تستحوذ قضية الفيديرالية ومعها التجاذب الحاصل حول ضرورة ادراجها من عدمه في قانون الادارة الانتقالية الموقت الذي ينتظر انجازه قبل نهاية الشهر المقبل، وفق اتفاق نقل السلطة الموقع قبل شهرين، على اهتمام المتابعين للشأن السياسي في بغداد، وسط شعور بأن المفاوضات مع الاطراف الكردية ستكون صعبة وقد تشهد تطورات دراماتيكية قبل انجاز قانون الادارة الانتقالية. وحذّرت صون غول تشابوك، عضو مجلس الحكم الانتقالي، وممثلة التركمان في المجلس، من ان السير قدماً في فكرة الفيديرالية يعني تقسيماً للعراق، وقالت ان الفكرة اذا أُقرت ستقود التركمان الى اعلان منطقة تركمانستان. وذكرت السياسية التركمانية التي لم تخف استياءها الشديد من الموقف الكردي ان "الاخوة الاكراد تقدموا بمسودة قانون الادارة الانتقالية الموقت وفيه يصرون على ان هناك قوميتين اساسيتين في العراق هما: العرب والاكراد. اما الآخرون فهم كما اوردوا في مسودة القانون التي اقترحوها مجموعات اقلية". وتساءلت: "ماذا يقصدون بمجموعات الاقلية؟ التركمان؟ الأرمن، والآشوريون والصابئة؟". وقالت: "هل اصبح التركمان اقلية؟ وهل استندوا الى تعداد سكاني ليسندوا اقوالهم، لا سيما في مدينة كركوك التي يريدون ضمها الى الاراضي في منطقة كردستان، كذلك ضم الاراضي التركمانية الموجودة في شمال الموصل وفي اربيل وفي كركوك وديالى، وكذلك في محافظة صلاح الدين حيث تسكن ايضاً القومية التركمانية". واضافت: "هذا الموضوع يشغل بالنا، لا سيما كركوك، وليس نحن فقط بل ايضاً العرب وكل القوميات الموجودة في العراق". وحذّرت من انه "في حال أصرّ الاكراد على اقامة منطقة اسمها كردستان فنحن سنعلن منطقة اسمها تركمانستان في العراق، وهذه حدودها معلومة من تلعفر الى مندلي، وهذه اراضٍ تركمانية موجودة". ونبهت الى انه في حال جرى تقسيم العراق، فستكون هناك ايضاً منطقة سنية ومنطقة شيعية وسيقسم العراق اقساماً عدة"، مؤكدة ان "التركمان لن يكونوا وحدهم الذين لا يرضون عن هذا التقسيم". وتساءلت: "كيف نعطي نصف العراق الى الاخوة الاكراد؟ واين هي وثائقهم التي تثبت كل هذه الادعاءات". وأضافت ان "الفيديرالية تحمل معها خطر التقسيم وخطراً يهدد الشعب العراقي، لان الشعب العراقي يريد ان يعيش موحداً غير مقسم والفيديرالية تهدده". وانتقدت اي محاولة لفرض الفيديرالية في الظروف الحالية. وقالت: "من له حق وضع الفيديرالية؟ هل حكومة غير منتخبة؟ ليس هناك في العالم حكومة موقتة تقر الفيديرالية". وأكدت ان الفيديرالية تقر عندما يُكتب الدستور فقط. وكل شيء غير ذلك سابق لأوانه" داعية الى احصاء للقوميات وأعداد افرادها. واعتبرت أن أساس أي فكرة فيديرالية هو المحافظات الموجودة بحدودها المعلنة، وقالت: "اذا رجعت كل هذه الحدود الجغرافية الى كل محافظة قبل ان يتلاعب بها صدام حسين فأعتقد ان هذا سيرضي الجميع". وإضافة الى الموقف التركماني تتلاقى لدى احزاب عدة رئيستشكيلة متمثلة في مجلس الحكم آراء متطابقة تطلب تأجيل البت في فكرة الفيديرالية الى حين تتشكل دولة عراقية مركزية ذات سيادة، بسبب المخاوف من ان يؤدي اعطاء امتيازات للاكراد الى تعجيل قيام كيان كردي قومي يملك الموارد النفطية، في وقت ستتعثر فرصة قيام كيان عربي قومي لسنوات عدة. ويعتبر حجر العثرة الاساس في هذا الجدال موضوع ضم كركوك ونصف الموصل الى الكيان الفيديرالي الكردي، اذ تخشى الأحزاب الرئيسة من ان يستدرج الوضع تدخلاً تركياً، فضلاً عن الخوف من ان تصبّ عوائد النفط في خزينة الكيان الكردي الذي قطع شوطاً طويلاً باتجاه اقامة دولة متكاملة. وقدم الاكراد تنازلات عدة وعدوا بتنفيذها مقابل اعطائهم ضمانات بكيان سيراعون فيه حقوق الاقليات، وابرزها التخلي عن شكل الدولة ومؤسساتها، والاعتراف بالسلطة المركزية لبغداد. الا ان المفاوضات التي شاركت بها الاحزاب الخمسة الرئيسة اصطدمت ايضاً بموقف واضح ابلغه الحاكم المدني للعراق السفير بول بريمر ل"الحياة" حينما اكد رفضه اي فيديرالية على اساس عرقي وتبنيه فكرة الفيديرالية الجغرافية دون غيرها.