ليب 2025 وصناعة المستقبل الصحي !    قراءة موضوعيّة للميزانية الفعلية للعام 2024    الجمعية التعاونية متعددة الأغراض بجازان تستضيف فريق صياغة الإستراتيجية بالجامعة لمناقشة أوجه التعاون المشترك    العالم يضبط إيقاعه على توقيت.. الدرعية    أهمية إنهاء القطيعة الأمريكية الروسية !    الأخضر يتجاوز كوريا وينتزع الصدارة    قلم أخضر    جمعية«اتزان» تعقد اجتماعاً تحضيرياً لفعاليات يوم التأسيس بجازان    الهيئة العالمية للتبادل المعرفي تكرم رواد التربية والتعليم    إطلاق النقل الترددي في المدينة    «التخصصي» ينقذ ساقاً من البتر بعد استئصال ورم خبيث    اتصالات دبلوماسية لبنانية لتسريع انسحاب «إسرائيل»    «المركزي المصري» يحسم غداً أسعار الفائدة    الرياض تكرّم الفائزين بجائزة «القلم الذهبي» للأدب الأكثر تأثيراً    لاعب الأخضر "القباني" يتأهل للدور ال16 في بطولة آسيا للسنوكر    ترمب: أوكرانيا مسؤولة عن الغزو الروسي    جائزة صناع المحتوى لنجلاء جان    انطلاق معسكر "مستقبل الإعلام في الذكاء الاصطناعي التوليدي"    استدامة العطاء بصندوق إحسان    محافظ الطائف يطَّلع على برامج وأنشطة يوم التأسيس بالمدارس    لودي يشارك في جزء من تدريبات الهلال ويقترب من الجاهزية    رئيس هيئة الأركان العامة يفتتح عددًا من المشاريع التطويرية للإدارة العامة للأسلحة والمدخرات    هل لا يزال السفر الجوي آمنا.. الأمريكيون يفقدون بعض الثقة    أمير المدينة يلتقي أهالي محافظة وادي الفرع ومديري الإدارات الحكومية    السيسي يطالب المجتمع الدولي بتبني خطة إعادة إعمار غزة    فيلا الحجر تختتم أول برنامج للتبادل الجامعي في مجال الهندسة المعمارية بين المملكة وفرنسا    نيابة عن أمير منطقة الرياض.. نائب أمير المنطقة يرعى حفل الزواج الجماعي لجمعية "كفيف"    نائب وزير البيئة: لدينا بيئة تشريعية واستثمارية يعزز الجاذبية الاقتصادية للقطاع الزراعي بالأحساء    على نفقة الملك.. تفطير أكثر من مليون صائم في 61 دولة    16 مليار ريال مساهمة قطاع الإعلام في الناتج المحلي لعام 2024    عبدالعزيز بن سعود يعقد جلسة مباحثات رسمية مع وزير الداخلية الأردني    محافظ سراة عبيدة يشهد احتفال التعليم بيوم التأسيس    «اربطوا الأحزمة».. «رامز إيلون مصر» يمقلب مرموش وهنيدي وفيفي وزيزو ضيوف    أمانة الطائف تطلق مبادرة "دكاني أجمل" بسوق البلد    السعودية تجدد دعوتها لإصلاح مجلس الأمن ليكون أكثر عدالةً في تمثيل الواقع الحالي    رئيس جامعة أم القرى يستقبل القنصل الأمريكي لبحث التعاون الأكاديمي والبحثي    محافظ صامطة يدشن الحملة الوطنية المحدودة للتطعيم ضد شلل الأطفال    مؤتمر بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية في مكة المكرمة    جامعة أم القرى تطلق برنامجًا تأهيليًا لتهيئة المتطوعين في شهر رمضان    "فلكية جدة": بعد منتصف الليل.. قمر شعبان في تربيعه الأخير    هطول أمطار رعدية وجريان السيول على عدة مناطق    أمير جازان يستقبل الفريق الاستشاري بمعهد الادارة العامة    استعرض معهما العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتطويرها.. ولي العهد يبحث مع وزيري خارجية روسيا وأمريكا المستجدات الإقليمية والدولية    نقل تحيات القيادة الرشيدة للمشاركين في المؤتمر العالمي لسلامة الطرق.. وزير الداخلية: السعودية حريصة على تحسين السلامة المرورية بتدابير متقدمة    بتوجيه من سمو ولي العهد.. استضافة محادثات بين روسيا وأمريكا.. مملكة