أينما وقع نظر المرء في اقليم سيتشوان الصيني يرى خيماً زرقاء نصبتها الحكومة لإيواء الناجين من الزلزال الذي ضرب الإقليم في 12 أيار مايو. وأطلق على تجمعات الخيم أسماء القرى التي اندثرت، ومحاها الزلزال عن الخريطة. واقليم سيتشوان هو، اليوم، مخيم لاجئين كبير يأوي 5.2 مليون نسمة فقدوا منازلهم وقراهم. وبحسب إحصاءات حكومية أولية، دمر الزلزال 5.5 مليون مبنى، وألحق ضرراً فادحاً ب21 مليون مبنى. ولم تعد هذه المباني المتضررة صالحة للسكن. وقبل ثلاثة أعوام، لن تعود قرى سيتشوان الى سابق عهدها. فإعادة بناء هذا الإقليم المدمر تستغرق 3 أعوام. ومن المتوقع أن تُدمر قرى بأكملها، وأن يعاد بناؤها في مكان بعيد من خط هزات لونغمان المعروف بپ"باب التنين". وهذا شأن قرية كوشان التي قضى أكثر من نصف سكانها البالغ عددهم 13 ألف نسمة قبل الزلزال. ولكن الناجين من الزلزال في حاجة ماسة الى 3.3 مليون خيمة تأويهم في موسم أمطار الشتاء. وعلى رغم بذلها جهوداً حثيثة وكبيرة، عجزت المصانع الصينية في شرق البلاد عن تأمين عدد الخيم المطلوب لإيواء الناجين. وفي مطلع الاسبوع الجاري، وصلت طائرتا شحن أميركيتان وعسكريتان الى مطار شنغدو، حملتا 650 خيمة لمساعدة المتضررين من الزلزال."والمهم أننا بقينا على قيد الحياة"، على ما يقول هيونغ رن جين 24 عاماً، اللاجئ الى مخيم الخيم الزرقاء في مينيانغ. ويعود الفضل في نجاة سكان قرية هيونغ الى مبادرته الى إجلاء سكان القرية البالغ عددهم 300 نسمة، بعد تأخر مساعدات النجدة في الوصول، وشح مياه الشفة وارتفاع مستوى مياه النهر. وتقع القرية في أسفل جبال يصعب على طوافات الإغاثة بلوغها. فدعا هيونغ، عند الخامسة فجراً، سكان القرية الى الجلاء عنها قبل فيضان النهر. ونظم عملية الإجلاء. وقسّم السكان مجموعات صغيرة تعنى الواحدة منها بالأطفال والمسنين. وحمل الهاربون من قريتهم معهم مياه الشفة والغذاء. وپ"غادرنا على وقع الهزات وتمايل الأرض تحت أقدامنا. والجبال حولنا تهتز. صوت الأرض كان رهيباً. وآلمني كثيراً أن يضطر موكب النازحين الى ترك أشخاص عجزوا عن المشي للوصول الى مكان آمن. فنحن كنا 60 شخصاً عند مغادرتنا القرية، وبلغ منا المنطقة الآمنة 28 شخصاً"، على ما تروي تانغ يونغ، وهي ربة منزل. ومشى سكان قرية كسيونبي ايرغوان طوال 14 ساعة من دون التوقف لتناول الطعام، قبل وصولهم الى بر الأمان. ونقل الناجون الى مخيم يضم 10 آلاف لاجئ. وكانوا منهكين. فارتموا على الأرض، ولم يستطيعوا تناول الطعام الذي قدمه إليهم عمال الإغاثة، على رغم شعورهم بالجوع. وبعد أربعة أيام من وصولهم الى هذا المخيم، نقلت المجموعة من اللاجئين الى مجمع خيم آخر وجدوا فيه الأشخاص الذين اضطروا الى تركهم وراءهم في رحلة الجلاء، ونجحوا بدورهم في الوصول الى مكان آمن. وتتولى الحكومة الصينية مساعدة الناجين، وتؤمن لهم مياه الشفة والغذاء والعناية الطبية والملابس. وتحاول مدينة جيانغيو، وعدد سكانها 870 ألف نسمة ولجأ إل يها 340 ألف شخص، مواجهة آثار الزلزال، واستقبال موجات اللاجئين من الجبال. فالخيم تنصب في كل بقعة أرض لم يشققها الزلزال أو يصدعها، وفي الحدائق العامة، وفي باحات المؤسسات العامة. ويخشى سكان جيانغيو العودة للإقامة في منازلهم المملوءة بالشروخ، ويفضلون النوم جنباً الى جنب في العراء، ويأملون بألا تقع هزات ارتدادية خلال نومهم وألا تهطل الأمطار. ويخرج الأهالي من أصحاب المنازل المتضررة أجهزة التلفزيون والأسرّة الى خارج منازلهم. وأنشأت السلطات الصينية 8 مخيمات لإيواء الناجين من الزلزال، وهي تسعى الى الحؤول دون تفشي الأوبئة بين السكان المنكوبين. عن باسكال نيفيل،"ليبيراسيون"الفرنسية، 26/5/2008