تتقاسم أربع مطبوعات سوق المجلات الأسرية-النسائية في الإمارات، هي: مجلة"زهرة الخليج"المستمرة منذ ثلاثة عقود وتصدرها شركة"أبوظبي للإعلام"،"المرأة اليوم"الصادرة عن"العربية للصحافة والإعلام"في أبوظبي و"الصدى"التي تصدرها"دار الصدى للصحافة والنشر"في دبي و"كل الأسرة"وناشرها"دار الخليج"في الشارقة. بعد هذه القائمة القصيرة، أو تحتها وخلفها، ثمة سوق واسعة تتكاثر فيها شهرياً المطبوعات"المقلِدة"، فيصمد منها القليل ويختفي الكثير بعد عدد واحد أو أعداد محدودة. وتعتبر هذه المساحة الإعلانية والإعلامية مغرية إلى حد تحرص فيه المؤسسات الإعلامية الكبرى في الإمارات على إصدار مطبوعة لها على الأقل، وتتهافت عليها المؤسسات التجارية، كأن تصدر شركة مجوهرات مطبوعتها النسائية الخاصة كدعاية لها ولتوفير مساحة إعلانية توازي كلفتها الإنتاجية الإعلامية والطباعية كلفة الإعلان في مطبوعة مماثلة، خصوصاً في مجلة نسائية ذات انتشار واسع، إذ يصل سعر الإعلان في بعضها للصفحة الواحدة إلى نحو 6 آلاف دولار، أما سعر إعلان الغلاف الذي بات من ثلاث أو خمس صفحات فأضعاف ذلك. يرى مديرا تحرير"زهرة الخليج"و"المرأة اليوم"طلال طعمة وكمال عبد الحميد أن"عراقة المجلة عامل رئيس في انتشارها". إذ"راكمت المجلات، العريقة خصوصاً، على مدى سنين طويلة، جمهوراً عريضاً"، يقول طعمة."الابن الذي اعتاد أن يجد مطبوعة في بيت أسرته، في يد أمه أو أبيه، طبيعي أن يغدو من قرائها حين يكبر"، يقول عبد الحميد. فيما يرى مدير تحرير"الصدى"عبدالكريم بيروتي ان العامل الأهم هو ان تكون المجلة النسائية ? الأسرية اسماً على مسمى،"أي ان تلبي حاجات المرأة الحريصة على تطوير نفسها، وتحسين ظروف أفراد عائلتها، باعتبار المرأة صاحبة القرار في كثير من أمور العائلة". ويتفق طعمة وعبدالحميد على أن النجاح التحريري شرط للنجاح الاقتصادي والاستمرار والانتشار. فالتحرير الجيد، بحسبهما،"يجذب المعلنين والجمهور"."فإذا استطاعت المجلة ان تغطي تكاليفها الإعلانات والمبيعات، تستمر. وإذا لم تستطع ذلك فستضطر إلى الاحتجاب"، يجزم بيروتي، مؤكداً ان"الصدى"هي المجلة الأثيرة لدى سيدات الطبقة الاجتماعية العليا في المجتمع الخليجي الأميرات والشيخات وسيدات الأعمال، وهي الشريحة التي تملك القوة الشرائية المتميزة، وهذا ما ينعكس على حجم الاشتراكات والإعلانات الموجهة إلى هذه الشريحة الاجتماعية تحديداً". لكن أين تتفق المجلات الثلاث أو تختلف في فهم التحرير وممارسته؟ يعتبر بيروتي ان"الصدى"مجلة شعبية انتشاراً ونخبوية في الوقت عينه، من دون ان يرى تعارضاً بين الصفتين،"بل العكس هو الصحيح". أما"زهرة الخليج"فتعمل لتكون مادتها مشغولة تحريرياً ومقبولة شعبياً، فيما تحرص"المرأة اليوم"على أن تكون مادتها"مشغولة بنَفَس ثقافي"، أو بحسب عبد الحميد:"مجلتنا وإن كانت أسبوعية، ليست لتقرأ في نصف ساعة". ويضيف بيروتي:"مجلتنا تخاطب كل أفراد الأسرة. فشعارنا الذي يُطبع تحت