بعد اعتزاله بسبعة اعوام لا يزال فاروق جعفر نجم كرة القدم السابق في الزمالك ومدربه الحالي الشخصية الاكثر شهرة في النادي المصري العريق، التقتة "الوسط" في اكثر من مناسبة لكن الحوار لم يكتمل مطلقاً في ظل التدخلات المتكررة من الجماهير التي تلاحقه بالاسئلة اينما ذهب، ولم يكن امامه الا الذهاب الى منزله الملاصق لنادي الزمالك وهناك كان رنين الهاتف المتواصل اهدأ كثيراً من ملاحقة الجماهير المحببة غالباً والمزعجة احياناً. تحدث فاروق جعفر عن تجربته الحالية في الزمالك وعن مشواره مع كرة القدم وعن الكرة العربية والافريقية واحلامه وشخصيته وماضيه وزملائه ومنافسيه. في البداية، من هو اللاعب الذي ترك مكاناً في عقلك، حتى بعد اعتزالك؟ لم يتردد فاروق لحظة في التفكير ولكنه انطلق مجيباً وكأنه يتوقع السؤال، نشأت في حي كله من جماهير الاهلي ولكنني لم انجرف مع التيار واخترت الزمالك حباً في حمادة إمام هداف الزمالك في السيتنات الذي كان مقيماً في منزل قريب من منزلي، كنت اراه المثل الاعلى وانتظر نزوله من بيته وامشي وراءه بل كنت اجلس على السلم طويلاً حتى اتمكن من رؤيته وما احلى اليوم الذي لعبت فيه بجوار حمادة في الفريق الاول للزمالك عام 1970. ولكن هناك العديد من اللاعبين الاكفاء الذين لا انساهم ابداً وعلى رأسهم النجم البرازيلي توستاو الذي فاق كل اقرانه بقدراته الهائلة في المراوغة والتحكم في الكرة اضافة الى رؤيته الشاملة للملعب، واعجبني توستاو اكثر من بيليه ودي ستيفانو وكرويف ومارادونا على عكس آراء معظم عشاق كرة القدم. وفي مصر لا انسى الثلاثي علي ابو جريشة من الاسماعيلي وحسن شحاتة زميلي في الزمالك ومحمود الخطيب في الأهلي. * ومن هو اللاعب الذي اوقف خطورة فاروق جعفر ولا ينساه؟ - واحد مافيش غيره، شاكر عبدالفتاح لاعب الترسانة القديم ومدربه الحالي، كان قادراً على قراءة افكاري في الملعب، ومهما ابتكرت من العاب صعبة وتمريرات غريبة ومراوغات غير متوقعة كان شاكر يدركها على الفور، ولذلك كانت مبارياتي دائماً امام الترسانة هي الاقل نجاحاً الا اذا كان شاكر خارج التشكيلة. العلم وحده * هل يتوقع فاروق تحقيق النجاح نفسه الذي حققه كلاعب في مجال التدريب؟ - لا يعلم المستقبل الا الله، ولكنني ابذل جهداً كبيراً في تأهيل نفسي بالعلم وحصلت بالفعل على الكثير من الدراسات في التدريب وتخرجت في كلية التربية الرياضية ثم حصلت على درجة الماجستير واستعد حالياً لتقديم رسالة الدكتوراه. واعتمد حالياً في عملي مع الخبير الانكليزي ديف ماكاي في تدريب الزمالك على العلم في كل شيء، جرعات التدريب وكثافته وبرنامج الاحمال وهو الامر الذي اثر ايجابياً على اداء الفريق وتصدر الدوري بجدارة، واصبح الزمالك الفريق الاحسن امام كل منافسيه في الدقائق الاخيرة من المباريات عندما يصبح فارق اللياقة البدنية فاصلاً في السيطرة على الكرة. * ولكنك تركت الزمالك مرتين من قبل عندما كنت مدرباً مع عصام بهيج ثم زكي عثمان، فهل تتكرر التجربة الآن؟ - يضحك فاروق، بالعكس، التجربة حالياً تسير بنجاح وكل الامور مستقرة والزمالك في الصدارة والمدرب الانكليزي يعطيني كل الصلاحيات في قيادة المران ويستشيرني باستمرار في اختيار التشكيلة وطريقة اللعب ولذلك فلا مبرر للاستقالة او الاختلاف. كما ان الجهاز الفني حالياً متفاهم تماماً، ونجح في ابعاد اللاعبين عن مشاكل النادي الداخلية التي تؤثر دائماً على نتائج الفريق، والحقيقة التي لا تقبل الجدل هي ان توفق الفريق في المباريات واحرازه الفوز كفيلان بانهاء المشاكل قبل استفحالها، ولكن الامر داخل الزمالك يحتاج الى مزيد من الاستقرار مع الاستعانة بالعلم في كل شيء، واثبتت هذه الطريقة نجاحها مع كرة اليد عندما تولى الدكتور كمال درويش قيادة الفريق فحقق معه بطولات الدوري وكأس الاندية الافريقية، ومع الدكتور اسماعيل سليم في كرة السلة، ففاز ببطولات الدورة وكأس مصر ومنطقة القاهرة. * ولكن اتهامات فاروق جعفر بالغرور لا تنتهي ما تعليقك؟ - هناك فارق كبير بين الغرور والثقة في النفس، ولأنني تعاملت مع عشرات المدربين اصحاب الخبرة الكبيرة استفدت منهم الكثير، وانعكست الفائدة على تصرفاتي كمدرب من الناحيتين التربوية والفنية واعتقد البعض انني اصبت بالغرور لا سيما وانني اصغر من تولى تدريب الفريق. * ما هو حلمك كمدرب سواء كموقع او كانجاز؟ - احلم ان اتولى تدريب منتخب مصر للناشئين تحت 15 سنة لأبدأ بهم برنامجاً علمياً وضعته واتمنى تنفيذه، واعلمهم اساسيات كرة القدم وفهم اسلوب الاحتراف، والانجاز الذي احلم به هو الوصول بهذه المجموعة الى نهائيات كأس العالم للناشئين تحت 17 سنة والفوز بها. * ألا ترى ان نتائج الاهلي وانجازاته افضل دائماً من الزمالك؟ - لا انكر ان انجازات الاهلي كانت افضل من الزمالك في السبعينات بفضل المدرب الهنغاري العالي هيديكوتي الذي فاز الاهلي معه بالدوري 7 مرات والكأس 3 مرات، ونجح هيديكوتي بفضل التخطيط والنظام في تشكيل مجموعة لن تتكرر في الاهلي ضمت الخطيب وطاهر الشيخ وزيزو واكرامي ومصطفى يونس ومصطفى عبده، وهي افضل مجموعة في تاريخ الاهلي، وعاش فريقه دون مشاكل 10 سنوات اعتاد خلالها الفوز بالدوري قبل نهايته بخمسة اسابيع، والعجيب ان الزمالك لم يكن يفتقر الى النجوم في ذلك الوقت وكنت احد لاعبي هذا الجيل مع طه بصري وحسن شحاته وعلي خليل ومحمد توفيق ومحمود الخواجة، ولكن الزمالك افتقد دوماً النظام فلم يحقق البطولات مثل الاهلي. وقد اختلف الامر اخيراً في الثمانينات وتبادلنا البطولات واحرز الزمالك الدوري مرتين والكأس مرتين وكأس الاندية الافريقية مرتين وكأس الاندية الآفروآسيوية، وتعددت المرات التي فاز فيها الزمالك على الأهلي. * لكن المباريات الاربع الاخيرة بين الاهلي والزمالك شهدت فوز الاهلي 3 مرات مقابل مرة واحدة للزمالك؟ - يصمت فاروق جعفر طويلاً كأن السؤال لم يعجبه ويرد: لقاءات الاهلي والزمالك بلا مقاييس وهي مباراة سياسية بالدرجة الاولى، يفوز فيها عادة الفريق الذي يمر بمشاكل داخلية، والمباراتان الاخيرتان خير دليل لأن مشاكل الاهلي كانت عديدة بعد خسارته امام الاسماعيلي في نهائي الدوري الماضي، وتوقع الجميع فوزاً ضخماً للزمالك فاستهتر لاعبون وفاز الاهلي وتكرر الامر في الدوري هذا الموسم بعدما لقي الاهلي 4 هزائم وتصدر الزمالك المسابقة بجدار ففاز الاهلي 1/صفر بغرابة. * ما هو تقويمك لكرة القدم المصرية والعربية والافريقية؟ - اولاً: الكرة عندنا في مصر ابعد ما تكون عن كرة القدم الحقيقية سواء من حيث الالتزام والفكر والمران والثقافة الكروية، ولكن اللاعب المصري يتمتع بحب هائل للكرة ورغبة كبيرة في النجاح. ثانياً: الكرة العربية تطورت جداً لا سيما في منطقة الخليج، وتفوق اللاعبون الخليجيون على اقرانهم في افريقيا، وادهشني المستوى الرفيع لثلاثة من النجوم السعوديين صالح النعيمة احسن ليبرو في السنوات الماضية واشتركت معه في منتخب العرب، وماجد عبدالله الذي وصل الى مستوى عالمي، وفهد الهريفي احسن لاعب حالياً ويتفوق بالقدرة الكبيرة على التصويب القوي المتقن، والفارق الوحيد الباقي لمصلحة