تواصل القوات الاميركية والعراقية خطتها الامنية الجديدة "فرض القانون" لوقف العنف الطائفي في بغداد من دون شواهد على مقاومة منظمة وسط مؤشرات قوية الى ان ميليشيا جيش المهدي وربما المتمردين السنة ايضاً قرروا النزول تحت الارض والانحناء موقتا امام العاصفة. واعلن الرئيس العراقي جلال طالباني مساء الخميس ان قادة جيش المهدي غادروا العراق"لتسهيل تطبيق"الخطة الامنية الجديدة باوامر من زعامتهم. وجاء تصريح طالباني بعدما اكد سامي العسكري مستشار رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ان الزعيم الشيعي مقتدى الصدر غادر العراق الى ايران"في زيارة قصيرة". ويعتقد بعض المحللين الغربيين وسياسيون عراقيون ان المسلحين قرروا الاختباء لتجنب المواجهة مع القوات الاميركية التى سيتم تعزيزها ليصل عددها الى قرابة 35 الف رجل بحلول ايار مايو المقبل في بغداد وانهم ربما يعودون الى الظهور مجدداً. ويرى بعض هؤلاء ان اختفاء المسلحين من شوارع العاصمة العراقية سيُعطي الحكومة العراقية فرصة"لالتقاط الانفاس"، على حد تعبير الرئيس الاميركي جورج بوش، وسيمكن القوات العراقية من اعادة الامن والاستقرار في بغداد مما يفقدهم القدرة على التأثير حتى في حال عودتهم. ويقول آخرون ان بعض المجموعات المسلحة اعتمدت تكتيكاً محسوباً وهو ان تترك للقوات العراقية والاميركية القضاء على اعدائها لتعود بعد ذلك اكثر قوة. ويشير النائب في البرلمان العراقي عن الحزب الاسلامي عبدالستار محمود الى ان"احدى سلبيات"الخطة الجديدة"هو انه تم الاعلان عنها منذ شهرين من دون تطبيقها". وعن مغادرة قيادات جيش المهدي، يقول ان"البعض يتحدث عن ان هذا الاعلان المسبق تم حتى يفر الارهابيون والقسم الآخر يقول ربما يكون هذا متعمداً كي يخرجوا وبالتالي يستقر الشارع". ويقول:"الواقع على الارض الآن ان هؤلاء خرجوا ونحن لا نريد لهم مأوى في بغداد على رغم اننا كنا نتمنى ان يعتقلوا ويقدموا للعدالة على الجرائم الفظيعة التي ارتكبوها". ومنذ تفجير مرقد الامامين العسكريين في سامراء، قبل 12 شهراً، يعصف عنف مذهبي دام ببغداد حيث تقوم فرق موت من السنة والشيعة بهجمات وهجمات مضادة ضد المدنيين من الطائفتين. وكانت اكثر الهجمات دموية تلك التي شنها المتمردون السنة المرتبطون بالقاعدة الذين نفذوا اعتداءات بسيارات مفخخة وعمليات انتحارية في المناطق الشيعية مخلفين عشرات الضحايا في المناطق الشيعية كل اسبوع. لكن القادة العسكريين الاميركيين الذين يأخذون في الاعتبار عشرات الجثث التي يتم جمعها من شوارع بغداد كل يوم يصفون ميليشيا"جيش المهدي"بانها"اخطر محفز للعنف الطائفي". ويعتبر المسؤولون العراقيون ان خروج قادة جيش المهدي من بغداد سيساعد على احلال الامن، لكن الخطوة المقبلة للتيار الصدري وميليشياته تثير تساؤلات كثيرة. ويعتقد المحلل المتخصص في الشؤون العراقية في مجموعة الازمات الدولية مركز بحثي دولي مستقل جوست هلترمان ان جيش المهدي"يشتري الوقت"على ما يبدو وكذلك يفعل المتمردون السنة. ويقول ان المتمردين السنة"ربما غادروا بغداد واختبأوا في مناطق عدة في العراق مثل الموصل وبعقوبة". ويضيف:"اعتقد ان المتمردين، ويوجد العديد من المجموعات التي تندرج تحت هذه التسمية، والميليشيات الشيعية ستحني رأسها للعاصفة طالما تواصل القوات الاميركية عملياتها في بغداد". ويؤكد النائب عبدالستار محمود ان"كل قادة الصف الاول والثاني في جيش المهدي غادروا الى ايران او سورية او جنوبالعراق". ويتساءل"هل سيتسللون الى العاصمة مرة اخرى؟"، مضيفاً:"عندئذ لكل حادث حديث". لكنه يأمل ان"تتمكن القوات العراقية والاميركية من اعادة الاستقرار الى بغداد بعد هذه الخطة التي يفترض ان يستمر تنفيذها لمدة سنة وعندها لن يكون للميليشيات تأثير حتى لو عادت". ويقول المحلل في مركز الاتحاد الاوروبي للدراسات الامنية والتر بوش ان قرار الصدر بتجنب المواجهة هو مجرد تكتيك. ويتابع ان"الصدر طلب من جيش المهدي النزول تحت الارض لكن هل يمكن ان نصدق ان جيش المهدي سيبتعد ... بالطبع لا". والخطة الامنية عبء على الاميركيين لكن الصدر سيستفيد منها في كل الحالات، موضحاً انه"اذا نجحت سيصبح جيش المهدي قوة سياسية واذا فشلت فإن السكان الشيعة سيطلبون منهم العودة وسيعودون اقوى مما كانوا". ويشكك هلترمان في قدرة القوات العراقية في الحفاظ على الامن عندما يبدأ الاميركيون في الانسحاب"لأن الجيش العراقي غير قادر فعلاً على مواجهة لا الميليشيات ولا المتمردين"، على حد قوله. ويؤيد النائب عبدالستار محمود الخطة الامنية ويأمل في ان تنجح. لكنه يؤكد ان هذا مرهون"بتطهير قوات الامن من الميليشيات التي اخترقتها". ويؤكد ان"هذه الخطة اما ان تكون عاصمة للعاصمة او قاسمة لها".