تحولت تجارة الدواء في بغداد الى سوق"للغرائب والعجائب"يسيطر عليها"تجار الشنطة"وبعض الراغبين في تحقيق ارباح من دون الاخذ في الاعتبار صحة المواطن. وتراوح الأدوية، التي يُباع بعضها على الارصفة بين ادوية القلب وادوية تخفيف الوزن وحتى ادوية"تبييض البشرة"!. وارتفعت الاسعار بعد الاحتلال الى مستويات خيالية واصبحت غالية الثمن ولم تعد في متناول المواطن العادي الذي كان يعتمد سابقاً على وزارة الصحة. عندما كانت اسعار الادوية تفوق طاقة ودخل المواطن العراقي اثناء الحصار الاقتصادي الذي عاشه العراقيون اتجهت غالبية المرضى الى استخدام الوصفات الشعبية كحل بديل لامراض كلفة علاجها عالية. وفي الوقت الذي كان معظم الادوية المطروحة في الصيدليات العراقية سابقاً مستورداً من قبل وزارة الصحة التي كانت تبيعها باسعار مدعومة الا ان عدم توافرها بانتظام واستمرار في المستشفيات والعيادات الحكومية ساهم في رفع اسعارها في الصيدليات الخاصة. وتنطبق الحال على الادوية المصنعة في معمل سامراء، وهو المعمل الوحيد المختص بصناعة الادوية في العراق، الا ان عمليات تسرب الادوية الى وسطاء ثم الى اصحاب المذاخر والصيدليات ساهمت في اختفاء، قسم كبير من الادوية من الصيدليات والتي كانت تعمد الى رفع اسعار الادوية لديها مستغلة الشحة لدى الصيدليات الرسمية. ويقول الدكتور مصطفى عزيز صاحب صيدلية"الهديل"في حي المنصور في بغداد:"كانت الادوية تستورد بحسب الاتفاق العراقي - الاردني قبل عام 1995 وبعده وفق مذكرة التفاهم لذا كانت توزع على الصيدليات الاهلية على شكل حصص شهرية ومنتظمة ووافية وكافية كما ان اسعارها كانت معقولة"مشيراً الى ان الامر اختلف الان حيث"توزع الحصة الدوائية مرتين في السنة وبكميات ونوعيات قليلة ما جعل اصحاب الصيدليات يعوضون النقص الحاصل في صيدلياتهم من الادوية بشرائها من التجار وهي طبعاً غالية جداً". ويؤكد عدد من اصحاب الصيدليات الاهلية والمذاخر الطبية ان انتاج معمل سامراء من الادوية كان يغطي ثلث الطلب من الاستهلاك المحلي لكنه تحول حالياً الى شركة تعمل بالتمويل الذاتي فزادت اسعاره مئة في المئة كما يقول الصيدلاني محمد خليل الذي يؤكد"ان السبب في زيادة اسعار منتجات معمل سامراء هو شراء المواد الاولية لحسابه الخاص بينما كانت هذه المواد والمكائن ومستلزمات الانتاج والصيانة تقدمها سابقاً وزارة الصحة". الحدود المفتوحة غياب الرقابة الصحية والقانوينة ودخول مختلف البضائع والسلع عبر الحدود المفتوحة الى العراق ساعد البعض في تحولهم الى تجار لاستيراد الادوية من دون معرفتهم بها وبيعها كما يريدون ما ساعد في دخول ماركات جديدة الى السوق المحلية وبات سعر الدواء يعتمد على الاستيراد الخاص وسعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي. ويقول د. ناجي سعيد، صاحب صيدلية"الهدى"ان"اسعار الادوية ارتفعت الى الضعف على رغم ان مناشئها غير معروفة او رديئة"مشيراً الى ان سعر علبة الامبسيلين يرواح حالياً بين 400 و550 ديناراً عراقياً في حين انه كان يُباع قبل ذلك ب200 دينار عراقي. وعن مصادرالادوية يؤكد سعيد ان"غالبيتها مصنعة في الاردن والصين والهند وتركيا وان المريض العراقي يفضل شراءها لرخص اثمانها مقارنة بالانواع الاصلية المنشأ". وسعر الدواء بالنسبة الى المصابين بارتفاع ضغط الدم يختلف بحسب المنشأ. فمثلاً علبة"اميلودين"الهندي المنشأ تباع ب1750 ديناراً وعلبة"زيستريل"تباع ب13.500 الف دينار و"كمينورمين"القبرصي المنشأ يباع ب750 ديناراً ومثله العراقي الصنع يباع ب500 دينار. وايضاً علبة"كارفيديلول"السويسري المنشأ تباع ب10 الاف دينار والسوري المنشأ تباع ب3 الاف دينار. ويؤكد عدد من اصحاب الصيدليات والمذاخر ان هناك ادوية بماركات دولية وبمواصفات عالية بدأت تتسلل الى السوق العراقية لكن اسعارها مرتفعة مقارنة بالهندية والصينية اذ ان غالبيتها اوروبية واميركية. ويشيرون الى ان انواعاً جديدة بدأت تدخل السوق العراقية وتشهد اقبالاً واسعاً كحبوب تخفيف الوزن و"تفتيح"البشرة ... وشد عضلات الجسم فالانواع الهندية مثلاً تباع بخمسة الاف دينار عراقي بينما الاميركي يباع ب42 الف دينار. وتقول منتهى نائل وتملك صيدلية في بغداد ان"الخوف على المواطن ليس من الادوية المستوردة من مناشئ رديئة وعدم خضوعها للفحص بل من تلك الادوية التي تُباع على الارصفة التي معظمها فقد مدة صلاحيته".