اوقف الرئيس جورج بوش امس زحف منافسه جون كيري نحو البيت الأبيض في مناظرة كانت اشبه بالملاكمة. ولم يتمكن اي من المرشحين من توجيه ضربة قاضية قبل نحو ثلاثة اسابيع من موعد الاقتراع، على رغم ان كيري كان انهك خصمه في المناظرة الاولى التي جرت نهاية الشهر الماضي. وأظهرت الاستطلاعات التي اجريت بعد المواجهة مباشرة تعادل الرجلين بالنقاط، ما ترك الباب مفتوحاً على كل الاحتمالات في الايام المقبلة وصولاً إلى المناظرة الثالثة والاخيرة عشية الانتخابات في الثاني من تشرين الثاني نوفمبر المقبل. راجع ص8 واعتبر التعادل انجازاً كبيراً لبوش الذي كان خسر المناظرة الاولى بنسبة اثنين الى واحد. وفيما اظهرت استطلاعات الرأي احتدام المنافسة بين المرشحين، حقق بوش تقدما في نسبة التأييد له في عدد من القضايا المفصلية بما فيها الاقتصاد، الذي كان يعتبر موضوعا يتفوق فيه كيري لدى الناخبين. وفي موضوع العراق، قال 53 في المئة من الناخبين المترددين الذين استُطلعت آراؤهم ان الرئيس اقدر على معالجة الحرب في مقابل 46 في المئة لكيري، علماً أن نتائج استطلاعات الاسبوع الماضي اعطت كيري 50 نقطة في مقابل 46 للرئيس، ما يعني تقدم بوش بسبع نقاط وتراجع كيري بأربع بعد المناظرة الاخيرة. كما وسع بوش تقدمه على كيري في موضوع الحرب على الارهاب. إذ حصل على 56 في المئة في مقابل 39 في المئة، مقارنة مع 52 الى 45 في المئة قبل المناظرة. وبقيت النسبة متقاربة لدى الناخبين في مسألة الصدقية 49 في المئة لبوش في مقابل 45 لكيري. غير ان كيري احرز تقدما على صعيد انطباعات الناخبين حول مدى استيعابه للقضايا المطروحة، ليتقدم على بوش بخمس نقاط. كما بقي متقدماً في الاستطلاع حول المرشح الاقدر على ايصال فكرته للرأي العام بفارق 17 نقطة. وبقي بوش متقدما عند سؤال الناخبين حول من هو المرشح الاقوى بفارق 13 نقطة 53 مقابل 40. واستنتج المحلل السياسي ومستشار الرئيس كلينتون جورج ستيفانوبولس ان الفائز في الانتخابات سيكون المرشح الاقدر على استثارة قاعدته الانتخابية للتصويت يوم الاقتراع. وتوقع ان يشكل الناخبون المترددون انطباعات نهائية عن المرشحين في الايام القليلة المقبلة، ما يعطي اهمية كبيرة للاستطلاعات التي ستجري الأسبوع المقبل. وستتأثر آراء الناخبين المترددين بالتحليلات والتعليقات السياسية حول المناظرة في وسائل الاعلام. وفاجأ بوش المراقبين بأدائه القوي في الدفاع عن سياسته الاقتصادية وقراره خفض الضرائب على الشركات الكبرى وموضوع الوظائف والتأمين الصحي، وهو ما كان يعتبر من نقاط القوة لدى كيري. وعلى رغم ان كيري لم يتمكن من اعطاء اي تفاصيل عن الفارق ما بين سياسته تجاه العراق وسياسة الادارة الجمهورية، الا انه حافظ على نسبة التأييد العام لموقفه الذي هاجم سياسات خصمه حول مبررات الحرب على العراق والتي جاءت على حساب الحرب على الارهاب. وقال توني فابريزيو، خبير شؤون الاستطلاعات: "إن كان الناس ينتظرون ضربة قاضية من بوش لكيري، او العكس، فإن ذلك لم يحصل. كل ما هنالك هو ان بوش كاد ينهار بعد المناظرة الاولى، فعاد الآن الى توازن مع خصمه". واصطدمت استراتيجية كيري، الذي ركز على محاولة كسب اصوات المترددين، مع استراتيجية بوش، الذي فضل التركيز على شحن قاعدته الانتخابية بمعزل عن استرضاء المترددين. ويعزى ذلك الى قناعة كيري بأن مؤيديه سيصوتون له بغض النظر عن مواقفه المتباينة، بهدف اسقاط بوش، فيما يخشى الرئيس من ان يخسر جزءاً من قاعدته في حال تبنيه سياسات معتدلة بهدف استرضاء المترددين.