سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الاستشارات الثلثاء والرئيس سيلعب دور "شيخ صلح" والحشد الخارجي يرمز إلى التقاطع الدولي - العربي حول لبنان . إنتخاب سليمان اليوم يطلق مسار الدوحة ورئاسة الحكومة بين الحريري وبقاء السنيورة
ينطلق قطار التسوية السياسية في لبنان مساء اليوم، مع إنهاء الفراغ الرئاسي الذي أثقل على الحياة السياسية اللبنانية وأحدث فراغاً سياسياً بلغ ذروته باستخدام السلاح من جانب المعارضة اللبنانية في وجه خصومها في الأكثرية وقرارات حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، وبصدامات دموية أوقفها التدخل العربي الضاغط الذي أنتج اتفاق الدوحة لإعادة الصراع الى داخل المؤسسات الدستورية، وإخراج لبنان من آتون الحرب الأهلية. راجع ص 7 و8 و9 وإذ يشكل انتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، في الخامسة عصر اليوم، نقطة الارتكاز في انطلاق مسار سياسي جديد في لبنان بعد زهاء 3 سنوات من الشلل في دور الرئاسة الأولى كحكم، بفعل التمديد للرئيس السابق إميل لحود الذي كان سبب انقسام بين اللبنانيين، وبفعل تأخر انتخاب البديل أكثر من 6 أشهر، فإن تدشين اتفاق الدوحة بتولي سليمان سدة الرئاسة يفترض أن يطلق دينامية جديدة، برعاية عربية ودولية للمصالحة. وهي رعاية ستتجلى بالحضور الوزاري الدولي والعربي الكثيف في جلستي انتخاب سليمان وخطاب القسم الذي سيلقيه ويحدد فيه ملامح سياسته على مدى السنوات الست المقبلة. وفيما يحضر جلسة القسم، أمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني الذي سيجلس الى يسار رئيس المجلس النيابي نبيه بري، فيما يجلس سليمان الى يمينه، إضافة الى سائر المدعوين الذين سيجلس معظمهم على الشرفة المخصصة للضيوف والإعلاميين، فإن التوقعات حول ما سيعلنه سليمان في خطابه الذي قال بعض أصدقائه إنه كتبه بخط يده قبل مدة وجرت ترجمته الى الإنكليزية والفرنسية، لن يخرج عن إطار المواقف السابقة التي أعلنها وركز فيها على دور الرئاسة التوفيقي بين فريقي الأكثرية والمعارضة سبق أن استخدم تعبير شيخ صلح. وأكد العارفون بأفكار سليمان أن مصادفة انتخابه اليوم مع الذكرى الثامنة لتحرير الجنوب من الاحتلال الإسرائيلي في العام 2000، والتي يحتفل بها"حزب الله"والمؤسسات الرسمية، لن يمر في خطاب القسم من دون الإشارة الى دور المقاومة في التحرير من الاحتلال والى استمرار احتلال مزارع شبعا. كما أن خطاب القسم سيشير أيضاً الى دور الجيش في صد العدوان مع المقاومة، وفي صون السلم الأهلي ووحدة اللبنانيين، فضلاً عن أنه سيركز على مهمة تعزيز الجيش وقدراته وتسليحه. وأوضح قريبون من سليمان أنه سيشدد على بناء الدولة والمؤسسات والعدالة الاجتماعية واعتماد الكفاءة في وظائف الدولة بدلاً من المحاصصة داخل السلطة،"انطلاقاً من تأثره بالتجربة الشهابية مرحلة الرئيس الراحل فؤاد شهاب بين العامين 1958 و1964 في بناء المؤسسات مع تحديث لهذه التجربة". وعلم ان العماد سليمان اصدر قرارا امس، بصفته قائدا للجيش، بتعيين العميد وديع الغفري قائدا للحرس الجمهوري والعقيد حسن كريّم