الأمن والسلام العالمي    الموارد البشرية: بدء سريان تعديلات نظام العمل اليوم    ( 3-1) السعودية محط أنظار العالم    دخول آليات وبيوت المتنقلة عبر رفح.. جولة جديدة لتبادل الأسرى بين الاحتلال وحماس    "فضيلة مفوض الإفتاء بمنطقة حائل": يلقي محاضرة بعنوان"أثر القرآن الكريم في تحقيق الأمن والإيمان"    في ختام الجولة 22 من "يلو" .. نيوم يخشى توهج النجمة.. والطائي يطمع في نقاط أحد    بايرن ميونخ ينجو من فخ سيلتك ويتأهل لثمن نهائي أبطال أوروبا    سماعات الرأس تزيد الاضطرابات العصبية    سعود بن خالد الفيصل كفاءة القيادة وقامة الاخلاق    أمير الرياض يتسلم تقرير جامعة المجمعة.. ويُعزي السليم    طبية الملك سعود تختتم «المؤتمر الدولي السابع للأورام»    محافظ محايل يتفقد مشروع مستشفى الحياة الوطني بالمحافظة    ما أشد أنواع الألم البشري قسوة ؟    لموسمين على التوالي.. جدة تستضيف الأدوار النهائية من دوري أبطال آسيا للنخبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لقاء القمة بين سليمان والأسد أعادها الى واجهة العلاقات . لبنان وسورية : نحو تعديل الاتفاقات الاقتصادية ... والقصار يحدد سياسات لتقارب البلدين
نشر في الحياة يوم 27 - 09 - 2008

أعاد لقاء القمة بين الرئيسين اللبناني العماد ميشال سليمان والسوري بشار الأسد منتصف آب اغسطس الماضي، الاتفاقات الثنائية بين البلدين الى الواجهة، وهي اتفاقات أبرمت بين الطرفين خلال الوجود السوري في لبنان، لذا خصّص البيان الختامي للقاء البند الخامس لمراجعتها"في شكل موضوعي"، ووفق قناعات مشتركة بما ينسجم مع التطورات في العلاقات بين البلدين ويستجيب مصلحة الشعبين. ونصّ البند السادس على ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة بهدف تفعيل التبادل التجاري وتأمين مقومات التكامل الاقتصادي وإنشاء سوق اقتصادية مشتركة توفر مجالاً حيوياً للتبادل الحر للسلع والأموال والأفراد من طريق تفعيل تنفيذ اتفاق التيسير.
وتشكل"مراجعة"الاتفاقات مطلباً للقطاع الخاص اللبناني، إذ أكد رئيس الهيئات الاقتصادية في لبنان عدنان القصار، أهمية هذه المراجعة"لتتماشى مع التحولات والتطورات في الأنظمة الاقتصادية والاقتصادين اللبناني والسوري". ولاحظ أن حجم التجارة بين البلدين"وصل إلى مستوى قياسي العام الماضي، الأعلى منذ 1980، لكنه يظل دون المستوى المحقق في 1992 ، علماً أن حجم الاتفاقات الاقتصادية بعد هذا التاريخ كان أكبر بكثير من السابق، ما يعكس سوء تطبيق الاتفاقات وحال الفتور في العلاقات المشتركة منذ 2005، فضلاً عن عدم تقارب النظامين الاقتصاديين في السنوات السابقة". واللافت أن حجم التجارة البينية ازداد خلال السنوات 2005 و2007 وخلال السنة الجارية، وهي سنوات شهدت أصعب علاقات سياسية بين البلدين، لكن خبراء عزوا هذا التطور إلى اتفاقات تحرير التبادل التجاري الموقعة بين البلدين.
وتمثل مراجعة الاتفاقات ضرورة في رأي كثر، بهدف تحسين انتظام العلاقة وسلوكها المسار الصحيح، لأن سورية"تبقى منفذ لبنان إلى المنطقة العربية، عدا كونها سوقاً واسعة، كما يشكل لبنان بالنسبة إليها سوقاً مهمة في المجالات المصرفية والمالية والخدمية، خصوصاً في مجال فرص العمل لليد العاملة الفائضة".
وبهدف تسليط الضوء على موقف القطاع الخاص اللبناني من التطورات ورؤيته للأطر المنمية للاتفاقات البينية، وتحسين واقع العلاقة السياسية بادئ الأمر، حاورت"الحياة"القصار في الموضوع، وجاء طرحه بمثابة رؤية كاملة.
