سلمان بن سلطان يرعى أعمال «منتدى المدينة للاستثمار»    استعراض أعمال «جوازات تبوك»    أمير نجران يدشن مركز القبول الموحد    المملكة تستضيف اجتماع وزراء الأمن السيبراني العرب.. اليوم    تباطؤ النمو الصيني يثقل كاهل توقعات الطلب العالمي على النفط    البنوك السعودية تحذر من عمليات احتيال بانتحال صفات مؤسسات وشخصيات    توجه أميركي لتقليص الأصول الصينية    إسرائيل تتعمد قتل المرضى والطواقم الطبية في غزة    الجيش الأميركي يقصف أهدافاً حوثيةً في اليمن    المملكة تؤكد حرصها على أمن واستقرار السودان    أمير الشرقية يرعى ورشة «تنامي» الرقمية    كأس العالم ورسم ملامح المستقبل    رئيس جامعة الباحة يتفقد التنمية الرقمية    متعب بن مشعل يطلق ملتقى «لجان المسؤولية الاجتماعية»    وزير العدل: نمر بنقلة تاريخية تشريعية وقانونية يقودها ولي العهد    اختتام معرض الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي    دروب المملكة.. إحياء العلاقة بين الإنسان والبيئة    ضيوف الملك من أوروبا يزورون معالم المدينة    جمعية النواب العموم: دعم سيادة القانون وحقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب    «سلمان للإغاثة»: تقديم العلاج ل 10,815 لاجئاً سورياً في عرسال    القتل لاثنين خانا الوطن وتسترا على عناصر إرهابية    العلوي والغساني يحصدان جائزة أفضل لاعب    مدرب الأخضر "رينارد": بداية سيئة لنا والأمر صعب في حال غياب سالم وفراس    ماغي بوغصن.. أفضل ممثلة في «الموريكس دور»    متحف طارق عبدالحكيم يحتفل بذكرى تأسيسه.. هل كان عامه الأول مقنعاً ؟    الجاسر: حلول مبتكرة لمواكبة تطورات الرقمنة في وزارة النقل    الاسكتلندي هيندري بديلاً للبرازيلي فيتينهو في الاتفاق    أجسام طائرة تحير الأمريكيين    ليست المرة الأولى التي يخرج الجيش السوري من الخدمة!    مشيدًا بدعم القيادة لترسيخ العدالة.. د. الصمعاني: المملكة حققت نقلة تشريعية وقانونية تاريخية يقودها سمو ولي العهد    مترو الرياض    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    "القاسم" يستقبل زملاءه في الإدارة العامة للإعلام والعلاقات والاتصال المؤسسي بإمارة منطقة جازان    قمر التربيع الأخير يزين السماء .. اليوم    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    إن لم تكن معي    أداة من إنستغرام للفيديو بالذكاء الإصطناعي    شكرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رجل الرؤية والإنجاز    لا أحب الرمادي لكنها الحياة    الإعلام بين الماضي والحاضر    استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة    منادي المعرفة والثقافة «حيّ على الكتاب»!    ضمن موسم الرياض… أوسيك يتوج بلقب الوزن الثقيل في نزال «المملكة أرينا»    الطفلة اعتزاز حفظها الله    أكياس الشاي من البوليمرات غير صحية    سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    المشاهير وجمع التبرعات بين استغلال الثقة وتعزيز الشفافية    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل سفير جمهورية الصين لدى المملكة    الصحة تحيل 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    لمحات من حروب الإسلام    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العلاقات الاقتصادية السورية اللبنانية وآفاق تطويرها في المرحلة المقبلة
نشر في الحياة يوم 16 - 01 - 1998

بقي لبنان وسورية في اطارهما العربي وخضعا معاً للاحتلال العثماني للوطن العربي عام 1516 الذي قسّم بلاد الشام الى مجموعة ولايات ولاية دمشق وولاية حلب وولاية بيروت ومجموعة متصرفيات هي دير الزور، جبل لبنان والقدس لكن هذا التقسيم السياسي لم يرافقه تقسيم اقتصادي، بل بقيت الوحدة الاقتصادية قائمة في بلاد الشام.
