الكلس من اكثر المعادن وجوداً في الجسم فهو مهم جداً للإنسان لبناء الهيكل العظمي والأسنان، ويحوي الجسم ما بين كيلوغرام واحد وكيلوغرام ونصف الكيلوغرام من الكلس، 99 في المئة منه يقطن في العظام والأسنان، اما ما تبقى ففي سوائل وأنسجة الجسم الرخوة. ويلعب الكلس دوراً بارزاً في مجالات عدة، فهو ضروري لتخثر الدم ومهم جداً لتأمين الرسائل العصبية ولضمان تقلص العضلات والقلب الى جانب وظائف اخرى متنوعة تتوزع بين اعضاء شتى تقع هنا وهناك، والكلس مهم جداً خلال فترة الحمل، فالجنين يأخذ من امه ما يلزمه منه، شاءت ام ابت، فإذا لم تتدارك الحامل حاجتها من الكلس في الغذاء، فإن الجنين سيسرق من عظام امه وأسنانها ما يحتاجه، ما قد يؤدي مستقبلاً الى تعرضها لمشكلات صحية. ان نقص الكلس يؤدي الى عظام لينة طرية تصاب بالكسر جراء أي رضة او صدمة، كما تتعرض الأسنان للتنخر والسقوط، وإذا كان النقص في الكلس فادحاً، فإن النمو يتعرقل لدى الصغار. ويجدر التنويه هنا الى ان المراهقين بين عمر 12 و16 عاماً هم الأكثر حاجة للكلس من الآخرين لأن العظام في هذه السن تنمو بوتيرة كبيرة، فإذا لم يتم تأمين ما يلزم من ذلك المعدن فإن العواقب قد تكون وخيمة جداً، والمراهق الذي يعاني نقص الكلس تظهر عليه علامات كثيرة مثل الغضب السريع وقلة الصبر وضيق النفس والتهيج والقلق والحيرة ولا يقوم بأعماله جيداً ويرتكب اخطاء كثيرة اضافة الى التعب السريع والأرق المزعج. ايضاً الطفل الذي لا يستدرك حصته من الكلس تبدو طباعه فظة ومزعجة للآخرين كما يعاني اضطرابات في النوم ويميل الى قضم اظافره وكثيراً ما يتبول في فراشه. ولا تنجو المرأة من شر نقص الكلس اثناء فترة العادة الشهرية إذ ان هذا النقص يفتح الباب للإصابة بعوارض متنوعة مثل النزق والعصبية وأوجاع الرأس والانحطاط الذهني، وهذه المعاناة يمكن تلافيها بإضافة ما يلزم من الكلس والفيتامين د. والفيتامين د ضروري لامتصاص الكلس من الأمعاء ليذهب بعدها الى الدم ومنه الى العظام والأسنان والأنسجة. إن الجلد هو مصنع الفيتامين د لكنه يحتاج الى اشعة الشمس لتأمين ذلك، من هنا فإن البلدان التي يندر فيها ظهور الشمس توصي مواطنيها بتناول جرعات داعمة من الفيتامين د، ويعتبر زيت كبد الحوت المصدر الأفضل له. وإذا حاولنا التعرف على الأغذية الغنية بالكلس نجد ان الحليب ومشتقاته تحتل رأس القائمة، فهي وحدها توفر للشخص ثلثي حاجته اليومية من الكلس، وبعد ذلك تأتي الخضار والفواكه والبقول الجافة وفول الصويا والسمك واللحوم والمياه المعدنية. بقي ان نذكر بعض النقاط المهمة حول الكلس: 1- ان محتوى الكلس في الغذاء ليس العامل الوحيد الذي يجب التنبه له لأن امتصاصه وامتثاله الكلس يحتاجان الى تضافر عوامل اخرى مهمة مثل وجود البروتينات وحامض اللبن ومعدن الفوسفور والفيتامين د الى جانب حموضة المعدة التي تلعب دوراً في انحلال الكلس وامتصاصه واستعماله. 2- هناك عوامل تعرقل امتصاص الكلس من الأمعاء مثل وجود حمض الفايتيك القابع في الحبوب الكاملة والنخالة وفول الصويا، وحمض الأوكزاليك الموجود في السبانخ وأمثاله. ان هذين الحمضين يتحدان مع الكلس ليشكلا مركبات معقدة لا قدرة للجسم على امتصاصها، لذلك فإنه يخسر قسماً لا بأس به من الكلس اللازم له. 3- على الإنسان ان يؤمن رصيده الكلسي في الوقت المناسب، أي قبل الثلاثين لدى الرجل وقبل الخامسة والعشرين لدى المرأة. وأي تأخر في الحصول على هذا الرصيد العظمي من الكلس يعرض للإصابة بداء هشاشة العظام. 4- ان حاجة الإنسان الى الكلس تختلف بحسب الأعمار والأجناس والأطوار، وهذه الحاجة تتأرجح يومياً على سبيل المثال لا الحصر من 600 ملغ عند الرضيع الى 1200 ملغ للمراهق الى 1500 ملغ للحامل.