فأعلن - من ضمن اقتراحاته لتعديل الاتفاقات أو إعادة النظر فيها بما يتلاءم مع المتغيرات الطارئة، خصوصاً في الاقتصاد السوري الذي يتحوّل الى اقتصاد السوق، وتقويمه واقع التبادل التجاري بين لبنان وسورية، والعناصر المؤثرة في اتجاهاته في السنوات الأخيرة - أن حركة التجارة بين لبنان وسورية التي"شهدت تطورات مختلفة راوحت بين النمو حيناً والتراجع حيناً آخر، في ظل اتفاقات اقتصادية ثنائية". ولاحظ أن الاتجاه العام لهذه التجارة"كان نحو الازدياد في السنوات الأخيرة"، عازياً السبب في شكل أساس إلى"توقيع اتفاق خفض الرسوم الجمركية بين البلدين، ما أتاح دخول المنتجات اللبنانية إلى سورية بتعرفة جمركية انخفضت تدريجاً 25 في المئة سنوياً لتبلغ صفراً في المئة مطلع 2004".
وأشار القصّار إلى أن حجم التجارة البينية"ازداد في السنوات 2005 و 2007 وخلال السنة الجارية، على رغم الفتور في العلاقات السياسية وتالياً الاقتصادية بين البلدين. وسجلت مستوى قياسياً بلغ 416 مليون دولار في 2007 هو الأعلى منذ 1980، إلا انه يظل دون المستوى الذي كان بلغه عام 1992 أي 523 مليون دولار"، تضمن محروفات، واعتبر أن ذلك"يعكس أمرين جوهريين، أولهما سوء التطبيق الذي صاحب تنفيذ الاتفاقات، وثانيهما حال الفتور التي صبغت العلاقات المشتركة منذ 2005. يُضاف عدم التقارب الذي كان حاصلاً في السنوات السابقة بالنسبة إلى النظام الاقتصادي في البلدين، إذ عرف لبنان في سياق تاريخه أيضاً نظاماً اقتصادياً حراً بكل مفاهيمه، فيما ساد نظام اقتصادي في سورية يخالف اقتصاد السوق".
ولفت أيضاً إلى"أن الميزان التجاري سجل فائضاً بلغ 4 ملايين دولار في 2007، للمرة الأولى في تاريخ العلاقات التجارية بين لبنان وسورية، بعد تراجع مستوى العجز التجاري اللبناني في شكل ملحوظ في الأعوام الأخيرة، خصوصاً في 2005 9 ملايين دولار وفي 2006 مليونا دولار، بعدما كان العجز التجاري اللبناني يتراوح بين 100 و300 مليون من 1995 إلى 2004". وعزا التحسن في الميزان التجاري إلى عاملين أساسيين، يتمثلان في"استمرار ارتفاع الصادرات اللبنانية إلى سورية بتأثير اتفاقات تحرير التبادل التجاري للسلع الوطنية المنشأ الموقعة بين البلدين، والانخفاض الملحوظ في حجم المستوردات اللبنانية من المشتقات النفطية من سورية".
عن أهم العقبات التي تعترض طريق تطوير التعاون الاقتصادي بين البلدين، والإجراءات لتذليلها، أكد القصار وجود قيود ومعوقات"تحد من تقوية التبادل التجاري على مستوى التصدير والاستيراد"، ويمكن ربطها في شكل أساس بعدم التقارب الذي كان حاصلاً في السنوات السابقة بين النظامين الاقتصاديين، وأبرزها وضع سورية إجراءات حمائية لبعض الصناعات أو معظمها، منح الانتاج السوري الأفضلية في المناقصات الداخلية في أي عملية تجارية، عدم تأمين المستلزمات من الخارج إلا عند الضرورة، إلزامية الشراء من إنتاج القطاع العام، تقييد استيراد السلع وحصر استيراد بعضها بمؤسسات القطاع العام، إضافة إلى أن هذه المؤسسات تدفع ثمن مشترياتها بالعملة المحلية، دعم مباشر لبعض الزراعات، الحفاظ على الصناعات المستوعبة أيادي عاملة كثيرة حفاظاً على الأمن الاجتماعي وتجنباً لنشوء بطالة، ولم تنمِّ عناصر التكنولوجيا والابتكار وتراكم رأس المال هذه الصناعات وإنتاجيتها، عدم الاعتماد على قوى السوق في شكل كامل وآليته في تحديد الأكلاف والأسعار وسواها، واحتساب قواعد المنشأ وفق أكلاف الإنتاج السائدة في سورية التي تتمايز عن تلك السائدة في لبنان، وأخيراً ندرة توافر الاعتمادات التجارية بالعملة الأجنبية لدى المؤسسات، ما يبطئ المبادلات التجارية".
واعتبر رئيس الهيئات الاقتصادية أن هذه الأمور"تتسبب بتعقيدات في ملء الاستمارات، وفي فتح الاعتمادات المستندية، وفي العمولات المرتفعة، إضافة إلى ازدواجية المقاييس والمواصفات في كل من البلدين، وإلى فرق القطع".