الا ان اسباب الضعف والحركة الوطنية في بلاد الشام وقيام الحرب العالمية الاولى ساهمت في شكل مباشر في قيام الثورة العربية الكبرى واستقلال كل من سورية ولبنان عن الدولة العثمانية عام 1918.
لكن الاطماع الاستعمارية المقبلة من اوروبا مزّقت هذا الاستقلال والوحدة الوطنية وخضعت سورية ولبنان من جديد للحكم الفرنسي عام 1918 و1920 على التوالي. وبذلك اصبح لبنان وسورية وحدة اقتصادية وسياسية تحت سلطة الانتداب الفرنسي، في حين اصبحت القدس وشرق الاردن تحت سلطة الانتداب الانكليزي
ما ادى الى حدوث الانفصال الاول في بلاد الشام سياسياً واقتصادياً.
الوحدة النقدية السورية - اللبنانية
خضعت سورية الداخلية في 20 تموز يوليو 1920 للاحتلال الفرنسي واصبحت سورية ولبنان وحدة اقتصادية وسياسية تحت سلطة الانتداب الفرنسي وتجسدت الوحدة الاقتصادية بإصدار قوانين نقدية موحدة للبلدين، فقد اصدر المفوض السامي الفرنسي قراراً في 28 نيسان ابريل يقضي بإيقاف التعامل بالعملة التركية والليرة المصرية واصدار ليرات ورقية سورية - لبنانية من خلال "بنك سورية" وبدأ المصرف اصدار اوراقه اعتباراً من أيار مايو 1920.
وفي نهاية عام 1923 بدأت المفاوضات بين الحكومات المحلية والمفوض السامي الفرنسي وبنك سورية للتوقيع على اتفاقية نقدية توقع عليها الحكومات وتصادقها البرلمانات الوطنية، وفي 23 كانون الثاني يناير من العام نفسه تم التوقيع على الاتفاقية النقدية التي عرفت باسم "اتفاقية كانون الثاني 1923".
وقضت هذه الاتفاقية بإصدار نقد سوري - لبناني واقرّت منح امتياز الاصدار لبنك سورية الذي اصبح اسمه "بنك سورية ولبنان"، وذلك لمدة 15 سنة تبدأ من اول نيسان ابريل 1924 وحتى 1939.
واستمر التعامل النقدي المشترك حتى حلول عام 1939 اذ أعادت فرنسا بالاتفاق مع الحكومات المحلية تجديد هذه الاتفاقية في 25 شباط فبراير 1938 وملحقاتها واعتبرت سارية المفعول اعتباراً من كانون الثاني 1940 ولمدة 25 عاماً وكانت عناصر التغطية مشتركة ومؤلفة من الذهب بحدود 10 في المئة والودائع الفرنسية بحدود 25 في المئة والسندات التجارية الاخرى. تكون مقابل الاصدارات الاخرى.
واستمر العمل بالاتفاق الموقع في 25 شباط عام 1938 بين فرنسا وسورية ولبنان، الا ان بريطانيا تدخلت خلال الحرب وابرمت اتفاقاً جديداً في 25 كانون الثاني لعام 1944 تم بموجبه ربط الليرة السورية - اللبنانية بالجنيه الاسترليني ليعادل كل جنيه استرليني 883 قرشاً سورياً وبالتالي ارتفع سعر التعادل لليرة السورية - اللبنانية من 20 فرنكاً فرنسياً يساوي ليرة سورية واحدة الى 22.65 فرنك فرنسي يساوي ليرة سورية.
