سأل زافين في حلقة برنامجه"سيرة وانفتحت": من نجح؟ من فشل؟ وهل تغير مزاج الجمهور؟... كان موضوع الحلقة التي عرضت الأسبوع الماضي، تلفزيون رمضان 2006:"فورة في الإنتاج. إرباك في العرض. صعود وهبوط في بورصة النجوم"! بعيداً من المسلسلات المصرية، ومدى تقبل الجمهور لإعادة إحياء"السندريلا"وپ"حليم"، ومدى تقبله لجمال سليمان"الصعيدي"في"حدائق الشيطان"، وبعيداً من الجدل"العقائدي"الذي أثاره المسلسل السوري"خالد بن الوليد"، وبعيداً أيضاً من نجاح"باب الحارة"، وغياب الأصداء في شأن"دعاة على أبواب جهنم": من نجح؟ من فشل على مستوى الدراما الخليجية؟ وهل تغير مزاج جمهورها؟ والاهم على ما ترتكز أدوات قياس النجاح والفشل: الجمهور أم النقاد أم الأقنية التي أنتجت ودعمت كل مسلسل على حدة؟ الجمهور يتبع"الأبطال". يتبع الممثلتين الكويتيتين حياة الفهد في"الفرية"، وسعاد العبدالله في"الرحى". يتبع عبدالحسين عبدالرضا في"حبل المودة". يتبع السعودي عبدالمحسن النمر والبحرينية هيفاء حسين في"نجمة الخليج". يتبع البحرينية زينب العسكري والكويتية مريم الصالح في"بلا رحمة". يتبع الكويتيين غانم الصالح وعبدالرحمن العقل في"الاختيار الصعب". يتبع النجوم الشباب الذين ظهروا في الأعوام القليلة الماضية. أما معظم النقاد ? إن وجدوا ? فيتبع الكتّاب والمخرجين المميزين، الذين حصلت مسلسلاتهم على جوائز في أعوام مضت. يتبع المخرج البحريني أحمد المقلة في"قيود الزمن". يتبع المخرج السعودي محمد دحام الشمري والكاتبة القطرية وداد الكواري في"نجمة الخليج". يتبع المخرج أحمد دعيبس والممثلة الكويتية حياة الفهد الكاتبة في"الفرية". يتبع الكاتبة الكويتية فجر السعيد في"الإمبراطورة". يتبع الممثلة البحرينية زينب العسكري الكاتبة في"بلا رحمة"... ثم ماذا؟! هل تُهمل المسلسلات الأخرى:"صاحبة الامتياز"،"جمرة غضى"،"رجال يبيعون الوهم"،"جنون المال"... وغيرها؟ ماذا عن الأعمال الكوميدية:"طاش ما طاش"،"طاش الأصلي"،"أبو شلاخ البرمائي"،"مناحي"،"غشمشم"،"عتيج الصوف"،"زارع المشموم"،"ماكو فكه"... وسواها؟ إذاً نحن فعلاً أمام فورة في الإنتاج وإرباك في العرض، خصوصاً أن الأقنية أصرت وبالغت في الحصرية، بل وفي عرض المسلسلات في وقت واحد، كل على حدة. مبالغ خيالية بالنظر فقط إلى أجور بعض الممثلين والممثلات الخليجيين المعروفين التي ربما تصل إلى 70 ألف دولار، يمكن لأي مشاهد أن يخمن المبلغ الذي تكلفته الأقنية في إنتاج مسلسلاتها الخليجية، لتبدأ الأرقام من 250 ألف دولار تدفع للمسلسلات"الهزيلة"وصولاً إلى خانة"المليون"دولار. لكن على ماذا حصل المشاهد الخليجي، بعد كل هذه المبالغ المدفوعة؟ لا يمكن بأي حال من الأحوال تجاهل التطور على مستوى الدراما الخليجية، بل القفزات على مستوى الإنتاج خصوصاً تحت ظل طلب القنوات. ولا يمكن تجاهل الجهد المبذول في هذه المسلسلات إذا عرفت الإمكانات ومدى صعوبة التصوير في بعض المواقع. لكن المتابع يتفاجأ على رغم نجاح بعض المسلسلات بالأخطاء البسيطة والبديهة التي تتكرر كل عام. ولعل أبرز هذه الأخطاء تحول المسلسلات الخليجية في شكل عام إلى حفلات أعراس تُزينها الممثلات الخليجيات بماكياجهن وأزيائهن الصارخة، حتى ولو كان المشهد في غرفة النوم وكانت الممثلة للتو أفاقت من سباتٍ طويل. بل وتجد إحدى الممثلات تلبس قرطاً حلقاً أكبر من وجهها، مع البيجاما. وذلك كله، ليس لشيء سوى لعلو صوت الممثلة الخليجية أمام صوت الماكيير وربما علوه أمام صوت المخرج والمنتج أيضاً. ويمكن استنتاج ذلك بزيارة قصيرة لمواقع تصوير أي من المسلسلات الخليجية، لتجد غرفة الماكيير مكاناً للمنافسة بين الممثلات. وفي حالات أخرى تكون الممثلة هي المنتجة والكاتبة كما في مسلسل"بلا رحمة"لزينب العسكري، فمن سيشرح للعسكري أن أزيائها وماكياجها مبالغ فيهما. وفي حالة أخيرة، وجديدة، يكون المنتج قد اتفق مع متجر أزياء ليقدم الملابس للممثلات والممثلين مجاناً، كما في مسلسلي"الإمبراطورة"وپ"الاختيار الصعب"، اللذين تحولا إلى إعلان صارخ للمتاجر التي قدمت الملابس. هل تلام الممثلات فقط، على كل هذا البذخ غير المبرر، فالمخرجون أيضاً ساعدوا في ملء فراغ الصورة بالقصور والسيارات الفارهة والأثاث الفاخر؟ هنا تجدر الإشارة إلى مسلسل"الفرية"الذي اعتمد البيوت الشعبية والأدوات القديمة واقترب من المشاهد الخليجي البسيط الذي اهتم بالقصة بعيداً من أي بهرجة زائدة. وأشارت حياة الفهد منتجة وبطلة وكاتبة المسلسل في إحدى اللقاءات التلفزيونية، إلى صعوبة واجهتها لم تقتصر على إيجاد الأدوات ومواقع التصوير بل على توفير أماكن فارهة فنادق لنوم الممثلات والممثلين بعيداً من موقع التصوير! لا يمكن حصر الأخطاء بالمبالغة في الماكياج والأزياء واختيار مواقع التصوير، فلا تزال بعض المشاهد على مستوى الكتابة والإخراج، وأداء بعض الممثلين، أكثر من ضعيفة. وإلا فكيف يمكنك تصور مشهد واقعي في مسلسل"الاختيار الصعب"توصي فيه الأم أولادها قبل موتها، بكل ما تتمنى، وتنطق الشهادتين ثم تموت - وفاة طبيعية - على مرأى من المشاهدين. يكفي التعليق عليه:"المخرج أخذ من الممثلة كل ما يريد، وحدد لحظة موتها". أيضاً، لا تزال المسلسلات الخليجية تغرق في الميلودرامية، وكأن الجمهور لا يريد سوى أن يبكي، وليت هذه المسلسلات تقنعه بالبكاء. بصرف النظر عن كل الأخطاء البديهة والبسيطة التي تتكرر كل عام، ويخجل المشاهد أن يناقشها، هل يمكن تحديد المسلسل الخليجي الذي نجح والمسلسل الذي فشل بين كل هذا الزخم، بعيداً من الأعمال الكوميدية؟ بعيداً من الأعمال الكوميدية، والأعمال التي لم يتسن لأحد مشاهدتها بسبب توقيت عرضها، لا يمكن تجاهل نجاح"الفرية"لحياة الفهد، وتميز"نجمة الخليج"، والإنتاج البحريني الذي غاص في الحكايات المحلية البحتة. لكن من نجح؟ من فشل؟ ربما سنترك الحكم للأقنية التي ستعيد عرض بعض المسلسلات وستتبادل انتاجاتها في ما بينها. في تشبيه للمسلسل"الناجح"بالرواية"الناجحة"التي تحظى بإصدار طبعات أخرى. فمن يحظى بإصدار"طبعة ثانية"؟