غيّب الموت أمس النائب في البرلمان اللبناني عن كتلة"القوات اللبنانية"المرجع القانوني الدكتور ادمون نعيم عن عمر ناهز 88 عاماً شغل فيها ارفع المراتب والمناصب على مدى عقود كان أبرزها رئاسة الجامعة اللبنانية وحاكمية مصرف لبنان، اضافة الى دوره في التشريع وسَنّ القوانين والتدريس في عدد من كليات الحقوق في لبنان. نشأ نعيم في أسرة سياسية. والده وديع وشقيقه نديم الذي انتخب نائباً لدورات عدة عن دائرة بعبدا وشغل مناصب وزارية. ارتبط ادمون نعيم في سن الشباب بعلاقة وطيدة بالزعيم الراحل كمال جنبلاط وكان من مؤسسي الحزب التقدمي الاشتراكي قبل ان ينفصل عنه. خاض الانتخابات النيابية في دورتي 1957 و1960 ولم يحالفه الحظ، وانتخب نائباً للمرة الاولى في دورة الانتخابات الاخيرة مدعوماً من تيار"القوات"بزعامة الدكتور سمير جعجع وكان تولى الدفاع عن الاخير امام المجلس العدلي الذي حكم عليه بالسجن المؤبد في جريمة اغتيال الرئيس السابق لحزب الوطنيين الاحرار داني شمعون. وعرف نعيم بمواقفه السياسية الجريئة وكان واحداً من الذين عارضوا الوجود العسكري السوري في لبنان، وهو أوصى زوجته بعدم قبول أي وسام رسمي بعد وفاته لأنه من القلائل الذين لم تكرمهم الدولة في حياته على رغم المناصب التي شغلها الى جانب مهنة المحاماة التي ظل يمارسها حتى الأشهر الاخيرة من حياته. وبرحيل الدكتور نعيم يكون المجلس النيابي خسر نائبين بعد استشهاد النائب الصحافي جبران تويني، علماً انه استمر في نيابته 8 أشهر وكان ترأس أول جلسة للبرلمان اللبناني التي خصصت لانتخاب رئيس له وذلك بصفته رئيساً للسن. يذكر ان نعيم كان انتخب نائباً عن المقعد الماروني عن دائرة عاليه المتن الجنوبي على لائحة"وحدة الجبل"المدعومة من احزاب: التقدمي الاشتراكي والكتائب وپ"القوات"وپ"حزب الله"وپ"تيار المستقبل"وحركة"أمل"ضد اللائحة المنافسة والمؤيدة من تحالف التيار الوطني الحر العماد ميشال عون وطلال ارسلان والحزب السوري القومي الاجتماعي. إلا ان غياب نعيم عن الندوة البرلمانية سيفسح في المجال امام دعوة الحكومة الى اجراء انتخابات نيابية فرعية لملء المقعد الشاغر خلال ستين يوماً من تاريخ وفاته. ويتوقع المراقبون حصول منافسة حادة على المقعد الماروني في بعبدا، بين"التيار الوطني الحر"وپ"القوات اللبنانية"اذا تعذر التفاهم على مرشح توافقي في ضوء اعلان العماد عون امس رغبته في خوض المعركة بينما يتريث جعجع في تحديد موقفه، ريثما يشيع جثمان نعيم غداً في كنيسة مار مخايل في الشياح مسقط رأسه وبعد ان يكون أجرى مشاورات مع الأطراف الذين تتشكل منهم قوى 14 آذار مارس وتحديداً رئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط لما له من ثقل انتخابي. وفي تقدير المراقبين ان حدة المنافسة ستزداد اذا تكرس انهيار التحالفات التي كانت أجريت على اساسها الانتخابات الماضية، خصوصاً بعدما بلغ الاختلاف ذروته بين"حزب الله"وپ"اللقاء النيابي الديموقراطي"الذي ستكون له تداعيات انتخابية مباشرة تحت تأثير التبدل الجذري في الخريطة الانتخابية. ويبدو ان"حزب الله"سيكون أقرب الى التحالف مع عون ضد المرشح المدعوم من قوى 14 آذار وهذا ما اشار اليه امس عدد من النواب المنتمين الى كتلة"الوفاء للمقاومة"على رغم ان القرار النهائي لم يؤخذ بعد. كما ان المعركة تشهد اول اختبار للقوة بين عون ومن يتحالف معه، وقوى 14 آذار في ظل ما يتردد عن ان حجم"التيار الوطني الحر"تراجع بعض الشيء لمصلحة منافسيه في الشارع المسيحي بسبب ارتباك مواقفه من سورية والقرار الرقم 1559 وعلاقته برئيس الجمهورية اميل لحود. لكن صندوق الاقتراع وحده يحدد الاحجام خصوصاً ان اللائحة المدعومة من عون في الانتخابات الاخيرة تمكنت من حصد تأييد اكثر من 70 في المئة من اصوات المسيحيين في هذه الدائرة الانتخابية من دون تسجيل أي اختراق للائحة المنافسة. كما ان توافق عون وپ"حزب الله"على مرشح يرجح بأن يكون المهندس حكمت ديب سيتيح لهما الاطمئنان الى النتائج لما يتمتع به الحزب من نفوذ شيعي كبير. الا ان خوض المعركة لن يسقط الرهان ولو كان ضئيلاً على التوافق على مرشح يحظى بتأييد الاطراف الفاعلين وقد يكون النقيب السابق للمحامين شكيب قرطباوي. وفي حال تعذر التفاهم في ضوء اصرار عون على خوض المعركة فإن خصومه قد يتجهون الى ترشيح النائب السابق صلاح حنين، او الزميلة مي شدياق التي ما زالت تعالج في احد مستشفيات باريس جراء محاولة الاغتيال التي تعرضت لها في ايلول سبتمبر الماضي. نعي نعيم وكان رئيس المجلس النيابي نبيه بري نعى نعيم فور تلقيه نبأ وفاته. ونعت كتلة نواب"القوات اللبنانية"نعيم"الذي اختتم حياته نائباً اختاره اللبنانيون ليمثلهم بجدارة في الندوة البرلمانية حيث أعاد بحضوره الخاطف والقوي بعض المهابة المتقدمة الى روح التشريع". ودعت الكتلة الى المشاركة في مراسيم تشييعه في الثانية عشرة ظهر غد الاربعاء في كنيسة مار مخايل في الشياح، مؤكدة انه"تولى الدفاع عن جعجع مغالباً ثقل السنين ورافعاً صوته المدوي في وجه الظلم". كما نعت قوى 14 آذار"الرمز الديموقراطي والمرجع الحقوقي والقيمة الفكرية والسياسية والاخلاقية الذي كان واحداً من أركان النضال ضد نظام الوصاية والنظام الامني لا بل بناء نظام ديموقراطي عادل".