"نقص الخبرة" عبارة رددها مدربو ومسؤولو المنتخبات الخمسة، التي مثلت القارة السمراء في نهائيات النسخة الثامنة عشرة من كأس العالم لكرة القدم، وودعتها باكراً باستثناء غانا التي نجحت في تخطي الدور الأول، قبل أن تخرج من الثاني على يد البرازيل. وباتت افريقيا مطالبة أكثر من أي وقت مضى بوضع حد لهذا التبرير الذي لا يجدي نفعاً، لان الجماهير الافريقية سئمت من سماعه دائماً وفي كل عرس عالمي، وباتت فكرة المشاركة من أجل المشاركة غائبة عن أذهانها، حتى ان بعضها أصبح يفقد الأمل قبل انطلاق المنافسات، وهي التي ترغب في مشاهدة احد منتخباتها على الأقل في الأدوار النهائية، على غرار مسابقات الناشئين والشباب، ولم لا تحرز اللقب العالمي للمرة الأولى في التاريخ؟ وتأتي ضرورة التخلص من عامل نقص الخبرة لان القارة السمراء ستكون مسرحاً لنهائيات النسخة التاسعة عشرة بعد 4 أعوام، وهي فترة كافية لاكتساب الخبرة اللازمة ومقارعة المنتخبات الكبيرة، حتى يكون المونديال افريقياً، بكل ما تحمله الكلمة من معنى، سواء من حيث التنظيم أو التتويج. وإذا كان هناك مسؤول عن الخروج المبكر للمنتخبات الافريقية من المونديال بسبب نقص الخبرة فهو لن يكون سوى المدرب او المسؤولين عن الاتحادات المحلية، وذلك لسبب واحد هو أنهم يتفادون خوض مباريات ودية إعدادية مع منتخبات كبيرة تتفوق عليها فنياً وتكتيكياً وخبرة ايضاً. ويعمد معظم المدربين الى خوض مباريات إعدادية مع منتخبات توازي او تقل مستوى عن المنتخبات التي يشرفون على إدارتها الفنية، وذلك حتى يضمنوا الفوز لإقناع الجميع بان فرقهم في وضع جيد، وفي الوقت نفسه يتفادون الانتقادات من وسائل الإعلام والبقاء في مناصبهم، ليشرفوا على فرقهم في العرس العالمي، وتتحقق لهم أمنية اي مدرب، لان الأهم بالنسبة إليهم هو أنهم نجحوا في قيادة الفرق في النهائيات، أما ماذا سيحصل في المونديال فلكل"حادث"حديث. ولسان حال المسؤولين في الاتحادات المحلية الافريقية لا يختلف عن المدربين، فهم يطلقون التصريحات النارية قبل العرس الكروي بان كل الامكانات رصدت لتأمين استعداد جيد وتحقيق نتائج جيدة، لكنهم يقفون على الواقع المر في النهائيات، ولا يجدون مبرراً سوى نقص الخبرة أو يعلقون فشلهم على الحكام أو بعض التفاصيل الهامشية كالمكافآت وبعض الإصابات او الإيقاف مع أنهم يملكون 23 لاعباً في التشكيلة. وتطرح أحياناً اسئلة كثيرة حول ما يقصده المدربون من عبارة"نقص الخبرة"، فمعظم لاعبي تشكيلات المنتخبات الافريقية محترفون في أوروبا، ويملكون الخبرة الكافية على اعتبار لعبهم أو منافستهم نجوما عالميين في البطولات الأوروبية. وأظهر المونديال الألماني الى حد بعيد حاجة المنتخبات الافريقية الى المباريات الإعدادية"الثقيلة"بالنظر الى العروض الجيدة التي أبهرت بها منتخباتها المتابعين وقهرت بها أقوى المنتخبات العالمية خصوصاً ساحل العاجوغانا، فالأولى كانت قاب قوسين او أدنى من التغلب على الأرجنتين وهولندا، وخسرت امامهما بصعوبة وبنتيجة واحدة 1-2 قبل أن تحقق فوزاً معنوياً على صربيا 3-2. أما غانا فوقفت نداً عنيداً أمام الايطاليين قبل أن تخسر أمامهم بصعوبة صفر-2 ثم تغلبت على تشيخيا 2- صفر التي كانت مرشحة الى بلوغ ادوار متقدمة في النهائيات، فكانت سبباً في خروجها مبكراً ومن الدور الأول، وفازت على الولايات المتحدة 2-1 مفاجأة المونديال الآسيوي قبل 4 أعوام ببلوغها الدور ربع النهائي، لكن قدرها أوقعها مع البرازيل حاملة اللقب، وخسرت صفر-3 في مباراة أحرجت فيها أبطال العالم خصوصاً في الشوط الأول. وبدوره وقف المنتخب التونسي سداً منيعاً أمام المنتخب الاسباني وكان في طريقه الى تحقيق فوز ثمين عليه، عندما تقدم عليه بهدف وحيد منذ الدقيقة الثامنة قبل أن ينهار في الدقائق العشرين الأخيرة، وتستقبل شباكه 3 أهداف، ثم أعاد الكرة ذاتها أمام أوكرانيا واستسلم في الدقيقة 70. وحذت انغولا حذو تونس، وأحرجت البرتغال في المباراة الأولى وخسرت أمامها بصعوبة صفر-1، ثم انتزعت تعادلاً ثميناً من المكسيك صفر- صفر وآخر من ايران 1-1. وكانت توغو قاب قوسين او أدنى من الفوز على كوريا الجنوبية وتقدمت عليها 1- صفر قبل ان تخسر 1-2 في الدقائق الأخيرة، ثم سقطت أمام سويسراوفرنسا بنتيجة واحدة صفر-2 لكن النتيجتين لا تعكسان سير المباراتين. ولم يكن أشد المتفائلين يتوقع نتائج جيدة من المنتخبات الافريقية في المونديال الألماني خصوصاً ان 4 منها تشارك للمرة الاولى في النهائيات وهي انغولاوتوغووساحل العاجوغانا لكنها خالفت التوقعات وتحديداً غانا التي بلغت الدور الثاني وحافظت على ماء وجه القارة السمراء، وحافظت على تقاليدها في العرس العالمي منذ عام 1986 والمتمثل في اجتياز الدور الأول. وكان المغرب أول منتخب افريقي يتخطى الدور الأول في النهائيات العالمية عندما حقق ذلك في مونديال المكسيك قبل ان يخسر أمام ألمانيا، وحذت حذوه الكاميرون عام 1990 في ايطاليا ببلوغها ربع النهائي، ونيجيريا عامي 1994 في الولايات المتحدة و1998 في فرنسا ببلوغها ربع النهائي وثمن النهائي على التوالي، والسنغال عام 2002 في كوريا الجنوبية واليابان معاً ببلوغها ربع النهائي.