تصاعدت حدة التوتر في منطقة النزاع الجورجي - الابخازي بعد عملية خطف اربعة عسكريين روس نفذتها مجموعة جورجية مسلحة. وعلى رغم ان الحادث انتهى بإطلاق المخطوفين، لكن دلائل برزت تشير الى احتمال ان تكون العملية مقدمة لمواجهات قد تشعل فتيل النزاع المسلح في المنطقة من جديد بعدما اضاف الوجود العسكري الاميركي في المنطقة بعداً جديداً له. وكانت مجموعة مسلحة تطلق على نفسها اسم "اخوة الغابة" اعترضت مساء الاثنين الماضي عربة عسكرية تقل اربعة من القوات الروسية العاملة في منطقة النزاع الجورجي - الابخازي واقتادتهم الى الاراضي الجورجية. وطالب الخاطفون بإطلاق اثنين من اعضاء المجموعة احتجزوا الاسبوع الماضي بعدما نفذوا هجوماً على موقع عسكري روسي. ورفضت موسكو في البداية "الرضوخ لمطالب الارهابيين" وقطعت الوحدات العسكرية الطرق بين ابخازيا وجورجيا، ما اعتبر فصلاً كاملاً لأبخازيا عن الاراضي الجورجية. غير ان موسكو لم تلبث ان تراجعت عن تشددها وبدأت مفاوضات مع الخاطفين انتهت بالاتفاق على تبادل المحتجزين من الجانبين في وقت متأخر ليل الثلثاء - الاربعاء على ضفة نهر ايفجور الذي يفصل بين الاراضي الجورجية والأبخازية. لكن الأوضاع شهدت مزيداً من التوتر على رغم نجاح عملية التبادل. واعتبر مراقبون ان المنطقة تتجه نحو مواجهة عسكرية خصوصاً بعدما وصف الرئيس الجورجي ادوارد شيفاردنادزه عملية الخطف بأنها "رد" على "اعتداءات" نفذتها القوات الروسية ضد مواطنين جورجيين، وانتقد رئيس البرلمان الجورجي نينو بورجانادزه بشدة القوات الروسية العاملة في المنطقة وقال انها تجاوزت صلاحياتها كقوات حفظ سلام في منطقة النزاع. ومعروف ان القوات الروسية دخلت الى المنطقة عام 1994 بعد مواجهات عسكرية بين القوات الجورجية والأبخازية نشبت اثر اعلان أبخازيا من طرف واحد استقلالها عن جورجيا. ويبلغ عدد القوات الروسية في المنطقة نحو 1700 عنصر موزعين على طول المنطقة الفاصلة بين الجانبين. وعلى مدار الاعوام الماضية ظل موضوع وجود القوات الروسية واحداً من أسباب تأزم العلاقات الروسية - الجورجية. إذ ترى تبليسي ان موسكو تستخدم وجود قواتها في المنطقة لتسهيل سلخ أبخازها عن الاراضي الجورجية. وتعرضت المواقع الروسية لهجمات متكررة من جانب مجموعة مسلحة سقط خلالها 88 قتيلاً روسياً ومئات الجرحى. وترى الحكومة الأبخازية ان هذه الهجمات تهدف الى زعزعة الاوضاع في أبخازيا وإجبار موسكو على سحب قواتها، ما يسهل على تبليسي التي تتهمها الحكومة الأبخازية بدعم نشاط المجموعات المسلحة فرض حل عسكري للنزاع الجورجي - الأبخازي. وتصف تبليسي المجموعات التي تتشكل غالبيتها من اللاجئين الجورجيين الذين أجبروا خلال فترة النزاع على مغادرة أبخازيا بأنها "مقاومة شرعية"، وحذر رئىس البرلمان الجورجي امس من احتمال ان "ينخرط كل اللاجئين الجورجيين في اعمال المقاومة"، مشيراً الى "حقهم في العودة الى اراضيهم". وأثارت هذه التصريحات مخاوف في موسكو من تحضيرات تجرى لعمليات عسكرية واسعة النطاق. وأمر وزير الدفاع الروسي سيرغي ايفانوف باتخاذ احتياطات مشددة من اجل "قطع الطريق على الارهابيين". في غضون ذلك، حذرت بعثة المراقبين الدوليين في المنطقة من تأزم الموقف ودعت الى ضبط النفس ومتابعة الجهود من اجل التوصل الى حل سلمي للمشكلة الأبخازية. وفي موسكو يعقد البرلمان الروسي جلسة مغلقة اليوم تضم لجان الأمن والخارجية والدفاع وشؤون دول الرابطة في البرلمان لمناقشة احتمالات تطور الموقف. وحذر عضو لجنة شؤون دول الرابطة في مجلس الدوما أناتولي تشيخوف من تحضيرات لشن عمليات عسكرية واسعة في ايار مايو المقبل، وقال ان اجتماعاً عقد اخيراً في تبليسي ضم مجموعات من المقاتلين الذين شاركوا في الحرب الجورجية - الأبخازية اتخذ قراراً بالإعداد لما وصف بأنه "عمليات لتحرير الاراضي الجورجية في أبخازيا". وأشار تشيخوف الى ان مناورات عسكرية واسعة ستجريها القوات الجورجية مع قوات حلف الأطلسي في ايار المقبل قد تستخدم لتغطية ما وصفه بأنه "عمليات عسكرية دموية في أبخازيا". ويرى مراقبون ان وجود القوات العسكرية الاميركية في جورجيا والمناورات التي يجرى التحضير لها تضيف بعداً آخر الى النزاع بعدما كانت موسكو الطرف الأكثر تأثيراً فيه وتمكنت خلال السنوات الماضية من تخفيف حدة التوتر وعدم إيصال الأوضاع الى حافة المواجهة العسكرية.