يرى مسؤولون مغاربة أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي يبدأ زيارته الرسمية الأولى للرباط اليوم، يمكن أن يلعب دوراً في إعادة تفعيل الاتحاد المغاربي المتعثر، خصوصاً في ضوء انفتاحه على الجزائر ودعمه مبادرة الحكم الذاتي التي طرحها المغرب لتسوية نزاع الصحراء الغربية. ولفت سياسي مغربي إلى"الدلالات"التي يحفل بها برنامج الزيارة التي تشمل ثلاث مدن تستضيف المحادثات السياسية والاقتصادية التي يجريها ساركوزي. وقال إن اختيار مراكش لإقامة مراسم حفل الاستقبال الرسمي ومحادثات الضيف الفرنسي مع العاهل المغربي الملك محمد السادس يعيد إلى الأذهان حدث تأسيس الاتحاد المغاربي في العام 1989، كونه انبثق على خلفية الوفاق المغربي - الجزائري الذي كان سائداً آنذاك، حين أسهم استقبال الملك الراحل الحسن الثاني قياديين في جبهة"بوليساريو"في الدفع قدماً بالبناء المغاربي. وأشار إلى تعويل المغرب على دور فاعل للرئاسة الفرنسية في مفاوضات الصحراء التي انطلقت بين المغرب و"بوليساريو"برعاية الاممالمتحدة وحضور الجزائر وموريتانيا، خصوصاً أن ساركوزي أبدى انفتاحاً أكثر على الجزائر. وأضاف أن حضور ساركوزي إلى البرلمان المغربي الذي سيخصص له استقبالاً كبيراً غداً الثلثاء وإلقائه خطاباً أمام المؤسسة التشريعية"يعكس مجالات التقدم في التجربة الديموقراطية في المغرب، خصوصاً أن الشراكة السياسية بين باريسوالرباط راعت حدوث تطور في هذا الاتجاه وتحديداً من خلال تحسين سجل البلاد في احترام حقوق الإنسان والقطع مع الانتهاكات السابقة التي كانت سبب أزمات بين البلدين، خصوصاً في عهد الرئيس الراحل فرانسوا ميتران". أما الجانب الاقتصادي في الزيارة، فتجسده"عاصمة البوغاز"مدينة طنجة التي سيرعى فيها ساركوزي لقاء اقتصادياً مع رجال الأعمال الفرنسيين، كما سيزور الميناء المتوسطي الذي يعتبر إنجازاً اقتصادياً كبيراً للنهوض بالمنطقة الشمالية. فضلاً عن انطلاق المشروع التجاري لقاطرات السكك الحديد الذي تشرف عليه مقاولات فرنسية من طنجة في اتجاه مراكش ثم أغادير على الساحل الأطلسي. ويسعى المغاربة والفرنسيون إلى تأكيد أن علاقتهم"خالية من المشاكل"وأن ما تردد عن انزعاج الرباط من زيارة ساركوزي إلى الجزائر قبل بضعة أسابيع لا يعني تفضيلها على المغرب الذي كانت زيارته مقررة أيضاً لولا ارجاؤها بطلب من الرباط للإعداد لزيارة دولة تكون أهم، وأن لجوء المغرب إلى الانفتاح على السوق الأميركية لاقتناء طائرات"اف 16"بدل طائرات"رافال"الفرنسية أملته اعتبارات تقنية. ورأى مسؤول مغربي بارز أن الانفتاح الفرنسي على الجزائر"مؤشر إيجابي". وقال ل"الحياة"إن"هذا التعاطي يعني تغليب فكرة المغرب العربي على التعامل الفردي في السياسة الفرنسية، وهذا التطور في إمكانه أن يساعد التقدم المطلوب لمعاودة تفعيل البناء المغاربي، ما قد يذيب خلافات الصحراء في مسار الوحدة المغاربية". ورأى أن دعم باريس اقتراح المغرب منح الأقاليم الصحراوية حكماً ذاتياً موسعاً"يزيل آخر العقبات أمام الدمج المغاربي"الذي يعتبر مقدمة لبناء الاتحاد المتوسطي في بعده الجنوبي، خصوصاً أن ساركوزي يراهن على المشروع لتحقيق انسجام بين الاتحادين الأوروبي والمغاربي في التعاطي وملفات الأمن والسلام والاستقرار والحرب على الإرهاب. وكانت الرباط استبقت النقاش في شأن مشروع الرئيس الفرنسي بإعلانها مساندته"مبدئياً وعملياً"كونه يحول البحر المتوسط إلى حوض سلام ويدفع في اتجاه ربط الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من منظور جديد يعيد إلى الاتحاد الأوروبي حيويته في المنطقة. ولفتت مصادر إلى أن المشروع سيكون ضمن أهم القضايا التي سيبحث فيها ساركوزي والعاهل المغربي.