سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
جيل الصحافيين الجدد نقطة تحول ... ولا مبررات لتأخير تدريس الإعلام للبنات في الجامعات . سلطان البازعي : هامش الحرية ونقد الأجهزة الحكومية أصبح متاحاً في الإعلام السعودي
أكد رئيس تحرير صحيفة"اليوم"سابقاً، المدير التنفيذي لدار طارق للإعلام والنشر سلطان البازعي تزايد هامش حرية النشر في الصحافة السعودية المحلية، وقال إنها أفضل من ما هو متاح في الكثير من المجتمعات، إذ أصبحت تتطرق إلى الكثير من القضايا الشائكة في المجتمع السعودي. وقال في حديث إلى"الحياة":"إن هامش الحرية في نقد الأجهزة الحكومية متاح في صحافتنا المحلية وفي شكل متزايد، خصوصاً في السنوات الأخيرة". واعتبر البازعي أن تجربة الجيل الجديد في قيادة الصحف المحلية والدولية نقطة تحول في خريطة الإعلامين السعودي والعربي، منوهاً إلى أن تجربة الزميل جميل الذيابي في قيادة صحيفة"الحياة"في طبعتها المحلية، والزميل طارق الحميد في الصحافة الدولية، تجربة مهمة وقيمة في الإعلام السعودي المعاصر. وتتطرق البازعي في حواره مع"الحياة"، إلى مواضيع وقضايا عدة تعاني منها صحافتنا اليوم. وإلى نص الحوار: في البداية أود سؤالك عن تجربتك في جريدة"الرياض"، وبمَ خرجت من تلك التجربة الصحافية؟ - هناك مرحلة قصيرة سبقت تجربتي مع الرياض، جاءت أثناء دراستي الجامعية، إذ تعاونت محرراً تحت التدريب في مكتب جريدة"اليوم"في الرياض أيام رئاسة محمد العجيان، ولكن تبقى جريدة"الرياض"هي بيتي الأول الذي تعلمت فيه الركض الصحافي إذا جاز التعبير، وهو البيت الذي تلقيت فيه الرعاية حتى قوي عودي. في الرياض الجريدة حصلت على الاعتراف المهني الذي مكنني من رسم طريقي حتى وصلت إلى ما أنا عليه، لذلك سأظل مديناً لصحيفة"الرياض"بكل ما فيها إلى الأبد. تجربتك في رئاسة تحرير جريدة"اليوم"التي تحتل موقعاً متميزاً بين الصحف المحلية، باعتبارها الوحيدة الصادرة من المنطقة الشرقية، تجربة قيل عنها الكثير، فكيف تصفون هذه التجربة، وما سلبياتها وإيجابياتها؟ - هي تجربة في غاية الثراء، لأنها حملت الكثير من التحديات، وأول هذه التحديات أن صحيفة"اليوم"كانت هي الصحيفة اليومية الوحيدة في المنطقة الشرقية، وافتقاد المنافس يمكن أن يكون عنصراً مثبطاً للغاية، بمعنى أن الصحيفة كانت تربح لأنها تحصل على حصتها كاملة من الدخل الإعلاني الذي يوزع على مناطق المملكة بحسب التوزيع الجغرافي لشرائح القراء، من دون أن يكون لدى الصحيفة الحافز للمنافسة على هذه الكعكة، وبالتالي لم يكن لدى المعنيين بإدارتها أي حرص على تطوير إمكاناتها البشرية والمادية. وفي بداية عملي في"اليوم"، وجدت أمامي مشكلات رئيسة عدة، أولاها فقدان ثقة القارئ بالصحيفة، على رغم ولاء سكان المنطقة لها، وهذان أمران غير متناقضين، وثانية المشكلات أن جهاز التحرير كان محبطاً تجاه علاقة غير متوازنة في مواجهة الإدارة القوية، وثالثتها ضعف الإمكانات الإنتاجية، إذ كانت الصحيفة تعمل بمعدات تجاوزها الزمن، ولم تعد تعمل في الصحافة الحديثة، بل إن بعض هذه الأجهزة دخلت المتحف لدى الشركات الصانعة لها. ولذلك كان لا بد من العمل على مواجهة هذه المشكلات في وقت واحد، من ناحية تطوير مستوى النشر ليلامس اهتمامات القراء وحاجاتهم، ورفع إمكانات جهاز التحرير المعنوية والمادية ودعمه بالكفاءات بما سمح به الظرف، وأخيراً العمل من خلال مشروع طموح لتطوير الإمكانات الإنتاجية، فقد كانت"اليوم"أول صحيفة محلية تتبنى نظاماً متكاملاً للنشر الإلكتروني، يبدأ من التحرير وينتهي في المطبعة، وهذا استدعى بالطبع تبني برنامج شامل لتدريب العاملين في جهاز التحرير والجهاز الفني، مع سعودة شبه كاملة للجهاز الفني. وفي الفترة نفسها بدأ العمل على تصميم وإنشاء المبنى الحديث للصحيفة. كيف ترون الصحافة السعودية اليوم، خصوصاً مع اعتماد الكثير من الصحف المحلية سياسة التغيير؟ - إذا كان التغيير والتطور هما سنة الحياة، فإن المفترض أن تكون الصحافة هي التي تتقدم الركب في اتجاه التغيير. وفي رأيي أن الصحافة السعودية قامت بدور لا ينكر في مساندة توجه الدولة نحو التغيير الإيجابي والإصلاح، إلا أنه كان ينتظر أن يكون دورها أوضح وأكثر قيادية في هذه المرحلة. قضايا... الحديث عنها من المحرمات ماذا عن هامش الحرية في الصحافة السعودية؟ - في اعتقادي أن لدينا هامشاً من حرية النشر في الصحافة السعودية المحلية، أفضل من ما هو متاح في كثير من المجتمعات ذات التجربة المماثلة لتجربتنا، وربما هو أفضل من ما هو متاح في مجتمعات سبقتنا في التجربة، خصوصاً في السنوات الأخيرة، إذ صار الهامش المتاح أوسع في التطرق إلى عدد من القضايا الشائكة في المجتمع السعودي وطرحها للبحث، بعد أن كان مجرد الحديث عنها من المحرمات. وإذا اقتنعنا بأن الحرية مسألة نسبية متفاوتة بحسب ثقافة كل مجتمع، فإن مجتمعنا مثل أي مجتمع نامٍ يتعامل مع حريات الرأي في شكل مقنن، والتقنين لا يأتي بالضرورة من معطيات سياسية، ولكن هناك معطيات ثقافية ترتبط بتقاليد المجتمع، لها تأثير كبير في تحديد المسموح والممنوع. ولكن إذا كان المقصود بهامش الحرية نقد الأجهزة الحكومية، فهو متاح في صحافتنا المحلية في شكل متزايد، خصوصاً في السنوات الأخيرة، إذ أصبح هنالك قبول للرأي والرأي الآخر إذا كان هذا الرأي ناضجاً ومبنياً على حقائق. وفي اعتقادي أن الحرية الممنوحة للصحافي في التعامل مع الأجهزة الحكومية السعودية أصبحت أكبر، بل تتصف بالشفافية، فوزارة الداخلية السعودية كانت أول من عين متحدثاً رسمياً لها، وهو مؤشر إيجابي في طريقة تعامل الأجهزة الحكومية الرسمية مع الإعلام. ولكن المهم كيفية التعامل مع هامش الحرية المتاح للصحافي السعودي، والتعامل معه بطريقة إيجابية بناءة مبنية على حقائق وتهدف إلى تحقيق المصلحة العامة. هل هنالك فرق بين الجيل القديم في الصحافة السعودية والجيل الجديد؟ وكيف تقيمون تجربة جيل الشباب في قيادة الصحف الدولية؟ - نحن في حاجة إلى إعطاء الجيل الجديد فرصة للتقدم إلى المناصب القيادية في الصحف المحلية، خصوصاً أن هنالك تجارب ناجحة في هذا الجانب، فتجربة طارق إبراهيم في"الوطن"وطارق الحميد في"الشرق الأوسط"تجربة مهمة للصحافيين في السعودية، وكذلك تجربة جميل الذيابي في قيادة تجربة صحيفة"الحياة"في طبعتها المحلية كانت تجربة مهمة وقيمة في الإعلام المحلي المعاصر، تستحق المراقبة من القراء. كيف ترى عدم تغيير رؤساء تحرير عدد من الصحف المحلية، وبقاءهم في مناصبهم أكثر من عقدين من الزمن؟ - طول فترة بقاء رؤساء التحرير في مناصبهم هو نتاج لنظام المؤسسات الصحافية الذي استهلك وانتهت صلاحيته العملية، فهذا النظام منذ أن صدر في الستينات من القرن الماضي لم تطرأ عليه تغييرات جوهرية. وعلى رغم أن هذا النظام كان متطوراً وقتها عن نظام الملكية الفردية للصحف، وأتاح إسهام أعداد أكبر من المثقفين ورجال الأعمال في مشاريع الإصدار الصحافي، إلا أنه لا يوجد حالياً ما يبرر بقاء النظام الصحافي في شكله الحالي، ولا أظن أنه يوجد ما يبرر وجود تنظيم خاص لأسلوب عمل المؤسسات الصحافية، فبحسب النظام فإن المؤسسات الصحافية في الواقع شركات مساهمة مقفلة تشبه الشركات العاملة بموجب نظام الشركات، والفارق هو أن جهة الإشراف هي وزارة الإعلام والثقافة التي لها - بموجب النظام - حق الموافقة على دخول مستثمرين جدد، كما أن لها أيضاً حق الموافقة على تعيين رئيس التحرير والمدير العام اللذين يشترط النظام أن يكونا من الأعضاء المؤسسين. وبغض النظر عن أن الوزارة تجاوزت هذا النظام في كثير من الحالات لأسباب تقديرية لا تخفى، من أهمها الشعور بضرورة تجديد الدماء والخروج من ضيق قاعدة المستثمرين في كل مؤسسة، فقد شهدنا دخول أعضاء جدد في كثير من المؤسسات، وشهدنا تعيين رؤساء تحرير ومديرين عامين من خارج دائرة المؤسسين، فما الذي يجعلنا نتمسك بنظام صحافي شعرنا بضيق قدرته على استيعاب المتغيرات؟. الحل في نظري هو الخروج من هذا النظام الصحافي كلياً، وإدماج المؤسسات الصحافية في الإطار التنظيمي لنظام الشركات، ثم العمل على تحويلها إلى شركات مساهمة عامة، من هنا نحصل على تطور نوعي في طريقة إدارة المؤسسات الصحافية بطرق اقتصادية، تعتمد على الخبرات الإدارية المحترفة، ونحصل على تنظيم مداورة العمل في المناصب القيادية، ومنها رئاسة التحرير، بناء على مقاييس الأداء، كما أن في التحول إلى شكل الشركات المساهمة زيادة في قوة المؤسسات القوية وإنقاذاً للمؤسسات المتعثرة، عندما يضخ فيها المزيد من الاستثمارات. هنالك مَن قسّم مراحل الصحافة السعودية إلى ما قبل وما بعد إصدار صحيفة"الوطن"السعودية، ما تقويمكم لهذا التصنيف؟ - الوطن الصحيفة مشروع طموح استفاد من توقيت الصدور في مرحلة المخاض التي يعيشها المجتمع، ولا شك أن إصدار عمل صحافي جديد أسهل من محاولة تغيير عمل قائم له قيوده وتقاليده التاريخية، ولذا فإن القائمين على مشروع"الوطن"استشعروا ضرورة الخروج بعمل غير تقليدي يقوم على كسر بعض الحواجز الوهمية في تقاليد النشر والاستفادة من أقصى حدود الهامش المتاح، وفي الوقت نفسه تحمل تبعات مقاومة هذا الاتجاه الطموح. نعم أظن أن صدور"الوطن"في هذه المرحلة ساعد على ظهور اتجاه جديد في النشر استفادت منه بقية الصحف، على رغم أن كثيرين راهنوا على عدم قدرة هذه التجربة على الصمود، وعلى رغم أن البعض ما زالوا يراهنون على ذلك. الصحافة الدولية والسوق المحلية كيف ترى اتجاه بعض الصحف الدولية في إصدار طبعات محلية مخصصة للسعودية، وماذا أضافت للصحافة المحلية السعودية؟ - السوق السعودية كانت دائماً سوقاً جاذبة لوسائل الإعلام العربية، بسبب كثافة"الاستهلاك القرائي"، إذا جاز التعبير، ولذا كان من الملاحظ أن الصحافة العربية، التي كانت تصدر في القاهرة وبيروت منذ الستينات والسبعينات، ثم من الكويت في الثمانينات، ومن أماكن أخرى متعددة في ما بعد، كانت كلها تستهدف السوق السعودية، وتعتبر نجاحها في التوزيع في المملكة نجاحاً مضموناً لأي مطبوعة، لذلك قامت وتقوم هذه المطبوعات بتقديم خدمة صحافية خاصة للقارئ السعودي، ونحن نشاهد أن هذا الأمر ينسحب على البث التلفزيوني الفضائي أيضاً. وهكذا فإن الترخيص بالطباعة داخل السعودية، هو امتياز يحسب لأي مطبوعة ويعطيها القدرة على الوصول مباشرة للقارئ، ويعطي المعلن بالتالي فرصة الوصول للمستهلك صاحب القدرة الشرائية الأعلى في المنطقة العربية. الآن نحن نشهد تجربة مختلفة لصحيفتين دوليتين، تصدران عن مستثمرين سعوديين، لإصدار طبعات محلية إضافية خاصة