فيما ارجأ رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري تقديم استقالة حكومته على أمل تأمين تشكيلة وفاقية، شككت مصادر سورية رفيعة في صحة ما قيل من ان سورية تعتقد ان تقرير الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان حول القرار 1559، نزيه ومتوازن، وقالت ل"الحياة" ان التقرير "أقل سوءاً مما كان متوقعاً ومما أرادته واشنطنوباريس". وتمنى وزير الخارجية اللبناني جان عبيد "لو جاء التقرير اكثر شمولاً وعدلاً ودقة وعمقاً وأكثر إنصافاً بالنسبة إلينا"، موضحاً ان "مسألة خروج الجيش السوري من لبنان هي مسألة توقيت يتم الاتفاق عليها بين الدولتين" راجع ص6. وفي السياق عينه، نقل امس وزراء ونواب عن الحريري قوله انه "يفضل ان يكون هناك تصور لبناني - سوري مشترك حيال تقرير انان، على ان يأتي تتويجاً لتقويم بين البلدين، من شأنه ان يشكل القاعدة التي يجب الانطلاق منها للتعاطي مع التقرير وتحديد الرد عليه، بدلاً من ان ندخل انفسنا في تناقضات نحن في غنى عنها". وإذ أحجم الحريري، بحسب الزوار، عن التطرق الى نتائج اجتماعه في باريس بالرئيس الفرنسي جاك شيراك، قالت مصادر ديبلوماسية غربية ل"الحياة" ان "محادثاته بحد ذاتها مهدت الطريق أمام بدء حوار هادئ، خصوصاً انها حققت ايجابيات"، رافضة الدخول في تفاصيلها. وعلى صعيد التشاور بين دمشق وبيروت حول التقرير، علمت "الحياة" ان وفداً لبنانياً وصل امس الى العاصمة السورية لإجراء محادثات مع مسؤولين سوريين بهدف الوصول الى موقف موحد إزاء كيفية الرد على التقرير، استباقاً لاجتماع مجلس الأمن الدولي الخميس المقبل الذي سيخصص للنظر فيه. اما على صعيد محاولة اغتيال الوزير السابق النائب مروان حمادة فتوالت امس ردود الفعل المستنكرة، فيما لم تتوصل التحقيقات الأولية الجارية الى نتائج ملموسة سوى ان الأجهزة الأمنية اخضعت، بحسب معلومات "الحياة"، في الساعات الأخيرة، 43 شخصاً الى التحقيق واستمعت الى إفادتهم وتركتهم احراراً، علماً ان جميعهم من سكان البنايات المحيطة بالمكان الذي فجرت فيه السيارة، اضافة الى حراس وعاملين في بنايات اخرى لا تزال قيد الإنشاء. وكان يفترض ان يتقدم اليوم الحريري بكتاب استقالة حكومته الى رئيس الجمهورية اميل لحود لكنه ارتأى تأجيل الاستقالة الى يوم غد الثلثاء او خلال الأيام القليلة التي تليه، إفساحاً في المجال امام اجراء مزيد من المشاورات مع قوى اساسية أبرزها رئيس "اللقاء النيابي الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط الذي التقاه امس مرتين في حضور النائبين غازي العريضي وباسم السبع. وتزامنت المشاورات مع اجتماع كان لافتاً عقده الحريري مع رئيس جهاز الأمن والاستطلاع في القوات السورية العاملة في لبنان العميد الركن رستم غزالة، اضافة الى إعطاء الوقت لاستيعاب ردود الفعل على محاولة اغتيال حمادة. ويرتقب ان تُعقد لقاءات اخرى مع غزالة خلال الأيام المقبلة. وفي السياق عينه يستقبل الحريري اليوم في دارته في قريطم وفداً من "لقاء قرنة شهوان" المعارض، وتتركز المشاورات على البحث في الخطوات العملية لمرحلة ما بعد استقالة الحكومة، خصوصاً لجهة تشكيل حكومة وفاق وطني يراها الحريري ضرورية، "ومحاولة اغتيال حمادة تزيدنا تصميماً على العمل من اجلها".