مالت العلاقات السياسية بين الزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر وسلطات "التحالف" الى انفراج هو الاول من نوعه بين الجانبين منذ اكثر من سنة بعد صدور استجابة واضحة من الحكومة العراقية الانتقالية والقوات الاميركية لطروحات الصدر التي أكد فيها عزمه على الانخراط في لعبة المعارضة بطريقة تتماشى مع رؤية المرجعية الشيعية. واغتيل امس وكيل وزارة الخارجية بسام كبة فيما جرت محاولات اخرى فاشلة لاغتيال مسؤولين آخرين. وكان الشيخ جابر الخفاجي فاجأ الجميع في خطبة الجمعة التي القاها في مسجد الكوفة اول من امس نيابة عن مقتدى الصدر، الذي يعتقد انه يختفي في بغداد بعد فشل محاولة لاغتياله، أعلن فيها تأييد الصدر للحكومة الانتقالية في حال وضعت جدولاً زمنياً لانسحاب قوات الاحتلال من العراق او اعلنت عدم موافقتها على الاحتلال، مشيراً الى ان "هناك خيارين: اما التصدي للحكومة وإما قبولها، وفي حال تم رفضها لن نجني شيئاً"، مبدياً استعداده للحوار معها اذا اعلنت رفضها الاحتلال. وجاء رد الحكومة العراقية سريعاً امس على لسان الناطق باسمها جرجيس سادة الذي عبر عن الرضا والسرور بالموقف الجديد للصدر، وقال: "نرحب برد السيد مقتدى الصدر، ونذكر بأن الحكومة تقف بشكل اساسي ضد الاحتلال". وعبر الناطق العسكري الاميركي عن ترحيب مماثل مبدياً امله في ان يواصل مقتدى الصدر الاتجاه في هذا الخط المنطقي و"المعقول". وجاء هذا التطور بعد اقل من اسبوع على لقاء الصدر بالمرجع الشيعي الاعلى آية الله علي السيستاني، في اطار تحول اكد انخراط الزعيم الشاب في لعبة المعارضة الدستورية. وكان هذا التحول بدأ قبل ثلاثة اسابيع بعد اعطاء الصدر رسالة مكتوبة تتضمن اربع نقاط لحسم الخلاف بينه والاميركيين، جرت مناقشتها لاحقاً، بوساطة من زعيم حزب "المؤتمر الوطني العراقي" احمد الجلبي، وباطلاع السيستاني. وبعد حسم نقاط الخلاف بوشر تطبيق اتفاق لفصل القوات والبحث في تحويل "جيش المهدي" الى مؤسسة سياسية. الا ان تأخر الاميركيين في اعطاء ضمانات سياسية للصدر اطال الازمة في النجف حيث شهد وسط المدينة امس انتشاراً لعناصر مسلحة تابعة للصدر سيطروا على المرقد الحيدري، رداً على ارسال ثلاث دبابات اميركية اقتربت من مواقعهم في مقبرة وادي السلام في المدينة. وفي مدينة الصدر شرق بغداد بقي التوتر على حاله وسط معلومات حصلت عليها "الحياة" اشارت الى ان الاميركيين كانوا ينوون اقتحامها ليل الخميس - الجمعة لولا تدخل وزير الداخلية الجديد فلاح النقيب واقناعهم بأن الاقتحام سيؤدي الى مجزرة غير مبررة. وأتت هذه التطورات في وقت تأكد فيه وجود مخطط ثلاثي الابعاد لاغتيال المسؤولين السياسيين والامنيين والخبراء الاجانب لعرقلة قيام مؤسسات الحكومة الانتقالية. وقتل وكيل وزارة الخارجية بسام كبة لدى خروجه من منزله في الاعظمية في بغداد صباح أمس. وكان عاد قبل يوم واحد من لندن بعدما رافق وفد وزارة الخارجية الى نيويورك. وأعلنت الناطقة باسم البيت الابيض جيني مامو ان اغتيال كبة لن يعيق عملية نقل السلطة الى العراقيين. كذلك تعرضت سيارة وكيل وزارة الصحة الى هجوم في حي السيدية في بغداد. ولم يصب احد في الحادث. ونجا ايضاً قائد قوة حرس الحدود اللواء حسين مصطفى عبدالكريم من محاولة اغتيال استهدفته امس. وقالت مصادر الشرطة ان الاسابيع المقبلة مرشحة لمزيد من التصعيد لتعطيل عملية نقل السلطة، وارباك آلية اتخاذ القرار على المستويين السياسي والامني.