شهدت العلاقات الروسية - الجورجية تطوراً مفاجئاً بعدما اعلن الطرفان تقارب وجهات نظرهما في ما يتعلق بملفي وجود القوات الروسية في منطقة النزاع الجورجي - الابخازي ونشاط المقاتلين الشيشان على الأراضي الجورجية. وكانت العلاقات بين موسكو وتبليسي شهدت شهوراً من المواجهة تبادل خلالها الطرفان الاتهامات ووصلت الأزمة بينهما الى ذروتها في أيلول سبتمبر الماضي عندما طالبت تبليسي بخروج القوات الروسية من الأراضي الجورجية فوراً وهددت بالانسحاب من رابطة الدول المستقلة. وفي تحول مفاجئ أعلن الرئىس الجورجي ادوارد شيفاردنادزه ان بلاده لا تصرّ على رحيل القوات الروسية المرابطة في منطقة النزاع الجورجي - الابخازي في حال تم التوصل الى اتفاق بشأن توسيع دائرة نفوذها. وأكد شيفاردنادزه بعد استقباله سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي فلاديمير روشايلو انه "لا يوجد ضمانات بأن لا يؤدي الخروج الروسي الى اندلاع حرب اهلية في المنطقة". ويرى مراقبون ان الموقف الجورجي بدأ يتغير بعد لقاء جمع الرئىس الروسي فلاديمير بوتين مع نظيره الجورجي على هامش اجتماعات قادة رابطة الدول المستقلة. ويرجح المراقبون ان يكون شيفاردنادزه حصل على تطمينات من موسكو بعدم الاستجابة لمطلب ابخازيا بالانضمام الى الاتحاد الروسي، وهو المطلب الذي كانت القيادة الابخازية أعلنته مراراً. وفي هذا السياق، شدد روشايلو في كلمة امام البرلمان الجورجي على ان هذه المسألة "ليست مطروحة للبحث"، وأكد حرص موسكو على وحدة الأراضي الجورجية وسلامتها. من جهة اخرى، يشير المراقبون الى ان تبليسي كانت تأمل في ان تمارس واشنطن ضغوطاً على موسكو لإجبارها على سحب قواتها من جورجيا. لكن تغير المناخ الدولي بعد احداث ايلول دفع شيفاردنادزه الى التقارب مع موسكو، خصوصاً في ظل اتهامه بإيواء ومساعدة المقاتلين الشيشان. وهي التهمة التي نفتها جورجيا بشدة. إلا ان سكرتير مجلس الأمن القومي الجورجي نوغزار ساجاي اعترف أخيراً بوجود مقاتلين في وادي بانكي الذي تتجمع فيه اعداد كبير من اللاجئين الشيشان. وأشار ساجاي الى ان احتمال تسلل مقاتلين الى المنطقة وتمركزهم فيها كبير، داعياً الأجهزة الخاصة الروسية الى مساعدة تبليسي في "استتباب الأمن في المنطقة". وعلى رغم ان المسؤولين الجورجيين نفوا احتمال تعاون عسكري مع موسكو في هذه المنطقة، إلا ان المراقبين لا يستبعدون ان يقود التقارب بين البلدين الى القيام بعمليات عسكرية مشتركة لتعقب المقاتلين وتدمير قواعدهم.