الطائرة الحربية التي قدمتها له قيادة القوات الروسية ولم يمكن اخراجه الى تبيليسي الا صباح اليوم التالي. وبذل الرئيس الجورجي في الساعات الأخيرة جهوداً كبيرة لانقاذ الوضع، ووعد بأن تنضم جورجيا الى رابطة الدول المستقلة، ووافق مع غراتشوف على ادخال وحدات عسكرية اضافية روسية الى منطقة النزاع. لكن الوقت كان فات. وتأتي هزيمة جورجيا لتضع في موضع الشك استقامة روسيا التي أخذت على نفسها دور الوسيط في النزاع. فيما أعلن وزير الخارجية الروسية أندريه كوزيريف ان الجانب الابخازي خالف "بأبشع شكل" اتفاقات الهدنة التي وقعت في سوتشي في تموز يوليو الماضي. لكن من الواضح اليوم ان جورجيا خسرت الحرب، وما دامت تواجه خطر حرب أهلية فإن العلاقات الروسية - الجورجية، على ما يبدو، قد تجد نفسها على حافة الانقطاع. وعلى صعيد الوضع الداخلي الروسي، رفض الرئيس بوريس يلتسين رفضاً قاطعاً إمكان أي تنازل متبادل مع البرلمان الذي حله، وقال انه لا يزال ينوي اجراء انتخابات لبرلمان جديد في شهر كانون الأول ديسمبر المقبل، وانتخابات للرئيس في حزيران يونيو من السنة المقبلة. وقال يلتسين: "ان انتخابات البرلمان والرئيس في آن لن تترك وقتاً للعمل لا للرئيس ولا للبرلمان وهذا ما سيؤدي الى المزيد من الفوضى". وعلى رغم المقاومة المستمرة من جانب مجموعة النواب المتحصنين في البيت الأبيض مقر البرلمان، فإن الأزمة الحالية انتهت، على ما يبدو، وان انتصار يلتسين قد أصبح مضموناً. وليست المسألة الا في الوقت.