استقدمت قوات اميركية وحدات جديدة استعداداً لاقتحام مدينة الفلوجة، وتواصل القصف على المدينة وبعقوبة، فيما واصل وفد وزارة الخارجية الايرانية مساعيه في العراق لتهدئة الاوضاع، على رغم اغتيال الملحق الثقافي والاعلامي في سفارة ايران في بغداد خليل نعيمي. وتوجه الوفد امس الى النجف للقاء المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني، وتراجع عن لقاء زعيم "جيش المهدي" مقتدى الصدر، بعد اغتيال نعيمي، في حين اعلن رئيس هيئة الاركان المشتركة الاميركية الجنرال ريتشارد مايرز ارسال تعزيزات عسكرية اميركية الى العراق "لمواجهة التحديات الامنية"، ولم يستبعد قائد القوات الاميركية في هذا البلد الجنرال ريكاردو سانشيز استخدام القوة ضد انصار الصدر. تزامن ذلك مع طلب ادارة الرئيس جورج بوش من سورية المساهمة في "تهدئة الوضع" في العراق، لكن مايرز كرر في بغداد امس قبل انتقاله الى جنوب هذا البلد، ان مقاتلين اجانب يتسللون من سورية وايران، منتقداً "ممارسة دول مجاورة تأثيراً، سعياً الى ترويج مصالحها او حمايتها". في الوقت ذاته، اعلن نائب وزير الخارجية الاميركي ريتشارد ارميتاج انه سيزور العراق والسعودية والكويت وقطر والامارات والبحرين لمناقشة دورها في تسوية "المشاكل في المنطقة السنية" في العراق، ومطالبتها بدور سياسي في احتواء الاوضاع هناك. ولمح الى رغبة واشنطن في ان تلعب تلك الدول الخليجية دوراً في طمأنة السنّة في العراق الى كونهم جزءاً من مستقبل البلد، نافياً انه سيطلب ارسال قوات عربية اليه. ودعا الصدر الى "تسليم نفسه للعدالة"، في حين قالت مصادر رسمية في دمشق امس ان الرئيس بشار الاسد تسلّم رسالتين من الرئيس الاميركي جورج بوش ووزير الخارجية كولن باول، تتناولان العلاقات الثنائية والوضع في العراق. وفيما تضمنت رسالة بوش "تهنئة" بعيد الاستقلال الذي يصادف 17 نيسان ابريل الجاري، تضمنت رسالة باول "شرحاً لخطورة التطورات في العراق". وقالت المصادر ان باول حض الاسد على "تقديم كل مساعدة يمكن ان تساهم في تهدئة الاوضاع فيه، بما يخدم وحدة هذا البلد ويحفظ امنه واستقراره". وسلّمت الرسالتان خلال استقبال وزير الخارجية السوري فاروق الشرع امس السفيرة الاميركية مارغريت سكوبي. التحرك الايراني الى ذلك اعلن الوفد الايراني في العراق امس تراجعه عن لقاء مقتدى الصدر، بعد اغتيال الديبلوماسي نعيمي، مرجحاً وجود علاقة بين الحادث وزيارة الوفد، وموضحاً ان مهمته "استطلاعية". في الوقت ذاته افادت اوساط "حزب الدعوة تنظيم العراق" عن نتائج للمفاوضات غير المباشرة لتسوية ازمة المواجهات بين الصدر وقوات "التحالف" كان متوقعاً ان تعرض ليل امس على المرجعية الشيعية. وللمرة الاولى أقرّ "التحالف" بوجود هذه المفاوضات، فيما شدد الوفد الايراني على انه لن يعرض على زعيم "جيش المهدي" اللجوء الى ايران. وقالت مصادر في طهران ان مسلحين تعقّبوا سيارة الديبلوماسي نعيمي، وكانوا في سيارة من طراز "دايو" بيضاء ثم انهالوا عليه بوابل من الرصاص. وعلى جبهة الرهائن، ترددت معلومات امس عن خطف يابانيين آخرين بعد اطلاق ثلاثة من مواطنيهم احتجزوا في العراق، فيما شددت روما على انها لن تبدل سياستها بعد قتل رهينة ايطالي. اما روسيا فباشرت إجلاء رعاياها. جولة أرميتاج إلى ذلك، أعلن ارميتاج انه سيزور العراق وخمس دول عربية خليجية لبحث دورها في حل "المشاكل في المنطقة السنّية" في العراق، وحضها على لعب دور سياسي في احتوائها. وأوضح في لقاء خاص حضرته "الحياة" انه سيزور العراق قبل ان ينتقل الى السعودية والكويت وقطر والامارات والبحرين "لبحث تقديراتنا لما يجري في العراق والاستماع الى تقديراتهم، بهدف التوصل الى تفاهم مشترك حول الأمور التي تتهددنا جميعاً، بسبب المشاكل في المنطقة السنّية" العراقية. وأضاف: "يهمنا أن تتحدث دول المنطقة عن رغبة التحالف في أن يكون السنّة جزءاً من مستقبل العراق وواقعه الجغرافي والديموغرافي، ونريد من السنّة في العراق أن يستمعوا الى ذلك". وأشار ارميتاج الى انه سيلتقي مبعوث الأممالمتحدة الأخضر الإبراهيمي لدرس ترتيبات نقل السيادة الى حكومة عراقية انتقالية، والتقدم الذي تحقق على هذا الصعيد. ونفى في شكل قاطع معلومات أفادت انه سيطلب من دول عربية ارسال قوات الى العراق. واعتبر أن قرار مجلس الأمن الرقم 1511 يعطي قوات "التحالف" صلاحيات للاستمرار في عملها في العراق، بعد نقل السيادة نهاية حزيران يونيو المقبل. لكنه لم يستبعد ان تسعى واشنطن الى قرار جديد من الأممالمتحدة، مشيراً إلى أن إدارة بوش "تميل الى طلب قرار جديد". وأكد أن ليس هناك سقف زمني لانسحاب القوات الاميركية او القوات الحليفة من العراق، مشدداً على الاستمرار في تدريب القوات العراقية، إلى ان تتمكن من أداء مهماتها بدلاً من قوات "التحالف". وقال إن مسألة بقاء القوات غير الاميركية بعد نقل السلطة تعود الى الحكومات المعنية. ولفت إلى أن "استراتيجية القوى المعادية لقوات التحالف، هي احباط الجهود التي تؤيدها غالبية العراقيين"، داعياً الزعيم الشيعي مقتدى الصدر إلى "أن يسلم نفسه الى العدالة"، ومؤكداً أن هناك "اتهامات على نطاق واسع بأنه يقف وراء اغتيال رجل الدين عبدالمجيد الخوئي". ورداً على سؤال عن سقوط ضحايا مدنيين عراقيين بسبب العمليات العسكرية الأميركية، قال ارميتاج إن القوات الاميركية "تعاقب كل من يرتكب خطأ يؤدي إلى سقوط ضحايا من المدنيين"، مشيراً إلى أن "من الصعب في بعض الأحيان أن يحول الجنود الأميركيون دون سقوط مدنيين". وتمنى "لو ان الحريصين على حقوق الانسان في العراق قالوا شيئاً عنها ابان حكم النظام السابق". الحكومة الانتقالية وفي نيويورك، علمت "الحياة" من مصادر مطلعة أن "الأميركيين كانوا يفكرون في شيء مختلف تماماً" عما طرحه الإبراهيمي من أفكار في شأن الحكومة الانتقالية في العراق. وزادت ان واشنطن كانت تحبذ الاحتفاظ بمجلس الحكم مع توسيعه ليكون الحكومة الانتقالية. وتابعت المصادر ان أطرافاً في مجلس الحكم لم تسرها اقتراحات الإبراهيمي لأنها كانت تطمع بالاستمرار في الحكم في تلك الحكومة، لكن ردود الفعل العراقية عموماً كانت "ايجابية" لا سيما أن التركيز هو على صدقية الذين ستُقترح اسماؤهم لمناصب رئيس الوزراء والرئيس ونائبه. وأشارت إلى أن القيادات الكردية توافق على اقتراحات الإبراهيمي. وأعلنت ناطقة باسم الأمين العام للمنظمة الدولية كوفي أنان ان الإبراهيمي وفريقه غادرا العراق إلى الكويت بعد زيارة البصرة والاجتماع مع قيادات المجتمع المدني وزعماء قبائل ورجال دين. وعبّر أنان عن ارتياحه إلى تعاون كل الحكومات مع الأممالمتحدة "بما في ذلك الحكومة الأميركية". وقال إن اسلوب المنظمة الدولية يبقى "تشجيع العراقيين على التوصل إلى اجماع ما في شأن تشكيل الحكومة الانتقالية". وكان مقرراً أن يلتقي أنان ليل أمس رئيس الوزراء البريطاني توني بلير، لدرس التطورات في المنطقة. وعبر الأمين العام عن "الدهشة" لتصعيد أزمة الرهائن في العراق، خصوصاً بعد قتل رهينة ايطالي.