"أيها الصعاليك من رأى منكم صعلوكاً فليتصعلك معه، أدعوكم معي...نحن الآن ننتمي إلى عصر ذهبي... مع وجود الانترنت تقاربت المسافة بين البشر...الجميل ان البعض يقضي كل وقته "عالمسنجر"... وهناك من يستخدمه للعلاقات الخاصة.. وهناك من لا يدخله إلا لشخص معين..هنا... أود أن تشاركوني الرأي حول قصة الحظر...هل انت مع فكرة الحظر؟هل الحظر ظاهرة حضارية..اتمنى أن أسمع الآراء.... أخيراً كم عدد المحظورين في القائمة...". التوقيع: م.موسوي. ما سبق مقتطف من صفحة الكترونية سعودية تنطبق عليها مواصفات "بلوغرز" كافة. ويمكن ايراد مقتطف من صفحة مشابهة اخرى. "البلوغ برأيي هو ظاهرة صحية جداً... لا مانع من ممارستها بعض الأحيان، خصوصاً مع الناس "اللي ما تفهم بسرعة". التوقيع: ر. اللواتي. مثال آخر. "نادراً ما يحظر الشباب البنات. عموماً "شو رأيك اعملك حظر". بصراحة لا أستطيع. عموماً الحظر مفيد جداً في حالات كثيرة". أ. الفياض. هذه المقتطفات تصلح نموذجاً من النشاط الذي تمارسه مجموعة كبيرة من مستخدمي الانترنت في السعودية. وينطبق عليها تعريف ال"بلوغرز" Bloggers. والحال انه مفهوم جديد، بالنسبة الى معظم الجيل الشاب من مستخدمي الانترنت في المملكة. نقاش "بلوغرز" منطلقه الحرية وتلخص المقتطفات السابقة ايضاً، جو النقاش الحر، الذي يألفه ال"بلوغرز" الذين ويتبادلون الرأي حول مسائل عدة. ويعتبر هذا الأمر من فضائل الشبكة الإلكترونية، إذ تناقش قضايا اجتماعية وسياسية واقتصادية وشخصية وغيرها،من دون حذر أو رقابة. والمفارقة ان شريحة واسعة من مستخدمي الانترنت سعودياً، لم تسمع بال"بلوغرز". انها لفظة غير متداولة تماماً. واللافت ان كل ما تدل إليه من أنشطة إلكترونية، يمارسها السعوديون. والمعلوم ان الجمهور السعودي يعتبر الأكثر استخداماً للإنترنت في الوطن العربي، بغض النظر عن طبيعة هذه الاستخدامات. ما ينشر في صفحات "بلوغرز" الانترنت، عبارة عن خليط من تجارب شخصية، ومشاهدات ونصوص أدبية وموضوعات ثقافية، أو تعليقات على قرارات رسمية أو أحداث مهمة وما الى ذلك. وتأتي الردود التي يدلي بها مستخدمين آخرين، لتعطي الانطباع عن الأمزجة المختلفة والوعي المتفاوت، بين مستخدمي الانترنت، ومن ضمنهم ال"بلوغرز". هناك من يتعامل مع الموضوع المطروح بجدية عالية. ثمة من يقول رأيه في شكل ساخر. ويقدم آخر رأيه في شكل اقرب الى "التهريج"، ربما بقصد التنفيس عن الذات، أو الذهاب بعيداً في ممارسة "الصعلكة"، كما الحال في النموذج الآنف الذكر. الصحافة البديلة على أن الجانب الأكثر لفتاً للانتباه، بالنسبة ل"بلوغرز" الأنترنت، ليس فقط سيره في ما يمكن اعتباره ب"الصحافة البديلة". فقد بدأت بعض الصحافة المكتوبة وحتى المرئية، الاعتماد عليه على الأقل لإعطائها طرف الخيط، الذي قد يقودها إلى تفاصيل أكثر، أو لكشف ملابسات قضية أو حادثة جنائية أو إرهابية. وكثير