رجوت القارئ قبل اسبوع ان يصبر عني وعلي، وأنا اختتم زاوية عن"فضيحة"النفط مقابل الغذاء، وأقول انني سأكمل الحديث في اليوم التالي. وتلقيت بالفاكس رسالة من صلاح فوزي السعيد، وهو طالب في القاهرة يسألني ما الفارق بين الصبر عن الشيء وعليه. أعرف الفارق من كلام للإمام علي بن أبي طالب، فهو قال: الصبر صبران، صبر على ما تكره وصبر عما تحب. وهكذا فقد رجوت القارئ ان يصبر على الموضوع الذي يتحدث عن حملات مغرضة للمحافظين الجدد، ثم افترضت ان هذا القارئ يحبني ربما كان يكرهني ويقرأ لرصد أخطائي وقلت له ان يصبر عني. لغتنا جميلة، وهي أجمل اذا لم يخطئ الناطق بها، وبما ان صلاحاًطالب فإنني أزيد له من"نهج البلاغة"ان الإمام علي قال له بعض اليهود: ما دفنتم نبيكم حتى اختلفتم فيه. قال: اختلفنا عنه لا فيه. وأقول ان الفارق كبير وواضح. يكفي ادباً في زمن قلة الأدب بل يكفي سياسة، والقارئ نامي ابو بركة، او بركي، يقول في رسالة بالفاكس لم تحمل رقماً يدل على مصدرها انني أُكثر من التعليقات السياسية، وهو يفضل أي تعليق لي غيرها. ويضيف انني كتبت حلقة واحدة لطيفة شكراً عن سباق السيارات في البحرين وكان يرجو لو كتبت حلقتين او ثلاثاً بدل تذكير الناس بهمومهم في العراقوفلسطين والسودان وكل بلد. يا أخ نامي اذا لم اذكر القراء بهمومهم فهي لن تزول، ولكن سأعمل معك تسوية، فلا ازيد زاوية اخرى عن سباق السيارات، وانما احكي لك قصة لم اسجلها. في العشاء الذي استضافه ولي العهد الشيخ سلمان بن حمد حول بركة السباحة في الفندق حيث نزلت، وغنى فيه كاظم الساهر كما أشرت، كانت هناك سيارات قديمة من مجموعة الاسرة الحاكمة. وبحثت حتى وجدت سيارة لنكولن سوداء، يعود موديلها الى أوائل الخمسينات، وكنتُ مراهقاً ارى فيها الأمير سلمان، رحمه الله. واعتقدت بحكم السن انها سيارته الوحيدة، فعند كل انسان سيارة، ثم زرت مع الكبار قصراً له على طريق عوالي للتهنئة بعيد الفطر او الاضحى سنة 1961 وفوجئت بوجود سيارات كثيرة، بينها رولز رويس وغيرها. وبقي أمر تفضيل الشيخ سلمان تلك السيارة يشغل بالي حتى كان يوم سألت الشيخ عيسى بن سلمان، رحمه الله، عن السر. وهو قال لي ان والده كان يفضلها لأن التهوئة فيها كانت اقوى. وهكذا وجدت جواباً مقنعاً بعد أكثر من 30 سنة. وأكمل مع الأخ فوزي خليل، في رسالة اخرى بالفاكس، ومن زوريخ في سويسرا، وهو يقول انه سمع في راديو الاخبار من اذاعة سويسرية ان"آرييل شارون قرر الانسحاب من قطاع غزة فقط، أما الضفة الغربيةوالقدس والجولان فلا انسحاب ولا هباب ولا من يحزنون". وهو يضيف:"الاحتلال مستمر وأبدي، دام أكثر من 37 سنة، وعندما سمعت الخبر لم أصدق أذني. اليوم يفكرون في الانسحاب من قطاع غزة. ربما تكون خدعة شارونية لقمع الانتفاضة ومحاولة وقفها، وتحطيم صخرتها العظيمة التي فشل اسحق رابين في تحطيمها مع انه طالب جيشه بتكسير عظام اطفال الحجارة... انتفاضة فلسطين ازدادت صلابة وتصميماً في تحرير القدس. وكان رابين نال جائزة نوبل للسلام ثم قتل، والآن هناك خدعة شارونية للحصول على دعم عالمي، فيصفق العالم المخدوع لشارون وبوش ويمنحهما جائزة السلام... ربما تكون هذه كذبة نيسان السخيفة". يا أخ فوزي"لا تشكِ لي حتى لا أبكي لك"، كما يقول المثل، فكل يوم هو اول نيسان، وهم يكذبون علينا ونحن نكذب على احدنا الآخر. القارئ فضل اليعقوب، في رسالة بالبريد الالكتروني وبالانكليزية، يقول انه لا يصدق انني أيدت ترشيح جون نغروبونتي رئيساً لاجهزة الاستخبارات الأميركية، وهو يذكرني بماضيه في أميركا الوسطى، ويقول ان ضغطه ارتفع عندما سمع ان الرئيس بوش رشحه لرئاسة اجهزة الاستخبارات. وفي حين ان القارئ يعتقد ان كارين هيوز ودينا باول أقل تطرفاً، فإنه يجد اسباباً للخوف من عمل نغروبونتي. كنتُ أشرت الى عمل جون نغروبونتي سفيراً لدى هندوراس، والى نشاط الكونترا، واختفاء مئات، بل ألوف المعارضين للانظمة العسكرية التي دعمتها الولاياتالمتحدة ضد المد الشيوعي. غير انني وجدت عمله بعد ذلك افضل من عمل عصابة المحافظين الجدد، خصوصاً في الأممالمتحدة حيث تابعت نشاطه. والمهم في الموضوع انني لو عارضت كل ترشيح اميركي فسأتهم بالتطرف الذي اتهم به العصابة إياها. لذلك حاولت ان أرى بعض الايجابيات، وأيدت ولا أزال عمل الدكتورة كوندوليزا رايس، ثم أيدت ترشيح نغروبونتي وهيوز وباول المصرية الأصل وعارضت بول وولفوفيتز وايليوت ابرامز وجون بولتون، وخرجت بموقف وسطي. واذا كان نغروبونتي رفع ضغط الأخ فاضل، فإن ترشيح ثلاثي الشر المذكور اعلاه يكفي لاصابة الواحد منا بنوبة قلبية. وأختتم بالقارئ سعد نظمي الناجي، في رسالة بالفاكس من بيروت على ما أعتقد، فهو قرأ الحلقة الأولى من عرضي الكتاب"شارون: قيصر اسرائيلي"لأوزي بنزمان، وطلب ان تنشر"الحياة"ترجمة كاملة للكتاب. لا مانع عندي، ولكن القرار يخضع لرئيس التحرير وجهاز التحرير، ويحتاج الى موافقة صاحب الكتاب. مع ذلك أقول اننا لن نسمع شيئاً عن شارون يزيد على ما نعرف من جرائمه، ويكفي ان نسجل ما يستجد منها.