سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
رئيس التحرير السابق ل "الندوة": مواقفي مع فوزي خياط "إيجابية"... ولم أفهم مايقصد من "السكين والوردة" . عبدالرحمن العرابي : تركت كرسي الرئاسة لأنني وجدته "ما يستاهل" ..!
أكد رئيس تحرير صحيفة"الندوة"سابقاً الدكتور عبدالرحمن العرابي الحارثي، أن المطالبين بإغلاق أقسام الإعلام من جامعاتنا السعودية، يخافون من أن تفقدهم مخرجاتها كراسيهم ومناصبهم في صحافتنا المحلية. وقال في حوار مع"الحياة":"للأسف صحافتنا السعودية تأثرت في بداياتها بأشخاص لا يعرفون القراءة والكتابة الصحيحة، إضافة إلى أن الذين عملوا في الصحافة في بداياتها أشخاص لا يحملون شهادات عليا، والغالبية منهم ذوو شهادات متوسطة أو دون ذلك، وهم الذين أصبحوا يقودون صحفنا اليوم". مشيراً إلى أن العمل الإعلامي اليوم لا يقتصر على"الفهلوة"، و?"الفذلكة"التي يعتمدها البعض، بل يتطلب التأسيس المعرفي والأكاديمي، حتى يصبح إعلاماً مؤثراً عالمياً. مشيداً بتجربة عدد من الصحف المحلية والدولية التي أسلمت قيادتها لجيل ال شبان الذين أثبتوا كفاءتهم وقدرتهم على قيادة تلك الصحف. والحوار مع العرابي لم يتوقف على حال صحافتنا اليوم، بل تحدث بكل شفافية عن سبب استقالته من رئاسة تحرير"الندوة"، وعن وضع الصحافي السعودي اليوم، وهذا نص الحوار: عملك في رئاسة تحرير صحيفة"الندوة"جاء بعد سنوات عمل طويلة في المجال الأكاديمي، ما الأسباب التي دفعتك إلى ذلك؟ وكيف تقوّم تجربتك في رئاسة التحرير؟ - قبلت برئاسة تحرير"الندوة"بعد أن تم ترشيحي من بعض الإخوة، منهم محمد عمر العامودي، الذي طلب من أعضاء مجلس إدارة مؤسسة مكة للطباعة والنشر أن أتولى رئاسة تحريرها، إضافة إلى تشجيع الكثير من زملاء المهنة، منهم محمد صلاح الدين، أحمد محمد محمود، على خوض تجربة رئاسة التحرير لمدة عام، وهذا ما جعلني أقتنع بالفكرة، لاسيما أن المؤسسة في ذلك الوقت تعاقدت على شراء مطابع جديدة للصحيفة، ما دفعني إلى قبول العرض، خصوصاً أن عوامل النجاح كانت متوافرة. كيف تقوّم تجربتك في رئاسة تحرير"الندوة"؟ - من الصعب تقويم مثل هذه التجارب، خصوصاً أنها فيها سلبيات كما فيها إيجابيات، ولكن في اعتقادي إن الإيجابيات كانت أكثر، لاسيما أنها تجربة جديدة بالنسبة إليّ وفيها تحدٍ كبير، خصوصاً أن"الندوة"كصحيفة كانت تعاني وما زالت من نقص في الأساسيات. وعملت خلال فترة رئاستي على تطوير الكثير من الجوانب التقنية في الصحيفة. وعندما قدمت كانت الصحيفة تطبع بالطريقة القديمة، طريقة"القص واللصق"، واستطعت تحويل طبعتها إلى الطرق الحديثة من خلال شراء ماكينات طباعة ملونة. ولا أنكر أن فترة عملي في صحيفة"الندوة"أضافت إليّ الشيء الكثير في مختلف الجوانب، سواءً العملية أو الشخصية، لاسيما أنني كنت رئيساً لتحريرها ومديرها العام. وما سلبيات تلك المرحلة؟ - السلبيات كانت تتلخص في جو الصراعات الداخلية، لاسيما أن وجود مثل تلك الصراعات يجعل العمل غير مريح للشخص، ما يفقده الإبداع المطلوب في العمل الصحافي. صراعات مع مجلس الإدارة فيم كانت تتمثل هذه الصراعات الداخلية؟ - للأسف كانت الصراعات الداخلية تتمثل في الخلافات المستمرة مع أعضاء مجلس إدارة المؤسسة، وهذا أدى إلى خلق صراعات أخرى ذات حجم أصغر في عدد من الجوانب، فكنا نعاني خلافات كثيرة بين الإدارات الصغيرة، وكذلك بين أقسام التحرير في الصحيفة. لماذا قررت الاستقالة لاسيما أن فترة رئاستك للصحيفة قصيرة جداً لا تتجاوز ثلاثة أعوام؟ - قررت الاستقالة لسببين رئيسيين، أحدهما شخصي والآخر بسبب الضغوط التي كانت تمارس من أعضاء مجلس إدارة المؤسسة، إذ استغل البعض منهم فترة غيابي بسبب مرض أخي الأكبر"محمد"ودخوله في غيبوبة مرضية مفاجئة، فأوقفوا طباعة الصحيفة لمدة ثلاثة أيام، على رغم محاولاتي في تلك الفترة الاتصال بالكثير من الجهات لطباعة الصحيفة، ولكن جميع محاولاتي باءت بالفشل، ما دفعني إلى تقديم استقالتي إلى الوزير وترك الصحيفة، وبالتعبير العام وجدت أنها"ما تستاهل". لماذا توقفت الصحيفة عن الصدور، أليس هناك نظام للصحيفة يخوّل نائب رئيس تحريرها بإصدارها كما هو معمول به في غالبية الصحف المحلية؟ - للأسف لم يكن هناك اي نظام للصحيفة، إضافة إلى أن الشخص الذي كان يصدر أمر طباعتها هو رئيس التحرير أو احد أعضاء مجلس إدارتها، وهم الذين استغلوا فترة غيابي كما ذكرت وأوقفوا طباعة الصحيفة. ولكن أشيع في الوسط الصحافي في تلك الفترة أن السبب الرئيس في استقالتك هو رغبة أعضاء مجلس إدارة المؤسسة في إغلاق الصحيفة، وإعادة إصدارها باسم جديد وهيكلة جديدة، فما تعليقك؟ - في الواقع كانت هناك خطوات تطويرية للصحيفة في تلك الفترة، منها إعادة هيكلة الصحيفة في جميع المجالات، لاسيما مع دعم الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز للصحيفة في تلك الفترة من ماله الخاص، وعمله على تشكيل لجنة لدرس وضعها، وكان من ضمن المقترحات تغيير اسمها وإصدارها باسم جديد، إضافة إلى اقتراح البعض نقل مقرها من مكةالمكرمة إلى جدة، تم حولت اللجنة إلى مجلس المنطقة، فكانت تلك المقترحات من اللجنة التطويرية، ولكن لم يكن التوجه ذاته لدى أعضاء مجلس إدارة الصحيفة، خصوصاً في جانب إيقافها وإصدار صحيفة أخرى، بل كان هدفهم إبقاء إصدار الصحيفة والعمل على تطويرها. فشل الأكاديميين في الإعلام هل صحيح ما يشاع في الوسط حول فشل الأكاديميين في التصدي لمهام رئيس التحرير؟ وما تعليقكم على ذلك؟ - في الحقيقة ما يشاع في الوسط الصحافي كثير، ولكن من يمتلك الفكر يستطيع عمل أي شيء، وأريد القول للإخوة الإعلاميين الذين يركزون على هذه النقطة كثيراً: مَن مِن رؤساء تحرير الصحف السعودية الحالية متخصص في الصحافة؟ للأسف لا يوجد إطلاقاً بينهم متخصص في الصحافة، ولكن المعيار الذي نأخذ به في تقويم رؤساء التحرير هو معيار النجاح أو الفشل. وهذا المعيار لا يأتي من خلال معايير يضعها البعض، فيقبلون هذا ويرفضون ذاك من دون معيار واضح، إذ إن المعايير الصحيحة تتمحور حول أداء رئيس التحرير عملاً صحافياً مهنياً وحرفياً، بغض النظر عن الأشياء الأخرى، ففي حال"الندوة"كنا نعمل في تلك الفترة على أداء العمل الصحافي على أكمل وجه. وما زلت اذكر كلمات الدكتور مسفر المسفر - وكيل وزارة الإعلام سابقاً - عندما سئل عن صحيفة"الندوة"في فترة رئاستي لها، إذ قال: نجح العرابي في جعل"الندوة"صحيفة تُقرأ، إضافة إلى إشادة بعض الصحف والمجلات العالمية بالصحيفة في فترة رئاستي لها. والأمر الآخر: لماذا نحن دائماً نقول للأكاديميين انتم لن تعملوا، على رغم أن العمل الأكاديمي والعمل الإعلامي يهدفان إلى توصيل رسالة للملتقي، وبغض النظر عن القبعة التي يلبسها رئيس التحرير، فالمقياس هو: هل هو قادر على العمل أم لا؟ يقال إن الصحافة في السعودية"مهنة من لا مهنة له"، إلى أي مدى ترى صحة أو خطأ هذه العبارة؟ - في اعتقادي أنها مقولة جائرة، لأن العمل الصحافي عمل إبداعي، فكيف تكون مهنة من لا عمل له، وبالتالي... من لا يستطيع أداء هذا العمل بالمهنية والإبداع المطلوبين فالمهنة ترفضه، وأؤكد أن الصحافة مهنة من يجيد التفكير والإبداع بالطرق الصحيحة. هنالك من طالب بإغلاق أقسام الإعلام في جامعاتنا السعودية معللين ذلك بضعف مخرجاتها، فما تعليقك؟ - للأسف نحن السعوديين لدينا مشكلة أزلية في الحكم على ظواهر الأشياء، خصوصاً أن تلك المطالبات لا تقتصر على غلق أقسام الإعلام في الجامعات، بل طلبوا إغلاق عدد كبير من التخصصات الأكاديمية، فكيف يطلبون ذلك ونحن ما زلنا نُعد بلداً نامياً، وكما هو معروف فإن مجتمعاً كمجتمعنا في حاجة لجميع التخصصات، ففي المجتمعات المتحضرة لم يطلب احدهم إغلاق أي تخصص أكاديمي، لأنهم يدركون أنهم في حاجة لهذه الأقسام. وفي اعتقادي أن المطالبين بإغلاق أقسام الإعلام هم الذين يخافون من مخرجاتها أن تخرجهم من كراسيهم ومناصبهم، ونحن عندما نتحدث عن إعلامنا اليوم فنحن نتحدث عن صناعة إعلامية تواكب التطور الحاصل في هذا المجال، فكيف يمكننا التطور إذا لم يوجد لدينا مؤهلون أكاديمياً وعملياً للعمل في هذا المجال، فالتأسيس المعرفي مطلوب لأي شخص يعمل في أي مجال، وليس مقتصراً على المجال الإعلامي، فالعمل الإعلامي لا يقتصر على"الفهلوة والفذلكة"، كما يردد البعض، لأنه وفي الوقت الحاضر لا مكان لهؤلاء، بل لا بد من أن يؤهل الشخص التأهيل الأكاديمي من خلال الجلوس على مقاعد الجامعات، ثم يصقل موهبته بالعمل والممارسة. رموزنا الصحافية ليست مقياساً! ولكن هذا يختلف بعض الشيء مع الواقع الصحافي السعودي، إذ لدينا العديد من الرموز الصحافية التي لم تدرس الإعلام أكاديمياً، واستطاعت التفوق على المتخصصين؟ - هذا لا يعني انه الوضع الصحيح، لأن الوضع السليم هو التأسيس المعرفي والعلمي في البداية، ومن ثم يأتي اكتساب الخبرات العملية من خلال ممارسة العمل الإعلامي في مجال الصحافة أو غيرها، إذ إن الممارسة تصقل موهبة الفرد، وللأسف أنماط الصحافة السعودية تأثرت بتشكيلها في بدايتها، إذ شكلت على أيدي البعض ممن لا يعرف حتى القراءة والكتابة الصحيحة! كما أن جميع الصحافيين السعوديين الذين عملوا في هذه المهنة في بدايتها هم أشخاص لا يحملون شهادات