فرض زعيم تنظيم "القاعدة" اسامة بن لادن نفسه "ناخباً" في الحملة الانتخابية الاميركية قبل ايام قليلة من موعد الاقتراع بتأكيده ان الاسباب التي أدت الى اعتداءات 11 ايلول سبتمبر 2001 لا تزال قائمة. ف"القنبلة" التي فجرها الرجل الذي تعهد الرئيس جورج بوش القبض عليه "حياً أو ميتاً" استنفرت المعسكرين الجمهوري والديموقراطي اللذين سعيا الى الاستفادة من توقيتها أو تقليص مخاطر هذا التوقيت. وعلى رغم ان محللين كثراً رأوا ان مفاجأة بن لادن لن تغير كثيراً في قناعات الناخبين الذين حزموا أمرهم في هذه المرحلة، اتفق معظم هؤلاء على انها قد تعزز موقف بوش في ظل تقارب استطلاعات الرأي بين الرئيس الجمهوري ومنافسه الديموقراطي جون كيري، ما يعني ان أي تغير ولو كان ضئيلا قد يكون حاسما. وما يقض مضاجع الديموقراطيين ان الشريط سرق الأضواء من اخفاقات بوش في العراق ليسلط الضوء مجدداً على التهديدات الارهابية التي تواجه الولاياتالمتحدة، وهو الموضوع الذي يشكل نقطة القوة الرئيسية لدى بوش. اذ ان بن لادن أكد "ان الدواعي قائمة لتكرار ما حدث" في 11 ايلول لأن السياسة الاميركية لم تتغير، وشن هجوما عنيفاً على الرئيس الاميركي متهماً إياه باعتماد اساليب الانظمة العربية غير الديموقراطية وبعدم الكفاءة والاهمال اثناء الاعتداءات، بيد انه شدد على انه لا يفرق بين بوش وكيري. وسعى كيري الى احتواء تداعيات الشريط على حملته، فاعتبر ان ظهور بن لادن يمثل شهادة على فشل ادارة بوش في ملاحقته والقضاء عليه بسبب تحويل اهتمامها عن افغانستان الى العراق. وشدد على انه الأقدر على شن حرب اكثر فاعلية للقضاء على الارهاب. الا ان بوش رد باتهام خصمه بمحاولة "مشينة" للاستفادة من تهديدات ارهابية للأميركيين. وأمر الرئيس الاميركي مجلس الامن القومي باتخاذ "كل الاجراءات اللازمة استجابة للتهديدات الاخيرة" من زعيم تنظيم "القاعدة"، لكنه لم يعلن رفع حال الطوارئ كما كان متوقعاً عشية الاقتراع الرئاسي الثلثاء المقبل. وقال ناطق باسم البيت الابيض ان الرئيس اجرى اتصالاً مع مستشارة الامن القومي كوندوليزا رايس ومديري وكالة الاستخبارات المركزية سي آي آي بورتر غوس ومكتب التحقيقات الفيديرالي اف بي آي روبرت مولر ووزارتي العدل والامن القومي "للتأكد من انه تم اتخاذ كل الاجراءات" تحسباً من عمل ارهابي في ضوء شريط بن لادن. لكنه لم يكشف طبيعة الاجراءات المقصودة. وتباينت آخر استطلاعات الرأي، التي اجريت قبل بث شريط بن لادن وقبل مقتل ثمانية جنود اميركيين في العراق أمس، بين من اعطى بوش تقدماً بفارق خمس نقاط، ومن اعطى الافضلية لكيري بفارق نقطة واحدة. وأظهر استطلاع اجراه مركز زغبي الدولي لمصلحة وكالة "رويترز" تقدم كيري بنقطة واحدة على بوش 46 - 47، فيما كشف استطلاع اجرته مجلة "نيوزويك" تقدم بوش بفارق ست نقاط 50 - 44. ولم يعرف ما اذا كانت الاستطلاعات التي ستجري خلال اليومين القادمين قبل التصويت ستظهر تحولاً في ضوء التطورات الاخيرة، علماً ان نسبة المترددين لا تتجاوز اربعة في المئة.