يُعد وجود طفل من ذوي الإعاقات مشكلة تقلق الأسرة، فهذه المشكلة تحتاج إلى رعاية وثقافة خاصة نحو المجَال، بما يؤدي ذلك لاهتمام جميع أفراد العائلة حولَه، حتى لا يشعر بالعُزلة والاكتئاب، إن ما يُساعد في كثير من الأحيان في مضاعفة هذه المشكلة هي البرامج الإعلامية التلفزيونية، فهي لا تحاول تقديم مُساعدة جادة بقدر ما تحاول تدميره، والشاهد على هذا دراسة وَتأكيد لباحثين على ذلك أوردهما الدكتور اسماعيل عبدالفتاح"التنمية الفكرية والثقافية لذوي الاحتياحات الخاصة، 2004م: 201". أما عن الدراسة، فقد قام فريق من جامعة أوكلانده بنيوزلندا بمراقبة البرامج التلفزيونية الموجهة للأطفال دون سن العاشرة لمدة أسبوع كامل، واكتشفت أن نسبة كبيرة منها تُشير بسلبية إلى المصابين بالإعاقات العقلية، خصوصاً أفلام الرسوم المتحركة، وبقصور هذه الفئة على أنهم مجانين أو معتوهون، كما يُقال عنهم، أو فاقدون للسيطرة على تصرفاتهم، ويأتون بأفعال غريبة، ففي إحدى مسلسلات الرسوم المتحركة يظهر الشخص الفاقد للعقل يضرب رأسه بالمطرقة، أو يضع المسدس في فمه أو على بطنه وغيرها من تصرفات سيئة. ومن جهة تأكيد الباحثين هو أن هذه البرامج ترسخ في عقول الأطفال أن مثل هذه التعابير صحيحة ومثيرة للفكاهة، كما أن تقديم مثل هذه النماذج السلبية للصغار يشجعهم على إساءة معاملة بعض أقرانهم. ويوضح الباحثون أن ما تقدمه البرامج من شخصيات تجسد حال التخلّف العقلي، سواء كانت في صورة كوميديا أو شريرة، فهي نمطية وسلبية إلى أقصى الحدود، وتقدم أهدافاً للسلوك العدواني، وخلِصوا إلى أن تصوير حال التخلف العقلي بهذه الصورة السلبية يشجع الأطفال على تعميم تلك الصورة المشابهة من دون إدراك ووعي بعواقب ما يفعلون. "هذا يجرُّنا إلى أهمية موضوع التربية المستترة غير المباشرة والتربية المباشرة، بل إن التربية الأولى"المُستترة"تلعب دوراً مهما أكثر رسوخاً في عقل الطالِب، سواء كان من التعليم العام أو التربية الخاصة من خلال الهِندام والصوت والحركة والسلوك...". كما أشارت تلك الدراسة إلى أنه لا بد من وضع معايير وضوابط لانتاج البرامج التلفزيونية"لأن الإعلام يلعب دوراً فعّالاً في تقديم صورة أمينة ومدروسة بشكل علمي من قِبل ذوي الاختصاص في ذوي التخلف العقلي، وأوصت الدراسة بعدم ابتعاد أفراد الأسرة عن ذوي الإعاقة، بل ضرورة الاقتراب منهم واللعب معهم حتى لا نُشعرهم بالعزلة والوحدانية، وكي لا يؤثر ذلك على شخصيتهم، وينعكس سلباً في سلوكهم الخارجي. هذه دراسة أجنبية عن واقع إعلام أجنبي، معنية بأهمية الاعتناء ببرامج الإعلام التلفزيوني المُقدمة عن فئة التخلف العقلي من فئات التربية الخاصة، فكيف واقع إعلامنا المحلي والعربي والخليجي نحو التربية الخاصة، إذ نفتقد في حقيقة الأمر إلى الإعلام المُتخصِّص، بل وجود الكادر الإِعلامي المُتخصِّص، علّ هذا يُذكِّرنا بمقالات سابقة النشر عن ثقافة التربية الخاصة في وسائل الإعلام التي أشرنا فيها إلى إعلام مُتخصِّص مدروس ومُخطَّط له، لا جهة إعلامية ذات مناسبات عشوائية. نذير بن خالد الزاير - الرياض [email protected]