لكن فرنسا ما لبثت ان نقضت هذا الاتفاق واعادت ربط الليرة السورية - اللبنانية بالفرنك، وعندما حصلت سورية على الاستقلال في 17 نيسان ابريل 1946، ولبنان في اوائل كانون الثاني يناير 1946 استمرت الارتباطات النقدية على ما هي عليه حتى عام 1948 اذ انخفضت قيمة الفرنك مرات عدة ما اثّر في قيمة الليرة السورية - اللبنانية. وان كان لبنان وافق على هذه التخفيضات فقد رفضتها سورية، وفي كانون الثاني 1948 انفصلت الليرة السورية عن اللبنانية، ثم انفصلت الليرة السورية عن الفرنك في 8 شباط 1948.
في اثر هذا الانفصال النقدي اتبعت سورية سياسة الحماية الاقتصادية فيما تبع لبنان سياسة التجارة الحرة وقادت هذه السياسات الى الانفصال الجمركي في 13 آذار مارس 1950.
لكن هذه السياسات المتعاكسة كان لها آثار سلبية في الاقتصادين معاً ما دفع الحكومتين اللبنانية والسورية الى توقيع اتفاق جديد في 4 شباط 1952 لحل المشاكل النقدية العالقة واعادة التعاون الى عهده السابق.
أبعاد التعاون الاقتصادي
السوري - اللبناني:
التكامل الاقتصادي هو أحد اشكال الادارة الاقتصادية للموارد الوطنية بين بلدين او اكثر عن طريق الاستفادة من مزايا كل اقتصاد على حدة ووضعه تحت تصرف الاقتصاد الآخر بهدف زيادة الانتاج والدخل الوطني الذي يؤدي بدوره الى تحسين مستوى الرفاه الاجتماعي في جميع البلدان المتكاملة وتحقيق اهداف الخطط الاقتصادية.
وللتكامل الاقتصادي بين سورية ولبنان مجموعة من الابعاد اهمها:
1 - خضع لبنان وسورية لظروف سياسية تاريخية موحدة اذ كان البلدان تحت السيطرة العثمانية انتقلا بعدها الى مرحلة الاستعمار الفرنسي في آن واحد ما يعني تماثل الافكار والمعتقدات الاجتماعية والسياسية فيهما.
2 - يشكل لبنان وسورية وفلسطين وشرقي نهر الاردن وحدة اقتصادية واحدة اذ كانت تسمى هذه المساحة بلاد الشام او سورية الطبيعية نظراً للتماثل الجغرافي والاجتماعي والسياسي والاقتصادي في هذا الاقليم.
3 - تقارب مستويات النمو الاقتصادي والاجتماعي فيما بين سورية ولبنان وتقارب المستويات النفسية للافراد حتى غدت العادات والتقاليد واحدة بين البلدين.
4 - وجود اواصر الصلة والقرابة بين البلدين حتى اننا نجد بعض العائلات يعيش نصفها في لبنان ونصفها الآخر في سورية او الاردن المجاور، هذه القرابة تعبّر عن بعدٍ مهم في التكامل وتشكل سبباً مباشراً لقيام هذا التقارب والتكامل.
ان هذه الاسباب المذكورة تشكل قاعدة هامة للانطلاق نحو التكامل الاقتصادي والاجتماعي والسياسي في المنطقة، ويمكن ان تكون نواة هامة لاعادة توحيد بلاد الشام في المستقبل.
اهداف التعاون الاقتصادي
السوري - اللبناني:
تشير القوانين الاقتصادية الى اهمية السوق في الاقتصاد، وبالتالي كلما كبرت السوق وتوسعت كلما زادت فرص تطوير الانتاج وارتفعت الكفاءة الانتاجية وزادت امكانية تطوير الآلات والاكتشافات التكنولوجية الجديدة، وبالتالي فإن امكانية اقامة سوق سورية - لبنانية لا ترتكز على رقعة جغرافية، بل تمتد الى جذور تاريخية تأصلت في هذين البلدين وهي تشبة حالة اميركا اللاتينية والسوق الاوروبية المشتركة في البدايات.
