صعّد المستوطنون في شكل لافت اعتداءاتهم على الفلسطينيين في الضفة الغربية أخيراً، مستهدفين على نحو خاص المساجد والممتلكات. وفي هذا الصدد، أضرم مستوطنون فجر أمس النار في جزء من مسجد قديم في القدس الغربية، وهو مسجد مهجور منذ طرد الفلسطينيين من المدينة عام 1948، وهو الخامس الذي يتعرض إلى الاعتداء من المستوطنين في الأشهر الأخيرة. وكتب مجهولون شعارات معادية للعرب والإسلام، مثل"العربي الجيد هو العربي الميت"على الجدران الخارجية لهذا المسجد الذي يعود إلى عصر الدولة الأيوبية القرن الثاني عشر، كما حاولوا إضرام النار في مبنى مجاور قرب شارع يافا الرئيس في القدس، وكتبوا بالعبرية"دفع الثمن"و"ميتسباه يتسحار"و"رامات غيلاد"، وهما اسما مستوطنيين عشوائيتين تنوي الحكومة إزالتهما قبل نهاية العام. واستنكرت مؤسسة الأقصى للوقف والتراث بشدة"جريمة حرق مسجد عكاشة"الذي"تغلقه المؤسسة الإسرائيلية منذ عام 1948 ومنعت المؤسسة من ترميمه". وقالت هذه المؤسسة التابعة للحركة الإسلامية في الداخل والمعنية بالحفاظ على التراث الإسلامي في المدينة المقدسة:"إننا إذ ندين حرق المسجد والاعتداء عليه وعلى حرمته، فإننا نحمّل الحكومة الإسرائيلية كامل المسؤولية عن هذه الجريمة النكراء وكل الاعتداءات على مقدساتنا". ودعت"كل الحاضر الإسلامي والعربي والفلسطيني إلى التحرك العاجل من أجل حماية مقدساتنا في القدس والداخل الفلسطيني". وقال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات إن"الاعتداء على مسجد في القدس وسلسلة الاعتداءات على المساجد والأماكن المقدسة يحمل في طياته مخاطر كبيرة، خصوصاً أنه يتم خلال اجتماع مندوبي اللجنة الرباعية اليوم الأربعاء في القدس، وأنه يتم تحت نظر العالم أجمع من دون أن يحرك ساكناً". وأضاف في اتصال مع وكالة"فرانس برس"من باريس حيث يقوم الرئيس محمود عباس بزيارة رسمية:"هذا يدل على تصاعد إرهاب المستوطنين الذي يهدف إلى جر المنطقة إلى دوامة من العنف وتفجير الأوضاع في المنطقة، خصوصاً أن اعتداءات المستوطنين ارتفعت عام 2011 بنسبة 40 في المئة". ورأى أن"تصاعد إرهاب المستوطنين بدعم من الحكومة الإسرائيلية التي توفر الحماية الكاملة لإرهابهم المنظم في عموم الأراضي الفلسطينية يبيّن وجاهة الطلب الفلسطيني بتوفير حماية دولية لشعبنا من الاحتلال ومستوطنيه". كما اعتبر النائب العربي الإسرائيلي محمد بركة، رئيس الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة، في كلمة له أمام الكنيست البرلمان الإسرائيلي إن"مسؤولية حرق المسجد لا تقع فقط على عصابة الزعران الفاشيين الذين ارتكبوا الجريمة، وإنما أيضاً على عاتق الرعاع من أعضاء الكنيست والوزراء الذين يجلسون هنا". وتابع:"لا أستثني هنا من يجلس على رأس طاولة الحكومة بنيامين نتانياهو ولا من يجلس على المقاعد الخلفية هنا". وفي الجانب الإسرائيلي، دان رئيس البلدية الإسرائيلية للقدس نير بركات هذا الاعتداء، لكنه دعا إلى الهدوء. ونقل عنه موقع"آينت"الإلكتروني قوله:"لا ينبغي السكوت أبداً على العنف بكل أشكاله، ويجب أن نواصل الحفاظ على التعايش في المدينة". ونقلت الإذاعة الإسرائيلية عن رئيسة المعارضة تسيبي ليفني قولها:"إن إضرام النار في مسجد قديم ومهجور وسط القدس هو جريمة كراهية مرتبطة بموجة العنف الجامح التي استهدفت ضابطاً من الجيش الإسرائيلي"أول من أمس. وأضافت إن أولئك الذين يقفون وراءها ليسوا بفئة قليلة، بل هم عبارة عن مجموعة من المتطرفين آخذة بالاتساع". واتهمت هذه المجموعة بأنها تسعى إلى تحويل إسرائيل بالإكراه إلى دولة متطرفة وعنيفة خارجة عن القانون، مشددة على أن"المبادئ التي تتمسك بها هذه المجموعة لا يعدو كونها تشويهاً للمبادئ اليهودية". وطالبت باعتقال جميع المتورطين في مهاجمة المسجد وفرض عقوبات شديدة بحقهم. المستوطنون في نابلس وفي الضفة، أضرم المستوطنون النار في ثلاث سيارات في قرى جنوب غربي نابلس، كما حاولوا إضرام النار في سيارات في قرى أخرى، لكن يقظة المواطنين حالت دون ذلك. وخط المعتدون شعارات على جدران المنازل المجاورة تهدد بجعل الفلسطينيين يدفعون الثمن، ووقعوا تلك الشعارات باسم"رامات غيلاد". ويشن المستوطنون هجمات على الفلسطينيين في الضفة، وتحديداً في مناطق نابلس وسلفيت، بصورة دائمة. وتشمل تلك الاعتداءات مهاجمة الفلاحين في حقولهم وقطع أشجار الزيتون وإضرام النار في السيارات. لكن لوحظ أخيراً توجه المستوطنين لاستهداف الأماكن الأكثر حساسية، مثل المساجد، في خطوة يرى مراقبون ومسؤولون في السلطة أنها تهدف إلى إشعال"حرب دينية"مع الفلسطينيين. وذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن المعتدين هم مجموعات منظمة تطلق على نفسها اسم"فتية التلال"، في إشارة إلى تلال الضفة التي يقومون باحتلالها وإقامة البؤر الاستيطانية فيها. وأخلى الجيش الإسرائيلي في الأيام الأخيرة ثلاث بؤر استيطانية شمال الضفة. ورد المستوطنون على ذلك باقتحام قاعدة عسكرية قرب مدينة قلقيلية. كما اقتحموا منطقة حدودية مع الأردن، واحتلوا كنيسة قديمة يطلقون عليها اسم"قصر اليهود". وأطلق قادة المجموعة المقتحمة، لدى عبورهم نهر الأردن، شعارات منها:"الآن بدأ الاستيطان في الضفة الشرقية للنهر"، في إشارة إلى المملكة الأردنية الهاشمية التي لا يخفي بعض الجماعات اليهودية أطماعه فيها، ويعتبرها جزءاً من أرض إسرائيل. ومن هذه الجماعات، بعض أعضاء حزب"ليكود"الحاكم. ودأبت شبيبة"ليكود"على ترديد أنشودة تقول:"لنهر الأردن ضفتان، هذه لنا، والثانية أيضاً".