رفض كل من البيت الابيض والحكومة البريطانية امس تأكيد معلومات مفادها ان الرئيس جورج بوش طلب من رئيس الوزراء البريطاني توني بلير ان يتولي مهمة المبعوث الخاص للجنة الرباعية الدولية في الشرق الاوسط. وكان الناطق باسم البيت الابيض توني سنو اعلن اول من امس "اننا ننجز الكثير، لكننا في هذه النقطة بالذات لا نعمل على تعيين مبعوثين". كما رفض أن يؤكد رسميا إن كان بوش ناقش هذه المسألة اخيرا مع من يعتبره "صديقه" وحليفه في الحرب على العراق، او مع رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت حين استقبله الثلثاء. في الوقت نفسه، امتنع مقر رئاسة الوزراء البريطانية عن تأكيد الأنباء الأميركية، فيما حرص مسؤولون بريطانيون على عدم نفيها، بينما ذكرت صحيفة"ذي فاينانشيال تايمز"البريطانية أن كبير مساعدي رايس لشؤون الشرق الأوسط ديفيد ولش زار لندن أمس لبحث هذه المسألة. وكانت تقارير اعلامية أميركية افادت أمس أن البيت الأبيض يحاول اقناع بلير بتولي مهمة مبعوث للمنطقة بعد انتهاء ولايته آخر الشهر، والعمل بموازاة جهود وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس على تعزيز السلطة الفلسطينية والوصول الى حل الدولتين قبل انتهاء ولاية بوش في آخر العام 2008. وأشارت صحيفة"نيويورك تايمز"الى أن بوش طلب شخصيا من بلير أن يدرس فكرة تولي منصب مبعوث دولي يمثل اللجنة الرباعية اميركا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدةوروسيا في المنطقة والتفرغ لدفع عملية السلام. واضافت أن بلير يدرس طلب واشنطن بعد الحاح من رايس وايفادها ولش الى لندن منذ أيام للبحث بهذه المهمة. ويحاول الجانب الأميركي نيل موافقة سريعة من بلير واعلانها قبل مغادرته منصب رئاسة الوزراء مطلع الأسبوع المقبل، وتزامنا مع خطاب بوش لمناسبة حل الدولتين. ولاقت الخطوة ترحيباً من جميع الأطراف في"الرباعية"باستثناء روسيا بسبب خلافاتها مع لندن في شأن الملف الايراني وقضية تسميم عميل الاستخبارات الروسية"كي. جي. بي"السابق والمعارض لسياسة روسيا أليكسندر ليتفينكو ووفاته في لندن الصيف الماضي. وبحسب ديبلوماسيين غربيين، من المستبعد ان تعطل روسيا التعيين في حال قبول بلير، في حين أبدى أولمرت انفتاحا على المبادرة خلال لقائه بوش منذ يومين. وفي حال تعيين بلير، ستعكس هذه الخطوة تراجع أسهم المحافظين الجدد في ولاية بوش الثانية وصعود الخط المعتدل وازدياد تأثير رايس وفريقها على السياسة الخارجية. في الوقت نفسه، تلقى التوجهات نحو دفع المفاوضات وتعيين مبعوث اجماعاً في الوسط السياسي الأميركي بعد ادراك النخبة السياسية ترابط الحل على الساحة الفلسطينية بملفات اقليمية أخرى مثل العراق والحرب ضد الارهاب. ودعا غالبية المرشحين للرئاسة عام 2008 خلال المناظرات الحزبية البيت الأبيض الى تعيين مبعوث للسلام على غرار الادارات السابقة منذ أيام جيمي كارتر. ويعتبر بلير 54 عاما من أبرز الداعين الى انخراط أكبر في عملية السلام، وحاول في زياراته المتكررة الى واشنطن اقناع بوش بضرورة احراز تقدم على هذا المسار وايجاد دولة فلسطينية كسبيل لتقوية المعتدلين واحتواء النفوذ الايراني في المنطقة، كما يعتبر من الشخصيات القريبة من بوش وحليفه الأبرز في الحرب على العراق. وفي لندن، اعلن بعض النواب العماليين المتمردين على بلير صراحة الاعتراض على احتمال قيامه بهذه المهمة الإنسانية، خصوصاً بعد الحرب في العراق والأوضاع المأسوية هناك، وكذلك إمكان اعتراض دول عربية على ذلك بسبب دعم بلير المستمر لإسرائيل. إضافة إلى ذلك، فإن بعض الشخصيات المقربة من رئيس الوزراء المنتخب غوردون براون الذي سيخلف بلير الأسبوع المقبل، قالت إن براون ليس متحمساً لتولي سلفه هذه المهمة. وستكون مهمة بلير منحصرة في المهمات التي كان يتولاها رئيس البنك الدولي السابق جيمس وولفنسون الذي استقال من هذا المنصب العام الماضي. ولا يزال بلير يصر على أنه لا يعرف حتى الآن تحديدا ما سيقوم بعمله بعد استقالته الأربعاء المقبل.