ان المعطيات والظروف الداخلية في كل من سورية ولبنان تشير الى اهمية هذا التكامل وامكانية نجاحه نظراً للتقارب في مستويات النمو من جهة ونظراً للتقارب في مستويات التصنيع من جهة اخرى. اما المعطيات الخارجية فهي تشجع هذا التكامل لا سيما ان العالم يتجه نحو التكامل الاقتصادي ونحو اقامة سوق عالمية موحدة. وظهر ذلك في اتفاقية منظمة التجارة العالمية التي ستعرض سنة 2005 على جميع دول العالم.
يهدف التعاون السوري - اللبناني الى تحقيق مصالح البلدين في المجالات التالية:
أ - الاستفادة من امكانات البلدين في ايجاد صناعة وتكنولوجيا متطورة تستطيع المنافسة في السوق الدولية وذلك برفع كفاءة السلع المنتجة في هذين البلدين.
ب - ايجاد سوق واسعة لتصريف منتجات البلدين ما يشجع على زيادة الانتاج ورفع جودة السلع وخلق المنافسة في الصناعات نحو التطوير والتحديث الافضل.
ج - زيادة الدخل في كلا البلدين، مما يساعد على زيادة الطلب الكلي في الاقتصاد الامر الذي يؤدي الى زيادة الانتاج الزراعي والصناعي وتطوير قطاع الخدمات.
د - يؤدي التكامل الى تخفيف الآثار الاقتصادية للتبعية للعالم الخارجي وسيساهم في ايجاد امكانات تصنيع حديث يلبي حاجات الاقتصادين معاً.
ه - يهدف التكامل السوري - اللبناني الى إرساء قواعد جديدة للتكامل الاقتصادي العربي ويعتبر مؤشراً مهماً لإمكان نجاح التكامل وإقامة السوق العربية المشتركة.
و - رفع كفاءة الخبرات الفنية وقيامها بمهمة ادارة التكنولوجيا الحديثة بدلاً من الاعتماد على الخبرات الاجنبية والانتقال الى انتاج التكنولوجيا في الاقتصاد العربي.
ان هذه الاهداف الاقتصادية والاجتماعية العربية التي يهدف اليها التكامل السوري - اللبناني لا تحقق مصالح البلدين فحسب، بل تحقق مصالح الامة العربية ومستقبلها في التعاون الدولي.
الاتفاقات الاقتصادية
السورية - اللبنانية:
مرّ الاقتصاد السوري - اللبناني بمراحل عدة كانت متماثلة حتى عام 1950 عام انفصال الوحدة الجمركية بين البلدين، لكن البلدين عادا من جديد الى التعاون والتكامل وظهر هذا التكامل في الاتفاقات الموقعة بين البلدين واهمها:
اولاً: اتفاقية عام 1953:
بعد الانفصال الجمركي بين سورية ولبنان عام 1950 تلمست الحكومتان الآثار السلبية لهذا الانفصال وظهرت مناسبات عدة لاحياء هذا التكامل السابق، وبالتالي جرت عدة مشاورات بين البلدين انتهت بالتوقيع على اتفاق جديد في 5 آذار مارس 1953، ثم عدل هذا الاتفاق في 8 تشرين الاول اكتوبر عام 1968.
وتضمن الاتفاق والتعديل النقاط الآتية:
1 - اعفاء المنتجات الزراعية والحيوانية المنتجة في سورية ولبنان من الرسوم الجمركية واجازات الاستيراد ويحق للمنتجين مباشرة بيع هذه المنتجات في احد البلدين.
2 - اعفاء المنتجات الصناعية المنتجة في سورية ولبنان من الرسوم الجمركية.