عليا، والغالبية العظمى منهم شهاداتهم متوسطة أو دون ذلك، واكتسبوا الخبرات مع الأيام، وباعتبار أنهم هم الموجودون في الصورة أصبحوا من القيادات الصحافية، وهي مشكلة لا تقتصر على الواقع الصحافي السعودي، بل تعاني منها الصحافة العربية بشكل عام، وهذا ما جعل إعلامنا إعلاماً غير مؤثر عالمياً، لأنه يفتقد التأسيس المعرفي، ما جعلنا مقلّدين للآخرين وغير مبدعين. ولكن، ألا ترى أننا في حاجة لتطوير مناهج أقسام الإعلام في جامعاتنا بما يتناسب مع التطور في صناعة الإعلام؟ - بالتأكيد نحن في حاجة لذلك، ليس فقط تطوير مناهج الإعلام، بل نحن في حاجة لتطوير مناهج التخصصات الجامعية كافة، وتطوير مناهج التعليم العام بصفة عامة، وفي اعتقادي لا بد من وجود شراكة بين المؤسسات الصحافية المحلية والعالمية وأقسام الإعلام في الجامعات السعودية، في مجال تدريب وتأهيل الطلاب للعمل الإعلامي بعد تخرجهم من جامعاتهم. لنعد لواقع صحافتنا اليوم، وسؤالي: كيف ترون الصحافة السعودية اليوم، خصوصاً مع اعتماد العديد من الصحف المحلية سياسة التغيير والتطوير؟ - للأسف صحافتنا السعودية عندما بدأت في تطوير ذاتها ركزت على الشكل وأهملت المضمون، وبالتالي يقتصر التنافس الآن بين المؤسسات الصحافية المحلية على شكل الصحيفة بغض النظر عن مضمونها، وهذا ينطبق كذلك على صحافتنا الخليجية، ومثال ذلك اعتماد العديد من الصحف الخليجية على طباعة صحفها على ورق مكلف، وهذا غير موجود في الصحف العالمية المؤثرة التي تحرص على استخدام الورق العادي في الطباعة، لاعتمادها على المضمون وليس الشكل. وهذا لا يعني ألا نركز على المظهر العام للصحيفة، إذ إن طرق إخراج الصحيفة من الأشياء المهمة اليوم، ولكن لابد من أن تكون ضمن إطار العمل الصحافي ولا تطغي على مضمون المواد الصحافية، وفي اعتقادي أننا المسؤولون عن اتجاه صحافتنا هذا الاتجاه، لا سيما أنها تعتمد على المعلن الذي يفضل هذه النوعية من الطباعة الفاخرة. هل ترى أن صحافتنا مسيرة من المعلن؟ - إلى حد كبير... نعم. لماذا؟ - لأنها تريد أن تربح، والربح لدينا هو مقياس بقاء الصحيفة، والإعلان هو المورد الرئيسي لها. حتى وإن كان على حساب مهنية الصحيفة؟ - هي ليست بهذا الشكل، ولكن يعد المعلن أحد أهم الرقباء على صحافتنا، والمتصفح لصحفنا المحلية سيلاحظ الكم الهائل للإعلانات التجارية، التي تفوق معدلاتها في كثير من الأحيان المواد الصحافية في الصحيفة، ولكن في الجهة المقابلة فإن تلك الإعلانات كما ذكرت مورد أساسي للصحيفة، وكل ما أطالب به إيجاد آليات معينة للموازنة بين المواد الصحافية والإعلانات التجارية، بما يكسب الصحيفة المهنية المطلوبة في العمل الإعلامي، لاسيما أن هناك عدداً كبيراً من الصحف العالمية التي تحترم مهنيتها ولا تنشر إعلانات في صفحتيها الأولي والأخيرة، على رغم أنها ذات مردود مالي كبير. كيف تقوّمون هامش الحرية اليوم في صحافتنا السعودية؟ - أعتقد أن هامش الحرية في صحفنا المحلية أضحى كبيراً الآن، وأقول إن واحداً من آليات المنهجية الموضوعية هي المقارنة، سواءً أكانت بالقيمة نفسها أم بالمقابل، فحينما نتحدث عن الصحافة الآن، لا بد من أن نقارنها بقيمة الحرية نفسها، أي الحرية إلى أي مدى؟ أولاً: قيمة الحرية كقيمة، وثانياً: الصحافة كيف كانت وإلى أين وصلت الآن؟! فنحن نتحدث عن مساحة كبيرة جداً من السنوات، خصوصاً بعد حريق مدرسة البنات في مكةالمكرمة، وهذا اعترف به كثير من الصحافيين العالميين، وأتذكر أن"نيوزويك"تكلمت عن الحدث وعن كيفية تغطية الصحافة السعودية له، وركزت الصحيفة على تغطية صحيفة"الندوة"تحديداً، لأن الندوة كانت تغطيتها مميزة حينها، وكانت الصفحة الأولى منها مخصصة للحدث، أقول كانت موجودة في تغطية NewsWeek، وأيضاً صحيفة"غارديان" البريطانية تحدثت عنها أيضاً عن تغطية صحيفة"الندوة"وقتها، إضافة إلى أن الكثير من الخليجيين يشعرون بأن هناك مساحة كبيرة جداً من الحرية، وكما قلت لك فإننا لا نستخدم المنهج الصحيح، ونعتقد أننا نملك هامشاً كبيراً من الحرية، ومن يقل غير هذا يظلم الصحافة السعودية. هامش الحرية يفسده رؤساء التحرير هناك من يرى أن هامش الحرية الممنوحة للصحافي ازداد في السنوات الأخيرة، إلا أن خوف رؤساء التحرير على كراسيهم هو ما يلجم الصحافي ويوقفه قبل الخط الأحمر بمسافة طويلة، ما رأيك؟ - هذا الكلام لحد ما صحيح، فالجميع يعرف أن هناك خطوطاً حمراً في الصحافة بشكل عام، ففي أميركا لا أحد يجرؤ على نقد السياسة الإسرائيلية بشدة، أو على نقد اليهود علانية، لكن في الوقت ذاته البعض من رؤساء تحرير صحفنا، وللأسف الشديد، يضع خطوطاً حمراً أكثر من اللازم، وبالتالي يضع لنفسه ومطبوعته حداً معيناً لا تستطيع تجاوزه. هل هو تخوف على كراسيهم؟ - صحيح، لأنها في النهاية مصدر رزق لهم. هل ترى أن سلطة رئيس التحرير أصبحت تستخدم للرقابة أكثر منها لتشجيع الصحافي ودفعه للقيام بمهامه لخدمة المجتمع ومن ثم الدولة؟ - مثل هذا الحكم ينطبق على البعض من رؤساء التحرير وليس الكل، وهو يعود إلى مستوى تفكير الشخص وطريقته في العمل وأخلاقياته ومهنيته، كذا من الصعب أن تعمم هذا الوصف على الجميع. هل ترى أننا نحن في حاجة لوجود سلطة رقابية على رؤساء التحرير بما يحمي حقوق الصحافي؟ - لدينا سلطة رقابية في ما يخص حماية الصحافي المتفرغ ممثلة في وزارة العمل، إذ إن الأنظمة الوزارية تحمي الصحافي الملتزم في عمله من تجني رئيس التحرير أو بعض القيادات في الصحيفة، ولكن لابد من أن ندرك أن الصحافي الجيد والملتزم ذا المهنية العالية من الصعب أن تتخلى عنه مؤسسته الصحافية، بل بالعكس سيجد إصراراً من المؤسسة على إبقائه، وللأسف هناك صحافيون يعتقدون أنهم جيدون لأنهم قدموا تحقيقاً صحافياً أو خبراً بسيطاً في الأسبوع الواحد. وهؤلاء يرون انه لا ضرورة لالتزامهم اليومي بالعمل الصحافي، أو أن هذا يمنحهم الحصانة من الدوام في الصحيفة، فأعتقد أن هؤلاء لا يعدون صحافيين تتمسك بهم صحفهم، لأن الالتزام والعمل الجماعي اليومي هما أساس العمل الصحافي الإبداعي، فلا بد من أن يدرك الصحافي معايير العمل الإعلامي الجيد حتى يستطيع أن يبرز، ولكن أن يرى نفسه مبدعاً ويرفض أي توجيه من قيادته في الصحيفة فهذا لن يكون صحافياً على الإطلاق، ولن تقبل به أية مؤسسة صحافية، لا سيما في حال عدم التزامه بأخلاقيات العمل. هل هناك فروق بين الجيل القديم في صحافتنا والجيل الحالي، لاسيما بعدما نجح الكثيرون من جيل الشباب في قيادة عدد من الصحف المحلية؟ - الفروق كبيرة جداً بين الجيلين، وهي في مصلحة الجيل الحالي، لاسيما أن جيل الشبان يمتلك المعرفة والتدريب والمهارة، إلى جانب الموهبة، وأنا من مشجعي هذا الجيل. ما مرئياتك حول عدم تغيير رؤساء تحرير بعض الصحف وبقائهم سنوات تجاوزت 30 عاماً؟ - أعتقد انه أمر غير طبيعي، بل هو نوع من السكون والجمود للمؤسسات الصحافية. إذاً، أنت تتفق مع مقولة الأستاذ عثمان العمير: من المفترض ألا تتجاوز مدة بقاء رؤساء التحرير خمس سنوات لتجديد دماء الصحيفة؟ - هي ليست قضية 5 سنوات أو 30 عاماً، بل هي قضية قضاء وقت معقول في رئاسة التحرير، إذ إن المعيار هو قدرة الشخص على الإبداع في فترة ترؤسه المطبوعة، وهذا لا يعني بقاءه إلى ما شاء الله، لأن في هذا قتلاً لإبداعات شبابية وقدرات يمكن الاستفادة منها بصورة أكبر. من وجهة نظرك، هل لدينا اليوم صحافيون سعوديون وصحافيات مهنيون بدرجة تمكنهم من منافسة الصحافي الأجنبي؟ - نعم لدينا إذا منحناهم الفرصة كاملة لتطوير مواهبهم وصقلها، ولدينا أمثلة كثيرة على ذلك في عدد كبير في صحفنا، ف?"الحياة"، وكذلك في مطبوعات الشركة السعودية للأبحاث والنشر، وفي صحيفتي"الوطن"و?"المدينة"، جميع قياداتها من جيل الشباب الذين اثبتوا قدرتهم وكفاءتهم وإبداعهم في العمل الصحافي. البعض يرى أن خلافك مع رئيس تحرير صحيفة"الندوة"السابق فوزي خياط سببه أنه أكثر منك معرفةً بالمهنة، إضافةً إلى كونه يملك رصيداً من الشهرة أكثر منك، فماذا تقول؟ - لم يكن بيني وبين الأخ فوزي خياط أي خلاف، على العكس كانت بيني وبينه علاقة جيدة، وفوزي يعرف هذا، ويعرف أيضاً مواقفي الكثيرة معه، ولا يوجد خلاف بيننا، وإذا وجد معه أو مع غيره فهو خلاف عمل، وليس خلافاً شخصياً على الإطلاق، ولم تكن الأمور الشخصية تدخل في أداء العمل، وكنت أقول للزملاء وكل من عمل معي في"الندوة"يعرف هذا. فكنت أقول لهم لديّ فلسفة إدارية أمارسها، حتى في حياتي الأسرية وعلاقتي الشخصية، أقول لهم في العمل لا تحبوا بعضكم بعضاً، ولكن قدروا بعضكم بعضاً، وهناك فرق بين الحب والتقدير، وأحياناً تتطور العلاقة إلى محبة وليست هناك إشكالية، لكن المهم التقدير الناتج بين العاملين، ونحن للأسف الشديد نخلط، وبالذات في الناحية العملية بين الحب والكراهية، فإما أحبك أو أكرهك على غرار"إذا لم تكن معي فأنت ضدي". حين استضفنا الأستاذ فوزي خياط في حوار ل?"الحياة"نشر قبل أسابيع عدة قال إنه صُعق منك، وإنك استبدلت الوردة بسكين! فكيف تفسر لنا ذلك؟ - حقيقةً أنا لا أعرف ماذا كان يقصد الأخ فوزي، وقد قرأت الحوار، وهو الذي يُسأل عن تفسير ذلك، لكن حقيقةً ما أعرفه أن العلاقة التي تربطني بالأخ فوزي هي علاقة مهنية، وهو يعرف أن العلاقة لم تكن شخصية، ولا أود أن أذكِر الأخ فوزي بمواقفي معه، فهو يعرفها، كما يعرفها كل من عمل معي في"الندوة"ولكن لا أدري حقيقةً لماذا قال تلك العبارة"حينما استبدل الوردة بسكين"ولا أجد تفسيراً لتلك العبارة، فهل يقصد أني كنت طيباً، ومن ثم أصبحت شرساً مثلاً لا أدري حقيقةً ماذا يقصد فوزي خياط؟ في رأيك، لأية مدرسة تتبع صحافتنا السعودية في الوقت الراهن؟ - صحافتنا اليوم أصبحت لها مدرستها الخاصة بها، إذ أصبحت لها لغتها الخاصة في تناول المواضيع، وهناك اختلاف في المدرسة التي تتبعها كل صحيفة من الصحف السعودية، فعلى سبيل المثال نلاحظ أن صحف المنطقة الغربية تتبع المدرسة المصرية المعروفة بالإثارة، في حين نجد أن صحيفة"الوطن"السعودية أوجدت لها هوية خاصة من خلال مدرستها، وهي تميل للمدارس الصحافية الأميركية من حيث الإخراج، في حين يتبع عدد كبير من الصحف المحلية اليوم المدرسة اللبنانية من حيث طرق تناول المواضيع وكتابتها، وفي اعتقادي أن لدينا خليطاً من مدارس مختلفة، وتؤثر كل مدرسة بشكل أو بآخر في صحفنا. باعتبارك أحد المؤسسين لهيئة الصحافيين السعوديين، هل ترى أنها فعلاً خدمت الصحافيين السعوديين؟ - نعم أنا أحد مؤسسيها، ولكن وبكل أسف هي غير موجودة، ولم تقدم أي شيء على الإطلاق للصحافيين. ما السبب؟ - لا أعلم، وهذا يُسأل فيه مجلس إدارتها الحالي، على رغم مطالبتنا نحن المؤسسين بأن تكون الهيئة معنية بالصحافي السعودي أولاً، ويبدو أنها سلكت طريقاً آخر رسمه لها أعضاء مجلس إدارتها الحالي، ونحن اتبعنا الأسلوب الديموقراطي فلم نعترض على ذلك، والنتيجة وضعها اليوم، فهي غير موجودة. ما عملك الحالي؟! - حينما كنت رئيساً لتحرير صحيفة"الندوة"كنت مُعاراً من الجامعة، والآن عدت إلى الجامعة، وأحاضر في كلية الآداب في جامعة الملك عبدالعزيز، وأكتب في صحيفة"المدينة"، وانشغالي الأكبر حالياً في الجامعة، وفي صحيفة"المدينة"مستشاراً للتحرير، والكتابات الأسبوعية في الصحيفة نفسها. ...لماذا يقتصر الابتعاث على أميركا وحدها؟ الأوضاع الآن في أميركا غير مريحة سواءً للعرب أو السعوديين خاصة، وكأستاذ جامعي أرى بأننا بحاجة إلى الابتعاث لكل ثقافات العالم، ولقد أخطأنا كثيراً حينما أقفلنا في فترة سابقة باب الابتعاث، لأن الابتعاث يعد واحداً من أساليب تبادل الثقافات في ما بين الشعوب، على مبدأ الأخذ والرد. كتبت، وطالبت بذلك، ولقد قرأت ما نشر في صحيفة"الحياة"في صفحتها الأولى من أيام عدة ما حصل من انتهاك عملاء"اف.بي.أي"لخصوصية عدد من الطلاب بتفتيش مفاجئ لغرفهم بشكل استفزازي، وحينما كنت أدرس هناك، لو حصل مثل ذلك، لكان بإمكان الطالب أن يحاكم الجهة التي قامت بذلك، ولكن الآن اختلفت الأوضاع، فأنا أطالب بتقليص الأعداد، ولا أؤيد الاستبعاد الكامل، وهو ليس بحل، لأن أميركا كما أسلفت بها أفضل الجامعات، ونطالب بالتقليص وتحويل البقية لجهات أخرى، والملاحظ أن الجهات الأمنية الأميركية تتعامل الآن مع المسلمين، سيما السعوديين منهم، وكأنهم مذنبون، وهذا بخلاف ما يطالب به القانون الأميركي نفسه.