مساعدا له. ولم تستبعد الأوساط القريبة من سليمان أن يؤكد أولوية وحدة اللبنانيين في التعاطي مع التطورات الخارجية في المنطقة والصراعات الدائرة فيها، في وقت سيكون الحشد العربي والدولي غير المسبوق في قاعة البرلمان والذي أراده بري"عرساً وطنياً وعربياً ودولياً دعماً للبنان"، مناسبة للقاء ممثلي الدول التي اختلفت سياساتها إزاء الأزمة اللبنانية وتعارضت مصالحها في التعاطي مع هذه الأزمة، وربما كانت مناسبة للقاءات وأحاديث جانبية بين وزراء خارجية بعض هذه الدول، بعد التقاطع الدولي ? العربي الذي ساعد على التوصل الى اتفاق الدوحة برعاية اللجنة العربية الوزارية الثمانية برئاسة رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني. فوزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي وحليفه السوري وليد المعلم، سيتواجدان في القاعة نفسها مع وزيري خارجية المملكة العربية السعودية سعود الفيصل ومصر أحمد أبو الغيط، فضلاً عن وزراء خارجية فرنسا وإيطاليا وإسبانيا، خصوصاً أن باريس كانت ربطت فتح الحوار مع دمشق بتسهيلها الحلول في لبنان، فيما قالت مصادر في دمشق أن الوزير الفرنسي برنار كوشنير طلب لقاء مع المعلم. وفيما علمت"الحياة"أن الوزير سعود الفيصل سيصل بعد ظهر اليوم الى بيروت ويتوجه مباشرة الى مبنى البرلمان في وسط بيروت ليشارك في جلسة القسم، ويعود مباشرة الى المطار بعد التهاني بانتخاب الرئيس سليمان، فإن اللقاءات بين بعض المسؤولين العرب الذين وصلوا أمس الى العاصمة اللبنانية وبعض المسؤولين اللبنانيين بدأت منذ ليل أمس، إذ التقى حمد بن جاسم وعدد من أعضاء اللجنة الوزارية العربية الذين وصلوا الى بيروت والأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، الى مائدة العشاء بدعوة من السنيورة، في حضور الوزراء، بمن فيهم بعض الوزراء المستقيلين من الحكومة. وجرى البحث في تفعيل الدعم العربي لتنفيذ اتفاق الدوحة. كما أن لقاء سيجمع الباقين في بيروت من الوزراء والموفدين الأجانب والعرب، بمن فيهم رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان ووزير خارجيته علي باباجان اللذان يصلان اليوم، الى مائدة العشاء بدعوة من بري الذي دعا إليها أيضاً السنيورة ووزراء الحكومة، تكريساً للمصالحة التي أجريت في الدوحة.وفيما يرصد المراقبون اللقاءات التي سيجريها الوزير الإيراني متقي على هامش حضوره جلسة القسم، كذلك الوزير المعلم، فإن وزراء أوروبيين وعرباً سيلتقون الرئيس الجديد للجمهورية إضافة الى قيادات أخرى مثل كوشنير وحمد بن جاسم. ويحضر جلسة القسم سفراء الدول الكبرى التي لم يدع وزراؤها، كما يحضرها النائب الاميركي اللبناني الاصل نيك رحال باعتباره يرأس وفدا من الكونغرس يزور بيروت حاليا. نتظر أن يبدأ تطبيق آلية اتفاق الدوحة، اعتباراً من غد الاثنين، بعد تسلم سليمان الرئاسة ودخوله القصر الرئاسي في بعبدا صباحاً، إذ يفترض أن يلتقي الرئيس الجديد مع السنيورة باعتبار أن الدستور ينص على اعتبار الحكومة مستقيلة بعد انتخاب رئيس جديد، ليصدر سليمان مرسوماً بذلك ويكلف الحكومة بتصريف الأعمال ويحدد