اسم المجلة هو: مجلة العائلة العربية، ونحن ملتزمون تماماً بهذا الشعار". وإذا كان طعمة يرى في تلك"الطبخة"التحريرية سبباً رئيساً من أسباب انتشار مجلته العريقة، وأي مطبوعة أخرى، وتحقيقها نسبة مبيع عالية وجذبها قسماً كبيراً من الإعلانات المتوجهة إلى الأسرة والمرأة العربيتين وبأسعار مرتفعة، يؤكد عبد الحميد أن مجلته الفتية التي انطلقت في عام 1999،"باتت تحظى بجمهور واسع وتفوز بنسبة لا بأس بها من الإعلانات، بل باتت رابحة". فيما يؤكد بيروتي أن"الصدى"مجلة رابحة اقتصادياً:"لو كانت تخسر لتوقفت عن الصدور، فنحن الآن ندخل السنة الحادية عشرة، حجم الإعلانات عندنا يتزايد، وكذلك حجم التوزيع". إذاً، تعود الطابة إلى ملعب التحرير، ومن خلاله إلى مرمى المعلن، الذي يقف حارساً في جهتي الملعب. فالمجلات كلها تسعى إلى"تقديم مادة ترضي الجمهور وتتميز وتجذب المعلن"، يقول طعمة، والمعلن"لم يعد يعلن في أي مطبوعة كما كان سابقاً"، يقول عبد الحميد. وتفق الاثنان على ان"المعلن ذكي ويعرف أي مطبوعة لها جمهور وأيها لا تحظى بقرَّاء". ويزيد طعمة:"المعلن تجذبه المجلة ذات الانتشار العربي، فهو يجد معها إعلانه منتشراً في الأسواق التي يستهدفها". ولعل في هذا ما يفسر جانباً من ازدهار المجلات الأسرية النسائية التي تصدر في الإمارات وتوزع عربياً وغيرها العابرة للحدود. ويلفت بيروتي في هذا السياق إلى ان شركات الإعلان لديها دراسات ميدانية عن جمهور كل مطبوعة، وتعرف نوعية قراء كل مطبوعة، وعلى هذا الأساس يتم توزيع"كعكة الإعلان". ويضيف:"نحن أصحاب حصة مهمة في هذه الكعكة". والمساحة الإعلانية التي تتوخاها المطبوعات النسائية الأسرية، في الإمارات والخليج، ليست صغيرة. الكلام هنا عن ملايين الدراهم-الدولارات سنوياً. سوق المرأة وجمالها وعالمها وأسرتها، هو ما يجعل تلك المجلات، وخصوصاً ما يتربع منها على العرش، يحدد أسبوعياً عدد الصفحات لتلبية الطلب الإعلاني عليها، إذ ثمة قاعدة معتمدة هناك مفادها أن ثلث عدد صفحات المجلة للإعلان ، بينما الثلثان الباقيان للمادة الصحافية من أخبار منوعة وتحقيقات اجتماعية وأسرية وصحية و"خفيفة"ومقالات متنوعة ومساحات تسلية وأبراج. فالسوق الإعلانية توفر للمجلات الناجحة، بحسب طعمة،"استمراراً وحياة اقتصادية سليمة ورابحة. والفوز في الامتحان لمن يقدم مادة صحافية تساعد في الانتشار وتوسعة السوق". وبينما يوافقه عبد الحميد، يرى أن الفوز هو لمن ينجح في"التوازن بين أقطاب المثلث الذهبي: هوية مهنية وتحريرية خاصة تحترم إنسانية من تتوجه إليه وعقله، وقارئ مميز ومعلن مميز". ولا ينكر بيروتي ان مجلته الصدى تتنافس مع المجلات النسائية ? الأسرية الأخرى في الخليج عموماً، وليس على مستوى الإمارات فحسب، مشيراً إلى ان"لكل مجلة أسلوبها في التحرير والإخراج... والاهتمامات. والسوق مفتوحة للمنافسة التي تشجع على التطوّر والتميز والابتكار". نشر في العدد: 16698 ت.م: 22-12-2008 ص: 25 ط: الرياض