على وقع تصريحات رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارن الرافضة لدور مصري سياسي فاعل يتجاوز "الامن"، والبلبة في صفوف الفصائل الفلسطينية المعارضة بهذا الصدد، التقى مدير الاستخبارات المصرية اللواء عمر سليمان أركان القيادة الفلسطينية وفي مقدمهم الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في اطار جولات مكوكية بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي للبحث في مرحلة ما بعد الانسحاب الاسرائيلي المزمع من قطاع غزة. وخلافاً لزيارات سابقة، التقى الوزير المصري ممثلي الفصائل الفلسطينية بمن فيهم ممثل حركة "الجهاد الاسلامي" على مأدبة غداء شملت "توضيحاً" لحقيقة الدور المصري الذي لا تريد القاهرة ان "يساء فهمه". أعلن مدير الاستخبارات المصرية اللواء عمر سليمان ان ضباط امن مصريين سيصلون الى قطاع غزة في غضون ثلاثة شهور مشدداً على أن مصر لن تلعب أي دور لا يريده الفلسطينيون، فيما نفى الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وجود "مطالب" مصرية من الجانب الفلسطيني معلناً ان "مصر وفلسطين طرف واحد". وجاء ذلك في ختام اجتماع بين الطرفين بمشاركة رئيس الوزراء الفلسطيني احمد قريع ابو علاء وعدد من المسؤولين الامنيين الفلسطينيين، بينهم العميد جبريل الرجوب مستشار الرئيس لشؤون الامن القومي واللواء نصر يوسف الذي تردد اسمه اخيراً لتولي حقيبة الداخلية في اطار عملية اعادة صوغ وهيكلة وتوحيد الاجهزة الامنية الفلسطينية. ولفتت مصادر فلسطينية الى ان يوسف الذي توترت علاقاته مع الرئيس الفلسطيني في السابق، كان من بين ثلاثة اعضاء في اللجنة المركزية لحركة "فتح" شاركوا في الاجتماع، اضافة الى صخر حبش وعباس زكي بصفته المسؤول عن العلاقات الخارجية في الحركة. وامتنع عرفات عن الرد على اسئلة الصحافيين في شأن تعديلات مرتقبة في الحكومة الفلسطينية تشمل حقيبة الداخلية قائلاً: "ليس هنالك مطالب مصرية بل نرجوهم لوقف التخريب الاسرائيلي". وثمّن عرفات الذي اتصل هاتفياً بالرئيس المصري الموجود في المانيا للعلاج خلال الاجتماع، بحرارة الجهود المصرية لدفع عملية السلام الى الامام وتطبيق خطة "خريطة الطريق". وشدد عرفات على ضرورة ان يكون الانسحاب الاسرائيلي من قطاع غزة جزءاً من تطبيق "خريطة الطريق" وبالتزامن مع انسحاب مماثل في الضفة الغربية. في موازاة ذلك، قال قريع رداً على سؤال عن تقاسم الصلاحيات مع الرئيس الفلسطيني: "لن نتقاسم مع الرئيس عرفات اي مسؤوليات. للرئيس مسؤولياته ولنا مسؤولياتنا والأهم وقف العدوان الاسرائيلي وتنظيم أجهزة الامن". ووصف الرجوب الاجتماع بانه "ممتاز"، وقال في تصريح الى "الحياة" ان اللقاء عكس "التفاهم الفلسطيني -المصري ازاء التحديات وهناك اتفاق على انجاح الحوار الوطني على برنامج وطني واعادة صوغ وهيكلة الاجهزة الامنية بما يضمن احياء عملية السلام". ورداً على سؤال عن تصريحات رئيس الوزراء الاسرائيلي شارون الرافضة لدور مصري سياسي من اجل استئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والاسرائيليين، قال الرجوب: "لسنا طرفاً في هذا الموضوع". وشدد الرجوب على ان الكرة الآن في الملعب الاسرائيلي لاظهار تعاونه في تطبيق خطة الانفصال والانسحاب من قطاع غزة والرد ايجاباً على الجهود المصرية في هذا الصدد. واشارت مصادر فلسطينية مطلعة ل"الحياة" الى ان التوجه القائم في القيادة الفلسطينية يتمحور حول تعيين وزير داخلية بدلاً من تعيين مسؤول عن الاجهزة الامنية في القطاع لتعزيز مبدأ وحدة الاجهزة في الضفة الغربية والقطاع. واوضحت المصادر ان الجانب المصري لم يطالب بتحديد هوية الشخصية، لكنه يشدد على ضرورة توحيد هذه الاجهزة وعملها تحت مظلة وزارة الداخلية. وفيما رفض اللواء سليمان الرد على اسئلة الصحافيين قائلاً: "أنا لا اتحدث، الرئيس هو الذي يتحدث"، رد على سؤال واحد اثناء توجهه للقاء مسؤولين اسرائيليين ان ضباط التدريب المصريين سيصلون الى قطاع غزة في غضون ثلاثة شهور. مصر والفصائل وفي خطوة لافتة، تحدث سليمان مع ممثلي الفصائل الفلسطينية وعدد من اعضاء اللجنة النفيذية والمجلس التشريعي الفلسطيني على مأدبة غداء بمبادرة من الرئيس الفلسطيني، أراد منها على ما يبدو ترطيب الاجواء بين مصر وهذه الفصائل في ضوء البيان الذي اصدرته بعض الفصائل الفلسطينية وانتقدت فيه الدور "الأمني" المصري في قطاع غزة. واكدت مصادر فلسطينية شاركت في اللقاء ل"الحياة" ان اللواء سليمان اكد "عدم وجود مبادرة مصرية بل جهود نبذلها على ثلاثة محاور" وهي الحوار الفلسطيني - الفلسطيني ومحاولة تحريك عملية السلام "مستفيدين من اجل هذا الهدف من احتمال الانسحاب الاسرائيلي من القطاع" ومساعدة السلطة الفلسطينية في بناء قدراتها الأمنية". وقالت المصادر ان سليمان شدد على ان الامن والاقتصاد يشكلان أهم أعمدة بناء الدولة والسلطة، وان مصر لن تلعب أي دور لا يريده الفلسطينيون. وقالت المصادر ان سليمان كرر عبارات: "لا نريد ان يساء فهمنا وربما أسيء فهمنا". وشارك في اللقاء ممثلون عن معظم الفصائل الفلسطينية باستثناء حركة "حماس" التي يقبع جميع زعمائها السياسيين في الضفة الغربية في السجون الاسرائيلية. الى ذلك، اكد قيس عبدالكريم عضو المكتب السياسي للجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين ل"الحياة" ان "خللاً" وقع في دمشق وان توقيع الجبهة على بيان الفصائل العشرة "لم يكن محسوباً"، مضيفاً ان المشكلة الرئيسة هي خطة شارون وليس الانزلاق الى معارك جانبية مع مصر او غيرها، وان كانت الأخيرة تريد المساعدة فأهلاً وسهلاً، على ان يكون ذلك على اساس مساعدة الفلسطينيين". من جهة ثانية، اعلنت الأممالمتحدة ان منسقها الخاص لعملية السلام في الشرق الاوسط تيري رود لارسن التقى سليمان في بداية مهمته في اسرائيل والأراضي الفلسطينية.