بالسوق السعودية. ومنذ أن بدأت هذه التجربة مع صحيفتي"الحياة"و"الشرق الأوسط"، والمراقبون الإعلاميون يتابعون التجربة، ولعله من المبكر تقديم رصد علمي لتأثير التجربة على الصحافة المحلية، ولكن في رأيي أن الصحافة السعودية بحاجة لأي منافسة تحرك راكدها، وأعتقد أيضاً أن السوق السعودية قادرة على استيعاب المزيد من الصحف اليومية، والمجلات الأسبوعية، والدوريات الأخرى، ولعل المؤسسات الصحافية تستفيد من موقعها الحالي في ابتكار المزيد من الإصدارات، قبل أن تأتيها المنافسة من الخارج في ظل الانفتاح الإعلامي المتزايد الذي نشهده. تفاعل القراء أمر مهم للصحف المحلية، فما مقياس هذا التفاعل وهل صحفنا تهتم بتقديم معلومات تهم المواطن؟ - في العادة يكون القارئ ذا ارتباط بالجريدة التي تصدر في مدينته، إذ نجد هنالك تفاعلاً كبيراً بين القراء والصحف في المنطقة، ما يدفع تلك الصحف إلى الاهتمام في شكل كبير بأخبار المدن التي تصدر منها، لذا فإنه من الصعب قبول وافد جديد في المنطقة ذاتها، فغالبية الصحافيين تعاد صياغة موادهم. كيف تقيمون الصحافي السعودي؟ وهل لدينا صحافيون مهنيون بالدرجة المطلوبة لمنافسة الصحافي الأجنبي؟ - الصحافي السعودي ينقصه التدريب لصقل مهارته الصحافية وتحسين أسلوبه وصياغته، ومن المفترض أن تعمل مؤسساتنا الصحافية على تدريب منسوبيها في شكل مستمر لتطوير هذا الصحافي، فغالبية الصحافيين تنقصهم الحرفية في الطرح، بل إن الغالبية منهم تعاد صياغة موادهم لنشرها في الشكل المطلوب. ولكن لا يمكن أن نعمم هذا على كل الأسماء الموجودة في الصحافة المحلية، فهنالك جهود فردية من بعض الصحافيين لتطوير ذاتهم ومهاراتهم، ولكن للأسف هم قلائل في صحافتنا. والفرصة الآن متاحة مع وجود هيئة الصحافيين السعوديين، إذ من المفترض أن تنظم الهيئة دورات لمنسوبيها من الصحافيين والصحافيات السعوديين لتطويرهم، لكن الأهم من كل هذا هو وجود المناخ الصحي الذي يساعد على تطوير المهنة، وحرية النشر المنضبطة بقواعد واضحة من أهم عوامل صحة المناخ. ماذا قدم وجود المرأة السعودية في الصحافة المحلية، وكيف تقيمون تجربتها طوال السنوات الماضية؟ - في السنوات الأخيرة صار هنالك تقدم مهم لعمل المرأة السعودية في الصحافة المحلية، وأثبتت قدرتها على التعامل مع جميع المواضيع عندما أعطيت الفرصة، ولكن الصحافيات السعوديات مثلهن في ذلك مثل الصحافيين ينقصهن التدريب لصقل موهبتهن، خصوصاً مع عدم تدريس الإعلام للبنات في الجامعات السعودية، وفي الواقع ليس هنالك مبرر للتأخير في تدريس الإعلام للبنات في الجامعات السعودية. وعلى رغم ذلك فالصحافية السعودية أثبتت قدرتها في العمل الإعلامي، وأصبحت منافسة للرجل خصوصاً مع تعاطيها مواضيع ومجالات متنوعة كانت حكراً على الصحافي في الماضي، ومع هذا فإن المرأة السعودية لم تأخذ فرصتها كاملة في الصحافة المحلية، وعلى رغم تجربتها الطويلة في الصحافة فإنها لم تتول مناصب قيادية في الصحف المحلية كنائب لرئيس التحرير ورئيس تحرير فيما بعد، وفي اعتقادي أن الصحافية السعودية قادرة في الوقت الحالي على تولي مثل تلك المناصب والإشراف على إدارات وأقسام يعمل فيها صحافيون وصحافيات، وعدم تقيدها بإدارة الأقسام النسائية فقط. العمير وطارق إبراهيم والصحافة الإلكترونية أسس عثمان العمير موقع"إيلاف"الإلكتروني كأول صحيفة إلكترونية بعد استقالته من رئاسة تحرير صحيفة"الشرق الأوسط"، كذلك فعل طارق إبراهيم بإشرافه على موقع صحيفة"الوفاق"الإلكترونية بعد استقالته من رئاسة تحرير صحيفة"الوطن"، هل ترى إمكان أن يحل الإعلام الإلكتروني بديلاً أو منافساً للإعلام المكتوب؟ - عثمان العمير صحافي متجدد الريادة، وأعتقد أنه بإصدار"إيلاف"الإلكترونية، أراد أن يقول إن فضاء الصحافة واسع ولا يقتصر على الحبر والورق والمطابع، والاستجابة كانت سريعة بظهور الكثير من التجارب، ومنها تجربة"الوفاق"، وأذكر بكثير من التقدير تجارب هداية درويش وناهد باشطح وآخرين وأخريات، ومن المهم هنا أن نؤكد أن المقياس هو تطبيق معايير المهنية الصحافية، التي تحترم عقلية القارئ وتلبي حاجاته في الحصول على المعلومة السريعة والدقيقة، وعلى الرأي الناضج المتزن، ولا يهمّ هنا إن كنا نتحدث عن صحافة الإنترنت أو التلفزيون أو الراديو. أما هل يكون الإعلام الإلكتروني بديلاً أو منافساً للإعلام المكتوب، فهذا رأي جدلي لم تثبت صحته في أكثر المجتمعات استخداماً للإنترنت، وسبق أن أثير هذا السؤال في بدايات ظهور التلفزيون، ومنذ ذلك الوقت والمطابع في أميركا وأوروبا واليابان تتوسع وتزيد إنتاجها من الصحف والمجلات والكتب. الإنترنت فضاء ومساحة إضافية لها ميزات السرعة والانتشار، يستفيد منها ناشرو الصحف والكتب، على حد سواء، ولذلك نرى أن كل الصحف والمجلات تحرص على أن تكون لها مواقع إلكترونية نشطة، ولعلك سمعت أن ناشر"إيلاف"كان يفكر، ولعله ما زال يفكر، في إصدار نسخة ورقية، فأين المنافسة والمزاحمة؟ أنشأت وكالة للنشر والإعلام دار طارق للنشر بعد اعتزالك العمل الصحافي، فهل هي امتداد لممارسة العمل الإعلامي في شكل آخر؟ - جاء هذا في الواقع بعد تقاعدي من العمل الحكومي، لأنني تركت العمل الصحافي، ولا أحب كلمة الاعتزال، وعدت إلى وظيفتي الحكومية فخدمت في وزارة التعليم العالي وفي رئاسة الحرس الوطني مديراً عاماً للعلاقات العامة والمراسم، وكلتا التجربتين أضافت إلي الشيء الكثير. وبعد التقاعد"المبكر"شعرت مع مجموعة من الأصدقاء المهنيين بأن لدينا ما نقدمه في مجالات العمل الإعلامي من خلال القطاع الخاص، فبدأنا هذه المغامرة الجميلة التي كان لا بد من أن تكون في الإعلام، فهي البضاعة التي نجيد صناعتها، فلم يكن من الممكن أن نعمل في تجارة العقارات أو المواد الغذائية أو الزراعة أو غيرها، ونحن نعمل في مجالات العلاقات العامة والاستشارات الإعلامية والنشر الإعلامي. ومن خلال هذه المؤسسة أتيحت لنا فرصة الخدمة العامة مع بعض القطاعات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص، لعل أكثرها ثراءً تجربة الانتخابات البلدية التي نعلقها وساماً على صدورنا وحصلنا بسببها على جائزة"رجل العام للعلاقات العامة 2005"، ثم العمل مع هيئة سوق المال وشركة دار الأركان للتطوير العقاري. ونعمل حالياً بالتعاون مع عدد من محترفي العلاقات العامة على تطوير هذه الصناعة بالسعي لتأسيس جمعية وطنية للعلاقات العامة، ومن خلال عضوية الجمعية الدولية للعلاقات العامة، إذ أتشرف بعضوية مجلس إدارة فرع الخليج لهذه الجمعية. البازعي في سطور ولد سلطان البازعي في مدينة عرعر شمال السعودية عام 1375ه، وبدأ عمله في المجال الإعلامي عام 1400ه، محرراً في صحيفة"الرياض"، وتدرج فيها إلى أن أصبح مدير التحرير عام 1408ه. وفي عام 1413ه عيّن رئيس تحرير لصحيفة"اليوم"واستقال منها عام 1417ه، كما عمل مشرفاً ثقافياً في الملحقية الثقافية في باريس، وسكرتير لجنة العلاقات الثقافية الدولية، والمدير العام للعلاقات والمراسم، وأخيراً المدير التنفيذي لدار طارق للإعلام والنشر.