ولم يغفل انخفاض مستوى كلفة الإنتاج في سورية قياساً إلى لبنان،"ما يؤدي الى منافسة غير متكافئة للسلع والخدمات اللبنانية أمام مثيلتها السورية، ويفسر العجز في الميزان التجاري معها". وأوضح أن هذا الوضع"حدا بالجانبين إلى وضع روزنامة زراعية وإطلاق حرية تبادل المنتجات الصناعية، ولا تزال تشوبه معوقات في تخليص البضائع وفي إخضاعها الى إجراءات كثيرة، تسببت في تهريب البضائع".
وشدّد القصّار على ضرورة اتخاذ إجراءات أساسية تتمثل في"إيجاد آلية لمطابقة النصوص القانونية مع التنفيذ، وإنشاء مكاتب موحدة على الحدود، وضبط تهريب البضائع، واعتماد شهادات صحية صادرة في البلدين ومقبولة من الطرفين، واعتماد وسائل الدفع بما فيها بوالص برسم التحصيل، واعتماد الشفافية في التعامل التجاري، وإلغاء الاستنسابية والاعتباطية في تفسير القوانين والإجراءات، وإلغاء عقد التأمين للبضائع المستوردة من لبنان، والتكامل الزراعي، والتعاون في مجال النقل وتنفيذ مشاريع إنشائية بين البلدين خاصة بالنقل البري، وتطبيق مبدأ المعاملة بالمثل على المستويات التجارية كلها".
تذليل المعوقات أمام التبادل
وعن أهمية الاتفاقات ودورها في إنشاء سوق مشتركة، اعتبر القصار أن الفائدة التي ستعود على البلدين نتيجة تطبيق الاتفاقات الاقتصادية الثنائية"تتمثل في تعريض الإنتاج في كل منهما لمناخ المنافسة من دون التحصن بالسياسات الحمائية، والشروع في بذل جهود إضافية لتطوير نوعية الإنتاج وتنمية القدرة على مواجهة الإنتاج الأجنبي، وتالياً تعزيز القدرة على الدخول إلى الأسواق الخارجية". ورأى أن تذليل الصعوبات التي تعترض نمو التبادل التجاري بين البلدين"لا بد من أن يشكل المدخل الأساس لتطوير اتفاق التعاون والتنسيق الاقتصادي والاجتماعي بلوغاً إلى مرحلة إنشاء سوق مشتركة".
وحدّد مسائل أربعاً تجب معالجتها يستوجبها تسهيل التبادل التجاري: إلغاء الإذن المسبق المطبق الآن على ما تستورده سورية من لبنان. وهذا الإذن الذي حل مكان رخصة الاستيراد، لا يمنح للصادرات اللبنانية الآن، التي يرى الجانب السوري أن إنتاج مثيلها في سورية يفي بالطلب المحلي عليها، إلغاء شرط تكوين مؤونة توازي 105 في المئة على المستوردين السوريين الواجب تأمينها لدى المصرف التجاري السوري، في مقابل السلع اللبنانية المنوي استيرادها. وهو شرط ينال من القدرة التنافسية للصادرات اللبنانية، لأنه لا يطبق على المستوردات السورية من بلدان أخرى. تُضاف إلى ذلك الرسوم الجمركية الفعلية المطبقة في سورية وتوازي في الواقع ما يقارب أربعة أضعاف مستواها الاسمي، لأن هذه الرسوم تحتسب على أساس سعر الصرف الرسمي وهو 25.11 ليرة سورية للدولار، فيما ترتبط المبادلات بسعر صرف هو 42 ليرة سورية للدولار. بحيث يصير الرسم الجمركي الفعلي أعلى بكثير من مستوى الرسوم التي يفرضها لبنان على السلع ال 45 المبينة في جداول الاتفاقات".
وتتمثل المسألة الرابعة ب"ضرورة إلغاء الرسوم الجمركية على السلع المنتجة في أي من البلدين، وتختزن قيمة مضافة تفوق 50 في المئة، وأن يباشر بإلغائها على سلعتين أو ثلاث مثلاً يتم اختيارها بحسب المعطيات القطاعية في كل من البلدين ولفترة اختبار يتفق عليها، على أن يتم التخلي عن شرط توحيد التكاليف والأعباء الداخلية للإنتاج، نظراً إلى صعوبة تحقيق هذا الشرط على المدى المنظور، ما يعرّض مسعى البلدين لإنشاء سوق مشتركة، لأخطار الفشل".
