لا حديث في الشارع الكروي المصري اليوم إلا عن العداء الرهيب الذي تفجّر في شوارع مدينة الإسماعيلية ضد اتحاد كرة القدم، وأُطلقت الهتافات والتهديدات في الشوارع ضد اللواء حرب رئيس الاتحاد والجميع ينتظرهم بلهفة في مباراة إنيمبا النيجيري في 12 كانون الأول ديسمبر الجاري للانتقام منهم. نجح مجلس إدارة النادي الإسماعيلي في تعبئة الرأي العام في شوارع المدينة ضد مجلس إدارة اتحاد كرة القدم في الأيام الأخيرة، وركز المسؤولون في الإسماعيلي حملتهم على ثلاثة محاور، أولها العداء السافر والمقصود من اتحاد الكرة ضد الإسماعيلي قبل نهائي أفريقيا، وثانيها معاملة الإسماعيلي وكأنه ناد غير مصري، وثالثها التفرقة في المعاملة بينه وبين الناديين الكبيرين الأهلي والزمالك. وعلى رغم البحر العميق من الأخطاء الذي يعيش فيه مجلس إدارة اتحاد كرة القدم وآخرها إيقاف الدوري 75 يوماً إلا أنه غير ظالم ولا مخطئ في قضية الإسماعيلي، والموقف الصعب الذي عاشه الإسماعيلي في مباراة الذهاب ضد إنيمبا النيجيري جاء لأربعة أسباب رئيسة، الظروف غير الطبيعية للمباراة وتعارضها مع كأس العالم للشباب، وإيقاف ثلاثة من نجوم الفريق معاً في توقيت واحد، وعدم وجود البدلاء في القائمة بسبب التصرفات العشوائية لإدارة النادي في الاستغناء عن النجوم تباعاً وأخيراً مشكلة خميس جعفر لاعب الوسط الغاضب. التعارض لا يتحمل مجلس إدارة اتحاد الكرة مسؤولية تأجيل كأس العالم للشباب إلى نهاية العام وتعارضها مع نهائي أفريقيا، ولو وصل الأهلي أو الزمالك إلى نهائي البطولة لخاضها الناديان من دون لاعبيهما أعضاء المنتخب، وفعلاً أقيمت مباراتهما في الدوري من دون الشباب ومنهم خمسة من لاعبي الاهلي. ولكن الخطأ أن إدارة الإسماعيلي، وهو النادي الوحيد الذي أكمل في البطولات الأفريقية، لم تفطن لهذا التعارض الزمني إلا بعد اجتياز عقبة الترجي التونسي. وكان ضرورياً أن يتحرك الإسماعيلي مبكراً لدى الاتحادين المصري والأفريقي لتعديل موعد مباراتي النهائي لئلا يتعارض مع كأس العالم للشباب. ولا شك في أن حسن شحاتة مدرب مصر حريص على ضم أحمد فتحي وحسني عبد ربه نجمي الإسماعيلي وأحسن لاعبين في المنتخب لتشكيلته في النهائيات ليضمن أداء جيداً ومركزاً متقدماً، وهو يدخل البطولة وأمامه تحد صعب وضعه فيه شوقي غريب بإحراز برونزية عام 2001. ولو كان الألماني ثيو بوكر مدرب الإسماعيلي أو المهندس إبراهيم عثمان رئيسه الفعلي في مكان حسن شحاتة لما تنازلا عن فتحي وعبد ربه، والعجيب أن تلك الأزمة ثارت في الأرجنتين بين المنتخب ونادي بوكاجونيورز حول الهداف كارلوس تيفيز النجم الأول للفريق وعمره 20 عاماً. تمسك المدرب بضمه للبعثة المشاركة في الإمارات وهو يسعى للاحتفاظ باللقب وتمسكت إدارة النادي ببقائه لخوض مباراة كأس القارات ضد ميلان الايطالي في طوكيو في 14 كانون الأول