يبدو أن أيا من المناظرات التي يعلن عنها نادي الرياض الأدبي بات مصيرها الإلغاء أو التأجيل، آخر هذه المناظرات كان يفترض أن تقام بين الدكتور تركي الحمد والدكتور سعد البريك، اللذين يعتبران رمزين لتيارين حدثت بينهما مصادمات عدة في الجانب الفكري وحتى العملي. وكان (أدبي الرياض) قد أعلن في وقت سابق من الأسبوع الماضي نيته عقد المناظرة على هامش الموسم الثقافي لمدينة الرياض الذي يبدأ بمعرض الكتاب الدولي، وحدد النادي السبت الماضي موعدا لإقامة المناظرة، ولكن وزارة الثقافة والإعلام بحسب محمد الهويمل المسؤول عن منبر الحوار في النادي، وجهت رسميا بتأجيل المناظرة إلى أجل غير مسمى. وقال الهويمل في تصريحات صحافية إن الدكتورين كانا مستعدين لإجراء المناظرة في موعدها ولم ينسحب أي منهما، كما أشاعت مواقع دينية على الإنترنت. وقال الهويمل: “التوجيه العالي صدر وعلينا التنفيذ”، مؤكدا أن طرفي المناظرة أُبلغا بالقرار في الوقت الذي كانا يستعدان فيه للقاء السبت. وأثار قرار التأجيل، ردود فعل متفاوتة في المشهد الثقافي المحلي، وظهر أن عددا من المثقفين لم يكونوا من المؤيدين لعقد المناظرة؛ فأعلنوا مباركتهم لقرار وزارة الثقافة، فيما رأى آخرون أن التدخل الرقابي على الفكر المحلي ينمو على حساب تخوّفات لا أساس لها، مشيرين إلى أن المناظرة كانت سترسل رسالة بالمساواة بين التيارات من خلال إتاحة الفرصة للنقاش والتحاور بين رموزها. يذكر أن منبر الحوار في نادي الرياض الأدبي قد حاول سابقا عقد مناظرة مماثلة بين الدكتور خالد الدخيل وسعد البريك أيضا، لكنها أُجّلت في ذلك الحين، وما زالت مؤجلة. وفيما تعتبر المناظرات في المجتمعات الأخرى فرصة من أجل توضيح الآراء المتباينة وإتاحة جو حضاري للصدامات الثقافية التي لا بد من وجودها، فإنها محليا وفي الثقافة العربية على وجه العموم، تعتبر ساحة معركة، يحاول فيها المناظر أن يبرز أخطاء خصمه طوال المناظرة، بدلا من أن يستعرض البرنامج الفكري لتياره أو الجهة التي يمثلها. وعلى هذا الأساس أصبحت المناظرات بالنسبة إلى المتابع ليست سوى حلقة لتبادل الاتهامات دون أن يخرج منها بتصور حول تلك الحركة أو ذلك التيار. لكن المناظرة الأخيرة كان يتوقع منها أن تكون بمستوى متقدم، وأن تقلب الصورة الذهنية العامة عن المناظرات العربية، مع وجود الدكتور تركي الحمد طرفا فيها، ولكن ذلك لم يتحقق.