مواعيد للكتل النيابية من أجل إجراء استشارات نيابية ملزمة لتسمية الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة المقبلة بعد غد الثلثاء. وإذ بدأت القوى السياسية قاطبة التحضير لمرحلة ما بعد انتخاب سليمان وسط تكهنات حول شكل الحكومة والحقائب فيها، فإن مصادر قيادية في الأكثرية التي يعود لها تسمية رئيس الحكومة العتيد أوضحت ل"الحياة"عصر أمس أن لا شيء محسوماً حتى الآن. وأكد غير مصدر في الأكثرية أنه على رغم كل ما يقال في شأن الحكومة، فإن مسألتين حسمتا على هذا الصعيد، الأولى في بيروت أثناء المحادثات التي قامت بها اللجنة العربية الوزارية برئاسة الشيخ حمد بن جاسم وهي أن حقيبة وزارة الداخلية ستعود الى أحد الوزراء الثلاثة الذين سيسميهم سليمان، والثانية في اتفاق الدوحة حول توزيع الحصص في الحكومة على أساس 16 للأكثرية و11 للمعارضة و3 للرئيس. وقالت المصادر في الأكثرية إن مسألة ترشيح زعيم"تيار المستقبل"النائب سعد الحريري للرئاسة الثالثة ما زالت قيد الدرس والمناقشة وأن الأخير ما زال يجري مشاوراته مع معاونيه ويضع هذا الخيار في الميزان من زوايا عدة. ونفت المصادر ما يتردد عن أن هناك تشاوراً في هذا الشأن مع أي جهة إقليمية، لأن اتخاذ القرار في هذا الشأن يعود الى الأكثرية. وذكرت المصادر أن الخيار هو بين ترشيح الحريري وبين بقاء الرئيس السنيورة وأن الحسم فيه يعود الى تيار"المستقبل"وتحديداً الى التشاور النهائي بين الاثنين، على أن يتم البت في أي من الخيارين بين قوى الأكثرية في خلال اليومين المقبلين. وفيما سيحتل الملف الحكومي صدارة الأحداث بدءاً من الغد، قال السنيورة أمس في تصريح لوكالة"فرانس برس":"لقد مارست مهامي طوال ثلاث سنوات، وأعتقد أن الوقت حان للتغيير"، مذكراً بأن القرار النهائي في ذلك يعود للغالبية النيابية التي ينتمي إليها. وأضاف:"لكن إذا كان الأمر يعود إليّ شخصياً، فإنني راغب في التخلي عن منصبي. لقد اكتفيت". وكان السنيورة تلقى بعد ظهر أمس اتصالاً من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون اطلع فيه من رئيس الحكومة على مضمون مؤتمر الدوحة للحوار الوطني ونتائجه التي أفضت الى الاتفاق الذي أعلن في نهايته. وشرح السنيورة لبان الآفاق التي فتحها اتفاق الدوحة والمترتبات التي ستظهر بسببه. وتوجه بان للسنيورة والشعب اللبناني بالتهنئة على"إنجاز هذا الاتفاق والخطوات التي ستبنى عليه، منها على وجه الخصوص انتخاب العماد سليمان رئيساً، والاتفاق على قيام حكومة اتحاد وطني، وبالتالي عودة مؤسسات النظام الديموقراطي للعمل وفقاً لأحكام الدستور". ونوه بان بما تضمنه الاتفاق"من تشديد على سيادة سلطة الدولة على كامل أراضيها وأن لا تكون أية منطقة لبنانية بعيدة من سلطة القانون". وأبلغ السنيورة"اهتمامه ومتابعته في المستقبل لمندرجات الاتفاق متمنياً للشعب اللبناني كل التوفيق والازدهار بفضل العودة للحياة الطبيعية"، مؤكداً دعم الأممالمتحدة ومؤسساتها للبنان"من أجل عودة النظام الديموقراطي للانتظام والعمل بكل الاتجاهات". وسيمثل الأمين العام في البرلمان اليوم موفده تيري رود لارسن.