يلتقي قادة مجموعة الدول الثماني الكبرى في منتجع هايليجندام في ألمانيا بين 6 و8 حزيران يونيو وسط توقعات برضوخهم للأمر الواقع بخصوص تنامي القوة العالمية للاقتصادات الناشئة وتراجع قيمة الدولار. ويتوقع ان يرافق الاستعدادات للقمة صراع في أسواق الصرف الأجنبي في شأن قيمة الدولار والين الياباني مع تجدد الغموض في شأن أسعار الفائدة والتوقعات الاقتصادية العالمية. وتراجع الدولار إلى مستويات متدنية قياسية أمام العملات الرئيسة فيما يتوقع محللون ان يتسبب تباطؤ الاقتصاد الأميركي وسوق المنازل الأميركية المتعثرة في دفع العملة الخضراء إلى مزيد من الانخفاض، خصوصاً أمام اليورو. ويعزز هذا الوضع التوقعات بأن يكون لأسعار الفائدة وأسواق الصرف الأجنبي دور في قمة هايليجندام، ان لم يكن على جدول الأعمال الرسمي ففي محادثات المسؤولين في ردهات القمة. وتبدأ قمة مجموعة الثماني في 6 حزيران، ويتوقع ان تتزامن مع رفع البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة للمرة الثامنة منذ كانون الأول ديسمبر 2005. وتضم المجموعة ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا واليابان والولايات المتحدة وكندا وروسيا، كما ستتمثل المفوضية الأوروبية في كل الاجتماعات. ويرجح ان يستجيب قادة مجموعة الثماني، علناً على الأقل، لمؤشرات الخلاف في أسواق الصرف عبر تجديد تحذيراتهم التي صدرت في السنوات الأخيرة من ان أسواق الصرف الأجنبي ينبغي ان تعكس الأسس الاقتصادية وأن يتم تحديدها وفقاً لقوى السوق. وبرزت شكاوى جديدة من ان اليابانوالصين تبقيان على أسعار عملتيهما عند سعرٍ متدنٍ في شكل مصطنع لتعزيز الصادرات جزئياً، وأن الأوروبيين يتحملون الجانب الأكبر من آثار التغير العالمي لسعر صرف الدولار. ومن العوامل التي تساهم في انتعاش اليورو الأداء الاقتصادي القوي لمنطقة اليورو الذي جاء على غير المتوقع مع تزايد صادرات تكتل العملة الأوروبية المشتركة من الآلات بفعل الطلب القوي من الاقتصادات الناشئة التي تنمو بوتيرة متسارعة مثل الصينوالهند ودول شرق أوروبا. وفي السنوات الماضية، دُعيت قوى اقتصادية ناشئة كبيرة، مثل الصينوالهندوالبرازيل وجنوب أفريقيا والمكسيك، لحضور القمة نظراً الى مساهمتها في إحداث نمو قوي في مناطق أخرى من العالم بما فيها اليابان. لكن الخطر هو ان الزيادة الكبيرة في أسعار الفائدة في الاقتصادات الناشئة قد تتسبب ببساطة في تأخير الآثار المباشرة لتباطؤ أكبر اقتصاد في العالم بدلاً من المساهمة في خفض آثار الأحداث الاقتصادية الأميركية في اقتصادات الدول الغربية المتقدمة. ويبحث زعماء مجموعة الثماني أيضاً القضايا الخاصة بمكافحة التغير المناخي وزيادة المعونات لإفريقيا. ويبدو ان القمة ستشهد سجالات حادة بين المشاركين ومواجهات شرسة، قد تشبه تلك التي ستدور بين متظاهرين مناهضين للعولمة وقوات الأمن التي ستُنشر حول مقر انعقاد القمة. والأكيد ان الأجندة التي أعدتها رئيسة القمة المستشارة الألمانية أنغيلا مركل مملوءة بالقضايا المهمة، ففضلاً عن ارتفاع درجة حرارة الكون فإنها تريد تناول قضايا الإدارة الرشيدة ومرض الإيدز والتنمية المستدامة. ويتوقع ان يقدم الرئيس الأميركي جورج بوش تعهداً غامضاً بمكافحة تغير المناخ الأمر الذي سيثير الشعور بخيبة الأمل لدى ألمانيا التي تريد وضع هدف محدد لخفض الانبعاثات الغازية بنسبة 50 في المئة بحلول عام 2050 مقارنة بمستويات عام 1999. وفي مواجهة الخط الأميركي المتشدد حذرت مركل من انه لن يكون بمقدور قادة مجموعة دول الثماني وضع سياسة لمكافحة تغير المناخ بعد انتهاء أجل بروتوكول كيوتو عام 2012. ويُرجح ان يدعو القادة لإحياء محادثات الدوحة المتعثرة الخاصة بتحرير التجارة العالمية، لكن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قد يخرج على الإجماع في الرأي بالمطالبة بحماية المزارعين الفرنسيين والأوروبيين. ويتعهد أيضاً قادة مجموعة دول الثماني خلال قمتهم بتقديم مزيد من المساعدات والاستثمارات إلى أفريقيا وذلك وسط انتقادات بأن تعهدات سابقة بزيادة المساعدات لم يتم الوفاء بها. الهندوالبرازيل ومع اقتصاد ينمو بسرعة وحضور قوي على ساحة السياسة العالمية، تتطلع الهند إلى تكثيف اتصالاتها مع مجموعة الثماني وفقاً لدورها المعلن للترويج لمصالح الجنوب في جدول الأعمال العالمي. وسيقدم رئيس الوزراء الهندي مانموهان سنغ بلاده بصفتها شريكاً متعدد الجوانب في قمة هايليجندام، إذ من المحتمل اتخاذ قرارات مهمة في شأن ظاهرة تغير المناخ والفقر في أفريقيا وتحرير التجارة العالمية. وأدى الضغط الدولي المتزايد على الهند، التي تعد من بين الدول البارزة في العالم في ما يتعلق بانبعاث غاز ثاني أوكسيد الكربون إذ يبلغ حجم الغاز المنبعث بليون طن سنوياً، إلى قيام الهند بمراجعة موقفها في شأن ظاهرة تغير المناخ مع إشارات إلى انه يتم صوغ استراتيجية مرنة في شأن المؤتمر. ومن الواضح ان البرازيل، التي تعد واحدة من أكبر الاقتصادات الناشئة ولاعباً رئيساً في عالم الوقود الحيوي والطاقة البديلة، لن تكتفي بمجرد"دور ثانوي"بصفتها ضيفاً مدعواً في اجتماعات قمة مجموعة الثماني. وتعتزم البرازيل ممارسة ضغوط واضحة على المشاركين في القمة من أجل تقديم المزيد من الدعم لمشاريع إنتاج واستخدام الإيثانول كوقود بديل انطلاقاً من ان البرازيل هي أكبر منتج ومستهلك في العالم لهذا الوقود الحيوي، كما أنها تملك أكبر اقتصاد في أميركا اللاتينية وتحتل المرتبة 11 في قائمة أكبر اقتصادات العالم. وتبدو السلطات في البرازيل مقتنعة بأن الإيثانول لن يكون فقط مصدراً لموارد ضخمة من العملات الأجنبية ولكن أيضاً يساهم في الجهود الرامية إلى الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، إذ ان استخدام الإيثانول كوقود يحد كثيراً من العوادم الغازية المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري الناجمة عن استخدام الوقود التقليدي.