استبق المغاربة زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لمنطقة شمال افريقيا، وتحديداً الجزائر، بتمنيات على الزائر الجديد بالقيام ب"زيارة دولة"للمغرب على غرار سلفه جاك شيراك الذي عرف بعلاقات مودة أكثر مع الرباط. بيد أن اللافت في طلب المغرب إرجاء زيارة العمل التي كانت مقررة، أنها كانت ستتم في مدينة وجدة على مشارف الحدود الشرقية مع الجزائر، كون العاهل المغربي الملك محمد السادس يزور المنطقة وينتقل منها إلى الناضور على الساحل المتوسطي، في ضوء ابداء المزيد من الاهتمام بالنهوض بالمنطقة المتوسطية للبلاد، ما يلتقي وخطة الرئيس ساركوزي لناحية طرح خطة شراكة متوسطية أكثر مما حققته اجراءات مسار برشلونة. إلا أن الإرجاء يُراد منه، من وجهة نظر الرباط، إعطاء الخطة الفرنسية أبعاداً أعمق، وفي مقدمها تسهيل حل نزاع الصحراء، وانتظار تشكيل حكومة مغربية جديدة على خلفية الانتخابات المقررة في أيلول سبتمبر المقبل، وإعداد تصورات فرنسية ازاء مستقبل العلاقات مع دول شمال افريقيا، كونها اتسمت في عهد الرئيس السابق جاك شيراك بدعم واضح للمغرب، إلى درجة كان وصف فيها المحافظات الصحراوية المتنازع عليها بين المغرب و"بوليساريو"بأنها"اقليم جنوبي للمغرب"، فيما اهتنم الرئيس الاشتراكي الراحل فرنسوا ميتران بتكريس توازن في العلاقات مع كل من المغرب والجزائر. غير أن التأثير الفرنسي في العلاقات مع الدول الافريقية خلال القمة الفرنسية - الافريقية يميل لجهة المغرب، العضو الناشط في المنظمة، خصوصاً تعليق عضويته في منظمة الوحدة الافريقية إثر اعترافات"الجمهورية الصحراوية"عام 1984. ويذكر بهذا الصدد ان الرئيس الراحل فرانسوا ميتران كان أول من طلب الى الملك الراحل الحسن الثاني إجراء استفتاء في الصحراء عام 1981، في حين راهن الرئيس جاك شيراك على خطة المغرب منح اقليم الصحراء حكماً ذاتياً موسعاً. ودافعت الديبلوماسية الفرنسية بقوة عن الموقف المغربي في الأممالمتحدة الى جانب أميركا لدى طرح قضية الصحراء للنقاش في مجلس الأمن، ومن غير الوارد حدوث تغيير على السياسة الفرنسية في هذا المجال، كون باريس تراهن على تأمين حضور رسمي في منطقة نفوذها التقليدي. وقد يستغل الرئيس ساركوزي زيارته للجزائر لامتزاج الموقف الجزائري إزاء دعم المفاوضات المباشرة بين المغرب و"بوليساريو"التي ترعاها الأممالمتحدة بحضور الجزائر وموريتانيا كمراقبين. ومهما تكن نتائج زيارة ساركوزي لكل من الجزائر وتونس، فإن غياب المحطة المغربية يبقى لافتاً، وسيعوضه بزيارة دولة في تشرين الأول اكتوبر المقبل، تكون خلالها كثير من المواقف والأحداث قد نضجت، وفق مصادر ديبلوماسية مغاربية.