أعلن نادي الرياض الأدبي عن ندوة فكرية بين صوتين ثقافيين معروفين هما سعد البريك وتركي الحمد، أحدهما يتبنى خطاباً دينياً دعوياً، والآخر يمثل خطاباً يمكن أن يسمى ليبرالياً منفتحاً نحو الحرية الفكرية والتعددية الثقافية. ويعود ثراء هذا التناظر لسببين، أولهما شعبية هذين الاسمين في مجال خطابهما الإعلامي والمجتمعي، والثاني أن كل حوار ثقافي هو ضوء في طريق إحياء العقل والتأمل والحوار الذي يزيد المعرفة. لكن ما حدث هو أن النادي عاد وأعلن عن تأجيل هذه الندوة، وهو خبر تمّ نشره بعنوان:"تأجيل يشبه الإلغاء"على اعتبار أن من عاداتنا الاجتماعية الكارهة للمصادمات أن نلجأ لمقولة"أجّلوا الموضوع"أو"مهوب هالحين"و"هين نشوف بعدين"، الذي يحدث أن بعدين هذه تموت والتأجيل يصبح قراراً مهذباً للإلغاء. مناظرة مثل هذه تعتبر من أبسط أدبيات عمل الأندية الثقافية في أي مكان في العالم، فالنادي يشتغل بالثقافة، واسمه النادي الأدبي الذي هو مضمون من مضامين الثقافة والمعرفة، وإذا كان النادي الأدبي لا يجوز له أن يقيم ندوة فكرية لن يتعدى جمهورها سوى المهتمين، وأن يفتح حواراً في موضوع هو من ضمن مواضيع يشتغل بها المتناظرون والنادي أيضاً. فماذا يمكن أن يكون عمل النادي الأدبي؟! التقييد الذي وقعت فيه هذه المؤسسات الثقافية طوال عقود مضت، أساء إلى سمعتها بين المثقفين حتى باتت مجرد مكاتب وظيفية لا يُنتظر منها شيء. إن الخوف الذي تثيره هذه المناظرات هو واحد من أوهام مرحلة ولّت، مرحلة ارادت ان تحكم العقل من منظور خطاب واحد متشدد، ما زاد تشدده سوى أنه راح يأكل نفسه ويفضحها، بينما لم تخف الأفكار عقلاً ينشد المعرفة على طريقة النهج الطاهر الذي قال، الحكمة ضالة المؤمن حيث وجدها أخذها. وكما يقول رسام شهير يدعى غويا:"رقاد العقل يلد الغيلان". [email protected]