3 - اعفاء المنتجات الصناعية المنتجة في سورية ولبنان التي تعتمد في قسم كبير منها على المواد نصف المصنعة من 50 في المئة من الرسوم الجمركية المفروضة عليها بهدف تشجيع الصناعة الوطنية الخالصة.
4 - تحديد الرسوم الجمركية على بقية السلع والخدمات بمقدار 50 في المئة ودون ذلك.
5 - تسهيل حركة النقل وانتقال الاشخاص والبضائع، والامتعة الشخصية في ما بين البلدين.
6 - عند وقف الاستيراد من البلد الآخر يجب ان يشمل المنع جميع البلدان وليس بلد الاتفاقية المقابلة.
لقد وضعت هذه الاتفاقية وتعديلاتها الاسس الصحيحة للتعامل بين البلدين وساهمت في شكل بارز في زيادة التعامل الاستيراد والتصدير خلال الاعوام السابقة.
ويلاحظ من الجدول الاول، ان الميزان التجاري كان يميل لمصلحة لبنان نظراً لاعتماد لبنان على سياسة الاقتصاد الحر وتوافر كل السلع الصناعية والزراعية وغيرها في الاقتصاد اللبناني، بينما ادى نقص السلع الصناعية وقطع التبديل وبعض المواد الغذائية في سورية الى استيرادها من لبنان وبذلك تحققت مصلحة البلدين معاً حين قام لبنان بتصدير الفائض المتوافر لديه واستوردت سورية احتياجاتها من هذه السلع من بلد عربي مجاور.
ويبدو واضحاً ان التعامل في السنوات الاخيرة يتزايد اذ وصلت قيمته في عام 1986 الى 137.7 مليون ليرة ثم تزايد استيراد قطع الغيار والاطارات والادوية والمواد الغذائية التموينية وغيرها، وبالتالي لم تظهر هذه المستوردات في الاحصاءات لكنها انعكست على الواقع الاحصائي فظهرت بشكل متناقض منذ عام 1982 وحتى 1988.
وتتمثل الصادرات السورية الى لبنان اليوم في الحبوب والبقوليات والقطن والألبسة القطنية والسجاد والخضر والفاكهة والمواد الغذائية، بينما تشمل المستوردات من لبنان المواد الاولية اللازمة للصناعة والمواد الكيماوية والكحول والمولدات الكهربائية والانابيب والادوية وغيرها ويبدو من خلال هذه المواد المذكورة عدم التعارض فيما بين منتجات البلدين وتبدو امكانات تحقيق التكامل واضحة ولمصلحة البلدين معاً.
ثانياً: اتفاقية التعاون والاخوة والتنسيق:
ان تطور العلاقات الاقتصادية بين سورية ولبنان وزيادة معدلات التبادل التجاري لمصلحة البلدين دفعا الحكومتين السورية واللبنانية الى تجديد الاتفاقات السابقة وتجلى ذلك بتوقيع "اتفاقية التعاون والاخوة والتنسيق" بين البلدين في 22 ايار مايو 1992 التي رسمت اطاراً عاماً للتكامل. وتبع هذه الاتفاقية توقيع اتفاقية ثنائية في المجالات التالية:
1 - اتفاقية الامن والدفاع المشترك وحماية حدود البلدين.
2 - اتفاقية للتعاون الزراعي وتبادل المنتجات الزراعية.
3 - اتفاقية نقل البضائع والترانزيت.
4 - اتفاقية التعاون والضمان الصحي والمعالجات.
5 - اتفاقية التعاون الاقتصادي والاجتماعي.
وتهدف معاهدة التعاون والتنسيق والاخوة السورية - اللبنانية والاتفاقات المتفرعة عنها الى الاهداف الآتية:
1 - حرية الاقامة والعمل والاستخدام وممارسة النشاطات الانتاجية في مختلف المجالات.
2 - حرية التبادل بين البلدين وفي شكل خاص تبادل المنتجات الزراعية والصناعية.
