إنه المعدن الأكثر تواجداً في الجسم، فهو عنصر مهم جداً لأن الإنسان في أمس الحاجة اليه لبناء الهيكل العظمي والأسنان. ويحتوي الجسم من 1 الى 1.5 كيلوغرام من الكالسيوم، 99 في المئة منه في العظام والأسنان، اما الباقي فيتوزع في سوائل وأنسجة الجسم المختلفة. ان الرصيد الكلسي في الجسم يجب تأمينه في الوقت المناسب أي في سن ما قبل الثلاثين للرجال وقبل الخامسة والعشرين بالنسبة الى المرأة. وأي تأخر في تأمين هذا الرصيد في الزمن المناسب يفتح الباب أمام استيطان مرض هشاشة العظام الذي يحدث أكثر ما يحدث لدى النساء لاعتبارات هورمونية. ويلعب الكالسيوم دوراً حيوياً في مجالات عدة، فهو ضروري لتأمين الرسائل العصبية، ويشارك في عملية تخثر الدم وتقلص العضلات والقلب، الى جانب وظائف أخرى متنوعة تتعلق بالعضو الذي يوجد فيه. والحامل تحتاج بشدة الى الكالسيوم خلال فترة الحمل خصوصاً ان الجنين يأخذ ما يلزمه من هذا المعدن من أمه حتى لو لم تتدارك الأم متطلباتها منه عن طريق الغذاء. ان نقص الكالسيوم في فترة الحمل يعرض صاحبته الى وهن العظام ومضاعفاته الكثيرة. ويؤدي نقص الكالسيوم الى عظام لينة طرية قابلة للكسر من جراء تعرضها لأي رض أو صدمة، كما يعرض هذا النقص الأسنان الى النخر والسقوط، واذا كان النقص فادحاً عند الأطفال فان عملية نموهم تتعرقل حتماً. والمراهقون هم الأكثر احتياجاً للكالسيوم مقارنة بغيرهم لأن عظامهم في هذه المرحلة العمرية تنمو بوتيرة سريعة، وفي حال عدم تأمين ما يلزم من هذا المعدن فان عواقب وخيمة تكون في انتظارهم. ان المراهق الذي لا يتدارك حاجته من معدن الكالسيوم تبدو عليه مظاهر يغلب عليها طابع الغضب والنرفزة والقلق والحيرة، ناهيكم عن انه يتقاعس عن القيام بأعماله على ما يرام، ويرتكب الخطأ تلو الخطأ، ويتعب بسرعة، ويصاب باضطرابات في النوم. أيضاً الطفل الذي لا يأخذ ما يحتاجه من الكالسيوم يتعرض هو الآخر الى جملة من المشاكل التي تنعكس في صور شتى مثل الطباع الفظة المزعجة للغاية، وخلل في النوم، وميل الى قضم الأظافر، وربما التبول في السرير. ولا تسلم المرأة من أخطار نقص الكالسيوم خلال فترة العادة الشهرية، اذ تعاني من عوارض عدة مثل النزق والعصبية والصداع والخمول الذهني. ولا يكفي ان يتوافر الكلس في الغذاء كي يحصل عليه الجسم، بل لا بد من تواجد الفيتامين د الذي يضمن امتصاصه من الأمعاء ليذهب بعدها الى العظام والأسنان والأنسجة الأخرى، وكما هو معروف فان الجلد هو المصنع الرئيسي للفيتامين د، وكي يتم هذا لا بد من تعرض الجلد لأشعة الشمس، ويكفي للشخص ان يشرع يديه ووجهه لبعض الوقت كل يوم كي ينال حاجته من هذا الفيتامين. ومن أهم المصادر الغنية بمعدن الكالسيوم الحليب ومشتقاته التي تؤمن للشخص ثلثي حاجته اليومية منه، وبعد ذلك تأتي الخضار والفواكه والبقول الجافة وفول الصويا والسمك واللحوم الحيوانية والمياه. وطبعاً هناك المكملات الغذائية الغنية بالكالسيوم التي تتوافر في الصيدليات والمحلات التجارية، ولكن هذه ليست أفضل من الأغذية الطبيعية وفقاً لدراسة نشرت في مجلة التغذية السريرية الأميركية. وهناك عوامل تساعد على امتصاص الكالسيوم من الأمعاء من اهمها المواد البروتينية وحامض اللبن وحموضة المعدة. في المقابل هناك عوامل تعرقل امتصاص الكالسيوم مثل وجود حامض الفايتيك (النخالة، الحبوب الكاملة، فول الصويا) وحامض الأوكزاليك (السبانخ وامثالها)، فهذان الحامضان يتحدان مع الكالسيوم ليشكلا مادة يصعب امتصاصها.