وعلى الصعيد القطاعي، أظهر القصار أن في لبنان قطاعات إنتاج"تتوافر فيها عوامل الميزة التفاضلية والقيمة المضافة العالية والقدرة الإنتاجية المرتفعة، منها إنتاج الملبوسات والمأكولات وصناعة الورق والنشر والمنتجات المعدنية. وبنسب أقل صناعة المصوغات الذهبية والفضيات والصناعات الإلكتروميكانيكية وصناعة البلاستيك".
ومن شأن هذه القطاعات أن"تزدهر إذا توافرت لها دعائم اقتصادية وتجارية توفرها سوق مشتركة بين لبنان وسورية".
وعن نظرة الهيئات الاقتصادية في لبنان إلى آفاق التعاون الاقتصادي بين لبنان وسورية في ظل التطورات في اقتصاديهما، أكد القصار أن الإمكانات الموجودة بين البلدين"واسعة جداً على صعيد اقتصاد كل منهما والتعاون بمضمونه الشامل. إذ شهدت سورية في السنوات الماضية تحولات استراتيجية في اقتصادها الوطني، تمثلت في الانفتاح الاقتصادي الداخلي وعلى الخارج". كما ان اقتصاد لبنان"مبني على مبادئ الحرية الاقتصادية والمبادرة الخاصة والانفتاح على السوق". وتبنّت الإدارة الاقتصادية في لبنان"مزيجاً مدروساً وفاعلاً من عمليات التطوير يتماشى ومتطلبات العصر".
وتطرّق رئيس الهيئات الاقتصادية إلى القطاع المصرفي السوري الذي"يشهد تحولات وتطورات إستراتيجية منذ سنوات تمثلت في تشجيع إنشاء مصارف خاصة ومشتركة والسماح بدخول المنافسة الأجنبية إلى السوق المصرفية المحلية، والإلغاء التدريجي لتخصص القطاع العام المصرفي، وإنشاء سوق للأوراق المالية وهيئة خاصة للرقابة على أعمالها، وإصدار قوانين مصرفية جديدة ترعى السرية المصرفية ومكافحة تبييض الأموال وضمان الودائع المصرفية". ورأى أن هذه التطورات المصرفية"المهمة فتحت المجال أمام مصارف لبنانية لدخول السوق المصرفية السورية".
لذا اعتبر أن"التقارب حاصل"منذ سنوات بين النظامين الاقتصاديين السوري واللبناني وبالتالي على مستوى مناخ الاستثمار في كل منهما، وضيّق هذا التطور الفجوة التي سبقت مرحلة تطوير الاقتصاد السوري، وكانت أحد الأسباب الرئيسة لعدم الارتقاء بالتعاون الاقتصادي الثنائي إلى المستوى المرتجى، على رغم توقيع البلدين اتفاقات تجارية واقتصادية منذ سنوات. إذاً من الأهمية"أن تباشر السلطات الرسمية الاقتصادية في لبنان وسورية مراجعة الاتفاقات بهدف تحديثها، لتتماشى مع التحولات والتطورات الحاصلة في الأنظمة الاقتصادية والاقتصادين الوطنيين اللبناني والسوري".
وعن المطلوب على صعيد التنسيق بين السياسات الاقتصادية لتفعيل التعاون الاقتصادي وتنميته، أكد ضرورة"تحصين التقارب في الأنظمة والثقافة الاقتصادية في كل من البلدين، حتى يؤتي النتائج المرجوة على الصعيد المايكرو ?اقتصادي، بمواصلة الإدارة الاقتصادية في كل من البلدين، الحفاظ على هامش معقول بين السياسات الماكرو ? اقتصادية بأنواعها التجارية والاستثمارية والضريبية والإدارية والمالية والبشرية، ضماناً لفاعلية التعاون الاقتصادي وتالياً التعاون المصرفي". وشدد على أن ذلك"يرتدي أهمية بالغة خصوصاً إذا أخذنا في الاعتبار شمول مستوى التعاون الاقتصادي بين البلدين بحسب الاتفاقات المعقودة في المجال التجاري وجوانب الاستثمار المشترك، وتدفق اليد العاملة في الاتجاهين، والموارد المالية بين البلدين، وأيضاً الجوانب الضريبية وغيرها من نواحي التعاون الاقتصادي".