3 - حرية النقل والانتقال والشحن والترانزيت واستخدام المرافئ للشحن وغيرها.
4 - حرية التملك والإرث وتقديم الهبات والاعانات.
5 - حرية انتقال الاشخاص ورؤوس الاموال قصيرة الأجل والاستثمارات بمختلف انواعها.
6 - تشجيع الاستثمارات السورية واللبنانية في كلا البلدين بهدف زيادة الانتاج الزراعي والصناعي وتحقيق الاهداف الاقتصادية في كل دولة.
هذه الاهداف المحددة في الاتفاقية الافرادية والاتفاقية العامة ترمي الى تشجيع التبادل وصولاً الى التكامل الزراعي والصناعي في أبعاده المادية والمعنوية بين البلدين ولتأكيد ذلك وقع لبنان وسورية اتفاقية توحيد المعاملة الضريبية ورفع الازدواج الضريبي في عام 1997.
واخذت هذه الاتفاقية ترسم الاطار العام للاستثمار بين البلدين وشجعت على زيادة الاستثمارات وما يؤكد ذلك مساهمة الاستثمارات اللبنانية في اقامة 17 مشروعاً استثمارياً في سورية.
وبلغت نسبة المساهمة اللبنانية نحو 60 في المئة من قيمة هذه المشاريع اضافة الى ذلك هناك ثلاثة مشاريع لبنانية خالصة ستقام في سورية بموجب قانون الاستثمار رقم 10 لعام 1991، ومشاريع سورية بالمقابل ستقام في لبنان. واهم المشاريع اقامة محطة كهربائية في شمال لبنان بطاقة 1000 ميغاواط تعتمد الغاز السوري ويتم التمويل من الجانب السوري واللبناني في شكل مباشر.
اضافة الى ذلك ساهمت وتساهم الشركات الانشائية السورية في تنفيذ مشاريع الطرقات والجسور في لبنان من اجل اعادة اعمار ما دمرته الحرب هناك او انشاء طرقات جديدة تكون اساساً مهماً لتوسيع المشاريع الصناعية وتطويرها.
ويتضح من الجدول رقم 2 ان الصادرات اللبنانية - السورية تنمو بمعدلات متوازنة سنوياً منذ عام 1990 وحتى الوقت الحاضر وبمعدلات لا تتجاوز 20 - 25 في المئة او قد تتناقص وذلك حسب الظروف الاقتصادية لكن الصادرات السورية الى لبنان تزيد كثيراً على الواردات السورية من لبنان ويعود ذلك الى التصدير الوهمي الذي يقوم به المصدرون السوريون نظراً لأن سورية اصدرت قراراً اقتصادياً ربطت بموجبه الاستيراد بالتصدير وبالتالي على التاجر ان يصدر لكي يستورد ويمول مستورداته، هذا ما دفع البعض من هؤلاء التجار لاخراج الخضر او الفاكهة او السلع الاخرى والقائها خارج الحدود من دون ان تدخل الحدود اللبنانية وبذلك ترتفع حصة الصادرات السورية - اللبنانية فيما يلاحظ في المقابل انخفاض حصة المستوردات اللبنانية من سورية.
ولا تشكل هذه الارقام وثيقة اقتصادية لكي نناقشها ونحللها لمعرفة الجانب المهم والسلع المهمة في العلاقة السورية -اللبنانية.
اضافة الى ذلك فإن اعتماد الاسعار المتباينة في حسابات الدولار الجمركي في سورية قد لا يؤدي الى استعمال الاسعار الحقيقية او المقياس الحقيقي عند اجراء المقارنة.
لكن هذه العلاقات والاحصاءات المتوافرة تشير الى اهمية هذه العلاقات في شكل مستمر لا سيما بعد توقيع اتفاقية الاخوة والتنسيق والتعاون في عام 1992.
