تعطي العظام الجسم شكله الخارجي وبنيته الأساسية، وتعمل على حماية الأعضاء الداخلية، وتحمل الأجزاء اللينة مثل الأعصاب والأوعية الدموية والأحشاء. وهي تساعد على القيام بمساحة كبيرة من الحركة بفضل المفاصل التي تجمع بينها والعضلات المتصلة بها. عندما تضعف العظام أو تصاب بالهشاشة والكسر فإن الحياة كلها ستتأثر، من هنا أهمية الحفاظ على صحة العظام كي تبقى قوية صلبة تفادياً للمشاكل الطبية التي قد تؤدي إلى الإقعاد. ان كثافة العظام تتدهور مع تقدم الإنسان في العمر، خصوصاً النساء، وكلما تراجعت هذه الكثافة غدت العظام أكثر ضعفاً وهشاشة وبالتالي أسهل عرضة للكسور العفوية والرضية. ان بناء ثروة عظمية قوية ومتينة يبدأ منذ الطفولة والمراهقة وسن البلوغ المبكر، وتبلغ هذه الثروة أوجها مع بلوغ العقد الثالث من العمر، فخلال هذه الحقبة تكون عملية بناء العظم مهيمنة على عملية الهدم، لكن بعد الثلاثين تبدأ مرحلة تكون فيها الغلبة لمصلحة الهدم، الأمر الذي يتسبب في تراجع الكثافة العظمية وما لها من تبعات تقود لاحقاً الى الإصابة بالكسور. وهناك أشياء كثيرة تساهم في تسريع عملية الهدم، مثل قلة الحركة، ونقص الفيتامين دي والكلس، وقلة الوزن، والتدخين، والإدمان على الكحوليات، وتناول بعض الأدوية، والإصابة ببعض الأمراض. ان ضياع الثروة العظمية يحصل بصمت من دون عوارض تذكر، الى أن يبلغ درجة متقدمة، فتأخذ العوارض السريرية في الظهور، وأبرزها النقص في طول القامة، والكسور العفوية. لحسن الحظ فإن انهيار الثروة العظمية ليس حتمياً، فمن الممكن إيقافه أو على الأقل الحد منه من خلال اتباع نمط حياة يحافظ على عظام صحية تتمتع بالصلابة اللازمة التي تجعلها عصية على الصدمات والكسور، ويقوم نمط الحياة هذا على الأسس الآتية: - القيام بالتدريبات الرياضية المناسبة بانتظام، فقد بينت البحوث المختلفة على هذا الصعيد أن الأشخاص النشطين في حياتهم يملكون عظاماً أكثر قوة وصلابة من سواهم. ان التمارين الرياضية مهمة في كل مراحل الحياة من أجل بناء الثروة العظمية، فهي في مرحلتي الطفولة والمراهقة تحسّن نمو العظام والغضاريف، وعند الكبار تعد وسيلة علاجية سحرية لمرض هشاشة العظام الذي يصيب النساء أكثر من الرجال نتيجة نقص هرمون الإستروجين والكلس والبروتينات. ويفضل ممارسة رياضات معينة، مثل رفع الأثقال، والمشي السريع، والأيروبيك، والرقص، وكرة المضرب، وكرة القدم، وكرة السلة، والقفز، والتزلج، والكاراتيه. أما السباحة وركوب الدراجة فهما مهمان للياقة البدنية، لكن ليس لبناء عظام قوية. لا يكفي القيام ببعض الحركات الرياضية لتقوية العظام، بل يجب ممارسة التمارين بانتظام ولمدة لا تقل عن 30 الى 40 دقيقة للحصول على فوائدها. وتترك التمارين الرياضية تأثيرات ايجابية على العضلات فتزيد من كتلتها وتحسّن من وظيفتها وتحافظ على توازنها، وهذه كلها عوامل تترك آثاراً طيبة في العظام. - تناول البروتينات التي تلعب دوراً محورياً في تنظيم اعادة بناء الثروة العظمية مدى الحياة، فهي مهمة جداً من أجل تخليق أنسجة عظمية جديدة وإصلاح الأنسجة المدمرة، خصوصاً مادة الكولاجين التي تدخل في بنية العظام وتساهم في تقويتها. ويجب استهلاك البروتينات وفق حاجة الجسم من دون إفراط ، فالفائض منها يضرّ بالعظام، كما النقص. عدا ذلك فإن تناول كمية كبيرة من البروتينات يعرقل عملية امتصاص معدن الكلس الضروري جداً لبناء الثروة العظمية. - تناول الأطعمة الغنية بالكلس، فإذا عرفنا أن نسبة 99 في المئة من الكلس توجد في العظام والأسنان لأدركنا على الفور أهمية أن يتناول الشخص ما يلزم منه من أجل عظام صحية. لقد ساهمت العادات الخاطئة في الانقياد وراء مصادر غذائية فقيرة بالكلس ما عجّل بضياع الثروة العظمية. يجب الحصول على ما يكفي من الكلس يومياً من مصادره الطبيعية الغنية به، مثل الحليب ومشتقاته، وحليب الصويا، وحليب اللوز، والتوفو، والحبوب الكاملة، والخضروات، مثل اللفت والبازلاء والقنبيط. - لا تنس الفيتامين د، اذ لا يمكن امتصاص الكلس من الأمعاء ومن ثم فرشه في العظام من دون هذا الفيتامين. ويعرّض المستوى المنخفض الى ضمور الثروة العظمية وبالتالي الى اصابة العظام بالهشاشة والكسور. ان الفيتامين د يصنع في شكل أساسي من قبل الجلد بتحريض من أشعة الشمس. يعيش الناس اليوم في أماكن مغلقة أو يرتدون ألبسة تحجب أشعة الشمس، فلا يستطيع الجلد صنع ما يكفي حاجة الجسم منه، عدا هذا فإن باقة قليلة من الأغذية تضم الفيتامين المذكور، لكن على الشخص أن يتناول كمية كبيرة منها لا يمكن تكرارها يومياً. اذاً ما الحل؟ الى الشمس فهي السبيل لنيل ما يكفي من الفيتامين اذا كان الأمر ممكناً، أما اذا غابت الشمس فعليكم بجرعات داعمة من الفيتامين د. - تناول الأغذية الغنية بالمغنيزيوم الذي يشكل لبنة أساسية في بناء الثروة العظمية، خصوصاً اذا علمنا أن نصف الكمية توجد في العظام فقط، ما يوضح أهمية هذا المعدن في دعم بناء العظام ونموها والحفاظ عليها. وتشكل الخضروات الورقية الخضراء والحبوب الكاملة والمكسرات مصادر مهمة لمعدن المغنيزيوم. تريد عظاماً قوية تتمتع بالصحة والعافية، إذاً أنت تعرف الآن ماذا يجب عليك أن تفعله. ومن باب التذكير عليك بممارسة الرياضة بانتظام، وأن تأخذ حاجتك من البروتينات وما يكفيك من الكلس وما يلزمك من المغنيزيوم، ولا تنس الفيتامين د لأن نقصه يساهم في سحب الكلس من العظام. [email protected]