اللاعبين الافارقة هو المهارة الفردية في المراوغة بسبب الثقة الكبيرة. ثالثاً: الكرة الافريقية شهدت انقلاباً ضخماً لمصلحة غرب افريقيا ازاء تفوق الكاميرون والسنغال وساحل العاج ونجيريا، في كأس الأمم الافريقية الاخيرة، وتقهقرت دول الشمال مصر والجزائر وتونس والمغرب الى المرتبة الثانية مع دول وسط افريقيا. فاروق جعفر في سطور يقول فاروق جعفر: كرة القدم امتع شيء في الدنيا قطعة جلد منتفخة بالهواء لا ترى ولا تسمع ولا تتكلم، ولكنها تجذب الملايين وراءها من كل انحاء العالم يصفقون ويصرخون ويفرحون ويتقاتلون بسببها. كرة القدم هي حياتي كلها، هي التي صنعت فاروق جعفر حققت لي المال والشهرة وحب الناس، ورغم انها اضاعت مني فرصاً عدة للعلم والحياة الهادئة وتسببت في اصابتي بأرق دائم وخلافات حادة مع الكثيرين الا انني راضي تماماً ولو عاد بي العمر مجدداً لاخترت الطريق نفسه. وعبر 23 عاماً لي مع كرة القدم عشت تجارب قاسية ورائعة ولكنها مثيرة في كل الحالات، ولا انسى رحلتي الى الولاياتالمتحدة للاحتراف هناك في عام 1979 وسط تيار من المعارضة والاتهامات البشعة. وكنت تلقيت عرضاً للاحتراف في نادي العين الاماراتي مقابل مليون درهم، وبادر المسؤولون في العين بإرسال جزء من المبلغ وتسلمته بالفعل، واكد لي المهندس محمد حسن حلمي رئيس نادي الزمالك في ذلك الوقت موافقته المبدئية شرط الحصول على موافقة بقية اعضاء مجلس الادارة بالتمرير وبالفعل تمكنت من الحصول على موافقتهم جميعاً وجاءت الصدمة قاسية من حسن حلمي في النهاية برفضه المفاجئ الاستغناء عني. وتبخر مليون درهم امامي فقررت ترك الزمالك بأي طريقة، والتقيت سمساراً كروياً من فنزويلا في يوغوسلافيا ابان اقامة دورة العاب البحر المتوسط في سبليت عام 1979، وقدم لي عرضاً للاحتراف في نادي نيويورك كوزموس الاميركي ولم اتردد في الموافقة، وتمكن السمسار من الحصول على تأشيرة دخول الولاياتالمتحدة في يومين فقط، وسافرت من سبلين دون علم مسؤولي المنتخب المصري الى فنزويلا ومنها الى نيويورك واصبحت اول لاعب مصري يحترف في الولاياتالمتحدة ولعبت بجوار النجوم فرانز بيكنباور وكارلوس البرتو ويوهان نيسكنز ورينز يننبرينك، وعبر 11 شهراً في في نيويورك لم يتحقق لي سوى المال الكثير، ولكنني لم اجد الطموح ولا الشهرة ولا شعبية كرة القدم وهي لعبة ثانوية بين الاميركيين في مواجهة كرة السلة والكرة الاميركية وهوكي الجليد والبيسبول، اضافة الى الاضطهاد غير العادي للاعبين غير الاميركيين وفسخت العقد وعدت الى مصر دون ندم، وفتحت الطريق امام زميلي اسامة خليل لاعب الاسماعيلي للاحتراف هناك. فاروق جعفر، اوناسيس كرة القدم المصرية، حقق عبر 17 عاماً له كلاعب طموحات فنية ومالية لم يسبقه اليها زملكاوي آخر، ووصل بعد عامين فقط من اعتزاله الى مقعد القيادة في الجهاز الفني للفريق الاول، وهو اليوم اصغر مدرب بين مدربي الدوري المصري وفرصته كبيرة ليصبح اصغر مدرب يحز بطولة الدوري مع الزمالك في تاريخ المسابقة. ولقب اوناسيس "المليونير اليوناني الراحل" اطلقه الناقد الرياضي المصري المخضرم نجيب المستكاوي على فاروق جعفر في منتصف السبعينات، وصدق حدس المستكاوي تماماً واصبح فاروق جعفر اليوم اكثر لاعبي الكرة ثراء في تاريخ مصر ولديه العديد من المساكن الفاخرة في قلب القاهرة، اضافة الى ضيعة رائعة فيها حوض سباحة واسطبل للخيل وكاراج للسيارات وفيللا في ضاحية الهرم على مسافة امتار من ضيعة المهندس عثمان احمد عثمان رجل الصناعة الاول من مصر واحد اثرى الرجال في العالم.