وجه مواطنون عراقيون ومسؤولون في قطاع الادوية لوماً للدولة ممثلة بوزارة الصحة، لغياب دورها في تنظيم استيراد وبيع وتوزيع الأدوية، ما زاد ارتفاع اسعارها في شكل غير مسبوق، وبات المواطن لا يقوى على التعامل مع الحالة في ظل اضطراب شامل في الحياة المعيشية نتيجة تفاقم الازمات وارتفاع حدة التضخم الذي زاد على 70 في المئة. ويلفت اصحاب صيدليات الى ان حالة الانفتاح الاقتصادي غير المنظم والسماح للتجار باستيراد الادوية، كانت سبباً في تردي اوضاع القطاع الصحي والدوائي، ما يدعو الى اعادة النظر في الاجراءات المعمول بها في استيراد الادوية وبيعها وتوزيعها. ويشيرون الى بروز ظواهر جديدة في سوق الادوية تلقي بظلالها على كاهل المواطن وتزيد معاناته واعباء حياته، وهي التي تتصل بالادوية المقلدة من جانب شركات وهمية غير خاضعة للرقابة الدوائية. ويعزو الجميع اتساع هذه الظواهر الى غياب رقابة الدولة وتفاقم الاوضاع الامنية التي انعكست على كل جوانب الحياة الاقتصادية والمعيشية. ويقول علي العابدي صاحب مستودع ادوية في شارع الربيع غرب بغداد، إن تردي القطاع يتمثل في حالات خطيرة اهمها دخول الطارئين من اشباه التجار الى سوق الدواء، حتى وصل الوضع الى درجة عدم معرفة المستورد طبيعة الدواء المستورد او ماهية الاحتياجات الحقيقية للدواء المطلوب داخل البلد، اعتماداً على قاعدة الربح المفرط كقاعدة اساسية في السياسة الدوائية. وتشدد الصيدلانية مها الجبوري على ضرورة العودة الى الاجراءات والاليات المعتمدة سابقاً والتي تميزت بنجاحها في استقرار اسعار الادوية وتوافرها في السوق العراقية، والتي تمثلت في عقود كانت ابرمتها وزارة الصحة العراقية مع شركات دوائية عالمية معروفة تميزت بالكفاءة العلمية. واشار في هذا المجال الى دور المكاتب العلمية المتخصصة التي كانت تقوم سابقا باستيراد الدواء وفق شروط علمية. ويشير قاسم عبود صاحب مستودع أدوية في شارع النضال وسط بغداد، الى الدور الفاعل لمعمل ادوية سامراء الذي كان يغطي نحو 50 في المئة من حاجة العراق الدوائية، وينتج 220 مادة طبية مستحضرة وان ما نسبته 80 في المئة من المواد الداخلة في تصنيع الدواء، تستورد من الخارج ومن مناشئ عالمية ذات سمعة دوائية عالية. واضاف ان الادوية العراقية كانت تصدر الى الخارج على عكس الوضع الحالي، لكن الآلية الدوائية المعتمدة حالياً قلبت المعادلة، والسبب في ذلك اعتماد وزارة الصحة العراقية سياسة الانفتاح الاقتصادي غير المدروس، ومنها اعتماد آلية جديدة تعطي اصحاب رؤوس الاموال خطوط انتاج الادوية وهم من خارج الوسط الطبي، حيث يقوم هؤلاء باستيراد المواد الاولية من دون خبرة مسبقة، ما افضى الى حصول اختلال كبير في اسعار ونسب المعروض الدوائي. وتحدث مواطنون عن اسهام العيادات الشعبية في دعم المواطن من خلال تجهيزه بالدواء مجاناً للامراض الاعتيادية والمزمنة. الا ان هذه العيادات تعرضت بدورها لمشكلات، منها الفقدان شبه التام للكثير من الادوية، فيما يلاحظ توافر الادوية نفسها في الصيدليات الخاصة وفوق الارصفة وباسعار مرتفعة. ويوضح المواطن جبار العامري جانباً من معاناة المواطنين المراجعين للمستشفيات الحكومية، حيث يضطرون الى جلب العلاجات والادوية من صيدليات قريبة من المستشفيات وباسعار مرتفعة، نتيجة عدم توافرها في المستشفيات، كما ان سوء الاوضاع الامنية انعكس سلباً على القطاع الصحي بما في ذلك الأدوية، وكذلك تفشي حالات الفساد في قطاعات استيراد الادوية وبيعها وتسويقها.