انسحبت قوات الاحتلال الاسرائيلي التي تنفذ عملية عسكرية كبيرة شمال قطاع غزة، خصوصاً في مخيم جباليا للاجئين، من مناطق توغلت فيها أخيراً، ولجأت الى تكتيك القصف الجوي لرجال المقاومة من الفصائل الفلسطينية المختلفة، في وقت أسفرت الهجمات امس عن استشهاد ثمانية فلسطينيين، احدهم من "كتائب عز الدين القسام"، الذراع العسكرية ل""حركة المقاومة الاسلامية" حماس التي ارتفع عدد شهدائها منذ بدء العملية العسكرية ليل الثلثاء - الأربعاء الماضي الى 22 شهيداً أمس. وسقط اثنان من الشهداء من "سرايا القدس"، الذراع العسكرية لحركة "الجهاد الاسلامي"، واثنان آخران من "ألوية الناصر صلاح الدين"، الذراع العسكرية ل"لجان المقاومة الشعبية". وقالت مصادر محلية ل"الحياة" ان طائرات اسرائيلية أطلقت صاروخين على الشهيد فادي الزعانين عضو "ألوية الناصر صلاح الدين" وشقيقه بسام ورفيقه لؤي حمد اللذين أصيبا بجروح خطيرة، وذلك بعد دقائق معدودة على اطلاقهم صاروخاً من طراز "ناصر 3" على بلدة "سديروت" داخل الخط الأخضر شرق بلدة بيت حانون شمال القطاع. ويأتي اطلاق الصاروخ من بلدة بيت حانون التي تحيط بها قوات الاحتلال وتحاصرها في العملية العسكرية الحالية، ليُثبت فشل الجيش الاسرائيلي في منع اطلاق صواريخ "قسام" على بلدة "سديروت" التي بدأ سكانها بالرحيل عنها أخيراً بعدما فشل الجيش فشلاً ذريعا في منعها من الوصول الى منازلهم. وكان شهيدان آخران أحدهما من "كتائب القسام" سقطا في هجوم آخر وقع مساء السبت في مخيم جباليا، فيما ظل شهيد اخر سقط في الهجوم ذاته مجهول الهوية. ومن بين الشهداء، شاب أصم وأبكم كان يقف في شرفة منزله في مخيم جباليا عندما استهدفته رصاصات الاحتلال. في غضون ذلك، ما زالت قوات الاحتلال تفرض حصاراً مشدداً على بلدة بيت حانون والمناطق الشرقية والشمالية من بلدة بيت لاهيا والأجزاء الشرقية من مخيم وبلدة جباليا، كما تقطع التيار الكهربائي ومياه الشرب عنها. وأطلقت اسرائيل النار في اتجاه الأطقم الصحافية المحلية، وواصلت منع وصول سيارات الاسعاف الى الاماكن التي يستهدفها القصف من دون تنسيق مسبق، الأمر الذي يستغرق اجراؤه ساعات طويلة لنقل الجرحى وجثث الشهداء. وقال المدير العام للرعاية الاولية في وزارة الصحة الفلسطينية الدكتور عبد الجبار الطبي امس إن القوات الاسرائيلية منعت ايصال مستلزمات الولادة الى عيادة طبية في بلدة بيت حانون، على رغم وجودها في احد مستشفيات بيت لاهيا منذ أيام. كما منعت ايصال وحدات دم لمرضى الثلاسيميا من الاطفال في العيادة نفسها، ما يشكل خطراً على حياة النساء والاطفال المصابين بمرض الثلاسيميا. وشيع المواطنون جثامين خمسة شهداء سقطوا امس الى مثواهم الأخير. في غضون ذلك، واصلت فصائل المقاومة اطلاق صواريخها وقذائفها في اتجاه قوات الاحتلال او المستوطنات في القطاع. وأفادت "كتائب الشهيد أبو علي مصطفى"، الذراع العسكرية ل"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" في بيان لها أمس ان احدى مجموعاتها قنصت مستوطنين كانا يستقلان شاحنة قرب مستوطنة "جاني طال"، احدى مستوطنات مجمع "غوش قطيف" جنوب القطاع، واصابتهما بصورة مباشرة. وأطلقت "كتائب القسام" صاروخاً من طراز "القسام" وثلاث قذائف هاون على مستوطنة "عتسمونا" شمال غربي مدينة رفح جنوب. الى ذلك، منعت قوات الاحتلال المتمركزة في حاجزي ابو هولي والمطاحن جنوب مدينة دير البلح وسط القطاع المغلقين منذ بدء العملية العسكرية في شمال القطاع، نقل جثمان الشهيد الطفل محمد ابو طيور من احد مستشفيات مدينة غزة الى منزل ذويه في مخيم خان يونس جنوب القطاع. وجاء منع نقل جثمان الطفل بسبب الاغلاق المشدد للحاجزين والطريق الساحلية التي تربط مدينة غزة بوسط القطاع المقسم الى ثلاثة معازل منفصلة عن بعضها بعضاً. الى ذلك، كشف مركز "الميزان" لحقوق الانسان أن مقاتلين من "كتائب القسام" و"كتائب شهداء الأقصى"، الذراع العسكرية لحركة "فتح" شاركا في هجوم على موقع عسكري اسرائيلي صباح الجمعة الماضي، ما زالا على قيد الحياة. ونقل المركز عن شهود وعمال يعملون في المنطقة الصناعية "ايرز" شمال القطاع التي يقع الموقع العسكري المستهدف فيها، انهم شاهدوا جنود الاحتلال يعتقلون المقاتلين تامر محمد الدريمي 22 عاماً من "كتائب القسام"، ورائد الحاج أحمد 25 عاماً من "كتائب الأقصى" وهما على قيد الحياة، اضافة الى عدد من العمال العاملين في المنطقة. وأعربت مصادر فلسطينية عن خشيتها على حياة المقاتلين، خصوصاً أن "كتائب القسام" و"كتائب الأقصى" أعلنت أن ثلاثة مقاتلين ينتمون اليها، من بينهم المقاتلان المذكوران، استشهدوا اثناء الهجوم.