التنسيق على مستوى كل القطاعات
وحدّد السياسات التي يجب أن يشملها التنسيق المنشود في السياسات التجارية، بحيث يكفل التقارب في مستوى الانفتاح التجاري للبلدين على العالم الخارجي.والسياسات الضريبية والاستثمارية، وبما يكفل تقارباً على مستويات الضرائب ومناخات الاستثمار والعمل الاقتصادي والحوافز المالية. والسياسات النقدية، وفي الاتجاه الذي يكفل تقارباً في التوجهات النقدية العامة.والسياسات الإدارية والمالية، بحيث يحقق تقارباً على صعيد إصلاح الإدارة العامة، وزيادة نطاق القطاع الخاص في الاقتصاد. وسياسات القوى العاملة، بحيث يتحقق تقارب بينها لتأمين التبادل الحر لهذه القوى في الاتجاهين.والسياسات القطاعية، بحيث يتركز الجهد هنا على تأمين مقومات التكامل بين الاقتصادين. والسياسات المصرفية والمالية، بحيث ترتكز جهود السلطات النقدية والمصرفية على تحقيق التناغم في توجهاتها النقدية.
2007 عام قياسي للتبادل بين لبنان وسورية ... تجارياً
أظهر موجز لمديرية الدراسات والتخطيط والمعلوماتية في الأمانة العامة للمجلس الأعلى السوري ? اللبناني، أعده مديرها روجيه صوايا، أن حجم التبادل التجاري بين لبنان وسورية في 2007"سجل رقماً قياسياً هو الأعلى منذ العام 1980 باستثناء عام 1992، إذ بلغ حجم الصادرات والواردات 416 مليون دولار، بزيادة 62 مليوناً نسبتها 17.5 في المئة عن 2006.
وسجل ميزان التبادل التجاري بين البلدين، وللمرة الأولى منذ العام 1990، فائضاً لمصلحة لبنان مرتفعاً 300 في المئة عن 2006. واعتبر أن إلغاء معظم الرسوم الجمركية بين لبنان وسورية للسلع الوطنية المنشأ بدءاً من العام 2002، كان له"أثره الملحوظ في تحسن ميزان التبادل التجاري لمصلحة لبنان وللعام السادس على التوالي". وأشار إلى أن ذلك أدى إلى تقليص الفجوة بين المستوردات اللبنانية من سورية والصادرات إليها من 293 مليون دولار لمصلحة سورية في 2001، إلى 4 ملايين دولار فائضاً لمصلحة لبنان في 2007. فبلغت الصادرات اللبنانية إلى سورية 210 ملايين دولار والواردات منها 206 ملايين. وعزا التقرير هذا التحسن في الميزان التجاري اللبناني إلى"استمرار ارتفاع الصادرات إلى سورية تحت تأثير اتفاقات تحرير التبادل التجاري للسلع الوطنية المنشأ، وإلى الانخفاض الملحوظ لواردات المشتقات النفطية من سورية".
وتناول التقرير حركة التبادل التجاري بحسب المعابر البرية، فلفت إلى"ارتفاع ملحوظ في حجم التبادل التجاري، بواسطة النقل البري عبر الأراضي السورية بين لبنان والبلدان العربية والأوروبية، ويتضمن الاستيراد والترانزيت والتصدير وإعادة التصدير، وبلغت نسبته 19.6 في المئة مقارنة ب 2006، فبلغ 1562 مليون دولار بعدما كان 1306 ملايين في 2006 و1221 مليوناً في 2005 و1186 مليوناً في 2004. وشكل 11 في المئة من حجم التبادل التجاري اللبناني الإجمالي في 2007 والبالغ 14632 مليون دولار". فارتفعت الواردات اللبنانية عبر البوابات البرية بما فيها من سورية 23 في المئة عن 2006، وبلغت 813 مليون دولار مشكّلة 7 في المئة من الإجمالي عبر المعابر كلها، في مقابل 663 مليوناً في 2006.
وارتفعت الصادرات اللبنانية من طريق البر بما فيها إلى سورية 16 في المئة، فبلغت 748 مليون دولار في 2007 مشكّلة 27 في المئة من الصادرات الإجمالية عبر المعابر كلها، في مقابل 643 مليون دولار في 2006.
صرّاف يعتبر التكامل الاقتصادي ممكناً
أكد رئيس اتحاد رجال أعمال المتوسط جاك صراف، أن المشكلة مع سورية اليوم"سياسية وليست اقتصادية"، وشدد على أن ما يهمنا كصناعيين هو"تقوية الصادرات إلى الأسواق السورية ومنها إلى أسواق الدول العربية الأخرى"، لافتاً إلى أن"عقبات كثيرة في مجال التصدير حُلّت وباتت أصناف كثيرة تدخل اليها بعدما كانت ممنوعة". وأشار إلى أن الصادرات سجلت أرقاماً مرتفعة اخيراً، على رغم الظروف السياسية التي شهدها لبنان، خصوصاً في العلاقة مع سورية". واعتبر أن التكامل الاقتصادي"ممكن"، وهو قائم في اتفاق التجارة الحرة العربية الذي انضم إليه لبنان، لذا لم يعد هناك اتفاق ثنائي". وأكد أن سورية"تشكل الممر للبنان إلى الأسواق العربية الأخرى وليس إلى أسواقها تحديداً".
