دخلت العلاقات الإيرانية - الأوروبية في مأزق بعدما خيب الاتحاد مساعي وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي في بحثه في بروكسيل"عن أفكار أوروبية جديدة"، وشددت إيران موقفها في شأن ملفها النووي باستبعادها في المرحلة الراهنة أي مفاوضات مع الترويكا الأوروبية ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والعودة عن استئناف عمليات تخصيب اليورانيوم على نطاق ضيق. وتأجلت مفاوضات موسكو حول اقتراح روسيا تخصيب اليورانيوم الإيراني على أرضها، من دون صدور أي مؤشرات من الطرف الروسي حول نتائجها، فيما تحدثت طهران عن إحراز تقدم. ويتوجه وفد روسي الى طهران بعد غد الجمعة لاستئناف المحادثات. ورأى المنسق الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا أن الأنظار تتجه نحو التقرير الذي سيقدمه المدير العام الوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي في آذار مارس المقبل. وأعلن متقي اثر فشل محادثات بروكسيل اول من امس، ان"الاتصالات مع الاتحاد الأوروبي لن تجرى بعد اليوم في إطار الترويكا الأوروبية وإنما مع دول الاتحاد الأوروبي". أمام ذلك، قال ديبلوماسي أوروبي ل"الحياة"إن الإيرانيين يعرفون"شروط استعادة ثقة المجتمع الدولي، وهي تتمثل في وقف نشاطات تخصيب اليورانيوم والرد على اسئلة متعلقة بعدد المختبرات النووية وكميات الوقود وبرامج خفية قد تكون غير سلمية". وشكك المصدر في إمكان تحقيق انفراج في الأسبوعين اللذين يسبقان اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية. لكن فشل مفاوضات بروكسيل قابله إعلان إيران التوصل إلى تفاهم على أسس مشتركة مع روسيا، فيما رأى مراقبون ان ذلك لا يبتعد عن الإشارة التي أطلقها البرادعي مطلع الأسبوع الى"إمكان أن تحتفظ إيران بمستوى محدد من التخصيب على أراضيها". ونقل الروس والايرانيون مفاوضاتهم إلى طهران يوم الجمعة المقبل، بعدما فشلوا في حسم النقاط الخلافية في جولتين مطولتين من المحادثات في موسكو. وجاءت نتائج المفاوضات التي شارك فيها من الجانب الإيراني نائب سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي علي حسيني تاش مخيبة لآمال الروس الذين أطلقوا قبل بدء المفاوضات إشارات تحذيرية إلى طهران مفادها أن المفاوضات ربما تكون الفرصة الأخيرة للتوصل إلى حل سلمي للأزمة. وتركز البحث بحسب مصادر روسية على اقتراح موسكو إنشاء مؤسسة مشتركة روسية - إيرانية لتخصيب اليورانيوم الإيراني في روسيا مع توفير ضمانات بتزويد إيران حاجتها من الوقود النووي اللازم لمشاريعها السلمية. ورغم إعلان وقف المحادثات ومغادرة الوفد الإيرانيموسكو من دون التوصل إلى اتفاق، حرصت روسيا على تأكيد أن"الفرص أمام حل وسط لم تستنفد بعد"، وأعلن مدير الوكالة الروسية للطاقة الذرية سيرغي كيريينكو أن المفاوضات ستستكمل في طهران التي يزورها الجمعة، وأعرب عن أمل بلاده في إعلان الإيرانيين موافقتهم على المقترح الروسي. وتعهد بالشروع في عمليات التخصيب فور موافقة طهران على الاقتراح الروسي. وأبلغت مصادر روسية"الحياة"أن الوفد الإيراني أبدى"قدراً من المرونة"حيال الاقتراح، لكن"عدداً من النقاط بقيت خلافية"منها رغبة طهران في مشاركة الخبراء الإيرانيين في العمل على التخصيب. وأبدى حسيني تاش ارتياحه لنتائج المفاوضات، لافتاً إلى"تفاهم توصل إليه الطرفان حول صيغة عامة لاتفاق في شأن الاقتراح الروسي"، وشدّد على الاتفاق على أن الخطوات مطلوبة ليست من الجانب الإيراني وحده بل من كل الأطراف من اجل"توفير أجواء طبيعية وخفض التوتر". لكن جهات روسية قالت إن المطلوب من طهران هو"تقديم إشارات إيجابية حقيقية"ولفتت إلى فشل الجانبين في التوصل إلى اتفاق على أي تفاصيل تقنية متعلقة بالمقترح الروسي. في غضون ذلك، نفت كل من أذربيجان وجورجيا بشدة تقارير عن بحث الولاياتالمتحدة إمكان تقديم تسهيلات لوجستية على أراضي البلدين في حال قررت واشنطن توجيه ضربة عسكرية إلى إيران، وأصدرت وزارتا الخارجية في البلدين بيانين متشابهين شددا على"عدم وجود أي محادثات مع واشنطن أو غيرها لاستخدام قواعد عسكرية أو مطارات لتوجيه ضربة ضد إيران". برلين وبكين وفي برلين، انتقدت كتلة الاتحاد المسيحي في البرلمان الاتحادي تصريح متقي، معتبرة أن إيران"تواصل سيرها في نهج العزلة الديبلوماسية". وبينما لم يستبعد وزير خارجية ألمانيا فرانك فالتر شتاينماير اللجوء إلى فرض عقوبات على إيران، طالب الاتحاد المسيحي الحاكم المجتمع الدولي ب"عدم مماشاة طهران في نهج التسويف الذي تتبعه". ودعا وزير الخارجية الألماني السابق يوشكا فيشر بعد اجتماع عقده مع الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان المجتمع الدولي"الى التكاتف إزاء إيران وبذل كل الجهود لحل الأزمة النووية معها". ودعت الصينإيران إلى وقف نشاطات تخصيب اليورانيوم لحل الأزمة حول برنامجها النووي. وقال الناطق باسم الخارجية الصينية ليو جيانشاو:"نأمل بأن تعود إيران إلى تعليق كل نشاطاتها المرتبطة بتخصيب اليورانيوم وتخلق ظروفاً مؤاتية لتسوية هذه المشكلة من خلال التفاوض".