بكل البراءة التي تلمع في عينيها وقفت أمامي؛ والحيرة تلتهمها.. كان السؤال أثقل من أن يحتمله قلبها الصغير، ابنة أخي ذات السنوات السبع، كان السؤال يتردد في ذهنها وتحاول بخجل وضع يدها على فمها لتُسكت استفهامها، دنوت منها لأنتزع هذا السؤال الغريب الذي يدور في ذهنها، فقالت: أنت تضحكين دائمًا يا عمتي، كيف باستطاعتك أن تفعلي هكذا دائمًا..؟!! ابتسمتْ، دون أن أقطع تساؤلاتها، فأعقبت حديثها تقول: نحن نفرح بضحكتك ونحبها ولكن أبي لا يفعل مثلك، لماذا..؟!! إذا كان هذا طبيعيًا فلماذا هم ليسوا مثلك..!! كان موقفًا صعبًا أن أحكي لهذه الطفلة النظرة الممتلئة بالحياة ماذا يعني أن يضحك الإنسان، وماذا يعني أن يفرح من قلبه ويستطيع أن يأسر بهذه الضحكة كل القلوب التي تحيط به. كنتُ في إحدى الدورات التدريبية مع مجموعة من المشاركين وكنا بحكم جلوسنا جوار بعضنا أصبحنا مجموعة واحدة، كانت عدد أيام الدورة كافية لأن نتعرف على بعضنا بالقدر الكافي، أذكر في آخر يوم أتتني هذه الملاحظة من إحدى الزميلات والتي كانت تشاركني الضحك بروحها اللطيفة، وفجأة نظرت إليَّ وقالت: الإنسان الذي يضحك؛ هو فقط المثقل بهموم الحياة ليخفي حزنه..!! وإلا فلا مبرر للحياة حتى نضحك..!! كان الموقف كفيلاً بأن يصدمني للمرة الثانية على التوالي، ولم تكن الأخيرة ففي كل مرة أواجه العالم بالضحك؛ كان هناك فيه مَنْ يواجهني بالدهشة والاستغراب..!! هل يبدو الأمر طبيعيًا ومألوفًا أن يبتسم الإنسان، وأن يجد مبررًا فقط ليضحك، وإن لم يجد مبررًا فعليه أن يتهجم ويصمت..!! هل أصبح النقيض طبيعةً وأصبحت الفطرة النقية هي محط الاستغراب..!! كان رسولنا الحبيب عليه أفضل الصلاة والسلام أكثر الناس بشاشةً وتبسمًا، وأعذبهم نطقًا وحديثًا، وهل منعته هموم أمته من أن يطل على أصحابه بغير البشاشة والهدوء والسكينة؛ حاشاه حبيبي رسول الله. تذكرت تساؤل طفلتي وعدت أنظر لعينيها وهي تحدقان في ملامحي، قلت لها: كل يوم هو هدية من الله لنا، لذلك من حق شكر النعمة أن نفرح به ونحياه بكل حب. تلطّف بنفسك؛ عشْ الآن وابتسم واملأ الحياة بالفرح.. [email protected]