وتحدث عن الاتفاق التجاري الذي وقعه لبنان وسورية عام 1999، وقضى بخفض الرسوم الجمركية تدريجاً وصولاً إلى الصفر بعد أربع سنوات، أي في 2003. ولفت إلى أن رجال الأعمال السوريين"اعتبروا الاتفاق في حينه خسارة لهم، لأن اقتصاد بلادهم كان مغلقاً ويختلف كلياً عن نظامنا الحرّ"، مؤكداً أنه"كان لمصلحة لبنان لأنه فتح السوق السورية أمام منتجات صناعته"، مشيراً إلى دعوة"رجال الأعمال السوريين إلى إنشاء مشاريع مشتركة في المجالات الاقتصادية كلها، وبحثنا في أفكار جديدة مثل دمج المصانع".
وزاد:"كنا نطرح هذه الأفكار تحضيراً لتنفيذ اتفاق الشراكة الأوروبية حتى نكون جاهزين، ولنسبق تنفيذه في مجال إلغاء الرسوم الجمركية، وينسحب الأمر أيضاً على اتفاق منظمة التجارة العالمية". لذا كان هذا الاتفاق"تجربة أولى للبنان وخلق المناعة الذاتية له". واليوم، بعد مرور عشر سنوات عليه وتنفيذه، وپ"على رغم القوة السياسية في سورية، وما حصل في 2005 وحتى اليوم، بقي لبنان يصدّر بأرقام جيدة قياساً إلى الصادرات السورية، في حال استثنينا صادرات النفط السورية. واليوم تتقارب الأرقام جداً في حركة التبادل التجاري، وتقع سورية في المرتبة الرابعة في حجم الصادرات".
وشدّد على أن لبنان"تمكّن في ظل أصعب نظام مغلق وموجّه، من التصدير إلى سورية من دون رسوم"، مشيراً إلى أن صناعاتنا"تتمتع بالخبرات المحلية وتحمل أسماء ماركات أوروبية وعالمية". ورأى أن"الاختلاف بين النظامين هو الذي كان يمنع على الصناعيين اللبنانيين التصدير إلى سورية من دون اتفاق محدّد، في حين كان مسموحاً للصناعة السورية الدخول إلى الأسواق اللبنانية". واعتبر أن المعوقات التي تعترض العلاقة الاقتصادية بين لبنان وسورية، تتمثل في"اتفاقات التجارة الحرة المعقودة بينها وبين تركيا وإيران، وانفتاحها على المغرب العربي"، إذ يشكل ذلك"قوة اقتصادية لسورية، فيما لا يزال لبنان بعيداً من هذه الاتفاقات، لكن نأمل في أن يحصل على مثلها".
وهل يرى التكامل الاقتصادي مع سورية ممكناً، أجاب صراف أن لبنان"يبقى متقدماً عليها خطوات كثيرة في هذا السياق، لأن نظامه حرّ في الأصل، بينما لا تزال سورية تنفذ انفتاحاً اقتصادياً خطوة خطوة". ولم يرَ سبيلاً إلى منافسة سورية مثلاً أو مصر في المجال الزراعي"ولو وُقعت الاتفاقات"، إذ"سيظل القطاع الزراعي اللبناني يعاني،"لأن للفلاح في هذه الدول موقعاً هو مفقود في بلادنا". وأكد أن الحل"يكمن في اعتماد ثقافة جديدة في عملية التصدير، بإنتاج سلع تُصدّر إلى أوروبا أو أستراليا كالتفاح مثلاً، وليس منافسة السلع السورية أو المصرية، لأن السوقين كبيرتان، ولأن كلفة الإنتاج في سورية مثلاً أدنى منها في لبنان".
وشدّد على"قدرة لبنان على المنافسة في الأسواق العالمية وفي كل القطاعات، نظراً إلى الميزات التفاضلية التي يتمتع بها المنتج اللبناني". وأكد أن الأسواق العالمية"مستعدة لاستيراد المنتجات اللبنانية الزراعية، لكن يحكم هذه العملية توقيع اتفاق يحظر استخدام المواد الكيماوية، الذي لم يوقعه لبنان بعد، وهي من مهمات المسؤولين اللبنانيين". ورأى أن"ليس المطلوب تغيير الروزنامات بل التوجه إلى الزراعة التفاضلية الملائمة مع السوق الكبيرة وليس إنشاء سوق منافسة".