ديسمبر الجاري، وادعى اللاعب الإصابة ولم يسافر مع المنتخب، وقرر اتحاد الكرة الأرجنتيني حرمانه من اللعب محلياً ودولياً طوال نهائيات كأس العالم، وهو موقف يؤكد صحة ما فعله الاتحاد المصري مع فتحي وعبد ربه. ولكن إنكلترا قدمت موقفاً مخالفاً تماماً، واستبعد المدرب كل المحترفين المشاركين مع أنديتهم في مسابقات الدوري الإنكليزي وعلى رأسهم واين روني نجم وهداف إيفرتون، واعتمد الإنكليز على قائمة من اللاعبين المغمورين تاركاً النجوم المحترفين لأنديتهم في المسابقات المحلية والأوروبية. والاتهام الثاني لاتحاد الكرة بإعاقة الإسماعيلي وإرهاق لاعبيه لا يشمل إلا مباراة الزمالك التي أقيمت الثلثاء 25 تشرين الثاني نوفمبر في الإسماعيلية وقبل 5 أيام من مباراته ضد إنيمبا في نيجيريا، وهو ادعاء باطل من إدارة الإسماعيلي لأن الفريق لعب ضد الأهلي في الاسماعيلية في 11 تشرين الثاني ثم خاض بعد 4 أيام - وليس 5 - مباراته الأقوى ضد الترجي في تونس، وفاز فيهما معاً 4-صفر و3-1. ولو كان مسؤولو الاسماعيلي أذكياء لطلبوا إقامة مباراتهم المؤجلة في الدوري ضد غزل المحلة وليس الزمالك - تطبيقاً للترتيب الأساسي للمباريات المؤجلة، وعندئذ كان يمكن إقامتها يوم 24 بدلاً من 25، والاتهامات الخاصة بالإرهاق باطلة لأن الاسماعيلي خاض 8 مباريات في 41 يوماً اعتباراً من 20 تشرين الأول أكتوبر إلى 30 تشرين الثاني، بواقع مباراة كل 5 أيام، وهو عدد المباريات نفسها التي خاضها الزمالك في الفترة نفسها، وزادت صعوبة الزمالك أن عشرة من لاعبيه شاركوا منتخب مصر مباراتيه ضد جنوب أفريقيا والسويد، ولم يرحم اتحاد الكرة الأهلي ودفعه لخوض مباراتين متتاليتين في 48 ساعة ضد بطل الجزائر في القاهرة والاتحاد في الاسكندرية، وهو ما ينفي الادعاءات الزائفة لإدارة الاسماعيلي بمجاملة الاتحاد للأهلي والزمالك. لماذا؟ لم يسأل أحد من جمهور الاسماعيلي الغاضب نفسه الاسئلة التالية: - لماذا استغنى الاسماعيلي دفعة واحدة عن 6 لاعبين من المقيدين في قائمته الافريقية؟ محمد صلاح أبو جريشة وعبد الحميد بسيوني وأيمن رمضان وابراهيم بعرور وهيثم فاروق والنيجيري عبد الرزاق محمد، والخمسة الاوائل ناجحون تماماً مع أنديتهم في الموسم الحالي مما يشير إلى خطأ الاستغناء عنهم. - لماذا قيد الاسماعيلي النيجيري عبد الرزاق في القائمة التكميلية في آب أغسطس الماضي ثم استغنى عنه بعد أيام فقط في واقعة غير مسبوقة؟ - لماذا تفاقمت مشكلة خميس جعفر وانتهت برحيله في توقيت يحتاج الاسماعيلي لجهود كل لاعبيه؟ - لماذا تعرض 3 من لاعبي الاسماعيلي للايقاف في مباراة الترجي بسبب التهور الزائد؟ وهم نجحوا في تفادي هذا التهور أمام إنيمبا. الادارة المتسرعة كانت وراء الأخطاء المتتالية وحرمت الفريق من لاعبيه، والهجوم على اتحاد الكرة يمثل محاولة ظالمة لتبرير أخطاء مؤسفة ومتكررة.