في أسابيع المنافسة على الفوز بترشيح الحزب الديمقراطي كان السناتور جون كيري متأخرا عن المنافس الاول هوارد دين بنقطتين. ولكن بحلول شهر يناير ومع بدء التصويت في ولاية إيوا حقق كيري 60 عاما فوزا كبيرا بحصوله على 38 بالمائة من الأصوات ليطلق على نفسه لقب كيري العائد. ولكن بعد تراجعه مرة أخرى بفارق نقطتين عن الرئيس جورج بوش في بعض استطلاعات الرأي عقب مؤتمر الحزب الجمهوري أوائل سبتمبر الماضي يأمل كيري أن يستعيد البريق الذي كان معه بداية العام الحالي. ولكي يحقق ذلك كثف كيري هجومه على بوش خلال الأسابيع الاخيرة فبعد أن وصفه الجمهوريون بالمتقلب بدأ كيري هجومه مستهدفا القضايا التي حققت لبوش شعبية كبيرة بين الناخبين وهي العراق والحرب على الارهاب والأمن القومي. وقال كيري الحرب في العراق حرب خطأ في المكان الخطأ والتوقيت الخطأ . وأضاف في أول مناظرة بينه وبين بوش الأسبوع الماضي: خدع بوش الشعب الامريكي عندما قال إننا سنلجأ للحرب عندما تكون هي الحل الاخير لكننا لم نلجأ للحرب بوصفها الحل الاخير. وقال لا أعرف ما إذا كان يعي حقيقة ما يحدث هناك ولكن الامور تسوء يوما بعد يوم . وكانت الحرب على العراق تحولا من الحرب على الارهاب حيث وصف كيري تعامل إدارة بوش مع الحرب في العراق بأنه فشل هائل واتهم بوش بأنه يحيا في عالم خيالي وعالم ملفق وقال إن الرئيس فشل في الاختبار الجوهري للزعامة . ويبدو أن أساليب كيري الجديدة بدأت تؤتي ثمارها ففي الشهر الماضي كشفت استطلاعات للرأي أجرتها مجلة تايمز ومعهد جالوب أن كيري متأخر عن بوش ب12 و13 نقطة على التوالي فيما أظهرت استطلاعات أخرى تأخره بثماني نقاط. ولكن بعد مناظرات الاسبوع الماضي حيث رأى الكثيرون أن كيري تفوق في أدائه على بوش أظهر استطلاع للرأي بين الناخبين المسجلين في الجداول الانتخابية أن كيري يتفوق بنسبة 47 بالمائة مقابل 45 بالمائة لبوش وأشارت استطلاعات أخرى إلى تقدم بوش تقدما طفيفا فيما أظهرت استطلاعات ثالثة أن كلا المرشحين له 49 بالمائة من الاصوات. وأيا كان من يتصدر استطلاعات الرأي فإنها تكشف أن السباق صار شديد التقارب مع اقترابه من نقطة الحسم حيث يتوجه الناخبون إلى صناديق الاقتراع في الثاني من نوفمبر. ويقول توماس مان وهو أحد كبار العاملين في معهد بروكنجز للابحاث على مدى شهرين نجح بوش في تركيز حملته على مواطن الضعف في كيري وهي التي نجحت في تحويل السباق من تقدم ضئيل لكيري إلى تقدم ضئيل لبوش حيث كان لدى كيري والعاملين في حملته قدر من الثقة أكثر بقليل من القدر المطلوب . وأضاف كان على كيري أن يعيد التركيز في حملته على أداء البلاد تحت قيادة بوش سعيا وراء الفوز وهو ما يتطلب نقدا قاسيا محليا ودوليا. وخلال تاريخه السياسي الذي دام عقدين من الزمان كان خلالهما عضوا في مجلس النواب، اشتهر كيري بأنه يقلب الامور رأسا على عقب مع اقتراب الانتخابات. وقال دان باين وهو منظم لعدد من حملات كيري الانتخابية لو كانت هذه مباراة في الملاكمة فسيخسر كيري النقاط خلال الجولات الست أو السبع الأولى وعندما يكتشف أنه سيخسر إذا به يفعل شيئا أقوى يستعيد حيويته ويتمكن من إنهاء الصراع لصالحه . وسواء أكان هذا أسلوبا مخططا أو رد فعل بديل لظروف الحملة فقد فعلها كيري في الماضي. ففي خلال سعيه لاعادة انتخابه لعضوية مجلس النواب ومنافسته مع حاكم ماساشوسيتس الشهير وليام ويلد عام 1996 أخذ كيري المبادرة في المناظرة الخامسة ولم يتراجع أبدا. وفاز كيري بالسباق والحقيقة أنه خسر سباقا واحدا في تاريخه السياسي في عام 1972 عندما كان عمره 29 عاما فقط والمثير للسخرية أنه كان متقدما في سباق الكونجرس الانتخابي بثلاثين نقطة قبل الانتخابات بأسابيع قليلة ولكن منافسه تفوق عليه عند خط النهاية. وقال كيري في حوار مع مجلة تايمز الصيف الماضي عندما ننظر للأمر من زاوية أنني لم أنجح فيمكن اعتبار ذلك عثرة في طريقي لكنني لا أعتبرها كذلك من منطلق أننا حققنا انجازا ضخما بضم عدد من الشباب صغار السن عمرهم ما بين 26 و27 عاما نجحوا في استيعاب الامور بدون أي خبرة سياسية . وأضاف للأسف لم أكن على وعي كامل بما يحدث في الاسابيع الاخيرة ولا أعرف ماذا كنت سأفعل لو توافرت لي حينها المعلومات المتوافرة الان.