من العسير على المرء أن ينسى أحمدي نجاد يجهر اقتناعه العميق بزوال اسرائيل، وذلك أن تسعى ايران في امتلاك السلاح النووي. وصاروخ شهاب -3 عدل اخيراً ليتسنى تجهيزه برأس نووية. وبين الوثائق التي قدمتها ايران الى الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 2005، واحدة مصدرها شبكة عبدالقدير خان الباكستانية وتتناول تقنيات استخراج اليورانيوم المعدني وقولبته على شاكلة دوائر نصفية. واستقبال ايران هذه الوثائق تحظره الوكالة الدولية، على نحو ما يعاقب القانون اخفاء المخدرات من غير ان يطلبها المتستر عليها. وايران لم تنتهك التزاماتها بازاء الوكالة الدولية وحسب، وهذا وجده يسوغ نقل ملفها الى نيويورك ومجلس الامن. فهذه الانتهاكات، على ما تنص المادة الثانية من معاهدة حظر انتشار السلاح النووي، تدعو الى وضع مجلس الامن يده على الملف الايراني من غير استشارة حكام الوكالة الدولية أو مبادرتهم. والظرف مؤاتٍ لتبادر العدالة النمساوية الى افشاء ما انتهت اليه تحقيقاتها في شأن تورط محمود احمدي نجاد في اغتيال الزعيم الكردي عبدالرحمن قاسملو، أمين عام الحزب الديموقراطي الكردي، الى اثنين من رفاقه، في 13 تموز يوليو 1989 بفيينا. فبيتر بيلز، النائب النمساوي، والرئيس الايراني سابقاً ابو الحسن بني صدر، جمعا شهادات مباشرة نقلت الى القضاء النمساوي. واتفقت الشهادات هذه على ان الرئيس الايراني الحالي كان على رأس فريق الاغتيال الاحتياطي، وتولى الى ذلك، المسوؤلية عن تجهيز الفريق الاول الذي نفذ العمل. والنمسا بلد خاطبه الرئيس الايراني، من مكة، وعليه التحلي، تالياً، بالشجاعة والكرامة. والحق ان أمرين ينبغي التنبه اليهما: الاول هو أن احمدي نجاد بوأه السلطة الايرانيون المحبطون والمتروكون، وهو عاجز عن الوفاء بوعوده الانتخابية التي لوح بها في أثناء حملته. وعلى هذا فالهرب الى امام مخرج مرجح، وينبغي حمله على محمل السيناريو المرتقب في الاشهر او الاعوام الآتية. والأمر الثاني هو أن الاوروبيين باتوا لا يتمتعون بأي صدقية في طهران بعد ان نكصوا عن انفاد تهديدات صدرت عن اعلى مراتب الدولة. فاليوم هو الوقت المؤاتي لتقويم الحال. ويقر لنا بالفضل، اذا بادرنا الى هذا، العالم كله، وفيه الدول الاسلامية التي لم يتورع احمدي نجاد، الشعبوي، عن دوس تقاليد اللياقة في اثناء انعقاد قمة مؤتمرها. عن تيريز ديلبيش عضو المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية بلندن، لوفيغارو الفرنسية. 16/12/2005