دعوة مجلس رجال الأعمال الى تحريك المسار
سألت"الحياة"الأمين العام للمجلس الأعلى السوري - اللبناني نصري خوري، إذا كان المجلس تبلّغ من الجانبين الرسميين إشارة البدء في التحضير لجولات إعادة تقويم الاتفاقات السورية اللبنانية، بحسب ما اتفق عليه في القمة التي جمعت الرئيسين اللبناني ميشال سليمان والسوري بشار الأسد، فأوضح أن"أياً من الجانبين لم يبلغ إلى المجلس أي خطوة تحضيرية أو الآلية التي ستُتبع للمباشرة في هذا العمل".
وكشف أنه يدرس دعوة مجلس رجال الأعمال السوري - اللبناني إلى الاجتماع بعد عيد الفطر، ل"البحث في الشؤون المتصلة بالاتفاقات والأمور العالقة كلها من دون تنفيذ سبل معالجة الثغرات أو المعوقات، بهدف تحسين الاتفاقات وصولاً إلى تطوير العلاقات الاقتصادية والاجتماعية". إذ اعتبر أن هذا المجلس"يشكل المحرّك والحافز الذي يساعد الأمانة العامة على تهيئة المناخ وحضّ الجانبين الرسميين على تحريك هذا المسار". وأشار إلى أنه رفع كتباً إلى رئيسي حكومتي البلدين في إطار التذكير لوضع ما اتفق عليه في القمة على سكة التطبيق، لكن لم نُبلّغ الأجوبة إلى الآن".
وعن الآلية التي يقترحها في إعادة النظر في الاتفاقات، يفضل خوري أن"يصار إلى إجراء عملية التقويم في إطار كل لجنة وزارية مشتركة على حدة، لأن هذه اللجان على اطلاع كاف على ماهية كل اتفاق وتفاصيله التنفيذية. ولكن إذا ارتأت الحكومتان أن تقوم بعملية المراجعة لجنة واحدة يكون في عضويتها جميع الوزراء المعنيين برئاسة رئيسي الوزراء في البلدين أو من ينوب عنهما، فلا مانع في ذلك، وعلى كل حال يعود القرار في ذلك إلى الحكومتين".
وأوضح، انه وفقاً لمعلوماته، فإن"كل جانب هو في طور مراجعة الاتفاقات الآن، بهدف تحضير الاقتراحات اللازمة للتعديل، على أن تسجلها الأمانة العامة للمجلس تمهيداً لرسم أطر المراجعة". وأعلن أن الأمانة العامة للمجلس،"بدأت في تحضير الملفات العائدة إلى الأمور العالقة في البرامج التنفيذية، والتي قد تحتاج إلى إعادة تقويم ومعالجة في البلدين، لتأخذ طريقها إلى التنفيذ".
وأكد أن اللقاءات على مستوى اللجان الفنية"لم تتوقف حتى تاريخه، على رغم الظروف السياسية الصعبة، إذ كانت تعقد اجتماعات متواصلة عندما تقتضي الضرورة، لإزالة أي عراقيل". وذكّر بالاجتماع الأخير للجنة الاقتصادية والاجتماعية الذي عُقد في بيروت في كانون الثاني يناير 2005، برئاسة رئيسي الوزراء في البلدين، وتوصلت في ختامه إلى"تشكيل لجنة مشتركة لوضع الرؤية المستقبلية للعلاقات الثنائية، والأطر التنفيذية للوصول إلى تطبيق الاتفاق الاقتصادي والاجتماعي الهادف إلى إنشاء السوق المشتركة السورية - اللبنانية". لكن الظروف التي"مرّت فيها العلاقة بين البلدين أخّرت أعمال اللجان، ما أثّر سلباً في الخطوات التنفيذية، إذ لو طُبقت القرارات المتخذة في هذا الاجتماع والمتعلقة بإلغاء الرسوم والضرائب وإزالة المعوقات أمام التبادل التجاري، والإعفاء المتبادل من رسوم النقل على الأفراد والشاحنات والسيارات، لكانت حققت قفزة نوعية أكبر في العلاقات الاقتصادية والاجتماعية الثنائية". وشدد على أن الاتفاقات"عادلة ومتوازنة ومتكافئة للطرفين، بل كانت للبنان معاملة تفضيلية في مجالات، لكن العمل بها توقف بسبب ظروف العلاقة السياسية"، وتوقع أن"يطالب بها لبنان مجدداً".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.