من الأخبار أو القصص التي تنشرها الصحف، بدأت في صفحات شخصية الكترونية على الأنترنت، ثم تطور امرها لاحقاً. وانطلاقاً من المساحة المفتوحة، التي تتميز بها شبكة الانترنت،يمكن قراءة أخبار لا تنشرها عادة الصحف لفرط حساسيتها، أو تفاصيل دقيقة لا تنشرها الصحف في العادة. وعلى صفحات "بلوغرز"، يمكن قراءة ما يحدث في كواليس الصحف، وما يقال عن هذا الصحافي أو ذلك المحرر، وماذا يدور في تلك المؤسسة الرسمية أو سواها من المؤسسات. وتتضمن بعض تلك الصفحات، صوراً ووثائق، لا يخلو بعضها من الطابع السلبي. يحب هواة الانترنت، وغالبيتهم من الشباب،استخدام الأسماء المستعارة، وكذلك الأسماء التي تتمتع ببعض الغرابة، مثل: سفير الساحة، رمادي 2000، أهل العوجا، بزبوز، الصقر السعودي، ابن هشام، نزف الحرب...وهكذا. والأرجح انها تعكس مستويات وأنماطاً متعددة من الافكار والأمزجة. وتكشف، من الجانب الاخر، عن الحذر من استخدام الأسماء الحقيقية. ثمة رغبة في الاختفاء والتحجب خلف أسماء وهمية، أو بالأحرى أقنعة: تقول ولا تقول في الوقت نفسه. تكنولوجيا الاتصال والمعطى الانساني ومع الانترنت، دخل المجتمع السعودي حقبة جديدة من الاتصال الإنساني، تتضمن الإفادة من التكنولوجيا المتطورة في الاتصالات. فمثلاً، يمكن لمستخدم الانترنت، الكتابة والمشاهدة والاستماع في الوقت نفسه، وهو ما لم يكن متاحاً من قبل. وقد يبدو هذا الامر إيجابياً. ويرى بعض هواة الانترنت، جوانب سلبية فيه. ويشير هؤلاء الى ما تتضمنه الوسائط الالكترونية ايضاً من الخداع والزيف. "لا شيء حقيقياً... العلاقات التي تتم على صفحات الانترنت وهمية"، يردد بعض مستخدمي الانترنت". تدخل في علاقة مع طرف آخر، على أنه فتاة... تعيش هذا الوهم كثيراً وتشغل بالك بصفاتها وسلوكها... حين تطلب منها رقم هاتفها أو صورة لها، ترفض... تكتشف بعدها أنه كان رجلاً مثلك... حتى وإن كانت فتاة فلن تكون سوية، إنما هشة ولعوب"، يقول احدهم. ويرى البعض الآخر أن غالبية "بلوغرز" الانترنت، يبحثون عن الشهرة وجذب الانتباه، وإنه بمجرد ما تتعرف عليه مباشرة خارج الوهم الالكتروني، يتكشف لك حجم الخديعة التي وقعت فيها. ورأى عدد من الشباب، أن المنتديات لا تقدم عالماً ولا واقعاً مثالياً. ويقول احدهم: "تعكس الصفحات الالكترونية الواقع بكل ما فيه من خداع وزيف وتناقض، والقليل من الخير.. المنتديات ليست مرآة حقيقية للناس". وهناك من يقول بوجود "لوبيات" داخل المواقع التي تنشر نصوصاً أو موضوعات ثقافية. "فحينما يريد هذا اللوبي خدمتك في شكل واضح، يجعل من مادتك التي أرسلتها للنشر إلكترونياً، موضع اهتمام الكثير من المشتركين، وموضوعاً لإطرائهم ومديحهم المبالغ، مع أن القطعة الأدبية لا تتجاوز كونها خاطرة عادية، خالية من أي إبداع حقيقي. وهذا يعكس جزء من المشاكل الموجودة في هذه الشبكة"، يؤكد احد المدمنين على الإنترنت.