بروكسيل، باريس، موسكو - أ ب، رويترز، أ ف ب - تعقد الدول الست المعنية بالملف النووي الإيراني في بروكسيل اليوم، اجتماعاً لمناقشة الإجراءات التي يمكن اتخاذها حيال طهران، بعد ترددها في قبول مشروع المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي لتخصيب اليورانيوم الإيراني في الخارج. وجاء إعلان الاجتماع، بعد ساعات على تصريح للرئيس الأميركي باراك أوباما في سيول أكد فيه أن الولاياتالمتحدة وحلفاءها يناقشون عقوبات جديدة محتملة على إيران. لكن موسكو شددت على أن لا محادثات الآن حول فرض عقوبات إضافية على طهران، مذكّرة بأن إيران لم تقدم بعد «رداً رسمياً نهائياً» على المشروع، وهذا ما أكده ل «الحياة» مسؤول بارز في الوكالة الدولية للطاقة الذرية. أما وزير الخارجية الايراني منوشهر متقي فحضّ الغرب على عدم تكرار «تجارب فاشلة» من خلال فرض عقوبات جديدة على بلاده، فيما رفضت فرنسا اقتراحه عقد اجتماع تقني جديد مع إيران حول تزويدها وقوداً نووياً لمفاعلها للبحوث الطبية. وأعلنت كريستينا غالاش الناطقة باسم الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا، أن المديرين السياسيين لوزارات الخارجية في الدول الست (الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا) سيجتمعون في بروكسيل اليوم، ل «مراجعة مستجدات الملف النووي الإيراني»، مشيرة الى أن سولانا «سيحضر جانباً» من اللقاء. في سيول، اعتبر أوباما أن المسؤولين الإيرانيين «غير قادرين على قول: نعم». وقال في مؤتمر صحافي مع نظيره الكوري الجنوبي لي ميونغ باك: «استغرقت إيران أسابيع ولم تبدِ رغبتها في قبول هذا الاقتراح (مشروع البرادعي). ونتيجة لذلك، بدأنا نقاشات مع شركائنا الدوليين حول أهمية أن تكون هناك عواقب». وأضاف: «نتوقع أن ندرس خلال الأسابيع المقبلة إجراءات محتملة لتطبيقها، من شأنها أن تثبت لإيران جدّيتنا». وتزامن الموقف المتشدد لأوباما، مع إعلان باريس رفضها عقد اجتماع تقني جديد مع طهران، حول مشروع البرادعي. وقال الناطق باسم الخارجية الفرنسية برنار فاليرو: «إذا كان الحوار سيتواصل، فلن يتناول مسائل تقنية». وأضاف أن إيران «رفضت بوضوح مشروع البرادعي، سنعمد مع شركائنا في (مجموعة) الدول الست الى تقويم عواقب هذا الرد السياسي». وفي موازاة الموقف الغربي، واصلت موسكو السعي الى تهدئة الأجواء، إذ أكد الناطق باسم الخارجية الروسية اندريه نيسترنكو أن «لا محادثات الآن حول تحضير عقوبات إضافية على إيران في مجلس الأمن. نعتبر أن لدينا كل الفرص للوصول الى تطبيق كامل لاتفاقات جنيف» حول مشروع البرادعي، لافتاً الى أن طهران لم تصدر بعد «رداً رسمياً نهائياً» في هذا الشأن. وفي فيينا، أكد مسؤول بارز في الوكالة الذرية أن الوكالة لم تتلقَ رداً رسمياً مكتوباً من طهران حول موقفها النهائي من مشروع البرادعي. وقال ديبلوماسي متابع للملف الإيراني، أنه لا يمكن قراءة تصريحات متقي حول رفض حكومته نقل اليورانيوم منخفض التخصيب الى الخارج، بوصفها رفضاً لمشروع البرادعي، بل باعتبارها موافقة مبدئية على المشروع ولكن في صيغة معدلة تشترطها إيران وهي: إما التبادل المتزامن لليورانيوم، وإما القيام بعملية التسليم المتبادل داخل الأراضي الإيرانية. وجدد متقي تأكيده استعداد بلاده لاستئناف المحادثات مع الولاياتالمتحدة وروسيا وفرنسا لمناقشة تبادل اليورانيوم، شرط ان يتم ذلك على الأراضي الإيرانية، من دون نقل مسبق لليورانيوم الإيراني الى الخارج. وقال في مانيلا: «اقتراح التبادل ليس اقتراحنا. قدموه وشرحنا وتحدثنا عن طريقة وضعه في حيز التنفيذ». وحذر من فرض عقوبات جديدة على طهران، قائلاً: «اعتقد بأنهم يملكون من الحكمة ما يكفي لئلا يكرروا تجارب فاشلة. العقوبات لغة ستينات وسبعينات» القرن العشرين. في الوقت ذاته، شدد مندوب إيران لدى الوكالة الذرية علي اصغر سلطانية على استعداد حكومته لإجراء «مفاوضات نهائية» حول مشروع التبادل، مضيفاً: «نريد ضمانات بنسبة مئة في المئة (حول تسليم الوقود)، لأن إيران على حق في عدم الثقة» بالدول الغربية. جاء ذلك في وقت تفقد مفتشو الوكالة الذرية المنشأة الجديدة للتخصيب في فردو قرب مدينة قم، للمرة الثانية خلال اقل من شهر. وأعلن احمدي نجاد أن الشعب الإيراني «سيقبل باليد الممدودة» إليه، إذا كانت صادقة، مكرراً استعداد بلاده للمساهمة في «تسوية مشاكل» البشرية و «إرساء الأمن الدائم في العالم». وأفادت وكالة «فرانس برس» بأن نجاد سيلتقي اليوم وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو، في مدينة تبريز شمال إيران. واعتبر وزير الداخلية الإيراني مصطفى محمد نجار ان طهران باتت في «ذروة قوتها عالمياً وإقليمياً وداخلياً»، مشيراً الى أنها «قوة توازن في المنطقة، ولا يمكن القيام بأي خطوة ميدانية من دون موافقتها». وزاد أنها «تشكل هاجساً للدول الكبرى».