حدث مرة أن بويحثاً ليكودياً شارونياً امتهن شن حملات على هذا البلد العربي أو ذاك، أرسل رداً على انتقادي له، مطالباً "بحقه" في النشر، أي انه كان يريد ان يسجل في هذه الجريدة الوطنية العريقة ان الفلسطينيين اعتدوا على اسرائيل، ويعتدون، وان حماس والجهاد الاسلامي وحزب الله احزاب ارهابية. وقلت له أن ينشر سمومه عبر مصادره، وأنا أنشر في جريدتي. غير ان نجاح صفحة "الحياة" بالانكليزية على الانترنت أعاد إليّ ذلك البويحث وأنا أراجع نوعاً جديداً من بريد القراء أكثره من يهود أميركيين وأوروبيين يقرأون "الحياة" ومن ضمنها زاويتي هذه مترجمة الى الانكليزية، ويعلقون دفاعاً عن اسرائيل. وكتب أحدهم أخيراً خالطاً التاريخ بالأسطورة، فكذب على الأول وانتقى من الثاني ليقول ان فلسطين التاريخية كما نعرفها هي إسرائيل، وشرح حقوق اليهود فيها. وعندما قال رئيس وزراء ماليزيا مهاتير محمد أن بضعة ملايين يهودي لن يهزموا 3،1 بليون مسلم امتلأت الانترنت فوراً بردود يهودية عليه، من حول العالم. القارئ اليهودي حر في رأيه، كما أنا حر في رأيي. غير ان اسرائيل في زاويتي ليست متهمة، وإنما هي مدانة بالكامل فقد سرقت اراضي الفلسطينيين وقامت بالقوة من دون وجه حق، وهناك اليوم في اسرائيل حكومة نازية ترتكب جرائم ضد الفلسطينيين، وتساعدها ادارة جورج بوش وتتستر عليها. موقفي الشخصي، ولدي مطلق الحرية في عرضه، هو التالي: - أعارض الحرب، كل حرب، لأي سبب. - أقبل دولة فلسطينية في حدود الرابع من حزيران يونيو 1967، وأطلب معها انسحاب اسرائيل من الجولان وأي أرض لبنانية لا تزال محتلة. - أؤيد أهداف حماس والجهاد الاسلامي في إقامة دولة فلسطينية، وأعارض العمليات الانتحارية، وأطلب وقفها. وقد طالبت الأخوان في قيادة الفصيلين وقف العمليات الانتحارية، وكتبت ذلك مرة بعد مرة في هذه الزاوية. - حماس والجهاد وحزب الله حركات تحرر وطني، واسرائيل دولة ارهابية. - إذا كان طريق فلسطين يمر بقتلى من نساء وأطفال فأنا لا أريد سلوكه. - شارون / موفاز/ يعالون/ ليبرمان داغان وغيرهم في الحكومة الاسرائيلية والمؤسسة العسكرية الاسرائيلية مجرمو حرب يجب أن يحاكموا امام محكمة جرائم الحرب الدولية في لاهاي. - أهاجم اليمين الاسرائيلي المتطرف، وكل من يؤيد حكومة شارون لأن يديه ملطختان، كمحرض، بدماء الفلسطينيين والاسرائيليين مثل شارون. - غالبية اليهود في اسرائيل، وحول العالم، تريد السلام. وإذا اخذنا الولاياتالمتحدة مثلاً فاليهود فيها، في غالبيتهم العظمى، وسطيون ليبراليون، ويجب عدم خلطهم بالأقلية المتطرفة التي تؤيد حكومة شارون، خصوصاً من المحافظين الجدد المحرضين على الجريمة. - بروتوكولات حكماء صهيون مزورة، والاستشهاد بها عيب. - المحرقة النازية الهولوكوست وقعت وراح ضحيتها ستة ملايين يهودي، وانكارها، أو انكار الرقم خطأ. - يمكن عقد سلام مع غالبية اليهود في اسرائيل، وحول العالم. وبعد، كنت أستطيع إهمال النقاط الأربع الأخيرة، غير انها رأيي أيضاً، وهو رأي متناثر في ما أكتب باستمرار، وكل النقاط السابقة هي ثوابت عندي، لذلك فالقارئ اليهودي الاميركي، أو الفرنسي، أو البريطاني، يستطيع أن يقبل رأيي كله، أو نصفه، إلا أنه لن يغيره، فقناعتي ان ارييل شارون مجرم هي بمستوى قناعتي ان غالبية اليهود في اسرائيل وحول العالم بريئة منه وتريد السلام. ويعرف قراء هذه الزاوية رأيي في السيد ياسر عرفات، وقد انتقدته لأسباب كثيرة، وأخذت عليه التردد والبطء في السير في عملية السلام حتى كان من كان. ونقدي هذا لا يزال قائماً إلا أنه لا يلغي "ثابتين" آخرين في قاموسي السياسي، فاليمين الاسرائيلي هو الذي اغتال اسحق رابين، وهو الذي اختار مجرم حرب من نوع شارون رئيساً للوزراء سنة 2001 فدمر العملية السلمية. واليمين هذا مسؤول عن الدماء الفلسطينية والاسرائيلية التي أريقت منذ أصبح شارون رئيساً للوزراء. هذا هو رأيي، وقد سجلته بأوضح عبارة ممكنة، ولا أخاف فيه، وهو حق، لومة لائم، وأعتقد انه رأي العرب والمسلمين كافة. وهكذا يستطيع قارئ هذه الزاوية بالانكليزية على الانترنت أن يأخذه أو يهمله، إلا أنه لن يغيره. وكان الصديق العزيز الدكتور حليم بركات شكا في برنامج تلفزيوني شاركته فيه من أن شركة ميمري للترجمة أساءت ترجمة ما كتب مرة ما سبب له مشاكل. وسئلت هل تعرضت لمشاكل مماثلة فنفيت ذلك، وقلت انني في وضع أن أعمل مشاكل للآخرين. وهذا كلام أرجو من القارئ ألا يأخذه حرفياً، فإسرائيل وأنصارها يخيفون من عنده أسباب للخوف، وأنا لست من هؤلاء.