ان تخصيص الاسواق في ما بين البلدين وتنوع البيئات الجغرافية بين سهول داخلية وساحلية وجبلية قد يساهمان في شكل مباشر في تعميق هذا التعاون، بل ان ميزة التخصيص النسبي في انتاج محصول ما، كالقطن في سورية والحمضيات في لبنان، قد تساهم ايضاً في تحسين الاستثمار الزراعي وزيادة الانتاج. اضافة الى ذلك تحمل مزايا التكامل الصناعي في طياتها مزايا كثيرة لمصلحة البلدين ولمصلحة السوق العربية المشتركة.
مقترحات
تحدثت الادبيات الاقتصادية في الستينات والسبعينات عن مزايا التكامل الاقتصادي العربي، بصفته عاملاً مساعداً لتحقيق الوحدة العربية، لكن افكار وادبيات اليوم تعتبر التكامل الاقتصادي الحر ضرورة ملحة وحاجة لا يمكن الاستغناء عنها لا سيما امام التوجهات العالمية الحديثة لاقامة التكتلات الاقتصادية الدولية.
ولتعميق هذا التعاون والتكامل بين سورية ولبنان نقترح ما يلي:
1 - تحرير التجارة السورية الداخلية والخارجية من القيود المفروضة عليها لكي تتماثل مع التجارة اللبنانية في الشكل والمضمون.
2 - الغاء كل قوانين الحصر والمنع وتقييد الاستثمار وتقييد اسعار الصرف في سورية التي تشكل اساساً مشتركاً للتعامل في ما بين اللبنانيين والسوريين.
3 - خفض الرسوم الجمركية على السلع والمنتجات ذات المنشأ السوري او اللبناني الى ادنى الحدود ليصار الى الغائها في فترات لاحقة.
4 - تحديد رسوم جمركية مرتفعة لا تتجاوز 50 في المئة للسلع المستوردة لبلد وذلك عند اعادة تصديرها للبلد الآخر رغبة في الحصول على مزايا وتسهيلات من الدول الاجنبية لكلا البلدين أو التفضيل في المعاملة في بعض الأحيان.
5 - تحرير القيود المفروضة على حركة رؤوس الأموال والايدي العاملة شريطة توجهها الى القطاعات الانتاجية الصناعية أو الزراعية في البداية.
6 - الاستفادة من خبرات البلدين عند الدخول سوية الى الأسواق العالمية أو العربية وذلك في مجال التصنيف والتعبئة والتغليف والمحادثات التجارية وغيرها.
7 - وضع اتفاقية دفع متبادلة واتفاقات دفع عالمية يذكر فيها سورية ولبنان عند تسديد قيمة المحاصيل أو السلع المصدرة للدول الاجنبية وذلك لتشجيع الأطراف المتعاملة مع سورية ولبنان على تعميق التجارة والتبادل مع هذين البلدين.
8 - اقامة شركات مشتركة مساهمة سورية - لبنانية في الصناعة والسياحة والخدمات للاستفادة من الخبرات في البلدين تكون نواة للتكامل الاقتصادي الفعلي ونواة للتكامل الاقتصادي العربي.
9 - اقامة مركز تجاري سوري - لبناني مقره بيروت واقامة فرع له في الدول العربية والأوروبية بهدف التعريف بالسلع السورية واللبنانية وتحديد امكانات التبادل والدفع مع العالم الخارجي.
10 - اعطاء صلاحيات واسعة للمجلس الأعلى السوري - اللبناني ليتدخل في كل الأنشطة من جهة وليشكل لجاناً حكومية أو غير حكومية في كل المجالات تساعد على انجاز الأعمال وتقديم تسهيلات لها.
ان هذه المقترحات تشكل جزءاً من مشروع متكامل بين البلدين يهدف في البداية الى تحقيق التكامل الاقتصادي وينتهي بالوحدة الاقتصادية التي تحقق أهداف البلدين كما كان ذلك في فترات سابقة وخاصة في الفترة من 1920 وحتى 1950 .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.